يتخوف المغاربة والمهتمون من ضياع جزء كبير من الملايير المرصودة لإنقاذ التعليم في الصفقات الزائدة والتعويضات والتجارب ومكاتب الدراسات والندوات،في الوقت الذي يسري فيه احتقان خطير داخل المؤسسات التعليمية المعنية بالتغيير، بسبب إثقال كاهلها بمذكرات وزارية غريبة في مضمونها وتوقيتها ولا تتلاءم مع وضعية التعليم والمدرسة في المغرب. ويتساءل العديد من المتتبعين عن جدوى شراء أكثر من 4700 تلفاز من نوع بلازما "أشخصك العريان خاصني خاتم" ،دون تقييم لتجربة "جيني " التي ضاعت معها الملايير، وماذا يعني شراء 500 سيارة من نوع لوكان والتحجج بأن المشروع يستهدف المفتشين لتمكينهم من القيام بمهامهم التأطيرية والحال أن نوعية هذه السيارات لا تصلح بالمرة للمناطق الريفية والجبلية الوعرة ،ومع بداية الموسم بدأت تظهر مشاكل كبيرة في تدبير هذه السيارات؛ إذ وجد العديد من المفتشين أنفسهم مضطرين لإنتظار " نوبتهم" للحصول على السيارة . الغريب في كل هذه العمليات، حسب بعض المصادر ذاتها،هو أنها تؤخذ بشكل انفرادي ولا يستشار فيها المسؤولون التربويون في الجهات والأقاليم ، ويبدو أن التعليم في المغرب أصبح يسير بإيقاعات مختلفة يطبعها التنافر والإحتقان بين المسؤولين الكبار في الوزارة . ومن جهة أخرى يتساءل أحد الأساتذة ما ذا يعني مثلا إصدار دليل للتنقيط المهني وما سبقه من اجتماعات ودراسات وتعويضات ومطبوعات ومصاريف،وفي الأخير يتم تنزيله لترفضه طبيعة النظام التعليمي جملة وتفصيلا وبالتالي ضاع الوقت وضاعت معه الملايين؟.وماذا يعني كذلك إصدار توقيت جديد المذكرة 122 دون التأثير في الأسباب التي كانت وراء اعتماده، في هذا الوقت بالذات الذي تستجدي فيه الوزارة تجاوبا من طرف الأستاذ والتلميذ والأسرة للتفاعل مع رهاناتها المصيرية، وإذا بها تساهم في خلق احتقانات وتعثر واضح في منطلق الموسم والبرنامج الإستعجالي، والأكيد أنه سيرفض ؟ إلى ذلك أصبحت المشكلة الجهوية في التعليم مهددة بدعوى الإستعجال، و"رجعت حليمة لعادتها القديمة" فيما يتعلق بالمركزة المفرطة للقرارات والتدابير مثل صفقات البناء وشراء السيارات والعتاد الديداكتيكي ، هذا الأخير خلف استياء عارما في صفوف مديري الأكاديميات، أعلنت بشأنه الوزارة طلبات عروض لشراء عتاد تعليمي بالملايير، كلفت أكاديمية مكناس بتدبير العملية واقتناء حاجيات الأكاديميات دون اللجوء للتشاور معها ويتساءل الكثيرون ما السر وراء اختيار الوزارة لأكاديمية مكناس دون غيرها . ياتي هذا في الوقت الذي رصدت فيه ملايير لإصلاح التعليم "حوالي 32 مليارا للبرنامج الإستعجالي ". فالجميع يفتي بدون فائدة،والجميع يحرص على الإلتصاق، بمكاتب الدراسات الدولية حيث طلبات العروض الخاصة بالبناء وشراء العتاد تغازل بالمباشر الشركات الدولية، وبالتالي تبذر الملايين في المتاهات التي لن تجدي نفعا للمدرسة والمدرس والتلميذ.