فيروس فقدان المناعة المكتسب السيدا، شبح لا يزال يلاحق المغاربة منذ اكتشاف أول حالة بداية الثمانينيات إلى اليوم. الإحصائيات الرسمية إلى غاية فاتح يونيو المنصرم تشير إلى أنه في المغرب توجد 7682 حالة إصابة بالفيروس، ثلثاها في حالة متأخرة من المرض. سرعة انتشار الفيروس تؤكده الأرقام التي تشير إلى أنه منذ بداية يناير فقط من السنة الجارية وإلى حدود نهاية شهر يونيو المنصرم، تم تسجيل 300 حالة جديدة، أي أنه في ستة أشهر تم تسجيل 147 حالة مرضية و158من حاملي الفيروس. رقم يخيف العاملين في الجمعيات المهتمة، بعد أن انتقل معدل الحالات المسجلة من حالة واحدة في السنة إلى حوالي 300 حالة في نصف سنة فقط. زحف الفيروس ما يزيد من خطورة انتشار فيروس الأيدز أنه من بين 1000 مغربي هناك إصابة أو إصابتان خاصة من بين الفئات الهشة، وبالخصوص عاملات الجنس ومتعاطي المخدرات والحقن. عدد الحاملين للفيروس وصل إلى حدود نهاية السنة المنصرمة إلى 32 ألف حالة ، ثمانون بالمائة منهم يجهلون إصابتهم، فيما 67 بالمائة من هذه الحالات تظهر من بين الفئات الهشة من نساء في وضعية صعبة وممتهنات الجنس. ما يزيد من خطورة الحالة الوبائية بالمغرب أن عدد الأطفال المصابين تضاعف في أقل من 15 سنة من 500 إلى ألف حالة. كل يوم يصاب عشرة أشخاص بالفيروس، فيما يموت أربعة أشخاص يوميا، ويولد كل ثلاثة أيام طفل مصاب حسب إحصائيات منظمة الأممالمتحدة لمحاربة السيدا. العلاقات الجنسية غير المحمية هي أحد أهم العوامل التي تساعد على انتشار الفيروس، إلى جانب العلاقات الجنسية المثلية. النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس خاصة أن 49 بالمائة من الحالات سجلت في صفوفهن بسبب الإنجاب والعلاقات الجنسية. أعمار المصابات يتراوح ما بين 15 و 40، أي أن الإصابة تحدث في الغالب في فترة النشاط الجنسي للمرأة. تأنيث الإصابة بفيروس السيدا، يبرره أن 49 من النساء أصبن عن طريق أزواجهن في نطاق المعاشرة الزوجية منتقلا بذلك من 8 بالمائة إلى 18 بالمائة ليتصاعد إلى 49 بالمائة. ليس كل التراب الوطني مهدد بزحف الفيروس، فالدراسات الميدانية تؤكد القاعدة المسجلة منذ سنوات، وهي أن الفيروس يتمركز في جهة سوس ماسة درعة وجهة الشمال خاصة الناظور. ويظل الرجال والنساء ممتهنو الجنس أكثر عرضة بالإصابة إلى جانب مستعملي الحقن والمخدرات بالشمال. رغم دق ناقوس الخطر بالحالة الوبائية في المغرب منذ سنوات، فإن الأرقام تبين أن هناك مشكلة في الوعي بخطورة الفيروس وغياب التربية الجنسية، خاصة أن الإصابة بالأمراض الجنسية واصل تصاعده ليصل 450ألف حالة مرض جنسي حسب إحصائيات وزارة الصحة. العنف يفاقم الإصابة في اللقاء الذي نظمه المجلس الجهوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالدار البيضاء – سطات والجمعية المغربية لمحاربة السيدا يوم أول أمس الأربعاء، كشفت زينب فرنيني عن الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، أن السيدا تنتقل حتى بين الأزواج بسبب العنف الجنسي الذي تتعرض له النساء داخل العلاقة الزوجية، وأضافت أن الزوجة لا تفرض في الغالب على زوجها استعمال الواقي الذكري وإن كان مصابا بمرض جنسي، بل إن هناك حالات ترغم فيها المرأة على ذلك، ولا تتمكن من معرفة الإصابة إلا بعد القيام بتحليلات عند الولادة وتكتشف حينها أنها مصابة. وتضيف الفاعلة الجمعوية أن النساء هن الفئة الأكثر تعرضا للعنف، ولذلك فإن هناك تأنيثا للإصابة بسبب العنف الجنسي كالاغتصاب وزنا المحارم. وأشارت إلى أن الحالات التي تتعرض للعنف يتم إرسالها مباشرة لإجراء التحاليل، خاصة أن هناك احتمالا كبيرا للإصابة بأحد الأمراض الجنسية، ومنها السيدا والالتهاب الكبدي الفيروسي، مشيرة إلى أن المغتصب غالبا ما لا يستعمل العازل الطبي. ليس ذلك فقط، فالنساء اللواتي يتعرضن للعنف داخل بين الزوجية ينصحن بالقيام بتحاليل عندما يكون الزوج له علاقات جنسية متعددة. لكن الإحصائيات، تؤكد، حسب المتدخلة، أنه ليس فقط ممتهنات الجنس من يصبن بالفيروس ولكن أيضا النساء في بيت الزوجية. لذلك قالت الفاعلة مليكة الزاكي العضو بالمجلس الجهوي لحقوق الإنسان، إن العنف يشكل تهديدا لكل النساء وعقبة أمام التنمية والمساواة بين الجنسين في كل المجتمعات كما نقلت عن الأمين العام الأممي، مادام الفقر في نظر صندوق الأممالمتحدة مؤنثا حتى على الصعيد العالمي، ولذلك تلح على ضرورة محاربة العنف مهما كان مصدره، ومساعدة النساء على الولوج إلى الحقوق، لأن هناك علاقة جدلية بين الحقوق والإصابة بالمرض. الوصم والتمييز في نظرها يزيد من خطورة الإصابة، ناهيك عن ضرورة الوصول إلى الخدمات والرعاية الصحية. نائبة الكاتب العام لفرع جمعية محاربة السيدا بالدار البيضاء قالت إن التحدي الحالي هو تقليص حالات الإصابة والتحسيس بالحقوق والتعايش وكيفية تحقيقه في المجتمع لضمان سرية الإصابة وتفادي الوصم والتمييز وضمان الرعاية الصحية. وأضافت أن الوصم صفة سلبية تلازم الأشخاص وتقلل من تحرك الأشخاص، وأن التمييز يمارس بتصرفات وممارسات مجحفة تمارسها الدولة والمجتمع، وأن هذا الأخير له تأثير أكثر من المرض نفسه، موضحة أن هناك حالات انتحرت بسبب العزلة وعدم القدرة على التعايش مع الإصابة، مشيرة إلى أنه «إذا احترمنا حقوق الإنسان زاد تقديرهم لنا واحترامهم لنا». اللقاء المنظم بالدار البيضاء، اقترحت فيه سلسلة توصيات، من بينها وضع استراتيجية وطنية لتعزيز صحة المرأة الإنجابية واستحضار النوع في ميزانيات وزارة الصحة، وإزالة جميع الحواجز لحصول المرأة على حقوقها في جميع المجالات خاصة الصحية والإنجابية، وضمان خدمات علاجية ومرافقة واعية، والحق في الاختيار، والتأكد من مناهج التدريب بشكل تراعي الفوارق بين الجنسين وتحترم الحقوق في الولوج إلى العلاج بلا وصم ولا تمييز ضد النساء. تلك حقوق تضمنها وتكفلها المواثيق الدولية وأيضا الدستور الجديد، لكنها تنتظر التفعيل لوقف زحف الفيروس. أوسي موح لحسن هكذا يصاب الأطفال بالسيدا الأطفال الأقل من 15 سنة تحولوا إلى فريسة للإصابة بفيروس الأيدز. أغلب أولئك انتقل إليهم الوباء عن طريق أمهاتهم، وحاليا فإن الرقم المسجل يقترب من ألف طفل. النساء الحوامل غالبا ما لا يكتشفن إصابتهن بالفيروس، لذلك يلدن رضعا يحملون معهن الفيروس، وهو ما لا يتم التوصل إليه سوى بعد إجراء الفحوصات مباشرة بعد الحمل أو تعرض الرضيع لمرض يجبر الأبوين معا على التأكد من إصابتهما وفرض إجراء تحاليل مختبرية عليهما. عدد الأطفال المصابين بهذا الداء في طور متقدم، والذين يخضعون للعلاج بواسطة مضادات الفيروسات الرجعية انتقل من 86 حالة (24 في المئة) سنة 2007 إلى 107 (42 في المئة) سنة 2008، و145 حالة (54 في المئة) سنة 2009، ليواصل تضاعفه مع توسيع دائرة المستفيدين من التحليلات وحملات التوعية والتحسيس. تشير الإحصاءات إلى أن جل الأطفال المرضى بالسيدا، أصيبوا عن طريق أمهاتهم، اللهم حالات قليلة جدا انتقل إليها الفيروس عن طريق اعتداءات جنسية أو غير ذلك، كما أن نسبة انتقال الفيروس من الجنين إلى الأم الحامل لا تزال مرتفعة نسبيا بالمغرب وتصل إلى 30 أو 40 ٪، دون أن يتمكن الأطباء المختصون من تحديدها على وجه التدقيق، ويكمن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع في عدم إجبارية فحص السيدا على الحوامل وعدم وعي النساء بأهمية القيام به حماية لأطفالهن، بل إن الطفل غالبا ما يفضح إصابة الآباء أنفسهم بالسيدا.