ادت الثورات في عدد من الدول العربية الى انخفاض عائدات السياحة في الاردن الذي يعتمد اقتصاده الى حد كبير على هذا القطاع, حوالى 16 بالمئة في النصف الاول من العام الجاري بعدما تجاوزت ثلاثة مليارات دولار عام 2010. واشارت ارقام وزارة السياحة الى انخفاض الدخل السياحي بنسبة 9,15% بين كانون ثاني/يناير وتموز/يوليو الماضيين بواقع 18,1 مليار دينار (6,1 مليار دولار) مقابل 4,1 مليار دينار (نحو ملياري دولار) للفترة نفسها من 2010. وانخفض عدد زوار المملكة لنفس الفترة بنسبة 3,18% مقارنة مع العام الماضي ليبلغ 9,3 مليون سائح هذا العام مقابل 8,4 مليون عام 2010. وقال شاهر حمدان رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر الاردنية لوكالة فرانس برس ان "عائد المكاتب السياحية انخفض بشكل كبير حتى الآن بنسبة قد تصل 90% مقارنة مع العام الماضي". واضاف ان "الربيع العربي ووضع منطقة الشرق الاوسط على وجه الخصوص اثر بشكل سلبي على واقع السياحة في المملكة". وبحسب حمدان فان "النظرة السلبية في العالم الى المنطقة بان ما يحدث في تونس او بنغازي او القاهرة يحدث في عمان اثر بشكل سلبي على السياحة في الاردن". وتحدث عن "هبوط كبير في عدد الافواج السياحية من الدول الغربية", مشيرا الى انه "كان لدينا برامج مشتركة مع مصر وسوريا تأثرت بما حدث في مصر وعدم الاستقرار الحالي في سوريا وبالتالي الغي 70 بالمئة من تلك البرامج على الاقل". ويتفق نايف الفايز مدير عام هيئة تنشيط السياحة, مع حمدان ويقول لوكالة فرانس برس "لا شك ان الربيع العربي اثر سلبا على السياحة في الاردن". ويقول "رغم ان الوضع في الاردن مستقر وآمن, هناك اعتقاد خاطىء في الخارج بأن ما يحصل في الاردن من مظاهرات سلمية شبيه بما يحصل في المنطقة وهو مخالف للواقع تماما". واشار ايضا الى ان "ربط بعض الوجهات السياحية مثلا بمصر او سوريا بالاردن اثر كثيرا على السياحة في المملكة نتيجة الاحداث في كل من هذين البلدين". ويعتمد اقتصاد الاردن الذي يقارب تعداد سكانه 5,6 ملايين نسمة وتشكل الصحراء نحو 90% من مساحة اراضيه, الى حد كبير على دخل السياحة الذي يشكل نحو 14% من الناتج المحلي الاجمالي. وتمثل السياحة المصدر الثاني للعملات الاجنبية في الاردن بعد الحوالات المصرفية من عشرات الاف الاردنيين العاملين خارج المملكة, خصوصا في دول الخليج. ويقول محمود بدار الذي يدير شركة "علاء الدين تورز" لوكالة فرانس برس ان "عدد الافواج السياحية التي تعاملنا معها هذا العام تراجع حتى اللحظة بما يقارب 60% مقارنة مع 2010". ورأى ان "المنطقة لم تعد الوجهة المفضلة للسائح الاجنبي في الوقت الراهن بسبب الربيع العربي". واشارت جمعية الفنادق الاردنية في احصائية مؤخرا الى الغاء حجوزات حوالى 7700 غرفة فندقية لفئات ثلاث واربع وخمس نجوم بين شهري شباط/فبراير ونيسان/ابريل الماضيين. واوضحت ان "ثورتي تونس ومصر مرورا بالأحداث التي تشهدها دول المنطقة, اثرت بشكل سلبي على وضع السياحة في الوطن العربي بشكل عام". واضافت ان "تأثير هذه الاحداث توالى سلبيا حتى لامس قطاع السياحة في المملكة بشكل عام وقطاع الفنادق بشكل خاص, ما ادى الى تدني نسب الاشغال للأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام". وقال مسؤول في احد كبرى فنادق عمان فئة خمسة نجوم طالبا عدم كشف هويته ان "اغلب المجموعات السياحية كانت تأتينا من فرنسا بريطانيا واسبانيا وكنا نستقبل في فندقنا على الأقل مجموعتين الى ثلاث شهريا". واضاف لفرانس برس "لكن منذ نهاية يناير/كانون ثاني لم نستقبل اي مجموعة". واوضح ان "الوضع السياحي تأثر سلبا اولا نتيجة الاحداث في مصر وتأثر بشكل اكبر مع الاحداث في سوريا لان اغلب السياح لا يأتون الى الاردن فقط بل في رحلات تشمل الاردن وسوريا ومصر واحيانا لبنان اوالاراضي المقدسة". من جهته, قال حمدان "نحن لدينا البتراء والبحر الميت وجرش ومواقع تاريخية ودينية. لدينا مقدرات سياحية هائلة لو كانت لدى اي دولة اخرى بالعالم قد تكون الدولة رقم واحد في العالم سياحيا". واضاف "نعاني الآن من عدم وجود حجوزات سياحية لعام 2012 رغم كل الجهود الذي تبذل, فالحجوزات الحالية لا تشكل 10% من حجوزات العام الماضي". ولم يستبعد "اغلاق بعض المكاتب او تسريح بعض موظفيها ان استمر الوضع الحالي للعام القادم". واكد الفايز ان السلطات الاردنية "تسعى بكل جهد للتركيز على عام 2012 لنخفف من التأثير السلبي الذي خلفه الربيع العربي على واقعنا السياحي", مشيرا الى "حملة ترويجية وتعريفية في الخارج, يجب ايصال الصورة الحقيقية عن الوضع في الاردن بأنه مستقر وآمن". وكان قطاع السياحة في الاردن شهد نشاطا متصاعدا خلال السنوات القليلة الماضية. فقد ارتفعت عائدات هذا القطاع 20 بالمئة في 2010 مقارنة مع 2009 وبلغت رقما قياسيا هو قرابة 7,2 مليار دولار حتى ايلول/سبتمبر 2010. وبلغ الدخل السياحي للمملكة حتى نهاية ايلول/سبتمبر من ذلك العام 876,1 مليار دينار (64,2 مليار دولار) مقابل 563,1 مليار دينار (2,2 مليار دولار) للفترة نفسها من عام 2009.