تكثفت خلال شهر أكتوبر 2009 التقارير الصادرة في غالبيتها من المؤسسات الإقتصادية الغربية، والتي تحدثت عن مؤشرات إنفراج في الأزمة الإقتصادية العالمية، وبوادر تحسن في غالبية الإقتصاديات الكبرى في الغرب، وأشارت هذه التقارير الى أن الإجراءات التي أقدمت عليها غالبية دول العالم وعلى الأخص الدول الأقوى في مجموعة العشرين بدأت تعطي ثمارها. وعددت هذه المؤسسات ومن ضمنها البنك وصندوق النقد الدوليين الأدلة التي قالت أنها مؤشر على قرب الخروج من النفق المظلم للأزمة، ونهاية الإنكماش والعودة الى مرحلة الإزدهار خاصة إبتداء من سنة 2010. ويوم الخميس 3 ديسمبر 2009 وفي مؤشر إضافي على التفاؤل، اعلن صندوق النقد الدولي انه يستعد لمواجهة تحديات ما بعد الازمة من اجل «دعم النهوض» وبناء اقتصاد عالمي «اقوى». وجاء اعلان صندوق النقد الدولي هذا من خلال نشر برنامج عمل مجلس ادارته للاشهر القادمة والذي تمحور حول اربع مسائل اساسية حددها خلال جمعيته العامة في اسطنبول مطلع اكتوبر وهي «مهمة الصندوق ودوره في التمويل والمراقبة المتعددة وحسن حوكمة الاقتصاد». وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس، في بيان ان «برنامج العمل هذا طموح وواقعي في كل الحالات الضرورية». وبعد ان ذكر بان الدول الاعضاء فيه التزمت بالحفاظ على اجراءاتها في النهوض حتى تحقيق نهوض دائم، اوضح صندوق النقد الدولي أنه بدأ بالتفكير في مراجعة مختلف «استراتيجيات الممكنة للخروج من الازمة» من اجل مساعدتها على تحقيق هذا الهدف. وفي ما يتعلق بالوجه الجديد للاقتصاد العالمي، أوضح صندوق النقد الدولي أن عمله يتركز على أربعة أهداف هي: تعزيز النظام النقدي العالمي وتقوية نظام مراقبة الصندوق لاعضائه الكبار من أجل توزان النظام وكذلك اصلاح صندوق النقد الدولي «اصلاح حق التصويت وعمل الصندوق» وتعزيز دعم الدول الاكثر فقرا. تفاؤل وتشاؤم الى جانب المتفائلين بتعافي الإقتصاد الدولي كان هناك كذلك عدد من المتشائمين، الذين أكدوا أن ما قد يعتبره البعض إنتعاشا ونهاية لأخطار مزيد من السقوط في هوة أسوأ أزمة يعرفها العالم منذ زهاء ستة عقود، ليس سوى نهضة وهمية، كالهدوء الذي يأتي في ما يوصف بعين العاصفة، أو كإنتعاش مؤقت لمريض يهدده الموت. ويؤكد هؤلاء ان توقف التدهور الإقتصاد الدولي ليس سوى حدث مؤقت نتج عن التدخل الكثيف للحكومات الدول الصناعية الكبرى وكذلك الأطراف التي تمتلك أصولا وأموالا أمريكية وأوروبية، مؤكدين أن هذه الجرعات من التحفيز لم تعالج صلب المشكل أو سبب الداء، ولهذا فإن الأزمة سوف تتجدد وربما بنتائج أسوأ وأخطر من كل ما عرفه العالم خلال الأشهر الماضية، أي منذ إنفجار فقاعة الرهون العقارية في أكتوبر 2007. ما يجعل تكرر الأزمة مستقبلا أكثر خطرا هو أن البنوك المركزية والحكومات في مجموعة العشرين ضخت آلاف الملايير من الدولارات لدعم المؤسسات والبنوك المهددة بالإنهيار والعاجزة عن سداد الديون، غير أن جزء كبيرا من أموال الإنقاذ هذه إفتراضية أو بالأحرى وهمية القيمة، لأنها التزامات ورقية لا يغطيها لا رصيد من القدرة الإنتاجية أو من الذهب والعملات الصعبة التي ليست دولها في عين عاصفة الأزمة الإقتصادية. في الوقت الذي كثرت فيه التقارير عن بداية نهاية الأزمة العالمية والتي روجت لها وسائل إعلام كبرى تحسب على اللوبيات المعروفة بدفاعها المستميت عما يصفة البعض بالليبرالية المتوحشة، تم الكشف عن مؤشرات تدهور خطرة في الاقتصاد العالمي، ولكنها لم تلق نفس الدعاية والإبراز من طرف وسائل الإعلام المهيمنة على الساحة الدولية. إفلاس ذكرت شركة التأمين على الودائع الاتحادية «إف دي آي سي» التي تضمن الودائع الادخارية لنحو 8200 مصرف أمريكي، أن هناك 552 مصرفا واجهت مشاكل في نهاية سبتمبر 2009 الماضي، وان هناك مئات أخرى من المصارف الأمريكية مهددة بالانهيار. وأشارت الشركة الى أن مدير صندوق النقد الدولي دومينيك كان قد أقر أن 50 في المائة من خسائر المصارف في العالم يتم إخفاؤها. من جانبها توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تأسست عام 1960، وتضم ثلاثين دولة من الدول التي تلتزم بما يسمى إقتصاد السوق الحر، ومقرها العاصمة الفرنسية باريس، أن تظل البطالة مرتفعة في الولاياتالمتحدة وأوربا حتى عام 2011 على الأقل، وأوضحت في تقريرها أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يصبح التعافي قويا بشكل كاف لتقليل معدل البطالة في الدول الأعضاء التي تعد أقوى الاقتصادات العالمية. وقدرت المنظمة أن البطالة الأمريكية ستتراجع إلى أقل من 10 في المائة، في الربع الثالث من عام 2010، وستبقى عند مستوى 9 في المائة، أو أعلى حتى نهاية عام 2011، وقدرت أن يرتفع معدل البطالة في منطقة اليورو إلى نحو 11 في المائة في سنة 2010 على أن يبقى قرب المستوى نفسه حتى عام 2011. يوم الجمعة 4 ديسمبر 2009 أغلق منظمون ستة بنوك أمريكية آخرى ليصل مجمل عدد البنوك التي افلست 130 سنة 2009، في الوقت الذي استمرت فيه صناعة البنوك في المعاناة تحت وطأة تدهور القروض. ومن المتوقع ان تواصل البنوك الصغيرة الاخفاق بوتيرة مرتفعة حتى سنة 2010. وقالت الهيئة الاتحادية لتأمين الودائع التي تحمي الحسابات المصرفية ان إنتعاش صناعة البنوك سيتخلف عن الاقتصاد العام. عودة الى ممارسات الأزمة في بداية شهر ديسمبر 2009 قدم الإقتصادي توني جاكسون مؤشرا يعضد هؤلاء الذين يؤكدون أنه لا تعافي حقيقي للإقتصاد العالمي حيث كتب: «كان هناك ما يبعث الرعشة في القلب في الأنباء التي ذكرت في شهر ديسمبر 2009 أن مصرفيي الولاياتالمتحدة استأنفوا عاداتهم غير القديمة المبالية، التي درجوا عليها إبان فقاعة الائتمان. وذلك في تقديمهم القروض إلى شركات الأسهم الخاصة، حسبما يبدو، حيث أنهم يصدرون مرة أخرى ما كان يطلق عليه القروض المقدمة بقيود أقل على الضمانات وشروط السداد التي يقدمها المقترض، والقروض التي يتم سدادها بواسطة السلع والخدمات، وليس السيولة، وبذلك يتم تحرير المقترضين من شروط مزعجة، وبإمكانهم دفع الفوائد السنوية على قروضهم باقتراض المزيد بكل بساطة ودون الإعتماد على الأسس الإقتصادية المتعامل بها تقليديا. ويجري كل هذا، في وقت تنزلق فيه الشركات التي استحوذت عليها شركات الأسهم الخاصة في الجولة الأخيرة إلى مستوى التخلف عن السداد بأرقام قياسية. وبإستعارة عبارة الساخر، توم ليهرر، فإن الأمر يجعل الرجل فخورا بأن يكون مصرفيا. الفكرة الأوسع نطاقا هي أن العمل يجري كالمعتاد. وما عليك سوى التفكير في المكافآت. ويبدو المصرفيون، بصدق، محتارين بسبب فكرة أن عليهم قبول الأقل، نتيجة عدد قليل من الحوادث المأسوف عليها، التي من الأفضل نسيانها الآن. الأجواء ذاتها، الغريبة إلى حد ما، تسيطر على عالم الإستثمار كذلك. ليس فقط أن المستثمرين يدركون أنهم في فقاعة أخرى، بل يبدو أنهم لا يبالون أيضا. ويبدو الأمر كما لو أن الناجين من الحرب العالمية الأولى توقفوا برهة لتناول فنجان من الشاي والجلوس، أثناء اندفاعهم للدخول في حرب عالمية ثانية. إن الأسباب الموضوعية لهذا الوضع مألوفة على نحو كاف: أسعار فائدة حقيقية في القاع بشكل متواصل وفيضان سيولة من جانب الحكومات، وما إلى ذلك. غير أن المسألة الأكثر تشويقا تتعلق بالسلوك. وبالمعنى الحرفي، ماذا يعتقد هؤلاء الأشخاص أنهم يفعلون؟. لنبدأ بمستثمري المحافظ. عرض أنتوني بولتون، مدير الصندوق البريطاني المحنك، الذي خرج من فترة التقاعد ليؤسس متجرا في هونك كونغ، بعض النقاط المضيئة في مقال رأي نشر أخيرا على موقع «فاينانشيال تايمز» الإلكتروني. قال بولتون إن من المرجح أن تتجه الأسهم الصينية نحو فقاعة. لكن حسبما علق صديق آسيوي عليه، الفقاعة هي ما تصفه إذا فشلت في الدخول منذ البداية. وإذا دخلت فعلا، فإنها تكون سوقا صاعدة. إضافة إلى ذلك، حسبما قال، تشير الخبرة إلى أن الفقاعات تدوم في العادة عدة سنوات. وبالنسبة لأولئك الرافضين بحذر، ربما يبدو الأمر مغامرة، لكنك لا تستطيع القول إن المنطق في ذلك خاطئ. كذلك يستحق الأمر التفكير في كيفية احتمال تطبيق ذلك على المستثمرين بشكل عام. ويجب أن يكون المبدأ الأساسي هو أننا نستطيع جميعا المخاطرة، وسنعرف جميعا متى يجب أن نتوقف. وبطبيعة الحال في ذلك الوقت سيكون هناك مشترون راغبون. غير أن تفكير بولتون ليس استثنائيا. ففي السنوات الأخيرة أصبحت الأسواق العالمية متقلبة للغاية بحيث أصبح اكتشاف الفقاعة المقبلة واستغلالها هو اللعبة السائدة. وبناء عليه، إذا حذر المختصون في الطفرات من أن فقاعة ما تتشكل، لا يجب أن يؤخذ هذا التحذير وكأنه تهديد، بل وعد بالأمل. كل ذلك يبدو مفقودا لدى صانعي السياسة. ولنأخذ غوردون براون الذي تشكلت لديه قناعة حين كان وزيرا لمالية بريطانيا وفي السنوات الجيدة بأنه ألغى الطفرات والانفجارات. وحين يصر السياسيون الآن على أن الأزمة الأخيرة يجب ألا تحدث مرة أخرى، فإن المرء يميل إلى القول إن عليهم أن يكثروا من الخروج إلى العالم الحقيقي. أما بالنسبة للمصرفيين، فيبدو أن هناك عاملا نفسيا آخر يعمل: شعور قوي بالتنوير. ويعزز ذلك دون أدنى شك، نوعا من التفكير الجماعي، إذ يميل أولئك الذين يقبضون شيكات رواتبهم بالملايين إلى مرافقة الأشخاص الذين يشبهونهم في التفكير ممن يدركون ذلك. نقل المخاطر ويقول د. سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري السعودي: إن حوادث الأسابيع الماضية أوضحت أنه بينما قامت البنوك بالتحول إلى خفض مخاطرها من خلال الاستثمار مباشرة والاستغناء عن دور الوسيط، إلا أنه بلا شك لا يمكن إلغاء المخاطر تماما. ويمكن القول إن هذه المخاطر تم نقلها إلى عناصر أخرى في النظام المالي مثل صناديق التحوط، وصناديق التقاعد والتأمينات، والتي ربما كانت أقل كفاءة لإدارة هذه المخاطر. أما بالنسبة للبنوك والتي يعتقد أنها أصبحت أكثر أمنا نتيجة التحول من دور الوسيط إلى الاستثمار، فإنها تواجه الآن زيادة في انكشافها على المخاطر، والبعض منهم يتحمل هذه المسؤولية في التزامات خارج الميزانية العمومية، والتي لا يمكن إعادة تمويلها. والأخرى تركت في حوزتها ديون كبيرة من أجل شراء الأسهم بأموال مقترضة، والتي تعهدوا بتغطية هذه الإصدارات، إلا أنهم لا يستطيعون مشاركة هذه المديونية مع مؤسسات أخرى في أوضاع السوق الحالية. وبمعنى آخر فإنه يجرى المقامرة بأموال من يوصفون بالطبقة الوسطى لتحقيق ربح يقطفه اللاعبون أو خسارة يتحملها الفقراء، فهكذا كان دائما منطق الليبرالية المتوحشة. في الوقت الذي يعيد فيه أنصار الليبرالية المتوحشة ممارسات كانت جزء من أسباب الزلزال الإقتصادي الدولي الذي هز العالم بداية من أكتوبر 2007، قدمت منظمة العمل الدولية دلائل تجريم في حقهم حيث أكدت في تقرير صادر عنها يوم الاثنين 7 ديسمبر 2009، أن الأزمة الاقتصادية العالمية تسببت خلال عام فقط، في إلغاء وشطب ما لا يقل عن 20 مليون وظيفة، وحذرت المنظمة من أن ملايين أخرى من الوظائف قد تلغى إذا عجلت الدول بوقف برامج الحفز الاقتصادي. وقالت المنظمة -وهي إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة- في تقريرها المنشور تحت عنوان: «أزمة الوظائف العالمية وما وراءها»: إن البيانات التي قدمتها 51 دولة تظهر أن 20 مليون شخص على أقل تقدير، سرحوا من وظائفهم منذ شهر أكتوبر من العام الماضي 2008. وقال «ريموند توريس» أحد أبرز كاتبي التقرير مستعرضا النقاط الأساسية فيه: إن نهاية أزمة الوظائف العالمية لا تزال بعيدة على عكس ما يشاع هنا وهناك، وإنه لهذا السبب من المهم جدا تجنب الانسحاب مبكرا من خطط الحفز الاقتصادي التي اعتمدتها دول كثيرة في العالم، لمجابهة أسوأ ركود اقتصادي يضرب العالم بأسره منذ ثلاثينات القرن الماضي. وأن تحيق تعاف اقتصادي ممكن فقط إذا تعافى قطاع العمل. وزيادة على ذلك تقدر منظمة العمل الدولية بخمسة ملايين عدد الوظائف التي ستصبح عرضة للشطب إذا تم وقف برامج الحفز مبكرا، وأشارت أيضا إلى أن حوالي 43 مليون شخص - بمن فيهم عاطلون أوقفوا البحث عن وظائف- معرضون للخروج من سوق العمل مستقبلا. وتوقع التقرير ألا تعود معدلات التوظيف في الدول المتقدمة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة حتى 2013 إلا إذا إتخذت إجراءات حاسمة لإيجاد الوظائف، وفي المقابل توقع التقرير أن تتعافى أسواق العمل في الدول الصاعدة والأقل نموا بحلول 2011. ورفعت الأزمة معدلات البطالة في الولاياتالمتحدة إلى مستويات لم تسجل منذ أكثر من 25 سنة إذ تعدت ما نسبتها ال 10 في المائة. خطورة الدين العام بموازاة مع ذلك قال بيير كارلو بادوان نائب المدير العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في حديث لصحيفة ايطالية نشرته يوم الأحد 6 ديسمبر 2009 أن الدول صاحبة الدين العام المتزايد تعرض استدامة تعافيها الإقتصادي من الازمة المالية العالمية للخطر خلال السنوات المقبلة. وأضاف بادوان لصحيفة «كورييري ديلا سيرا»، «الانتعاش قد يكون أقوى من المتوقع. ولكن ذلك لا يعني أنه سيكون أكثر استدامة... هذا النمو هو نتيجة سياسات الدعم العامة من جميع الانواع وليس مدعوما بنشاط خاص». وقال بادوان ان الدين الذي تراكمه بعض الحكومات لانعاش الإقتصاد ربما يصبح غير قابل للإستدامة وقد يكون ارتفاع عدد المواطنين المسنين أحد أسباب ذلك. وتابع أن أثر الإجراءات التي إتخذتها الحكومات سيكون محسوسا العام القادم ولكن الطلب من القطاع الخاص لن يكون كافيا حتى في 2011. دفاع في رد على المحذرين من أن ما يوصف بالإنتعاش ليس سوى وهم، جاء في ديسمبر 2009 التقرير الأسبوعي للمجموعة الدولية للوساطة المالية ليدافع عن السياسة المتبعة منذ سنوات رغم أنها قادت إلى الأزمة، حيث أفاد في رصده لحركة أسواق المال العالمية، أنه وبعد أن تسببت ازمة ديون دبي في إشاعة هلع في أسواق المال العالمية عادت الثقة للمتعاملين، بعد ان اظهرت بيانات حكومية تؤكد تراجع نسبة البطالة في الاقتصاد الأمريكي الى 10 في المائة خلال الشهربن الماضين وهو ما فاجأ حتى أكبر المتفائلين، ودفع الرئيس اوباما الى التحذير بان الطريق لا يزال طويلا للتخلص من آثار الازمة المالية، وأنه لا يجب الإفراط في التفاؤل، كما سارع الرئيس الأمريكي الى تذكير البنوك الأمريكية بأن عليها واجبا في دعم الانتعاش الاقتصادي يتمثل في تنشيط حركة الإقراض للافراد والشركات، وكانت بيانات اخرى قد أظهرت ان مخزونات الشركات من البضائع قد ارتفعت لاول مرة منذ عام في اشارة الى قيام الشركات الامريكية بزيادة الإنتاح تحسبا لارتفاع الطلب، وهي علامة ايجابية على عودة الانتعاش للصناعة الامريكية. وكان الدولار أكبر المستفيدين من البيانات الاقتصادية الايجابية حيث حقق مكاسب واضحة أمام الين واليورو، مع تزايد توقعات المتعاملين من قيام مجلس الاحتياط الفدرالي برفع الفائدة على الدولار نتيجة تحسن اوضاع الاقتصاد الامريكي. وتراجع الذهب عن مستوياته القياسية في حين حافظ النفط على مستوياته المرتفعة فوق 75 دولارا للبرميل. وذكر تقرير لوزارة العمل الامريكية ان ارباب العمل استغنوا عن 11 ألف وظيفة خارج القطاع الزراعي في نوفمبر 2009 بينما كانت الاسواق تتوقع ان تصل خسائر الوظائف إلى 130 ألفا. واثار التقرير تكهنات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي ربما يزيد اسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان معتقدا في بادئ الامر. ومن شأن ذلك ان يزيد عوائد الاصول المقومة بالدولار ويجعلها مرة اخرى أكثر جاذبية للمستثمرين. المنتصرون الواقع أنه في المواجهة بين أنصار الليبرالية والمتوحشة والداعين الى أنظمة إقتصادية أكثر إنسانية وعدالة في توزيع الثروات والمكافاءات على أساس يأخذ العامل تعويضا يقابل الجزء الأكبر من قيمة عمله، تعطي تقلبات الأزمة العالمية سلاحا لكلا الطرفين. المنتصر اذا كان من أنصار الليبرالية المطلقة «المتوحشة» سيقول هذا هو السبيل الى الإزدهار وسيجني الجميع مع مرور الوقت ثماره، ولكن الطرف الخاسر سيؤكد أن الإزدهار صوري وينفع أقلية ويتم على حساب الأضعف محليا ودوليا وهو تكرار لممارسات الإستعمار بصورته القديمة ولكن بأدوات أكثر حداثة وتلاؤما مع حاجيات القرن الحادي والعشرين. خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2009، سرت مخاوف في أسواق المال العالمية بشأن الوضع المالي لعدد من الحكومات بعد أن أعادت تخفيضات للتصنيف الائتماني إلى الذاكرة هشاشة الانتعاش الاقتصادي في العالم. فقد خفضت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الإئتماني تصنيف اليونان إلى أقل مستوى في كل دول منطقة اليورو، ما زاد القلق بأن تصنيف هذا البلد قد يشعل أكبر أزمة نقدية واجهها الاتحاد في عمره البالغ عشر سنوات. وفي الوقت نفسه خفضت مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني بشكل أكبر الشركات التابعة لحكومة دبي، وقالت إن تصنيف بريطانيا قد يكون في خطر إذا لم تسرع الحكومة البريطانية إلى خفض العجز في موازنتها. وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن وضع اليونان قد يمثل مشكلة للبنك المركزي والاتحاد الأوروبي، فإما أن ينقذ عضو منطقة «اليورو» أو أن تترك أثينا لتغرق في أزمة ديون. فالخيار الأول يقلل الضغوط التي تحمل الدول الأعضاء على الالتزام بسياسات مالية محددة، وأما الثاني فقد يؤدي إلى نزع الثقة من التجربة النقدية للإتحاد الأوروبي. أما عن بريطانيا فأكد زعيم حزب المحافظين ديفد كاميرون أن معالجة عجز الموازنة البريطانية الكبير ضروري، لكن التحرك بسرعة كبيرة لخفض الإنفاق قد يهدد الانتعاش الضعيف. وكان رد فعل المستثمرين على هذا القلق التراجع عن الاستثمار في الأصول الأكثر خطورة مثل اليورو والجنيه الإسترليني كما انخفضت سندات الدول التي قد تتعرض للمخاطر. وزاد وزير المالية الروسي من مشاعر القلق عندما قال إن بلاده «لا تزال حلقة ضعيفة» في الإقتصاد العالمي، وقد تتعرض للمخاطر في حال تغير إتجاه تدفق الأموال الحالي إليها بسبب ارتفاع أسعار النفط. وستتجه موسكو إلى الاقتراض في الأشهر القادمة لأول مرة منذ التخلف عن سداد قروض حكومية عام 1998، ما أثار مخاوف مالية في السوق. الإتحاد الأوروبي والأزمة يعد اليورو نقطة ارتكاز التوجه الأوروبي نحو إتحاد سياسي، لكن منتقدين طالما حذروا بأن الوحدة النقدية لا يمكن أن تدوم دون إنشاء مؤسسات سياسية أوروبية قوية على مستوى الاتحاد. ويهدد وضع اليونان بخلق أول تصدعات حقيقية في العملة الأوروبية منذ إنشائها عام 1999. يذكر أن للاتحاد الأوروبي عملة واحدة وسياسة نقدية، لكن كل عضو من الأعضاء ال16 في منطقة اليورو لديه سياسة مالية خاصة به. وتتوقع المفوضية الأوروبية أن يصل العجز في موازنة اليونان إلى 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي صعودا من المتوسط العام لدول منطقة اليورو وهو أقل من 7 في المائة. كما يصل حجم الدين الحكومي لليونان 112 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يصل إلى 130 في المائة قبل أن يستقر، حسب مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني. وخفضت فيتش التصنيف الائتماني للحكومة اليونانية إلى «بي بي بي زائد» بسبب ما قالت إنه عجز الحكومة عن السيطرة على العجز. وتعاني أيضا البرتغال وأيرلندا وإسبانيا من ارتفاع الديون وضعف الاقتصاد، ما قد يؤدي إلى انتشار العدوى في حال قرر المستثمرون الهروب من اليونان. ويقول «سايمون تيلفورد» كبير الاقتصاديين في المركز الأوروبي للإصلاح، وهو هيئة استشارية مقرها لندن، إن الوضع الحالي يثير التساؤل حول عضوية منطقة اليورو. ويضيف تيلفورد أنه «طبقا للاتجاهات الحالية سينتهي المطاف إلى ركود وتوترات سياسية في منطقة اليورو، وفي السيناريو الأسوأ إلى أزمات مالية وانخفاض الدعم السياسي لاستمرار العضوية في الاتحاد». وقد بدأ المستثمرون في التخلي عن اليورو يوم الثلاثاء 8 ديسمبر 2009 بعد خفض تصنيف اليونان الائتماني. وقال رئيس قسم إستراتيجية العملات العالمية في بنك «باركليز» الاستثماري في لندن «ديفد وو» إن حكومة اليونان تواجه حاليا انتقادا شعبيا وارتفاعا في تكلفة القروض، مما يزيد الضغوط على الحكومة اليونانية لتصحيح سياساتها. وتسلط مشكلة اليونان الضوء على عدم وجود آليات لدى الاتحاد الأوروبي لضمان عدم فقدان السيطرة على ديون الدول الأعضاء. وتستطيع المفوضية الأوروبية فرض عقوبات على أثينا، لكن ذلك سيزيد الأمور تعقيدا. وتتحول الأنظار إلى الولاياتالمتحدة وبريطانيا اللتين تتمتعان بتصنيف «3 أي»، لكن مؤسسة «موديز» حذرت من أن الدولتين تواجهان احتمال خفض تصنيفهما الائتماني في حال عدم اتخاذهما إجراءات لكبح العجز. رسائل تحذير الذين لا يرغبون في إدخال تعديلات جذرية على أسس الإقتصاد العالم رغم أنهم من يعتبرون الأكثر تفاؤلا من غير مبرر، يبعثون برسائل تحذير، ويرغبون أن تكون محفزا على نجاح تجربتهم وإن كان على الأقل لسنوات آخرى قادمة. فهم يقولون أن عام 2010 يحمل تحديات كبيرة للعاملين في حقل الإقتصاد في مختلف أرجاء العالم، سواء بالنسبة للحكومات أو للقطاع الخاص، وهم يقولون أن على قادة دول العالم اتخاذ قرار بشأن سحب برامج الإنفاق الحكومي الضخمة التي تقررت سنة 2009 للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية والتي أدت إلى عجز كبير في ميزانيات تلك الدول. حيث أن العديد من الشركات مازالت تعتمد في إزدهار نشاطها على برامج الإنفاق الحكومي، وستواجه هذه الشركات ضرورة التخلي عن المساعدات الضخمة التي حصلت عليها من الحكومات، والتي شكلت حوالي 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعالم خلال العام. ويقتضي التحرك من الحكومات الانتظار فترة طويلة حتى تتيح لتعافي القطاع الخاص سد الفجوة القائمة في الاقتصاد قبل سحب برامجها الإنفاقية، حيث أن السحب السريع لتلك البرامج يمكن أن يؤدي إلى ثغرات خطيرة تهدد بعودة الأزمة الاقتصادية، بأقوى مما كانت عليه. ويقال أن مجموعة العشرين لكبرى الاقتصادات العالمية ستتولى مراقبة السياسات الحكومية، في مجال التحفيز الاقتصادي لضمان حدوث تعاف سليم ومنع حدوث أزمات خطيرة. وسيلعب صندوق النقد الدولي دور المرجعية في هذا الصدد. وفي أخر تقرير له عن حالة الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي، نمو اقتصادات الدول المتقدمة بنسبة 1،3 في المائة خلال عام 2010 بعد انكماشها بمعدل 3،4 في المائة خلال سنة 2009. في المقابل، تقدم الاقتصادات الصاعدة الرئيسية، مثل الصين والهند، الجزء الأكبر من نسبة نمو الاقتصاد العالمي حيث من المتوقع نمو الاقتصادات الصاعدة بشكل عام بنسبة 5،1 في المائة سنة 2010، كما يتوقع الصندوق نمو اقتصاد الصين في 2010 بنسبة 9 في المائة والهند بأكثر من 6 في المائة. تحول المركز يقول راينر غونترمان، كبير خبراء الاقتصاد الأوروبي، في مجموعة «كوميرتس بنك» المصرفية الألمانية العملاقة: «هناك إجماع على أن الاقتصادات الصاعدة ستلعب دورا مهما ومتناميا في الاقتصاد العالمي». وأضاف «ستنمو الاقتصادات الصاعدة «العام المقبل» بصورة أقوى من الدول الصناعية، ولكن هناك خطر التعثر في تلك الدول «الصاعدة» «ففي الصين بشكل خاص، هناك خطر النمو الزائد عن الحد للاقتصاد نتيجة التوسع السريع في الإقراض داخل السوق المحلية». وفي حين تمتلك الهند قدرات اقتصادية كبيرة ، يقول جونترمان إنها تواجه مخاطر إقليمية كبيرة ترتبط بباكستان وأفغانستان. وجاء ظهور مجموعة العشرين، بإعتبارها المنتدى العالمي الرئيسي لمناقشة القضايا الإقتصادية وكبديل لمجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى، إشارة واضحة على أن اقتصادات صاعدة، مثل الصين والهند والبرازيل، صارت تلعب دورا سياسيا متناميا يعكس نموها الاقتصادي. بيد أن هناك حاجة لتحول أكبر، وأكثر صعوبة، ففي ظل اتجاه المستهلكين الأمريكيين إلى الادخار، توجه الولاياتالمتحدة رسالة إلى الآخرين مفادها إنها لم تعد القوة الوحيدة القادرة على قيادة نمو الاقتصاد العالمي. في الوقت نفسه، يتعين على الدول آسيا الصاعدة إيجاد السبل الكفيلة لزيادة الطلب المحلي، وسيلة لنمو اقتصاداتها، بدلا من الاعتماد على التصدير. كما تواجه الصادرات اليابانية خطر تداعيات ارتفاع قيمة الين أمام العملات الرئيسية الأخرى في العالم ، وهو ما يمثل عقبة كبيرة في طريق تعافي ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد ارتفع الين الياباني في نوفمبر 2009 الى أعلى مستوياته أمام الدولار خلال 14 شهرا. وتواجه الصادرات الاوروبية المشكلة نفسها، حيث ارتفعت قيمة العملة الاوروبية «اليورو» بنسبة 20 في المائة أمام الدولار خلال الشهور الاولى من سنة 2009. طريق شاق وفي الولاياتالمتحدة، يدرس الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأعضاء الكونغرس حاليا إمكانية ضخ المزيد من الأموال العامة في سوق التوظيف المتعثرة. وقال رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي «البنك المركزي» الأمريكي بن برنانكي، إن التعافي الاقتصادي الطفيف الذي تشهده البلاد في الوقت الحالي ليس مستقرا، وحذر من أن ارتفاع معدل البطالة سيظل لبعض الوقت. وقال بن برنانكي في كلمة أمام النادي الاقتصادي في واشنطن «رغم أننا بدأنا نرى بعض التحسن في النشاط الاقتصادي، لايزال أمامنا طريق طويل قبل أن نستطيع التأكيد على أن التعافي صار قادرا على ان يستمر ذاتيا». وذكر برنانكي إنه يبدو أن التحسن في الإنفاق الاستهلاكي للأمريكيين اعتمد بشكل أساسي على برامج التحفيز الاقتصادي الحكومية، مضيفا أنه يتوقع نموا طفيفا للاقتصاد خلال العام المقبل، والذي سيكون كافيا لخفض معدل البطالة، ولكن بوتيرة بطيئة. الحديث عن تعافي الإقتصاد الأمريكي يخفي في طياته الكثير من المغالطات حيث أنه في الدولة التي توصف بالقوة الأولى في العالم إقتصاديا وعسكريا تعيش ملايين العائلات الأمريكية تحت غائلة الفقر والجوع، مشردة في شوارع كبرى المدن الأمريكية، حيث تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في نسبة المتشردين سنة 2009، وصل إلى 15 في المائة مقارنة بسنة 2008، وذلك على خلفية ارتفاع نسبة البطالة وأسعار المواد الغذائية وارتفاع تكاليف السكن في مقابل انخفاض الأجور. وكشف مؤتمر العمد الأمريكيين في تقرير له حول وضع الجوع والتشرد في 27 مدينة أمريكية أن نسبة الأسر المشردة في المدن الأمريكية ارتفع بنسبة 7 في المائة والأفراد المشردين بنسبة 7 في المائة، فيما ازداد عدد المتقدمين بطلبات للحصول على مساعدات لمكافحة الجوع في المدن الأمريكية بنسبة 26 في المائة، وهي أكبر زيادة منذ عام 1991، ومن المتوقع أن تسجل هذه الاحصائيات معدلات قياسية بحلول عام 2010، حيث سيكون من الصعب مواجهة الطلب المتزايد على الطعام. وأفاد المسح، الذي شمل 24 مدينة أمريكية، أن 83 في المائة من هذه المدن شهدت زيادة ملحوظة في عدد المشردين الذين لم يجدوا مأوى في العام الماضي، بينما سجلت 19 مدينة، زيادة في التشرد الأسري، ففي لويزفيل، في ولاية كنتاكي «جنوب»، على سبيل المثال، ارتفع عدد الأسر التي طردت من منازلها بنسبة 58 في المائة ليبلغ 931 عائلة مقابل 591 قبل عام واحد، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وزيادة تكلفة الرعاية الصحية والتنقل والطاقة. وفي بوسطن وماساشوستس وبروفيدانس ورود آيلند يعود الارتفاع في عدد الأسر المشردة إلى الطرد القسري بعد أن استولت البنوك على منازلهم لأنهم لم يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم تجاه الرهون العقارية. وتشهد المدن الأمريكية ارتفاعا كبيرا في طلبات المساعدات الغذائية، لأول مرة، من قبل أسر الطبقة المتوسطة التي كانت، في السابق، تتبرع بمساعدات غذائية، واليوم أصبح من المستحيل عليها تأمين الطعام في وقت شهدت فيه أسعار المواد الغذائية ارتفاعا بنسبة 30 في المائة بينما لم يطرأ أي ارتفاع على الأجور بل إن بعضها انخفض نتيجة الأزمة الاقتصادية. وكانت وزارة الزراعة الأمريكية قد كشفت في تقرير لها أن نحو 49 مليون رب أسرة أمريكي، ما يعادل سدس السكان، عانوا من الجوع في فترة ما خلال عام 2008، ما يمثل رقما قياسيا منذ بدء الولاياتالمتحدة برصد مستوياتها من الأمن الغذائي في عام 1995. وتشير فيكي إيسكررا، رئيسة «إطعام أمريكا»، كبرى منظمات المعونة الغذائية في الولاياتالمتحدة، إلى أنها تشرف على نحو 200 «بنك طعام» يطعم أكثر من 25 مليون شخص سنويا، مؤكدة أن الوضع يزداد تدهورا. على حافة الهاوية في القارة الأوروبية بما فيها دول الإتحاد الأوروبي وآسيا الوسطى، لا تبشر الأشهر المقبلة بتراجع تأثير الأزمة الإقتصادية العالمية رغم كل ما يقال عن خروج العالم من عنق الزجاجة الخانق. ففي دراسة عرضها البنك الدولي يوم الاثنين 8 ديسمبر 2009 في صوفيا، سيزيد عدد الفقراء في اوروبا واسيا الوسطى اكثر من عشرة ملايين بحلول العام 2010. وثمة 23 مليون شخص اخرين قد تسوء اوضاعهم الاقتصادية الى درجة محاذاتهم خط الفقر. وقال لوكا بابوني مدير قسم خفض الفقر في البنك الدولي ان عدد الفقراء او المهددين بالفقر سيصل الى 153.6 مليون شخص في مقابل 119.3 مليون قبل حدوث الازمة في العام 2008 في اوروبا وآسيا الوسطى. وبحسب التقرير من المتوقع عودة نسبة عشرين في المائة كانوا تجاوزوا الفقر بين عامي 1998 و2006 الى دائرة العوز وهؤلاء في غالبيتهم من العمال الذين افادوا من فورة القروض والعمران خلال هذه الفترة. ولا يقتصر تأثير الازمة على ارتفاع نسب البطالة ذلك أنها تتسبب برفع الاسعار وتمنع الناس عن تسديد القروض وهي في الاجمال بالعملات الصعبة. وفي العام 2009، ارتفعت نسبة العائلات العاجزة عن تسديد سندات القروض عشرين في المائة في لاتفيا والمجر. ويعتبر البنك الدولي ان الازمة وبنتيجة توسعها عالميا منعت اللجوء الى الحلول التقليدية مثل الهجرة والبحث عن وظيفة اضافية او الاقتراض من اجل المحافظة على مستوى الحياة عينه. وساهمت الازمة ايضا وعلى نحو كبير بخفض الاموال التي يحولها العمال المهاجرون الى دولهم وتشكل عشرين الى خمسين في المائة من اجمالي الناتج المحلي في مولدافيا وطاجيكستان وقرغيزستان على ما يقول التقرير. ويحدد خط الفقر في الإجمال بنصف متوسط عائدات المواطنين في بلد معين. السؤال هو هل يتبدل العالم أم تفرض الكارثة نفسها؟.