سؤال: هل يمكن المطالبة بإبطال صدقة بعد تسجيلها بالرسم العقاري في مواجهة المستفيد منها ذي النية الحسنة على أساس أنها باطلة؟ يبدأ الأستاذ نور الدين بلقاضي عن هيئة المحامين بفاس إجابته عن السؤال بالإشارة إلى ان العقود مقيدة في آثارها بمبدإ عام يسمى في إطار النظرية العامة للالتزامات بمبدإ نسبية العقود، أي أن الالتزامات التي ترتبها العقود لا تلزم سوى من كان طرفا فيها ، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم، وفي هذا الإطار يورد الأستاذ بلقاضي الفصل 228 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن «الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون». ويمكن القول يضيف بلقاضي اعتمادا على هذا الفصل بأن مبدإ نسبية العقود المذكورة آنفا ليس مطلقا وإنما ترد عليه بعض الاستثناءات منصوص عليها في القانون ومن هذه الاستثناءات ما نص عليه الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري الذي جاء فيه أن «كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ولا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة». وبالتوقف عند سياق الفصل 66 السالف الذكر وألفاظه فإنه يمكن القول بأنه لا يمكن المطالبة بإبطال صدقة تم تسجيلها بالرسم العقاري والمستفيد منها شخص حسن النية على أساس أنها باطلة كما لو كان المتصدق لا يملك العقار المتصدق به، وهذا هو الاتجاه الذي سلكه المجلس الأعلى. ويخلص الأستاذ نور الدين بلقاضي في إطار تحليله لهذا السؤال إلى اعتقاد شخصي يفيد بأن التفسير الصحيح للمادة 66 المذكورة أعلاه هو الإستثناء من مبدإ نسبية العقود يخص التسجيل في حد ذاته وليس موضوع التسجيل، والسبب في ذلك حسب بلقاضي يرجع إلى أن التسجيل يقوم على مجموعة من الشروط الشكلية ورد التنصيص عليها في الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري التي تؤثر على موضوع الحق عند الخطإ فيها أو إغفالها، وهو ما دفع المشرع إلى القول بحماية الغير حسن النية في الحالة التي يتم فيها التسجيل دون احترام تلك الشروط ما دام موضوع الحق سليما، وأما موضوع التسجيل فإنه يتعلق بالحق الذي يملكه الشخص والحق لا يكون حقا إلا إذا كان صحيحا أما المزور أو الباطل فإنه يبقى مزورا وباطلا لأن ما بني على باطل فهو باطل، والقانون يؤكد نور الدين بلقاضي ليس مهمته حماية الحقوق الباطلة والمزورة وإلا اتخذه الناس وسيلة لاكتساب الحقوق الباطلة بدعوى أنها مسجلة بالمحافظة العقارية والمستفيد منها حسن النية.