بدأت تخوفات المغرب السياسي تبرز، تعبر عن نفسها بدون تحفظات، علنا، اتخذت لنفسها مظاهر متعددة، وعبر عنها الفاعلون في مختلف أنماط التفكير والمجالات. 1 – اقتصاديا هناك انكماشات مالية، رغم حركية البنوك، فإنها تحاول الحفاظ على سيولة في الحدود الدنيا، بما تقدمه من قروض وتحفيزات خفت حدة المنافسات حولها، تخوفا من شيء ما، لن يكون غير الحذر من الطلبات الأجنبية العربية بالخصوص، كما أن معدل النمو العام، مازال لم يستقر بعد، تراجعيا وليس تصاعديا، زيادات حاولت الحكومة اللجوء إليها تفاديا للاقتراض، لكنها في الأخير لجأت إليه، وكأننا أمام حكومة تفقد ذاكرتها عند كل هزة لتتحدث لغة مغايرة، أقل ما يقال عنها إنها صماء لا تنصت لغير صوتها الهادر سلفيا. 2 – سياسيا الحكومة، تتحرك تصرح، تستعد للإقدام على خطوات، تدرسها لتفاجئ بها الكل، أو تتراجع عنها، المعارضة، لم تجد ما تعارض، فكل أطروحات الحكومة قابلة للمراجعة، والتعديل وربما الإلغاء، فماذا سوف تعارض أحزاب المعارضة؟ نفسها أم حلفاءها أم اختيارات لم تتضح بعد أبعادها، لهذا السبب كثرت المناوشات، حتى من طرف لاعبين كانوا في الظل، أو لم يكونوا معنيين بالسياسة أصلا، فانخرطوا في حمأة التعليقات، السياسية، ليبدو بعضهم بمثابة المنقذين المحتملين لمآل البلاد والعباد. 3 – ثقافيا الثقافة نفسها، انصرفت عن الشأن السياسي، إلا من حيث التخوفات من إجراءات الحكومة الدينية المغربية، التي لم تمس الحريات بشكل مباشر، لكنها سريعة الغضب من المثقفين، وإن لم تقدم على أية خطوة، فهي تطلق مهدديها بالوعيد، إرضاء لجناحها الدعوي، حتى لا ينخرط هو الآخر في عملية تحريض لها على اقتراف الصلابة والمواجهة، للكل وكيفما كانت النتائج ما دام الربيع العربي مازال على الأبواب. 4 – اجتماعيا احتدت التناقضات، لكن المجتمعات الشبيهة بالمجتمع المغربي، تحسن تدبير الأزمات، عندما يفسح المجال أمامها للتطاول على القوانين، بحيث تفتح أبواب التحرك التجاري في كل الاتجاهات، وتقل الرقابة، فيفهم الناس أن الدولة تدرك حرج اللحظة، وأزمة البسطاء، لذلك تركت لهم المجال مفتوحا، للسكن في أي مكان، والبحث عن كل الوسائل لربح المال، ما عدا السرقة طبعا، خلاصة القول، يبدو المغرب، في حركية حذرة، مزعجة لكل الفاعلين، فلا هو قادر على التحرك الطبيعي لحل قضاياه المصيرية، كالتنمية بما هي القضاء على مظاهر الفقر المدقع، والظواهر المرتبطة به من إجرام وفساد وسرقة، ولا هو قادر على مراجعة حساباته واختياراته السياسية والاقتصادية.