يثير قرار المجلس الدستوري رقم 920/2013، المتعلق بإلغاء المقعد المتمخض عن نتائج الانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في 28 فبراير 2013، لشغل المقعد الشاغر بالدائرة الانتخابية المحلية "مولاي يعقوب" بإقليم مولاي يعقوب، والتي أعلن على إثرها انتخاب السيد محمد يوسف عن حزب العدالة والتنمية عضوا بمجلس النواب؛ من جديد إشكالية التفسير السليم والدقيق للقانون بمفهومه العام من طرف هيئة المحكمة الدستورية بالمغرب و سلامة التأصيل والتقعيد القانونيين للقرار القضائي الدستوري، وكذلك شروط وحدود الاجتهاد الفقهي القانوني، فالقرار من وجهة نظرنا يفتقد إلى بناء قانوني مضبوط وحيثيات سليمة ومتراصة تجعله صلبا ومتماسكا أمام عوامل النقد والتحليل الأكاديمي الموضوعي الذي يبقى الغرض منه أولا وأخيرا هو المساهمة في بيان الحكم القانوني الصائب بشأن الإلغاء الذي قضى به أعضاء المجلس الدستوري، بحجة تنظيم مهرجان خطابي بدوار الزليلك شارك فيه - إلى جانب قيادات حزبية تنتمي إلى الحزب الذي ترشح باسمه- وفد أجنبي تناول الكلمة حاثا الناخبين على التصويت لفائدة المطعون في انتخابه المذكور، وإذا كانت قرارات المجلس الدستوري محصنة ضد جميع طرق الطعن، فإنها غير مانعة من النقاش الفقهي العلمي الأكاديمي القانوني. وتناولنا للقرار رقم 920/2013 المذكور من حيث مضمونه، حيثياته، ومدى سلامته ووجاهته سيكون عبر محورين اثنين على الشكل التالي: المحور الأول: ملخص مضمون قرار المجلس الدستوري وحيثياته. لقد صرح المجلس الدستوري في شخص أعضائه أنه بعد اطلاعه على العريضتين المسجلتين بأمانته العامة في 15 مارس 2013 اللتين قدمهما السيدان الحسن شهبي وكمال لعفو بصفتهما مرشحين طالبين فيهما إلغاء نتيجة الانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في 28 فبراير 2013 لشغل المقعد الشاغر بالدائرة الانتخابية المحلية "مولاي يعقوب" (إقليم مولاي يعقوب)، وأعلن على إثرها انتخاب السيد محمد يوسف عضوا بمجلس النواب؛ وبعد استبعاد المذكرات المدلى بها خارج الآجال القانونية. وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 8 و13 مايو 2013؛ وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملفين؛ وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لاسيما الفصل 177 وكذا الفقرة الأولى من الفصل 132 منه؛ وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛ وبناء على القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)؛ وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛ وبعد ضم الملفين للبت فيهما بقرار واحد لتعلقهما بنفس العملية الانتخابية؛ أولا: من حيث الشكل: حيث إن المطعون في انتخابه دفع بعدم قبول الطعن شكلا لعدم إثبات الطاعنين لصفتهما مرشحين؛ 1 في شأن عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد الحسن شهبي: حيث إن عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد الحسن شهبي، لا تتضمن صفته، مما يجعلها غير مقبولة شكلا، عملا بمقتضيات المادة31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري؛ 2 في شأن عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد كمال لعفو: حيث إن عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد كمال لعفو، تتضمن صفته كمرشح، مما يجعلها مستوفية للشروط المتطلبة بموجب المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري؛ وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، يكون الدفع بعدم قبول الطعن من حيث الشكل غير مرتكز على أساس صحيح؛ ثانيا : من حيث الموضوع: في شأن المأخذ المتعلق بمشاركة أجانب في الحملة الانتخابية: حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى أن المطعون في انتخابه، قام خلال الحملة الانتخابية بتنظيم مهرجان خطابي بدوار الزليلك شارك فيه - إلى جانب قيادات حزبية تنتمي إلى الحزب الذي ترشح باسمه- وفد أجنبي تناول الكلمة حاثا الناخبين على التصويت لفائدة المطعون في انتخابه المذكور، مما شكل مناورة تدليسية أثرت في إرادة الناخبين؛ وحيث إن الدستور، إن كان، بموجب الفقرة الثالثة من فصله 30، منح للأجانب حق التمتع بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنات والمواطنين المغاربة، وفق القانون، فإنه، بموجب الفقرة الرابعة من نفس الفصل، لم يخول للأجانب المقيمين بالمغرب، في مجال الانتخابات، سوى حق المشاركة في الانتخابات المحلية بمقتضى القانون، أو تطبيقا لاتفاقيات دولية، أو ممارسات المعاملة بالمثل؛ وحيث إن الدستور، بتنصيصه في فصله الثاني، على أن الانتخاب يعد تعبيرا عن سيادة الأمة، وفي فصله السابع، على أن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين الذين يحق لهم وحدهم الانخراط فيها، وذلك بالخصوص للمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، فإنه بذلك يكون قد حصر التمتع بالحقوق المتعلقة بالمشاركة في الانتخابات العامة في المواطنات والمواطنين المغاربة دون سواهم، مع مراعاة الحق الممنوح للأجانب المقيمين بالمغرب في المشاركة في الانتخابات المحلية ؛ وحيث إن العملية الانتخابية، تشمل، من بين ما تشمله، تنظيم حملات انتخابية ترمي إلى دعوة الناخبين إلى التصويت لفائدة مرشحين معينين، وهو أمر لا يجوز-مع مراعاة ما سبق-أن يشارك فيه غير المواطنات والمواطنين المغاربة؛ وحيث إنه، يبين من فحص القرص المدمج المدلى به من طرف الطاعن، أنه يتضمن مشاركة وفد أجنبي في الحملة الانتخابية للمطعون في انتخابه، وهو ما لم ينازع فيه هذا الأخير؛ وحيث إن هذه الممارسة تعتبر منافية للمبادئ والقواعد المذكورة أعلاه، ومن شأنها التأثير على الناخبين في التعبير الحر عن إراداتهم واختياراتهم، مما يتعين معه إلغاء نتيجة الانتخاب الذي جرى في الدائرة الانتخابية المحلية المذكورة؛ ومن غير حاجة إلى البت في باقي المآخذ الواردة بعريضة الطعن؛ لهذه الأسباب: أولا – يصرح بعدم قبول عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد الحسن شهبي؛ ثانيا - يقضي بإلغاء انتخاب السيد محمد يوسف عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الجزئي الذي أجري بالدائرة الانتخابية المحلية "مولاي يعقوب" (إقليم مولاي يعقوب)، ويأمر بتنظيم انتخابات جديدة لشغل هذا المقعد؛ ثالثا – يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف، وبنشره في الجريدة الرسمية. وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 23 من شعبان 1434 (2 يوليو 2013) وللوقوف على مدى صواب قرار المجلس الدستوري وبيان عيوبه لا بد لنا من مناقشة مختلف الحجج والحيثيات التي ساقها أعضاؤه في بناء حكمهم. المحور الثاني: مدى سلامة قرار المجلس الدستوري وصموده في المختبر القانوني أولا من حيث الاختصاص والآجال: يجب التأكيد على أنه لا يختلف اثنان حول انعقاد الاختصاص القضائي للمجلس الدستوري في شأن النظر في المنازعات الانتخابية المتعلقة بالانتخابات التشريعية سواء العامة أو الجزئية، وذلك بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 132 من الدستور المغربي الجديد ل2011، التي تنص على أن : " المحكمة الدستورية تمارس الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور، وبأحكام القوانين التنظيمية، وتبت بالإضافة إلى ذلك في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء "، وبما أن القانون التنظيمي الجديد للمحكمة الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد لم يوجد بعد، شأنه شأن المحكمة نفسها، فإن اللجوء إلى الأحكام الانتقالية يعتبر أمرا لا مفر منه، والتي تنص في الفصل 177، من الدستور على أن:" المجلس الدستوري القائم حاليا يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور". وقد بينت المواد من 29 إلى المادة 35، من الفرع الخامس من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 98-8 والقانون التنظيمي رقم 07-49، مختلف المساطر والإجراءات المتعلقة بالطعن في نتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين، مما يجعل مختلف الإستبعادات والإجراءات الشكلية التي قام بها أعضاء المجلس الدستوري للمذكرات المقدمة والمضافة والمتعلقة بالآجال لا غبار عليها وهو ما يعني احترام كل الإجراءات الشكلية المتعلقة بالطعن المذكور آنفا لكن هل نفس الحكم ينطبق على الجانب الموضوعي من القرار رقم 13/920. ثانيا من حيث التأصيل القانوني وما يتعلق بموضوع قرار أعضاء المجلس الدستوري: فيما يخص واقعة مشاركة وفد أجنبي من حركة حماس في مهرجان خطابي بدوار الزليلك خلال الحملة الانتخابية التي نظمها المطعون في انتخابه، إلى جانب قيادات حزبية تنتمي إلى الحزب الذي ترشح باسمه، والتي أكدت هيأة المجلس على أنه تبين من فحص القرص المدمج المدلى به من طرف الطاعن، أنه يتضمن مشاركة الوفد الأجنبي المذكور في الحملة الانتخابية للمطعون في انتخابه، وهو ما لم ينازع فيه هذا الأخير؛ وقد اعتبرتها الهيأة المذكورة مناورة تدليسية أثرت في إرادة الناخبين؛ لكن بالرجوع إلى مختلف الأسانيد القانونية التي ارتكز عليها قرار أعضاء المجلس الدستوري سنجدها مع كامل الأسف غير موفقة فيما ذهبت إليه، و غير متينة لبناء حكم دستوري قوي أو خلق اجتهاد قضائي خلاق وسليم وذلك للأسباب التالية: 1- بالنسبة للسبب الدستوري الذي استند إليه القرار المذكور، والمتمثل في الفقرة الرابعة من الفصل30 من الدستور التي تنص على أنه "يمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل.".والتي قال بشأنها أعضاء المجلس الدستوري أنه إذا كان الدستور بموجب الفقرة الثالثة من فصله 30، منح للأجانب حق التمتع بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنات والمواطنين المغاربة وفق القانون، فإنه بموجب الفقرة الرابعة من نفس الفصل، لم يخول للأجانب المقيمين بالمغرب، في مجال الانتخابات، سوى حق المشاركة في الانتخابات المحلية بمقتضى القانون، أو تطبيقا لاتفاقيات دولية، أو ممارسات المعاملة بالمثل؛ فهذا الأمر يحتاج إلى توضيح على اعتبار أن الإفتاء بمسألة خطيرة تتعلق بعدم تخويل الدستور للأجانب المقيمين في المغرب الحق في المشاركة في الإنتخابات التشريعية لا تستقيم مع ما تنص عليه المقتضيات الدستورية المتعلقة بهذا الشأن، فبالرجوع إلى الفصل الذي استدل به أعضاء المجلس الدستوري من الدستور نجد أنه لم يتحدث لا مكن قريب ولا من بعيد عن المشاركة في الإنتخابات العامة، وإذا كان السادة أعضاء المجلس الموقرين قد استنبطوا ذلك من مجرد نوايا المشرع الدستوري، فهذا الأمر مردود عليه، فإباحة مسألة معينة لا تعني مطلقا تحريم ما دونها، على اعتبار أن المبدأ العام يقر أن الأصل في الأشياء الإباحة و كل فعل لا يجرمه القانون بنص صريح يعتبر مباحا، أما القياس فيكون على تجريم الأفعال، لا على إباحتها وذلك عندما يشترك الفعل المقاس والمقاس عليه في العلة، كما أن القاعدة الفقهية تقر أنه لا اجتهاد مع وجود النص وتفسير النص القانوني في مجال الحقوق والحريات يجب أن يكون ضيقا اقتداء بمبادئ القانون الجنائي، وبينما لا نجد أي رائحة لمنع الأجانب من المشاركة في الانتخابات التشريعية في مضامين النص المستدل به، فإننا نجد القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب والمحال عليه بموجب الفصل 62 من الدستور، ينص في مادته السادسة على حق الأجانب في الترشيح للانتخاب بعد حصولهم على الجنسية المغربية لمدة تزيد عن خمس سنوات ما لم يرفع عنهم هذا القيد بموجب القانون المتعلق بالجنسية، مما يعني أن ما ذهب إليه أعضاء هيئة القضاء مخالف تماما لنوايا المشرع الدستوري الذي لم يمنع الأجانب من المشاركة في الانتخابات وإنما اشترط في ذلك حصولهم على الجنسية المغربية لمدة تفوق خمس سنوات. و بالرجوع إلى السند الدستوري الثاني الذي ارتكز عليه قرار المجلس الدستوري، المتمثل في الفصلين الثاني والسابع من الدستور المتعلقان تباعا بأن الانتخاب يعد تعبيرا عن سيادة الأمة، وبأن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين الذين يحق لهم وحدهم الانخراط فيها، وذلك بالخصوص للمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة في ممارسة السلطة، وأنه بذلك يكون قد حصر التمتع بالحقوق المتعلقة بالمشاركة في الانتخابات العامة في المواطنات والمواطنين المغاربة دون سواهم، مع مراعاة الحق الممنوح للأجانب المقيمين بالمغرب في المشاركة في الانتخابات المحلية، سنجد أن سيادة الأمة هي من المبادئ العامة المسلم بها في جميع دساتير دول العالم ولا يمكن أن يعني ذلك بأي حال من الأحوال منع الاجانب من المشاركة في الانتخابات التشريعية، ففي فرنسا المرجع القانوني الأساسي للمغرب نجد أن الدستور الفرنسي هو الاخر يعطي السيادة للأمة، لكنه لا يمنع الأجانب من المشاركة في الحياة السياسية الفرنسية بل يشترط فقط حصولهم على الجنسية الفرنسية، وكذلك الامر في بلجيكا و هولندا، وعندما نعود إلى الفصل السابع من الدستور لا نجد فيه أي عبارة تمنع الأجانب من المشاركة في الانتخابات أو بالأحرى الحملات الانتخابية، فمضمون هذا الفصل يقول بالحرف بأن الأحزاب السياسية تعمل على تأطير المواطنين و المواطنات وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، وبالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية..... إن مختلف الحجج و الأدلة التي ساقها أعضاء المجلس الدستوري لإصدار قرارهم المتعلق بإلغاء انتخاب السيد محمد يوسف عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الجزئي الذي أجري بالدائرة الانتخابية المحلية "مولاي يعقوب" (إقليم مولاي يعقوب)، لا تبرر أبدا اتخاذ هكذا قرار، وذلك لوجود مقتضيات القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب فهي الأجدر بالتطبيق والتقييد بمحتواها فيما يخص المخالفات المتعلقة بالحملات الانتخابية، لأنه لا اجتهاد مع وجود النص القانوني الواضح، فكل أمر لا يعاقب عليه القانون ولا يوجد له مثيل في النصوص المعاقب بموجبها، حتى يتم القياس عليه، لا يمكن اعتباره مجرما نظرا لما سيترتب عن ذلك من ضياع لحقوق الأفراد على اثر التفسير غير السليم أو الواسع للقاعدة القانونية بكل أشكالها وأنواعها أو عدم احترام تراتبيتها، فقياسا على ميدان القانون الجنائي الذي يشدد على مبدأ قانونية التجريم والعقاب، ونظرا لكون المقتضيات التي جاء بها القانون التنظيمي السالف الذكر تحدد المخالفات المتعلقة بالحملة الانتخابية في الباب الخامس المعنون بالحملة الانتخابية وذلك في المواد من31 إلى 37، أتت خالية من أي منع لمشاركة الأجانب فيها ولم ترتب على ذلك أي أثر، ولو شاء المشرع لنص على ذلك صراحة، كما فعل بالنسبة لمنع استغلال أماكن العبادة أو في أماكن مخصصة للتعليم أو التكوين أو الإدارات العمومية أثناء الحملة الانتخابية أو استعمال اللونين الأحمر والأخضر في المنشورات الانتخابية، ليبقى أمر مشاركة الأجانب في الحملة الانتخابية على الأصل الذي هو الإباحة. وإذا كان الدستور يأتي بمبادئ عامة، فإن النصوص التنظيمية تكون مكملة له ولها قيمة قانونية عالية بحيث تأتي مباشرة بعد الدستور، وهي خاضعة وجوبا دستوريا لرقابة المجلس الدستورية بموجب المادة 132 من الدستور التي تنص على أنه: " تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور...."، وبما أن القانون التنظيمي لمجلس النواب لم يدرج ضمن مقتضياته أي إشارة لمنع الأجانب من المشاركة في الحملات الانتخابية، فأن قرار أعضاء المجلس الدستوري يكون معيبا ولا يستند إلى أساس قانوني ويعتبر سابقة خطيرة، خاصة وأن قرارات المجلس الدستوري لا تقبل أي طريق من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية، حسب ما ينص عليه الفصل 134 من الدستور. *باحث في علم السياسة والقانون الدستوري