هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي -4-
نشر في هسبريس يوم 23 - 03 - 2008


الصراع المفتوح مع السلطة :
تعتبر سنة 1984 السنة التي وصلت فيها درجة التصادم بين( حركة الشبيبة الاسلامية(والسلطة درجاتها القصوى . فقد شهدت هذه السنة بعد محاولة ادخال الاسلحة من الجزائر، قمة الحملة التي شنتها اجهزة الامن، ضد خلايا الاتجاه الاسلامي المتطرف الذي يؤمن بالعنف كوسيلة للسيطرة على الحكم . لقد كشفت المحاكمات التي اعقبت تلك الاحداث عن تنظيمات سرية بدات نشاطها منذ سنة 1978 و1979 مثل( فصيلة الجهاد) ،( الحركة الثورية المغربية) ،( حركة المجاهدين بالمغرب( ، و( حركة الشبيبة الاسلامية). لقد بلغ عدد الماثلين امام المحكمة 71 متابعا ينتمون الى مختلف هذه التنظيمات وينحدرون من مختلف المدن المغربية ، وجرى محاكمتهم بتهمة توزيع المناشير في المساجد وفي العديد من المدن كالدارالبيضاء و المحمدية ، وحيازة الاسلحة بدون ترخيص ، والتهديد بالستعمال العنف المسلح ضد الدولة وضد رموزها . وقد صدرت الاحكام على 13 متهم بالاعدام ، وعلى 34 بالسجن المؤبد . ""
في شهر غشت من سنة 1985 مثل 26 عضوا من اعضاء ( حركة الشبيبة الاسلامية) امام المحكمة بتهمة التزود بالاسلحة من الجزائر والتدريب على استعماله بمعسكراتها، وتحت اشراف اجهزة مخابراتها العسكرية ،ثم العمل على ارساء نظام ثيوقراطي اسلامي بالمغرب ، وكان نصيب 14 منهم الحكم بالاعدام من بينهم مرشد الجماعة الاستاذ عبد الكريم مطيع المقيم الان بخارج المغرب . لقد كانت هذه هي المرة الاولى ، بعد قضية الزيتوني بفاس ، التي تدخل فيها السلطة في مواجهة عنيفة ومفتوحة مع الحركة الاسلامية . لقد دفعت تلك الاحداث في ذلك الابان وزارة الداخلية الى تكوين مجموعة من رجال السلطة الذين كلفوا بربط العلاقات بين مختلف المساجد بالمملكة وبين اقسام الشؤؤن العامة بالعمالات والاقاليم و بتنسيق مع الاجهزة الامنية المختلفة خاصة مع( مديرية مراقبة التراب الوطني( التي كان يشرف عليها عبد العزيز علابوش ، حفيظ بنهاشم وتحت الرئاسة الفعلية لادريس البصري . ان هذه الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها وزارة الداخلية ، كانت بغرض استباق الاحداث ، والحيلولة دون استغلال الدين او المساجد لتمرير الخطابات السياسية للتنظيمات المتطرفة ، واذا كانت هذه الخطة قد اعطت اكلها على الامد المتوسط ، فان نزول التيار الاسلامي ممثلا في( جماعة العدل والاحسان( ،) حركة التوحيد والاصلاح) و(التيار السلفي الجهادي) الذي كان لايزال يركز على التنظير، في المظاهرة الشعبية المساندة للعراق في حربه الظالمة ضد جحافل الامريكان ومن لف حولهم من الدول ، قد اربكت حسابات الداخلية ،وادخلت الرعب في قلوبهم ، ولاول مرة تنزل شخصيا امام محطة القطار بالرباط كل قيادة الوزارة يتقدمهم حسين بنحربيط ، حفيظ بنهاشم ، عبد السلام الزيادي وعبد العزيز علابوش ، وتحت حراسة امنية مشددة لمراقبة الحشود الغاضبة المؤطرة من طرف التيار الاسلامي الذي لم يكن ليثير اهتمامات المسؤلين .ومن يومها بدا الشغل الشاغل للوزارة هو اسباب تنامي التايار الاسلامي ، وتغلغله وسط العديد من القطاعات التي كانت حكرا على اليسار التقليدي والسبعيني ، ثم سهولة استقطابه لفئات عريضة من مختلف الطبقات الاجتماعية وسط الشعب المغربي ، ويعتبر الترخيص للاستاذ عبد الاله بنكيران بالاندماج في حزب الخطيب ، محاولة للتقليل من خطورة الظاهرة ، واستيعابها ثم التحكم فيها ، بدل ان تبقى خارج الضوابط المعروفة ،وقد كانت عملية الاندماج بين) رابطة المستقبل الاسلامي) وبين) حركة الاصلاح والتجديد) في اطار( حركة التوحيد والاصلاح) الناقوس الذي دق الخطر من تجميع جميع الاسلاميين في تنظيم واحد ،وهو ما سينجم عنه مشاكل للحكم في المغرب. لقد لعب المرحوم عبد الرزاق لمروري دورا اساسيا في هذا الاندماج الذي سيفضي مع مرور الوقت بالاعلان عن( حزب العدالة والتنمية) كحزب مندمج في اللعبة الديمقراطية بكل مزاياها ومساوئها ، ومتحكما فيها من طرف الامن .
محاولات تجميع منظمات الاسلام السياسي :
لقد عرفت تجربة الاسلام السياسي عدة محاولات للتوحيد والتجميع بهدف بناء الحركة الاسلامية العريضة ، واظهارها امام الحكم وامام غيرها من الاحزاب بالشكل الحقيقي الذي تشغله في الساحة . وقبل عملية الاندماج التي تمت بين( رابطة المستقبل الاسلامي) وبين (حركة الاصلاح والتجديد) التي افضت الى تاسيس( حركة التوحيد والاصلاح) الجناح الدعوي والايديولوجي ل( حزب العدالة والتنمية( ، وبخلاف محاولة عبد القادر بلعيرج توحيد ( الحركة الثورية الاسلامية)،( حركة المجاهدين بالمغرب)،( حركة الشبيبة الاسلامية) و( الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة)،فقد كانت هناك عدة مبادرات شخصية حاولت بقدر ما ، ان تجمع جميع منظمات الاسلام السياسي في تنظيم واحد . ان من اهم تلك المبادرات ، تلك التي جسدها الشيخ عبد السلام ياسين من خلال مجلة( الجماعة) التي كانت تدعو الى ضرورة توحيد مختلف مكونات الحركة الاسلامية في حركة واحدة . فرغم ان الشيخ لم يكن في بداية عمله ينتمي الى اية جمعية دينية ، الا انه كان يهدف الى جعل( الجماعة )جريدة مركزية واداة لبناء وتجميع الاحركة الاسلامية في تنظيم واحد مثل حركة الاخوان المسلمين في الشرق العربي . فكان بذلك الاستاذ عبد السلام ياسين يركز على ثلاثة محاور اساسية هي :
1. الدعوة الاسلامية في مختلف المنابر والمحافل والمرافق العامة والخاصة التي يلجها الناس بمختلف مشاربهم الاجتماعية واختلافاتهم الثقافية من اجل الاستقطاب وتعريض قاعدة العمل الاسلامي ، تمهيدا ليوم الهبة او القومة اوالثورة ، لاقامة نظام الخلافة ، والتخلص من النظام .
2. العمل على ضم جميع الجماعات الاسلامية التي تنشط في الساحة ، وتوحيدها في اطار منظمة اسلامية واحدة قادرة على "فرض اختيارات الشعب" ، ومسهلة امكانية حسم مسالة الحكم ، بدل ضياع الوقت في النزاعات المفتعلة بين الحركات الاسلامية في ما بينها ، الامر الذي قد يطيل من عمر الحكم ، وتستغله الاحزاب التي تستفيد من كل ضعف او نكسة تصيب العمل الاسلامي الجاد.
3. وضع استراتيجية محكمة للعمل الاسلامي ، ثم المطالبة بالحكم ، مع استغلال جميع الطرق المؤدية الى السلطة ، أي " الثورة الاسلامية " و امكانية " الانقلاب من فوق " . ومن خلال التحليل يتضح ان( جماعة العدل والاحسان) ، التي لاتعترف بامارة المؤمنين ، وتنازع الملك مشروعيته الدينية ، وتؤمن بالجمهورية الاسلامية على الطريقة الايرانية ، وتدعو الى الخلاص والتخلص من النظام الملكي ، وتعتبر الاحزاب مجرد حوانيت اودكاكين يشتري منها الحكم سلعته المفضلة ، هي منظمة لاتختلف في شيء عن غيرها من منظمات الاسلام السياسي المتطرفة ، لكن الاختلاف يوجد في الوسائل فقط للوصول الى المشروع الاسلامي الضخم الذي ينتهي باقامة الجمهورية . ومادام ان الاستراتيجية واحدة ، فان( جماعة العدل والاحسان) تؤمن بالتغيير من تحت ، أي " بواسطة الثورة الشعبية " وهي تحضر لذلك بما تسميه في ادبياتها بتعريض القاعدة استعدادا للقومة، وتؤمن بالتغيير من "فوق" ، أي بالانقلاب، اذا كانت ظروف العمل الاسلامي تقتضي ذلك . أي استعمال السلاح في المراحل الاخيرة للثورة لضرب جيوب مقاومة النظام ، وهي المهمة التي سيتكلف بها جند الله : من نحن ؟: جند الله- ولاؤنا : لله . غايتنا: وجه الله . قائدنا : رسول الله . حاكمنا : الله . دستورنا : كتاب الله .وسيلتنا :الجهاد في سبيل الله . هكذا سنجد ان الشيخ عبد السلام ياسين كان ولا يزال يدعو الى عدم الاقتصار على نقد ما ينافي الاخلاق ، مبرزا ان ابراز العلاقة الوثيقة بين ما هو اخلاقي وبين النظام الاقتصادي والسياسي امر جوهري بالنسبة للشعب المغربي ولمناضلي الحركة الاسلامية . وبخصوص السلطة قال الشيخ : " نطالب بالسلطة ، نريدها برضى من الشعب وبتصويت منه " ، والتصويت هنا ليس هو صناديق الاقتراع ، بل" اختيار الشعب" الداعي الى التغيير الجدري ،أي الى تغيير النظام الحالي بنظام الخلافة الاسلامية التي ستحكمها دكتاتورية( اهل الحل والعقد) او( مجلس الارشاد) او ( مجلس الفتوى والنصيحة) ، وهو ما يعني تبني مفهوم الاستبدالية السياسية للحركة الاسلامية عوض الشعب الذي يجب ان يخضع بالمطلق لفتاوى تلك الهيئات . ان تركيز الجماعات الاسلامية في مطالبها بالشورى بدل الديمقراطية ، لايعني في واقع الامر ، غير اختزال الشورى في تلك المجالس، وليس المقصود بها استفتاء الامة والرجوع الى الشعب الذي يجب ان يكون مصدر القرارات . ان هذه القاعدة الديمقراطية ترفضها الجماعات الاسلامية ، وهي اذ تغيب الشعب من كل مشاركة في تحديد الاهداف العامة ،ترى ان العلماء وحدهم اهل للتقرير مكان الشعب المغيب والذي تتخذ القرارت باسمه . وبخصوص موقف الشيخ من الاحزاب السياسية يقول كذلك : " انها لسداجة لا تغتفر انتظار ان ينفد المرتدون والملحدون والكفار عبر مشروع استغلالي ديماغوجي ومنتج لجاهلية جديدة . ان الاستعداد لاستلام السلطة يتطلب كثيرا من القوة والصفاء ، وهذا ما يجب علينا الا ننال من شخصيتنا الاسلامية ، وذلك بتجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية " . ان اكبر مغالطة للشيخ واكبر تناقض اساسي تسقط فيه( جماعة العدل والاحسان) هو عندما تدعي رغبتها في مشاركة جميع الاحزاب في التقرير المشترك للخلاص من المخزن ، في الوقت الذي نجد فيه الشيخ عبد السلام ياسين لايتورع في الدعوة الى " تجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية ".
هكذا ادن يبرز الشيخ عبد السلام ياسين كاحد اكبر منظري الاتجاه الاسلامي بالمغرب ، حيث سبق ان بعث الى الملك الراحل برسالة عنوانها " الاسلام او الطوفان " قضى على اثرها سنتين في السجن ، وابدى معارضة قوية وصريحة حينما اصدر مجلس العلماء بالمغرب فتوى تكفر الخميني ، كما بعث برسالة الى جلالة الملك السلطان محمد السادس عنوانها " الى من يهمه الامر " وقد سار الاستاذ مصطفى المعتصم المعتقل مؤخرا في نفس الطريق حينما وجه بدوره رسالة الى " من يهمه الامر " أي الى جلالة الملك ، الذي نتمنى ان يصدر عفوه المطاع على مواطنيه ، اذا كان اصل التهمة يعود الى الماضي، هذا ما لم يكن يتردد عنه والده باني الدولة العصرية ومحرر الصحراء المغربية واب الوطنية المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه . من اين ذلك الغصن من تلك الشجرة . ان العلويين معروفين بتسامحهم وتشبتهم بمواطنيهم حيث لم يسبق لاي سلطان علوي في التاريخ ان سلم مواطنيه لدولة اجنبية ، او جرد بعضهم من الجنسية المغربية ، رغم الاساءات التي الحقها العديد من المعارضين بالدولة طيلة ستينات وسبعينات القرن الماضي ،ومع ذلك كان العفو وكان التصالح وكان الاجماع الوطني لمواجهة العدو الخارجي الذي يهدد الجميع ويهدد وحدة اراضينا ومستقبل بلادنا . والمغاربة على يقين من ان جلالة السلطان المفدى حفيد الحسن الثاني ومحمد الخامس رحمهما الله جلالة الملك سيدي محمد، لن يبخل من السير في طريق والده واجداده . ان الماضي يبقى فقط ماضيا ، وحيث ان الماضي لا يعاد وينقضي بالتقادم ،خاصة اذا كان يعود الى سنة 1992 ، فان التدخل الملكي وباقتناع الشعب المغربي يبقى واردا في جميع الاحوال .
اليسار والحركة الاسلامية:
مرت علاقة اليسار المغربي بالحركة الاسلامية المغربية بعدة محطات تختلف من العداء الاعمى الى المهادنة الى التنسيق والتعاون في بعض المجالات التي كانت تهم الجميع . في سبعينات القرن الماضي كانت علاقة اليسار الماركسي اللينيني( منظمة الى الامام) ،( منظمة 23 مار) ،(حركة لنخذم الشعب) (الاتحاد الوطني تم الاتحاد الاشتراكي) (حزب الطليعة) تتسم بالعداء التام ، وقد كانت حلبة الصراع دائما هي منظمة (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) ، وكان الصراع بالاساس مع ( حركة الشبيبة الاسلامية) ، ومع( الجماعة الاسلامية) . بعد افول اليسار وتراجعه امام تصاعد الموجة الاسلامية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، وامام النجاحات التي حققتها بعض الاحزاب التي تحسب على الصف الاسلامي كتوسيع قاعدة( حزب العدالة والتنمية (و(جماعة والعدل والاحسان) ، وتغطيتهما ان لم نقل استحواذهما على جل المظاهرات الوطنية التي ساندت الفلسطينيين و العراقيين ، بدا ت احزاب اليسار تغير من موقفها من الدين، حيث لم تعد تعتبره" افيونا للشعوب" ، كما غيرت من تصورها للعلاقة التي يمكن ربطها مع بعض التنظيمات الاسلامية المستعدة للقبول بالاخر ،حيث يمكن التعاون معها في المجالات التي تحظى باهتمام الجميع كالتعددية ، التسليم والاعتراف بالاخر ، نبذ العنف بكل اشكاله المادي والمعنوي ، الايمان بالديمقراطية وبان صناديق الاقتراع هي المفصل بين الخطابات السياسية للحركات التي تشتغل في الساحة ،الاهتمام المشترك بحقوق الانسان ، التأكيد على الثوابت الوطنية ومنها الاعتراف بالنظام الملكي وبالوحدة الوطنية .. هكذا ففي الوقت الذي نجد فيه) الاتحاد الاشتراكي (ايام زمان او الان يستخدم الدين لاستمالة الجماهير المتدينة ودفع تهمة الالحاد عنه التي تلصقها به الجماعات الاسلامية المتطرفة حيث سبق للاستاذ الحبيب الفرقاني والاستاذ محمد عابد الجابري ان لعبا دورا مهما في هذا المجال من خلال المقالات الغنية التي كانت تصدر لهما بجريدة الحزب ، او المقالات التي ينشرها اعلام الحزب الأن، اوالمواقف والتصريحات المختلفة التي يصدرها بعض قادته بخصوص الموقف من الاسلام ومن اشكالية تسييس الدين ، فان( حزب التقدم والاشتراكية( قد سلك نفس المسلك في اطار تعامله مع الدين وفي اطار تطبيقه ( الخلاق للماركسية( ، حيث سبق ان اصدر فتواه الشهيرة في امر الراسمالية قائلا : " ان الاسلام يدين الراسمالية والاستغلال ، والاشتراكية ليست ضد الدين ولا ضد تعاليمه التي تنادي بالمساواة " ، لكن اذا نحن رجعنا شيئا ما الى الوراء سنجد ان الاستاذ احمد الكوهن المغيلي المدير المسؤل عن مجلة( الاساس( التي كانت مقربة من السيد علي يعتة رحمه الله يكتب في احدى المقالات خلال فترة اشتداد المواجهة مع التيار الاسلامي يناشد السلطة بالعمل على اقتلاع الشر من جذوره معتبرا ان " الهراوة " هي السبيل الوحيد لردع مخاطر الاتجاهات الاسلامية المتطرفة ، وهو نفس الموقف سبق للاستاذ احمد بنجلون ان اتخذه في مقال نشر بجريدة )الطريق)، وهو نفس الموقف سبق للاستاذ علي يعته ان طالب به الدولة لمواجهة المنظمات الماركسية اللينينية في ثمانينات القرن الماضي، حيث طالب باقتلاع الخطر من جذوره .
على يسار هذين الحزبين نجد موقفا لاحد ابرز منظري منظمة( الى الامام) الماركسية وهو ابراهام السرفاتي ، الذي يخلص الى تقييم طبيعة الاسلام في المغرب انطلاقا من تجربة الاحزاب الاشتراكية والديمقراطية المسيحية في أمريكا الاتينية وفي ايطاليا ، فهو يؤكد على ضرورة العمل داخل الامة العربية على دفع جميع التقدميين ، كيفما كانت ايديولوجيتهم ، دينية ، اشتراكية ، قومية او ماركسية ، لبذل جهود نظرية وعملية في سبيل تقريب جميع الخطوط وجميع التنظيمات . فهذا شرط اساسي لتغيير المجتمع العربي تغييرا راديكاليا وتحريره من الامبريالية والصهيونية ، ومن ثم فهو يرى ان ان المناقشة يجب ان تبقى جارية بين الماركسيين اللينينيين ذوي التصور البروليتاري للعالم ، وبين الدين المتحرر من جميع الضغوط الرجعية . ان ابراهام السرفاتي لاينفي امكانية التعامل والتنسيق مع الاتجاهات الاسلامية ذات التوجه التقدمي والبراغماتي ، أي ما يطلق عليه بالاسلام التقدمي ، وللاشارة فان ابراهام السرفاتي اعترف بالفصل 19 من الدستور ، أي انه اصبح محافظا اكثر من المحافظين انفسهم ، مادام ان الفصل المذكور يركز بالاساس على امارة امير المؤمنين وعلى اسلامية الدولة .
بالنسبة لحركة( النهج الديمقراطي) ، و(حزب الطليعة( وموقفهما من الاسلام ، فانهما لايختلفان حول اسلامية المجتمع المغربي ، لكن بالنسبة للجماعات الاسلامية وعلى اختلاف اتجاهاتها ، فان التنظيمين يتخذان مواقف جد متشددة من الظاهرة الاسلامية بشكل عام ، ولعل ما يترجم هذا العداء المستشري وسط هؤلاء اليساريين ، الصراعات التي تدور مع طلبة الاتجاه الاسلامي في الجامعة ، سواء ضد طلبة( حزب العدالة والتنمية( ، او طلبة (جماعة العدل والاحسان( .
ان( الحزب الاشتراكي الموحد) يتعامل مع بعض الاتجاهات الاسلامية ك (البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة )، حيث يمكنهما من استعمال مقراته لعقد اجتماعاتهما او لتدارس مستجد من المستجدات السياسية ، كما لايتردد في التنسيق معهما في المجالات التي تهم حقوق الانسان .
اذا كان العديد من الاتجاهات اليسارية تتزلف للمنظمات الاسلامية ، فان هذا التزلف لن يجلب له غير الهزيمة والخذلان حيث تطبع في بعض الاحيان تصرفاته بالمازوشية السياسية . ان مختلف التحليلات تبين ان المواجهة بين اليسار وبين الاتجاهات الاسلامية المتطرفة لم تحسم بعد ، فباستثناء ما كتبه الشيخ عبدالسلام ياسين عن الاحزاب ، التي اعتبرها مجرد مقاولات اودكاكين وحدر من التعامل معها ، فان المنظمات الاسلامية المتطرفة ، تعتبر الاحزاب وبما فيها حتى( جماعة العدل والاحسان)،( العدالة والتنمية( ، )(البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة) ، منظمات كافرة لاعلاقة لها بالاسلام غير الاسم . لقد كتب الاستاذ عبد الكريم مطيع : " اسفر الصراع في المغرب عن معسكرين لاثالث لهما . معسكر الشعب المغربي المسلم المتشبث بعقيدته وثورته ، ومعسكر الفكر الاجنبي الدخيل ( الليبرالي والماركسي ) الذي يقاتل صفا واحدا في جبهة واحدة مآلها الهزيمة والخذلان امام معسكر وجنود الرحمان " واضاف " الحق والباطل لا يتبدلان القبل ولا اوراق الاعتماد ". ان الحق عند عبد الكريم مطيع هم المنظمات الاسلامية المتطرفة ، اما الباطل فهو الاحزاب بمختلف تشكيلاتها السياسية .بل ان حزب الاستقلال ومن خلال هذا الموقف متمركس اكثر من الاتحاد الاشتراكي .
يتبع
[email protected]
الأجزاء السابقة
الإسلام السياسي الجزء الأول
الإسلام السياسي الجزء الثاني
الإسلام السياسي الجزء الثالث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.