مع اقتراب انتهاء أجل إيداع الترشيحات للانتخابات الرئاسية بالجزائر، تكون الأجنحة المتصارعة حول السلطة قد أكملت ما تبقّى من استعداداتها للدخول في المرحلة الحاسمة لخوض الرئاسيات. تم تحديد الأجل في مطلع شهر مارس القادم، على أن تجرى الانتخابات كما هو مقرر في أبريل. ومن المنتظر في هذه الأيام أن تحدث "انقلابات" تذهب ببعض الرؤوس السياسية خاصة بعد عملية التطهير التي شملت رؤوسا كبيرة في المؤسسة العسكرية، إلى جانب القنبلة التي فجّرها الضابط السابق في جهاز الاستخبارات، هشام عبود، بنشره كتابا يتحدث فيه عن فضائح عائلة بوتفليقة، والدعوى القضائية التي يكون قد رفعها سعيد بوتفليقة (أخ الرئيس) ضد الضابط المذكور بتهمة القذف وإهانة شرف عائلة رئيس الجمهورية. في نفس الوقت يتزاحم "أرانب" السباق على مكتب الترشح للانتخابات المذكورة لتسجيل أسمائهم. لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا: لفائدة من ستخوض هذه "الأرانب" السباق؟ هل لفائدة الرئيس المريض (بوتفليقة) الذي يقال إنه مصمم على الترشح لولاية رابعة؟ أم لفائدة غريمه الجنرال القوي توفيق؟ المراقبون يقولون إن الجنرال توفيق هو إنتاج خالص للنظام. فهل يتوفق توفيق في مسح بوتفليقة ليتربّع على كرسي الرئاسة في قصر المرادية؟ وما هو دور مديرية المخابرات والأمن التي هي أيضا من إنتاج نفس النظام؟وأيّ دور سيكون لعمّار سعداني ولجبهة التحرير الوطنية (حزب الرئيس بوتفليقة)؟ هل سيتم الاحتفاظ به للمرحلة القادمة أم سيتم التضحية به قبل إجراء الانتخابات؟ إن قراءة متأنية للوضع في الجزائر تفيدنا بأن النظام «وصل إلى نهاية صلاحيته.. ولم يعد ينتج، منذ فترة طويلة، إلا الأزمات المتتالية." أكثر من ذلك فإن "النظام لم يعد قادرا حتى على حلّ مشاكله الداخلية." وتضيف نفس الرؤية أن "الحروب" الخفية المرتبطة بالصراع حول السلطة وصلت حدا أصبح مخيفا، بمعنى أن الوضع في الجزائر إمّا سيبقى على ما هو عليه وإمّا أنه سينحدر نحو مزيد من الرداءة ومزيد من الفساد. إنه الغول الذي سيلتهم في طريقه اللواء توفيق، والفريق قايد صالح وما جاورهما من الضباط ، والرئيس بوتفليقة نفسه إلاّ إذا حدث ما يغيّر مسار قطار الأحداث التي تكاد تعصف بالبلاد. في هذه الأجواء البالغة الاضطراب والتوتر، وهي الأجواء التي دفعت الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا إلى إصدار تحذير لمواطنيها سواء العاملين في الجزائر أو الذين ينوون الذهاب إليها بأخذ كل الاحتياطات اللازمة لأمنهم وسلامتهم، يتم توجيه رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية تعبّر عمّا يشعر به المواطن الجزائري إزاء ما يجري أمام عينه. تقول هذه الرسالة: "في عهدات فخامتكم الثلاث التي تفوق سنواتها نصف عمري الآن، عشت كل أنواع الكوارث الطبيعية: زلازل، فيضانات وانهيارات جبلية، ولو كنا في منطقة بركانية نشطة، لكانت جمهورية البرقوق محيت من الوجود." و"علمت أن الرئيس يتفرغ لإرسال برقيات تهنئة بالأعياد الوطنية لدول لم يسبق لي أن سمعت بها خلال فترة نقاهة مفتوحة على حساب الخزينة العمومية." وتمضي الرسالة المفتوحة تقول: "علمت كذلك أن ربّ الدزاير يشاركه في الربوبية إله آخر، وإن حدث وتخاصما فجرا، وأصبح الربّ القوي السعيد كسير الجناح يستجدي بالقضاء الذي أفسده خلال سنوات حكمه الخفي فينتصر له من اتهامات صنّفته في خانة الشواذ. وهذه قصة تحيل على كلام لاحق." وتقف الرسالة عند محطة مرض الرئيس واستشفائه بفرنسا، قائلة: "في عهدتك، عرفت أنه من حق الرئيس صاحب إصلاحات قطاع الصحة أن يتعالج ويجري تحاليله البسيطة في مستشفى عسكري للمستعمر السابق، بينما تشتم ماري لوبين (زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بفرنسا) شعبا بأكمله.. ولا ينطق سلالك ولا أويحياك ولا لعمامراك (شخصيات سياسية جزائرية) سوى بشعارات بلهاء عن النيف الممرّغ في التراب." لعل هذه الرسالة تختصر الوضع المتردي الذي تعرفه الجزائر في عهد الولايات الثلاث التي يتم التبشير لصاحبها بولاية رابعة، رغم أن الذين يبشّرون بها يعرفون أن البلاد في حاجة لرئيس سليم من الناحية العقلية والبدنية لقيادة البلاد نحو شاطئ الأمان. وما زال الصراع يدور. حمادي الغاري