بإعلان عقارب الساعة للسابعة والنصف صباحا من يوم أمس، وصلت أمينة ووالدتها إلى أمام بوابة ثانوية صلاح الدين الأيوبي، ثم وقفت تنتظر الولوج إلى المؤسسة. تملكها الخوف فسعت والدتها إلى تبديده، إلا أنها فشلت. وفي محاولة لبث الطمأنينة في قلب ابنتها، بدأت الأم تربت على كتفها وهي تردد «ما تخلعيش ركزي وغادي تجاوبي مزيان إن شاء الله». استمرت الأم في تتبع خطوات فلذة كبدها وهي تتصفح لائحة المرشحين التي علقت في بهو المؤسسة. ما إن تأكدت من وجود اسمها ورقم امتحانها حتى توجهت نحو القاعة. الأم وهي تتابع تحركات ابنتها كانت تردد بصوت خافت «ياربي يسر ليها». سارة التي لم تكمل السابعة عشر من العمر، ستجتاز امتحانات الباكالوريا شعبة علوم فيزيائية. كانت شديدة الحرص على أن تصل إلى الثانوية قبل موعد الإمتحان بنصف ساعة. حاولت إخفاء توترها وارتباكها. كثفت من دروس الدعم لتكون جاهزة «يوم يعز المرء أويهان». كانت سعيدة باجتيازها هذه الصبيحة مادة الفيزياء. عتبة العشرين، لا تستعصي على سارة التي لا تحرز إلا العلامات المتميزة . قبل موعد الإمتحان وكما هو الشأن بالنسبة لخالد فقد اختارت الإسترخاء والتحضير النفسي بعد أن استنفذت كل طاقاتها في مراجعة الدروس. الزمن نفسه لكن المكان هو الذي تغير. أمام مركز الإمتحان الخوارزمي، استبد بالمرشحين والمرشحات وأسرهم نفس مشاعر الخوف والرهبة وإن كانت بدرجات متفاوتة. أم سهام لم تقوى على الوقوف. «رجلي ما قدروش يهزوني»، قالت بتهكم . كي تتخلص من توترها استمرت في الحديث «أنا اللي غادي ندوز الإمتحان ماشي بنتي»! نفس الخوف تتقاسمه والدة حسن التي شرعت في تقديم الدعم النفسي والتربوي لابنها ولكل المقبلين على امتحان البكالوريا. تعلمهم كيفية التحكم في الضغط النفسي والقلق، والتغلب على الخوف، والثقة في النفس وفي الإمكانيات، نصائح بيداغوجية لم تبخل الأم المربية في منحها للممتحنين . سواء في مركز الإمتحان صلاح الدين الأيوبي أو جمال الدين المهياوي أو محمد الخامس أو الحوارزمي أو طه حسين…. توجيهات في كل ركن وزاوية حتي لا يتيه المترشحون والمترشحات بين الأروقة والقاعات وتعليمات لمحاربة الغش . هم أكثر من 484 ألف تلميذ وتلميذة دخلوا أول أمس للاجتياز امتحانات الدورة الأولى لنيل شهادة الباكالوريا لسنة 2013 والتي ستستمر إلى غاية 13 يونيو فيما ستجري الدورة الإستدراكية أيام 9و10و11 يوليوز . يمتحنون تحت قانون تشديد العقوبات على الغشاشين .ففي إطار الحرب على الغش في امتحانات الباكالوريا برسم الموسم الدراسي الحالي قامت الوزارة بتحديد عدد المرشحين لاجتياز » الباك » في كل قاعة في 20 مرشحا. وأعدت قانونا لمحاربة الغش فإدخال الهاتف النقال أو الحاسوب أو طابليت وكل أنواع التكنولوجيات الحديثة كما ينص على ذلك القرار الوزاري الصادر في الرابع من يونيو الخاص بزجر الغش موجب للإقصاء . محمد الذي يدرك أن تحقيق النجاح في شهادة البكالوريا، لا يتوقف فقط على مدى استيعاب الدروس، بل يمتد إلى التحضير النفسي وحتى الفيزيولوجي، وضع نصب أعينه النجاح بل التفوق . حاول والده تخفيف وطأة ضغط الإمتحان . التركيز وعدم الخوف لازمة مافتء الأب يرددها على أسماع المترشح. الذي ما أن أكمل والده سيل النصائح حتي ولج مركز الإمتحان يبحث عن القاعة . ودعه والده بالدعاء له ولكافة المترشحين بالتوفيق والنجاح. الساعة كانت تشير إلى السابعة والنصف صباحا، لم يتبقى الكثير من الوقت آخر التوجيهات. الآباء والأمهات كانت رغبتهن قوية في أن يتخلص أبناؤهم وبناتهن من التوتر والخوف ، الذي يتعرض له التلاميذ مع اقتراب موعد الامتحان . المؤسسات التربوية كانت أول أمس في سباق مع الزمن لاستكمال الإجراءات التنظيمية . عاشت على إيقاع ختم أوراق التحرير والمسودات والإستدعاءات وكذا ترقيم القاعات . اليوم كما يقول أحد الحراس العامين » نحن على أهبة الإستعداد كل الظروف تم توفيرها لتمر الإمتحانات في شفافية ونزاهة » . فالوزارة لضمان حسن سير الإمتحانات عززت المساطر المرتبطة بتأطير وإنجاز عملية تصحيح أوراق الإمتحان ، حيث تم تدقيقها وفق آليات تضمن مصداقية النتائج ومبدأ الاستحقاق،و ذلك عن طريق الفصل بين عمليتي إجراء الإمتحانات والتصحيح وتعزيز آليات المراقبة والتتبع . كانت أخر المتأخرين تهرول مسرعة لتلحق بكوكبة الممتحنين. توجهت نحو اللوائح تتصفح اسمها ورقم امتحانها كي تدرك ما فاتها ، لم تمضي إلا خمس دقائق حتى رن جرس إنطلاق الإمتحان في مادة الفيزياء التي يستغرق إنجازها ثلاث ساعات. المترشحون والمترشحات سيعودون ظهيرة للإمتحان في مادة الإنجليزية بالنسبة لشعبة العلوم الفيزيائية . سعاد شاغل