قال عبداللطيف وهبي رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أننا نختلف مع اجتهادات المجلس الدستوري ونعتبرها لم ترقى بعد للتطور الدستوري الذي تعيشه البلاد. وأضاف وهبي خلال الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، أن لجوءنا إلى المجلس الدستوري بواسطة الطعون ليس هدفا لنيل انتصارات سياسية وهمية، بل من أجل خلق تصرف ديمقراطي مؤسساتي دستوري. وأردف وهبي بالقول "أنا حزين وأنا أسمع رئيس الحكومة يصف سلوك لجوء المعارضة للمجلس الدستوري ب "التشيار"، هذا تفكير ليس ديمقراطيا لأن الذهاب الى المجلس الدستوري أو المحكمة الدستورية تصرف في صميم العملية الديمقراطية والثقافة والأخلاق الديمقراطية، أما أن نصف اللجوء إلى المجلس الدستوري بالعبث السياسي فهذا نوع من العبث الفكري". واعتبر وهبي أن الطعن الأخير في القانون المالي أمام المجلس الدستوري هو انتصار للجميع، لأنه جاء باجتهادات دستورية واضحة من المجلس الدستوري، حول نازلة التنصيب البرلماني للحكومة، وأعطانا قرارات دستورية ناتجة عن مؤسسة دستورية وليس قرارات شخصية وحزبية ناتجة عن حزب معين، لأن الحزب ليس له حق التقرير مكان النص الدستوري". وأوضح وهبي أن لجوء النواب إلى المحكمة الدستورية ضد الحكومة في خلافات سياسية يرقى إلى تأصيل النص الدستوري وإعطائه بعدا دستوريا، فمثلا في قضية التنصيب الحكومي اعتبرنا أن اجتماع حزب سياسي والتقرير بعدم الحاجة إلى تنصيب برلماني للحكومة لا يحق له أن يقرر مكان الفصل الدستوري، وكان القانون المالي مناسبة لإيجاد الرأي المؤسساتي الدستوري وهو الوسيلة المثلى لتأصيل النص الدستوري". واعتبر وهبي أن الأغلبية الحكومية وهي تأتي بمجموعة من القوانين التنظيمية لم ترق بعد إلى مستوى وضع مؤسسات دستورية ومؤسسات الحكامة في ترقى إلى مستوى الدستور، هل يخيفها ذلك؟ الله أعلم. وأضاف وهبي بالقول: "نحن ننتظر اليوم من المجلس الدستوري البث في القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي توصل به حاليا، لأن لهذا البث حساسية مطلقة وهو بث خطير وحاسم، لأنه سيضع الإطار لاشتغال النواب على باقي النصوص التنظيمية لباقي مؤسسات الحكامة التي ستأتي مستقبلا". وبخصوص مشروع قانون المحكمة الدستورية الذي يناقش اليوم اعتبر وهبي أن اللحظة مرحلة تأسيسية بامتياز، "رغم أننا متشائمين من مضمون هذا القانون الذي بين أيدينا، لأننا كنا ننتظر مشروع قانونا بتصور منفتح ومتطور أكثر ينسجم والتطور الدستوري الذي تعيشها بلادنا، لكن المضمون جاء للحفاظ على ما كان معمول به وهو أمر يسيء للعملية التأسيسية". وأوضح وهبي أن فريق الأصالة والمعاصرة اختلف مع الحكومة أثناء مناقشة هذا النص في عدة نقط منها موضوع العلنية، حيث طالبنا بعلنية جلسات هذه المحكمة بما ينسجم وشروط المحاكمة العادلة وقلنا على الأقل في حالات الطعون التي يقدمها رئيسا البرلمان أو يحدد الرئيس الجلسات غير العلنية، لكن الحكومة رفضت ورفضت بذلك أن يشرك الرأي العام في النقاش العمومي، ونحن الآن أمام محكمة حافظت على صيغة المجلس الدستوري القديم". وأبرز وهبي أن الإشكال الثاني الذي اختلفوا فيه مع الحكومة هو منح حق تفسير القرارات لهيئة المحكمة الدستورية، لأنه يرتبط بتنفيذ القرار، وخير مثال هو أننا اليوم نختلف مع وزارة العدل في الحكم الخاص بالفصل 139 من المسطرة الجنائية بحيث هناك فراغ تشريعي حول هذا الحكم، علما أن المادة 26 من قانون المسطرة المدنية يعطي الحق للمحكمة التي نطقت بالحكم حق التفسير المطلق". الموضوع الثالث الذي اختلفوا فيه مع الحكومة بحسب وهبي، هو ضرورة تعيين مقرر لكل حكم، لأنه "يعبر عن مواقف مسبقة تؤثر على القرار وهناك اجتهاد فرنسي في الموضوع، كما أن هناك اجتهاد في المجلس الأعلى يعود لسنة 1971 أعطى هذا القرار، لكن الحكومة رفضت ومنعت هذا الحق اليوم". وختم وهبي بالقول إنه رغم كل ذلك صوت فريق الأصالة والمعاصرة بالإجماع على هذا القانون لأنه يهم مؤسسة دستورية ولنا الثقة في أنفسنا أنه كلما أتيحت لنا الفرصة لتعديل هذا القانون نحو الأفضل سنقوم بذلك.