أحدثت حركة 20 فبراير هوة عميقة في التاريخ المشترك بين جماعة العدل والإحسان واليسار عموما واليسار الجذري خصوصا، فتحولت الجماعة في عرف اليسار إلى حركة ديمقراطية بعدما كانت تنظيما ظلاميا رجعيا، وتحول اليسار إلى حمل وديع في عرف جماعة العدل والإحسان بعدما كان أتباعه زنادقة وملحدين، وتحولت العدل والإحسان إلى مساهم رئيسي في البناء الديمقراطي بعدما كان يرى فيها اليسار داعية إلى دولة ثيوقراطية تشبه حكومات الآمر بالله في القرون الوسطى وبعدما كان اليسار داعية للانحلال والانحراف والإلحاد أصبح مقبولا من طرف الجماعة. فهل نسي الطرفان ما بينهما من دماء سالت واتهامات خطيرة متبادلة أم إن المصلحة جمعت بينهما؟ قبيل أحداث 20 فبراير كان اليسار متشبثا باتهام جماعة العدل والإحسان بمقتل المعطي بوملي بجامعة وجدة وبنعيسى أيت الجيد بجامعة فاس وما زالت أسوار الجامعة المغربية شاهدة على تاريخ من الدم بين الطرفين وصل حد النفي وإقصاء الآخر وفي أحسن الحالات فرض اليسار ما أسماه المقاطعة الاجتماعية ضد الطلبة الإسلاميين وخصوصا طلبة العدل والإحسان، والمقاطعة سلوك إنساني ينبني على الاحتقار. فكيف اجتمع النقيضان اليوم؟ وما يجمع بينهما؟ وكيف أصبحوا يتحاورون؟ يحكي مناضل "من السكة القديمة" أن وفدا من منظمة إلى الأمام بالخارج زار سنة 1988 عبد السلام ياسين شيخ جماعة العدل والإحسان ظنا منه أن الشيخ يلتقي معهم في الراديكالية وبالتالي التعاون على إسقاط نظام الحسن الثاني إلا أن الرفاق فوجئوا بعبد السلام ياسين يسألهم سؤالا غريبا "هل تصلون؟"، بقي الوفد الماركسي اللينيني مشدوها ولم يفهم مغزى ما قاله ياسين ووقف ليخرج دون وداع ودون موعد للقاء آخر وبدل إسقاط نظام الحسن الثاني أسقط التنظيمان بعضهما بعضا في الجامعة. أما طيب الذكر أحمد بنجلون، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي لا ينسى دم شقيقه عمر الملطخة به، حسب تعبيره، أيدي الإسلاميين، ما زال يردد في كل جلساته أن هؤلاء الظلاميين "ما نتلاقاوا معاهم لا في الدنيا ولا في الآخرة"، وهاهو اليوم يعود ليلتقي بهم ويوقع معهم البيانات المشتركة. لكن كيف سيكون الواقع لو نجحوا في تحقيق مسعاهم المشترك؟ يوم التقى الطرفان في الجامعة وبدل إنجاز البرنامج المشترك للدفاع عن الجامعة وعن حرمتها وتحقيق المطالب المادية للطلبة تقاتلوا لسنين طوال حول من يملك شرعية تمثيل الطلبة.