يبدو أن النظام المالي العالمي على شفا أزمة مالية جديدة نتيجة للأوضاع الاقتصادية العالمية المتردية، تقوده إلى ذلك أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. وتتخبط المنطقة منذ نحو عام ونصف في محاولة للخروج من هذه الأزمة ولكن دون جدوى بل بدت الأزمة آخذة في التفاقم لتشمل بلدانا جديدة وتهدد اقتصادات أخرى. وانعكست بوادر الأزمة هذه -حسب مقال نشرته صحيفة ديلي تلغراف اللندنية- على ضعف ضمان سندات البنوك عبر العالم، وهو ما ينعكس بالتالي سلبا على القروض التجارية والاستثمارية وذلك وفق نظرة متخصصين ماليين عالميين. وشهدت أسعار السندات في الآونة الأخيرة صعودا كبيرا وهو ما يدل على فقد الثقة وخاصة تجاه السندات الأوروبية، وشمل ذلك السندات البنكية وهو ما يشير إلى الشك في البنوك التي لها ديون على اليونان وديون على دول بمنطقة اليورو وأخرى متعثرة كالبرتغال وأيرلندا تعاني من تفاقم ديونها السيادية وعجز كبير في الميزانيات العمومية. وللتمثيل على مدى تفاقم أزمة السندات فقد زادت تكلفة ضمان سندات بنك ديكيسيا البلجيكي الأسبوع الماضي 900 نقطة أساس لترتفع بنحو الضعف عن المستوى الذي كانت عليه قبل شهرين فقط، وهو ما يعني أن تكلفة ضمان سنوي لسندات قيمتها عشرة ملايين يورو تبلغ 900 ألف يورو. ومن مؤشرات وصول الأزمة الأوروبية إلى القطاع المالي توقف بنك الصين المركزي عن مبادلات العملات مع بعض البنوك الأوروبية فضلا عن عمليات للبنك المركزي الأوروبي في السوق لدعم السندات الأوروبية. ويرى خبير سندات مالي في سوق المال بلندن أن حجم الأموال المتدفقة في يونيو/حزيران الماضي يشير إلى بدء دخول النظام المالي العالمي في أزمة قروض وهو أمر لا يخص الغرب وحده بل يشمل العالم. ورأى خبير مالي آخر أن الأسواق تبدو شبه مشلولة منتظرة أن يبت في شأن الوضع باليونان التي شارفت على الإفلاس ومدى استمرار الاتحاد الأوروبي في إنقاذ هذه الدولة، والترتيبات التي ستقوم بها المنظومة الأوروبية في الحالتين. يأتي ذلك وقد أعلنت اليونان أنها لن تتمكن من خفض عجز الموازنة المستهدف للعام الجاري والعام القادم، وهو ما قد يهدد استمرار حزمة الإنقاذ الأوروبية لمساعدة اليونان في أزمة الديون وحمايتها من الإفلاس.ومن المقرر أن يعقد وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعا طارئا اليوم في لكسمبورغ لمناقشة الإصلاحات والإجراءات التي قامت بها اليونان والبت في كونها كافية لضمان حصولها على الشريحة السادسة البالغة قيمتها ثمانية مليارات يورو من حزمة القروض التي قررت العام الماضي وتبلغ قيمتها 110 مليارات يورو.