الخط : إستمع للمقال — لعلها المرة الأولى في تاريخ القمم العربية التي تبادر فيها دولة عضو في الجامعة العربية إلى عقد قمة مباشرة بعد قمة أنهت أشغالها للتو.. والسبب «نفسية» الرئيس المجروحة كما سنرى! — فاجأت دولة الجزائر كل الذين يتابعون الوضع في الشرق الأوسط والعالم العربي بالنزعة الغرائبية التي تتحكم في ردود فعلها الديبلوماسية. وآخر ما جادت به عبقريتها المهزوزة ما نقلته صحيفة «العربي الجديد» عن دعوة الجزائر إلى «اجتماع عربي موسع للدول المعنية بالقضية الفلسطينية بعد عيد الفطر، تهدف إلى صياغة رؤية تضمن مشاركة كافة الأطراف العربية الفاعلة في جهود حل الأزمة في غزة وتفعيل مبادرة السلام العربية والعمل على تحريك حل الدولتين»! وهي الدعوة التي كشفت عنها مصادر ديبلوماسية للصحيفة .. عشية اختتام القمة التي دعت إليها مصر يوم 4 مارس الجاري. ولعلها المرة الأولى في تاريخ القمم العربية التي تبادر فيها دولة عضو في الجامعة العربية إلى عقد قمة مباشرة بعد قمة أنهت أشغالها للتو.. والسبب «نفسية» الرئيس المجروحة كما سنرى! هذا التحرك الأرعن، يعود إلى ردة فعل غير محسوبة من طرف النظام الجزائري على ما سماه تغييب قيادته عن اجتماعات مصغرة «غير رسمية» كانت قد دعت إليها العربية السعودية قبل انعقاد القمة ضمت دولا خليجية ومصر والأردن في إطار التحضير للقمة في مصر. ومهما كان الموقف من هذه القمة المصغرة، فإن الجزائر سمحت لنفسها بالتدخل في قرار سيادي لدول عربية معروفة بتقارب وجهات نظرها. بل، وذهب الموقف إلى حد بناء قرارها بعدم حضور رئيسها عبد المجيد تبون قمة القاهرة.. ومن غرائب الديبلوماسية الجديدة للقوة الضاربة أن الجزائر عللت غياب رئيسها بمبررات مضحكة مبكية تارة تعتبر أنها غاضبة من »احتكار المسار التحضيري للقمة من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة المرتقبة بالقاهرة» وتارة ترد الأسباب إلى مسألة نفسية ومزاجية، ولعلها هي الأقرب في فهم سلوك الساكن في قصر المرادية ومن يحركه، عندما نشرت وكالة الأنباء الجزائرية ما يشبه بيان الغياب، من خلال القول إن «رئيس الجمهورية (تبون)، قد حزّت في نفسه (كذا) طريقة العمل، التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى».. والظاهر أن تبون عبد المجيد بدأ ينصِّب نفسه وصيا على القضايا العربية وعلى قرارات الدول باسم فلسطين، والحال أن الفلسطينيين أنفسهم لم يحضروا هاته القمة المصغرة. وقد صبر أهل الميت من الفلسطينيين في حين أن «عزايات النظام» الجزائري لم يصبروا! وإذا كان لا أحد يمكنه أن يخمن إلى أين يمكن أن تصل «الهواية» المثيرة للدهشة عند نظام الدولة الجزائرية فإن العديد من المحللين يربطون بين عزلة النظام داخل الوسط العربي وبين مواقفه المتخبطة بالرغم من كل مزايداته. وقد اتضح ذلك من خلال القمة العربية التي احتضنتها الجزائر نفسها في مارس 2022. وهي القمة التي قدمت فيها دولة العسكر أبرز صور العزلة بالرغم من كل الطبول التي دقتها لإعلان النجاح، حيث أنها لم تستطع أن تفرض جدول أعمال القمة ولا أثرت في بيانها الختامي، إضافة إلى أنها بقيت بدون أي أثر في مواقف العرب. وقد علق أحد الطرفاء بالقول: إذا كانت الجزائر لم تستطع أن تنجح قمة فوق ترابها كيف لها أن تغضب من قمم في دول وأخرى لها وزنها الحقيقي إقليميا وعالميا مثل مصر والسعودية؟ وليس صدفة أن الجزائر لقيت نفس الاستبعاد من الدول العربية أثناء التحضير للقمة التي احتضنتها السعودية في 2023 والتي غاب عنها الرئيس الجزائري وقتها وكان من بين الأسباب المعلنة التحضيرات التي سبقت القمة حيث تم «إقصاء» الجزائر من اجتماع جدة الشهير الذي ناقشت فيه عدة دول مسألة عودة سوريا للجامعة العربية، على الرغم من أن الجزائر كانت رئيس دورة الجامعة على مستوى القمة آنذاك.. وبالرغم من أنها أرادت أن تجعل من عودة سوريا الأسد حصان معركتها للعودة إلى دائرة الفعل العربي.. وثالثة الأثافي أن الجزائر التي حرجت معزولة من القمة القاهرة سعت إلى تحوير اهتمام العرب عن ما ينتظرونه منها، بحيث عملت على تنسيق مجهوداتها مع تونس قيس يعد من اجل قمة مغاربية في ليبيا! وهو ما كشف نواياها الخبيثة بكون ما يهمها هو محاربة المغرب ومحاولة عزله اقليميا ولا تهمها فلسطين عموما ولا غزة الجريحة خصوصا! على كل اتضح أن العرب يردون الصاع صاعين للجزائر التي اختارت في فترة ما قبل سقوط نظام الأسد في سوريا (وتلك قصة أخرى) الانحياز إلى إيران والاصطفاف معها ومع المحور الذي كانت تقوده... وصدق عليها القول المأثور: سينكشف الغبار ونعرف: أحصان تحتك أم حمار!! الوسوم الجزائر المغرب فرنسا