تفرض الضريبة على الدخل، على دخول وأرباح الأشخاص الطبيعيين، وكذا الأشخاص المعنويين المستثنين من نطاق تطبيق الضريبة على الشركات كما هو مشار إليهم بالمادة الثالثة من المدونة العامة للضرائب. وتعد الأرباح العقارية إحدى الأصناف الخمسة التي تخضع للضريبة المذكورة حسب ما جاء في المادة 22 من نفس المدونة، فما المقصود إذن بالأرباح العقارية؛ وماهي الأرباح أو العمليات الخاضعة للضريبة؟ وماهي الأرباح أو العمليات المستثناة منها؟ هذا ما سنتناوله في فقرتين اثنتين مرجئين الحديث عن الأرباح أو العمليات المعفاة من الضريبة إلى موضوع مستقل لاحق. العمليات والأرباح الخاضعة للضريبة: يخضع للضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية حسبما جاء في الفقرة الثانية من المادة 61 من المدونة العامة للضرائب ما يلي: -1 جميع الأشخاص الذاتيين الذين يحققون ربحا أو أرباحا بمناسبة بيع عقار (1) أو عقارات متواجدة بالمغرب، محفظة كانت أم غير محفظة، حضرية كانت أم قروية، مبنية أو غير مبنية، أو في طور البناء، مستغلة أو غير مستغلة، أو بمناسبة تفويت حقوق عينية عقارية (2) متعلقة أو مرتبطة بتلك العقارات كحق الإنتفاع (3) وحق التصرف وحق الإرتفاق (4) ، كيفما كانت الطريقة التي تم بها هذا البيع أو التفويت، سواء تم بطريقة رضائية أو بطريقة جبرية عن طريق القضاء أو في إطار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة. 2 - المساهمة في شركة بعقار أو عقارات أو حقوق عينية عقارية. 3 - عمليات التفويت بمقابل لأسهم أو لحصص مشاركة إسمية صادرة عن الشركات ذات الغرض العقاري المعتبرة شفافة من وجهة النظر الجبائية وفقا للفقرة ااا من المادة الثالثة من المدونة العامة للضرائب. 4 - عمليات التفويت بعوض أو المساهمة في شركات بأسهم أو حصص مشاركة في شركات يغلب عليها الطابع العقاري الصرف. وتعد شركات يغلب عليها الطابع العقاري، الشركات التي يتكون مجموع أصولها الثابتة وبنسبة لا تقل عن 75% من قيمتها المحددة عند افتتاح السنة المحاسبية التي تمت خلالها عملية التفويت المفروضة عليها الضريبة، إما من عقارات غير تلك التي تخصصها الشركة للإستغلال أو لإسكان العمال والمستخدمين والمأجورين، أو من سندات اشتراك صادرة عن الشركات ذات الغرض العقاري، أو عن شركات يغلب عليها الطابع العقاري الخالص. 5 - المعاوضة أو المبادلة المتعلقة بعقارات أو حقوق عينية عقارية أو أسهم أو حصص اشتراك الآنف ذكرها، والتي تعد في نظر القانون الجبائي بمثابة بيع مزدوج ، حيث تخضع للضريبة سواء كان هناك مدرك أم لم يكن، مادام أن كل طرف في عقد المبادلة أو المعاوضة قد استفاد في حقيقة الأمر من عمليتي بيع وشراء في نفس الآن. والمعاوضة كما تعرفها المادة 619 من قانون الإلتزامات والعقود هي عقد بمقتضاه يعطي كل من المتعاقدين للآخر على سبيل الملكية، شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا، في مقابل شيء أو حق آخر من نفس نوعه أو من نوع آخر. في هذا السياق يقول أستاذنا الدكتور عبد الرحمن بلعكيد: (فالمعاوضة لا تعدو أن تكون صورة للبيع في المعنى العام، سيما وأن العوض فيها يتوقف على التقويم النقدي لتقدير القيمة وتحقيق الموازنة، ومن تم كانت المعاوضة تخضع لأحكام البيع في حدود طبيعتها طبقا للفصل 625 من قانون الإلتزامات والعقود). (5) أما أستاذنا الدكتور محمد خيري فيقول بأن: (عقد المعاوضة هو ما كان فيه النفع للمتعاقدين معا، كل منهما يحصل على منفعة خاصة) (6) وبما أن المعاوضة أو المبادلة هي ضرب من ضروب التفويت التي تجلب منفعة مادية سواء نقدية أو عينية، وحتى لا يتخذها البعض مطية قصد التهرب من الضريبة، فإن المشرع الجبائي قد فطن إلى ذلك وأخضع بالتالي كلا المتعاقدين لأداء الضريبة سواء كان العقد حقيقيا أم صوريا. 6 - قسمة العقارات المشاعة بمدرك، حيث لا تفرض الضريبة إلا على الربح المحقق من التفويت الناتج عن هذا المدرك. والمدرك هو أداء مبلغ مالي نقدا أو عينا مخصص أصلا لإحداث توازن في العقارات أثناء القسمة أو المعاوضة بين الأطراف. وأداء المدرك لا يغير شيئا من طبيعة العملية، وإنما هو جزء لا يتجزأ من قيمة العقار الذي وقع تفويته من لدن المستفيد من المدرك. هذا بالنسبة لتفويت العقارات والحقوق العينية العقارية والأسهم والحصص بعوض أو بمقابل، أما بالنسبة للتفويتات المذكورة التي تكون بلا عوض وبلا مقابل كالهبات والصدقات وغيرها من عقود التبرع، فقد كانت معفاة من الضريبة، لكن مع صدور قانون المالية لسنة 2001، وعملا بمبدأ توسيع الوعاء الضريبي، ودرءا لكل صورية في العقود ، وسدا لكل الثغرات التي قد ينفذ منها المتملصون والمتحايلون على القانون الذين يستغلون هفواته، أصبحت التفويتات بلا عوض خاضعة للضريبة بقوة القانون، ما عدا إذا تمت بين الأصول والفروع أو بين الفروع والأصول أو بين الأزواج أو بين الإخوة والأخوات، تطبيقا لأحكام الفقرة ااا من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب، وهذا عين الصواب مادام أن الهبة أو الصدقة التي تتم بين أشخاص غير هؤلاء، تعد في نظر القانون الجبائي بمثابة بيع وتأخذ أحكامه، رغم استعمال العاقد لفظ الهبة أو الصدقة أو العطية... إعمالا للقاعدة الفقهية الشهيرة: (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني). وتصدق نفس القاعدة ونفس الأحكام وتصدق على عقود التنازلات، ومختلف العقود المشابهة أو المماثلة لها. ويبقى السؤال مطروحا حول من الشخص الخاضع قانونا لمثل هذه الضريبة؟ إن الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية تقع على عاتق شخص ذاتي طبيعي أثناء تحقيقه لربح أو عدة أرباح ناتجة عن قيامه بعمليات تفويت بعوض أو بدون عوض، كما تمت الإشارة الى ذلك سلفا، وهو المفوت بمعنى أدق وأوسع وأشمل، أو البائع أو المنزوعة ملكية عقاره من أجل المصلحة العامة أو المساهم في شركة بعقارات أو حقوق عينية عقارية، أو المساهم أو المشترك أو المشارك في شركات عقارية بأسهم أو حصص أو المعارض أو الواهب أو المتصدق أو المتنازل أو أحد أطراف عقد القسمة بمدرك. وإذا تعلق الأمر بتفويت عقار مملوك على الشياع، فكل مالك من الملاك على الشيوع، تفرض عليه الضريبة المذكورة بناء على قسط الربح الذي آل إليه من نصيبه في العقار المشاع الذي وقع تفويته، أما إذا كانت حصص أو أنصبة المالكين على الشياع غير مفرزة وغير محددة، فرضت الضريبة في اسم واحد من هؤلاء مرفقا بصيغة (ومن معه) كأن نقول (زيد ومن معه) أو (عمرو ومن معه) في إشارة لباقي المفوتين معه على الشياع، حيث تصعب كتابة أسماؤهم جميعا خصوصا إذا كانوا على كثرة. غير أن الإشكال يبرز كلما كان العقار المبيع مملوكا عن طريق الإرث، من طرف عدة ورثة، وتكون الأنصبة غير مفرزة في رسم البيع، ويعتقد هؤلاء الورثة أنهم معفون من الضريبة منفردين، لأنه لا أحد منهم تجاوز السقف الذي يجعله خاضعا للضريبة، لكنهم تجاوزوا هذا السقف مجتمعين (7) وبالتالي أصبحوا خاضعين للضريبة انطلاقا من القيمة الإجمالية للبيع، حيث يعمد مفتش الضرائب إلى إصدار الجدول الضريبي اعتمادا على هذا الأساس (8) لكنه في الأخير يواجه من طرف الورثة بإنجازهم لعقد إضافي أو ملحق يحددون فيه نصيب كل وارث وفق الفريضة الشرعية، ويتخذونه بالتالي حجة قصد الحصول على إعفاء تلقائي من الضريبة المذكورة. وفي نظري يمكن تجاوز هذه الصعوبة باستدعاء الورثة المعنيين، ومطالبتهم سواء عند إيداع الإقرار بالبيع أو بعد إيداعه، بضرورة تحديد الأنصبة وفرزها بشكل يسمح بمعرفة الخاضع للضريبة من المعفي منهم، تفاديا لتضييع الوقت في ملفات لا ترجى منها فائدة، وهذا ما سارت عليه المديرية الجهوية للضرائب بالدار البيضاء. (9) وكيفما كان الأمر، فإن الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية، تؤدى أو يتم إصدارها في المكان الذي توجد به العقارات أو الحقوق العينية العقارية التي وقع تفويتها طبقا لمقتضيات المادة 173 من المدونة العامة للضرائب. العمليات والأرباح المستثناة من الضريبة: طبقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 62 من المدونة العامة للضرائب يستثنى من نطاق تطبيق الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية الخاضعة لمعدل 20% ، أو 3% حسب الحالات، كما تشير إلى ذلك المادة 73 من نفس المدونة، جميع الأرباح العقارية الناتجة عن كل عملية تفويت يقوم بها أشخاص ذاتيون أو أشخاص معنويون غير خاضعين للضريبة على الشركات، إذا كانت الأرباح المشار إليها تدخل في نطاق صنف آخر من أصناف الضريبة على الدخل هو صنف الدخول المهنية. ويدخل في هذا الإطار وعلى سبيل المثال لا الحصر: 1 - الأشخاص الذين يقومون بعمليات شراء بشكل اعتيادي ومنتظم بقصد البيع أو إعادة البيع، لعقارات أو أسهم أو حصص اجتماعية لشركات عقارية. 2 - الأشخاص الذين يقومون بعمليات مساهمة أو مشاركة أو اشتراك ودائما من أجل البيع أو إعادة البيع، لأسهم أو حصص لشركات عقارية. 3 - المجزئون العقاريون الذين يقومون بتهيئة الأراضي وتجهيزها للبناء بنية بيعها على شكل قطع أو بقع أرضية، كيفما كانت طريقة تملك أو حيازة الأرض موضوع التجزيء، إرثا أم هبة أم اقتناء... 4 - المنعشون العقاريون الذين يقومون بحيازة أراضي وتقسيمها وتجزئتها من أجل بيعها على شكل بقع أو إنشاء أو بناية أو تشييد عمارات عليها مخصصة أصلا للبيع جملة أو على شكل شقق أو محلات ذات استعمالات مختلفة. وعلى العموم، يستثني من الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية، الأشخاص الطبيعيون كانوا أو معنويون يجرون أو يقومون بعمليات تفويتات لعقارات أو حقوق عينية عقارية وما إلى ذلك... بشكل اعتيادي واحترافي ومنتظم(10). لكن الواقع أثبت أن هناك مجموعة من الخاضعين للضريبة يقومون بتفويتات متتالية لعقارات، وعوض أن يودعوا إقرارا بمجموع دخولهم في إطار الضريبة على الدخل صنف الدخول المهنية، إلى غاية 31 مارس من كل سنة على أبعد تقدير، يلجؤون مباشرة إلى قابض إدارة الضرائب مدلين بالتصريح بالبيع نموذج 9501، المتعلق بصنف آخر من الدخول هو صنف الأرباح العقارية، معززا بعشرات عقود التفويت، ثم الأداء بكيفية تلقائية، معتقدين بأن المسألة هي مسألة اختيار فقط، مادام أن (كل الطرق تؤدي إلى روما)، بمعنى أنه سواء تم التصريح في إطار صنف الدخول المهنية أو في إطار صنف الأرباح العقارية، فإن الأداء والدفع قد تحقق، وأن الضريبة قد تمت تسويتها، ناسين أو متناسين بأن كل تفويت اكتسب طابع التكرار أو تم بشكل اعتيادي واحترافي ومنتظم يلزم صاحبه بالتسجيل في سجل الرسم المهني (ضريبة البتانتا سابقا)(11) ومنحه بالتالي رقما تعريفيا ضريبيا خاصا به. بل هناك من الملزمين بالضريبة من يحاول التهرب من كل هذه الإجراءات باللجوء مباشرة إلى التصريح لدى قابض إدارة الضرائب المذكور على دفعات كلما تجاوزت التفويتات السقف المحدد قانونا. وفي نظرنا فإن على القابض أن يتسلم التصريح بغير أداء، قصد إحالته على المصلحة المحلية للضرائب المكلفة بالوعاء، والتي يعود لها الاختصاص في تسليم التصريح المذكور والقيام بالإجراءات اللازمة، هذا إذا كانت أثمنة التفويتات مهمة ومتميزة أما إذا كانت هزيلة وجد منخفضة فإنه لا جدوى من ذلك. هوامش: 1) العقار هو كل شيء ثابت في الأرض ثبوت استقرار، كالأرض والبنايات والآلات والمنشآت الثابتة والأغراس والأشجار والغابات، طبقا لمقتضيات المادة 6 من ظهير 12 يونيه 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة. 2) الحق العيني هو حق يخول صاحبه سلطة قانونية مباشرة على شيء مادي معين. 3 ) الانتفاع حق عيني في التمتع بعقار على ملك الغير ينقضي لزوما بموت المنتفع، بمعنى أنه يخول المنتفع سلطة استعمال واستغلال ملك غيره دون التصرف فيه (المادة 35 من ظهير 12 يونيه 1915). 4) الإرتفاق هو حق عيني مقرر على عقار لفائدة عقار آخر (المادة 108 من ظهير 12 يونيه 1915). 5 ) مؤلف «علم الفرائض» الطبعة الأولى سنة 1991، الصفحة 319. 6) محاضرات في الشريعة الإسلامية، كلية الحقوق بالدار البيضاء السنة الجامعية 1991.1990. 7) يعفى من الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية بحسب مقتضيات المادة 63 - II - أ، من المدونة العامة للضرائب، الربح المحصل عليه من لدن كل شخص يقوم خلال السنة المدنية بتفويت عقارات لا يتجاوز مجموع قيمتها 60.000 درهم. 8) المذكرة التفسيرية عدد 709، صفحة 46 المتعلقة بقانون المالية لسنة 2001 9 ) محضر الاجتماع المؤرخ في 2002/02/19 الذي ترأسه المدير الجهوي وحضره رؤساء القطاعات والشعب، والذي تمحور حول بعض مشاكل التسيير المتعلقة بالجبائية العقارية، حيث تم التأكيد على ضرورة المطالبة بشهادة الملكية تحدد فيها بدقة أنصبة كل مالك من المالكين على الشياع. 10) المادة 30 من المدونة العامة للضرائب. 11) انظر مقالي المنشور بجريدة (العلم) عدد 21027 بتاريخ 2008/04/23 بالصفحة 10.