يستخدم جيل من السعوديين والسعوديات مواقع التواصل الاجتماعي, وخصوصا "تويتر", منبرا حرا للتعبير عن ارائهم وعينا ساهرة تفرض نفسها "سلطة رابعة" تراقب الاحداث يوميا لانتقاد المسؤولين. ويرى اكاديميون واعلاميون بان "تويتر" اصبح يمثل "صحافة المواطن" في المملكة بعيدا عن سلطة الرقيب المتعارف عليها في الصحافة المحلية التي تتمتع باستقلالية ولكنها لا تذهب في غالب الاحيان بعيدا في النقد والرقابة. وتؤسس المنابر الافتراضية الجديدة لجيل جديد منفتح معتاد على تقبل مختلف الاراء, بحسب المراقبين. وقال سعود كاتب, استاذ الاعلام الجديد في جامعة الملك عبد العزيز "انها مدرسة نتعلم فيها الاختلاف في الرأي والانفتاح على الاخر وهو امر ايجابي في تغيير ثقافة الشعوب نحو الافضل". واضاف لوكالة فرانس برس ان "تويتر اصبح وسيلة اعلام بكل معنى الكلمة, انه صحافة المواطن التي جعلت السلطة الرابعة في يده (...) اصبح الشباب اليوم ينتقدون تصرفات يرونها غير مقبولة سواء اكانت سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية وحتى ثقافية وفكرية". الا ان الكثير من الرسائل التي يقوم الشباب يتدوينها تتعلق بامور حياتية وخدماتية مثل حركة المرور وقانون العمل او الكوارث الطبيبعية مثل فيضانات جدة التي اودت في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 بحياة العشرات. وقال كاتب "هنالك العديد من الامثلة, كقضية امين مدينة عسير الذي طرد مواطنا من مكتبه, وكارثة سيول جدة, ولولا صحافة المواطن لما التفت اليها احد بنفس الدرجة من الاهتمام". ولفت الى ان "الكثيرين يفكرون (اليوم) الف مرة قبل الاقدام على امور غير محسوبة". من جانبه, يرى المستشار الاقتصادي لاحم الناصر ان "تويتر عوض النقص لدى المجتمع السعودي الحاصل جراء تقصير الصحافة الورقية". وقال "يمكننا تسميته بمجلس شورى افتراضي يحاكم فيه الاشخاص على تصرفاتهم", معتبرا ان "الواقع الافتراضي الذي لا تحكمه رقابة من اي احد استطاع ان يغير الكثير ويكون رايا عاما قويا فيما فقدت الكثير من النخب مكانتها وظهرت نخب جديدة شابة استطاعت اثبات نفسها" في هذا العالم الافتراض. فبعض الناشطين على التويتر يتابعهم عشرات الالاف من المشتركين لحظة بلحظة, مع ان احدا لن يتعرف عليهم شخصيا اذا التقى بهم. واكد الناصر ان "تويتر استطاع خلق جو من الانفتاح على الرأي الاخر وتغيير الافكار وتقبل للجانب الاخر بلغة راقية في مجملها". واشار الى ان "هناك مشايخ يناقشون نساء غير محجبات مثلا, وهو نمط في التغير الفكري الذي احدثه تويتر ودليل على اندماج المجتمع". الى ذلك, اوضح خالد السهيل مدير تحرير صحيفة "الاقتصادية" الالكترونية ان "تويتر اصبح يمثل مصدرا لقياس نبض الشارع بشان قضية ما والتعرف على الرأي العام". ويرى السهيل بانه "رغم الجرأة في الطرح لا يوجد احد تعرض للمساءلة لما يطرح بخلاف دول مجاورة تعرض فيها البعض لذلك". وتعرض ناشطون في دول خليجية اخرى لملاحقة بسبب كتابات على تويتر. واشار السهيل الى انه "من غير المستغرب ان يكون لمواقع التواصل الاجتماعي هذا التاثير القوي اذا علمنا ان 60 في المئة من السعوديين الشبان يتعاملون بالانترنت ولا يحفلون بالصحافة الورقية". وكان وزير الاعلام عبد العزيز خوجة علق على مقطع فيديو نشره احد المواطنين شاكيا من خطف اولاده في المغرب قبل 15 عاما, موجها التهم للوزير الذي كان في حينه سفيرا للمملكة لدى الرباط. وقال خوجة على تويتر "انتشر مقطع في اليوتيوب حول مواطن يشكو من خطف اودلاه في المغرب (...) اتهمني عدة اتهامات, انفيها تماما والبينة على من ادعى". وتعرض فرع هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينةالمنورة لنقد لاذع عبر تويتر بعد ان قام رجاله باعتقال امرأة مع خالها ظنا منهم انه ليس محرما لها. وعند اكتشافهم خطأهم دفعوا لها مبلغ 500 ريال (133 دولار) وحزمة من النعناع الذي تشتهر به المدينة, ما فتح الباب امام الاف التعليقات عبر تويتر, وباتت القضية التي كانت تحصل في الماضي دون ان يعلم احد مسألة رأي عام كبرى. كما تعرض الكاتب ثامر الميمان في صحيفة "اليوم" لانتقادات قاسية بعد مقارنته النساء الروسيات بالسعوديات من حيث القوام وبياض البشرة, قائلا ان "الشعب يريد تغيير المدام". كما ان عددا من الصحافيين باتوا من المدونين عبر تويتر في مسعى منهم للتواصل مع جمهور شاب عريض قد يكون هجر الصحافة الورقية, وللتمتع بهامش اوسع للتعبير عن رأيهم الشخصي دون قيود سياسة المؤسسة الاعلامية. وكتب رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية" سلمان الدوسري عبر تويتر تعليقا على اتهام ايران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن ان "ايران تلعب بالمكشوف في عدائها مع كل ما هو سعودي, وهناك من يعتبر التحذير من الخطر الصفوي مبالغة وفوبيا, فهل يعتبرون" ?.