نصب نفسه وصيا على مواقف فرنسا من الصحراء ونعت مشروع المغرب نيجيريا الغازي بالمزيف من الواضح أن المواقف العدائية المتعددة و الشعارات المستفزة تجاه المغرب التي وظفها الرئيس الجزائري في حملته الانتخابية لعهدة ثانية بقصر المرادية لم تكن سلوكا ظرفيا تمليه متطلبات داخلية فرضت على السيد تبون تبني خطاب شعبوي متحرش بأعداء الجزائر الابديين , لإرضاء غرور و أنانية و أهواء جنرالات النظام من عرابي وصانعي رؤساء الدولة منذ استقلالها .
السيد عبد المجيد تبون و بعد أن حاز على العهدة الرئاسية الثانية و ضع المغرب مجددا في قلب أجندة برنامج العهدة الثانية , بمنطق البحث مجددا عن العداء المجاني و التحرش المباشر بالمصالح المغربية الاقتصادية و السياسية و الدبلوماسية و كأنه بذلك ينفذ على طريقة الراحل الهواري بومدين قفزة جديدة نحو المجهول .
الرئيس تبون و في أول لقاء له مع ممثلي وسائل الإعلام الجزائرية أمعن مجددا في التدخل في الشأن السياسي والاقتصادي الداخلي الخاص بالمغاربة و حشر أنفه الحاقد في مشاريع الرباط الاقتصادية و سمح لنفسه بوصف مشروع الربط الغازي الرابط بين نيجيريا و المغرب عبر منطقة غرب افريقيا بأنه مشروع سياسي مزيف غير قابل للتمويل بل وحاول الضغط على دول أوروبا لحملها على مقاطعة و إهمال المشروع المغربي النيجيري حين أكد لها بالحرف أن مشروع الجزائر الغازي المنافس للمغرب هو من سيزود القارة الأوروبية بحاجياتها من الغاز .
هذا التحامل المجاني و الصريح من رئيس دولة على مبادرة إقليمية تهم مستقبل ما لا يقل عن 13 دولة من دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا بالإضافة الى موريتانيا و التدخل السمج في شأن اقتصادي لبلد جار و مشروع اقتصادي إقليمي لا يهم الجزائر لا من قريب و لا من بعيد , هو سلوك سياسي لا يليق بزعيم دولة تحترم نفسها و تدرك التزاماتها تجاه جيرانها المباشرين .
بنفس النهج المتطفل و الاعتداء المعنوي و السياسي المباشر و التحرش المباشر بالجار الغربي يزعم الرئيس الجزائري أن مبادرة الحكم الذاتي المزعوم فكرة فرنسية وليست مغربية و يطالب علنا بتراجع فرنسا عن موقفها تجاه الصحراء واصفا اياه بغير المقبول, أي بالواضح أن الجزائر لن تطبع مجددا علاقاتها المتوترة مع باريس الا بعد تراجع فرنسا عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي ...
النسق المتحايل و العاكس لواقع دولة و نظام مترنح يفقد توازنه و يرفع شعارات لا تمت للواقع بصلة سيبرز مع محاولة الرئيس الجزائري دغدغة عواطف الشعب المغربي بتقديمه كشعب شقيق و طمأنته بأن لا تمتد اليه يد السلطة العقابية أو يطاله الطرد من الجزائر , لكنه سرعان ما سيتبدد مفعوله الحميمي حين يؤكد الرئيس تبون أن قرار فرض التأشيرة على المغاربة أملته دواع أمنية يلخصها رئيس الدولة الجزائرية في دخول من يصفهم بعملاء وجواسيس للكيان الصهيوني إلى الجزائر بجوازات سفر مغربية.
و إذا كان الرأي العام المغربي و حتى الجزائري ينتظر تفاصيل المحاكمة العلنية العادلة لشبكة الجواسيس المغاربة التي أعلنت السلطات الجزائرية في عز الحملة الانتخابية الرئاسية قبل أسابيع القبض عليها في ولاية تلمسان على الحدود مع المغرب مؤخرا , فإن المنطق يفترض أن مسائل أمنية من هذا القبيل تعالج بحد أدنى من التحفظ و السرية أو في أقصى الأحوال بتفعيل خطوط الاتصال الدبلوماسية التي عطلتها الجزائر من طرف واحد قبل أشهر و ليس بمنطق القدح و التشهير العلني عبر القنوات التلفزية العمومية الذي لا يسهم في آخر المطاف الى في المزيد من العزلة والتقوقع الاراديين للنظام الجزائري في محيط إقليمي متحول لا يقبل بالخطاب الأحادي المتخشب و المواقف المتصلبة التي لا تؤدي الى نتيجة الحقد و الخراب و الدمار عوض خطاب الواقعية و التسامح و المرونة و الهدوء الذي يبني مستقبل الشعوب في فضاء من التعايش و التكامل و التعاضد عوض فضاء الأحقاد و المؤامرات ....