كشفت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن في إطار تفكيك خلية "يوسف التباعي" الإرهابية أنه لأول مرة يتم فك خيوط ارتباط بين مغاربة القاعدة،وتنظيم الشباب الاسلامي بالصومال، الذي أعلن يوم فاتح فبراير الماضي ولاءه لتنظيم القاعدة. وجاء في بيان مشترك صادر عن الحركة وجماعة كامبوني المناهضة للحكومة الصومالية ومقرها بمدينة كيسمايو في الصومال "اتفقنا على الانضمام إلى الجهاد العالمي الذي تقوده القاعدة . واتفقنا أيضا على توحيد مجاهدي الشباب وكامبوني من أجل تحرير الشرق والقرن الافريقي الواقع تحت أقدام الأقلية المسيحية"، وأصبح الصومال يشكل قبلة للمتطوعين "للجهاد" نظرا لسهولة اختراق حدوده. من جهة أخرى يوجد أحد المتهمين في قبضة السلطات الفرنسية وهو الآن موضوع مسطرة تسليمه إلى السلطات الأمنية المغربية، وكان المتهم المذكور المنخرط في تنظيم القاعدة قد اعتمد على جواز سفر مغربي مزور تمكن بواسطته من السفر إلى فرنس،وبناء على معلومات من السلطات الأمنية المغربية تم اعتقاله من طرف الأمن الفرنسي، وقد أكدت التحريات المتعلقة بهذه القضية، مرة أخرى، العلاقة التواطئية بين الإرهاب والجريمة المنظمة،وذلك من خلال لجوء أعضاء التنظيم الإرهابي الذي تم تفكيكه للاستفادة من خدمات شبكة مختصة في تزوير الوثائق الرسمية. وحسب مصادر مقربة من الملف فإن أعضاء هذه الشبكة متورطون في عمليات إرسال المتطوعين "للجهاد" بمختلف مناطق التوتر في العالم،ويوجد من بين الإرهابيين الملقى عليهم القبض اثنا عشر فردا سبق لهم أن حاولوا عدة مرات التوجه قصد "الجهاد"، إلى تلك البؤر وثمانية استفادوا من خدمات هذا التنظيم للمشاركة كمجاهدين متطوعين بأفغانستان والعراق والصومال، وثلاثة آخرون تم توقيفهم بمطار محمد الخامس عندما كانوا يهمون بمغادرة التراب الوطني في اتجاه الصومال. وتنفيذا لمخططهم الارهابي وضع أعضاء الشبكة خارطة طريق تتضمن ضرب رموز الدولة من خلال القيام بسلسلة من الاغتيالات تستهدف السلطات العمومية، خاصة أطرا تابعين لمختلف المصالح الأمنية ومسؤولين عن بعض المؤسسات السجنية، وكذا عمليات تخريبية ضد مصالح يهودية وغربية خصوصا بمدينة الدارالبيضاء، بهدف زرع موجة من الهلع بين المواطنين من جهة، ودفع معتنقي "الفكر الجهادي" للالتحاق بحركتهم من أجل تعزيز صفوفها من جهة أخرى. وتم الاتفاق على نهج تطبيقي يستهدف التصفية الجسدية لأفراد ينتمون لمصالح الأمن قصد الاستيلاء على أسلحتهم لتوفير العتاد الضروري لعمليات الهجوم،وكذا إعداد معسكرات ومخابئ بالمناطق الجبلية الوعرة بكل من نواحي سوس وجهة مراكش، من أجل القيام بالتداريب العسكرية مع الاستعانة بشركائهم من ذوي الخبرة والذين سبق لهم أن شاركوا في الجهاد بأفغانستان للاستفادة من تجربتهم في ميدان صنع المتفجرات. وأشارت المصادر المذكورة الى أنه سبق لمجموعة من أفراد هذه الشبكة أن استفادوا، خلال سنة 2004، من دورة تكوينية حول كيفية استعمال المعدات الإلكترونية في التفجير، أطرهاسعد الحسيني وهو عضو مسؤول عن اللجنة العسكرية "للجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة"، متخصص في المتفجرات والمسمى بالكيميائي والمعتقل حاليا والذي توبع ضمن مجموعة من الارهابيين بتهم "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية، والمشاركة في مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، والمس بالسلامة الداخلية للدولة، وجمع وتدبير أموال بنية استخدامها في مشروع إرهابي، وتزوير وثائق إدارية والتحريض على القيام بأعمال إرهابية، وممارسة نشاط في جمعية غير مرخص لها، وعقد اجتماعات عمومية بدون تصريح مسبق". ولضمان التمويل المالي لهذا البرنامج الإرهابي، قام أعضاء الخلية الإرهابية بالاستعداد للقيام بعمليات السطو على مؤسسات بنكية ،واتخذوا الإجراءات اللازمة لإعداد مشاريع تجارية مدرة للدخل. وكانت عناصر من الشبكة قد سطت على مسدس يعود لرجل أمن بالدارالبيضاء وإضافة إلى تجريد الشرطي المذكور من سلاحه، شمل مخطط الاغتيالات المعد من طرف أعضاء هذا التنظيم عناصر أمن آخرين ودركيين بنفس المدينة، وكذا مسؤولين بمؤسسات سجنية. ويذكر أن مصالح الأمن تمكنت أخيرا من تفكيك شبكة إرهابية خطيرة، لها صلة بتنظيم القاعدة، كانت تستعد للقيام بعمليات إرهابية واسعة النطاق على الصعيد الوطني، كما أن لها ارتباط بشبكات مختصة في استقطاب وإرسال متطوعين مغاربة للمشاركة في "الجهاد" بكل من أفغانستان والعراق والصومال،وكذا الشريط الساحلي الصحراوي حيث توجت هذه العملية بإلقاء القبض، بكل من الدارالبيضاء، والقنيطرة وبرشيد، على أعضاء هذه الشبكة وعددهم أربعة وعشرون من بينهم متزعم هذا التنظيم على المستوى الوطني يوسف تباعي وأربعة أشخاص سبق لهم أن قضوا عقوبات سجنية بسبب انتمائهم لتيار السلفية الجهادية، علاوة على بعض الأفراد المرتبطين ببعض الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها ما بين 2002 و2008، والذين حاولوا استئناف نشاطهم التخريبي من خلال تشكيلهم لهذا التنظيم الجديد. وقد أسفرت عمليات التفتيش عن حجز مسدس أوتوماتيكي من نوع "بريطا" وسبع خرطوشات من عيار 7.65 ملم تم الاستيلاء عليها إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها رجل أمن بالدارالبيضاء من طرف بعض أعضاء هذا التنظيم الإرهابي يوم 19 يناير 2010 بنفس المدينة. كما تم كذلك حجز عدد كبير من الأسلحة البيضاء ومجموعة من المراجع المؤلفة من طرف بعض المروجين للفكر الجهادي على المستوى العالمي،وكذا حاسوب محمول يحتوي على خطب لأقطاب تنظيم القاعدة وتسجيلات مصورة، بعضها يتعلق "بعمليات جهادية" في مختلف بؤر التوتر، وأخرى تخص احتجاز أوروبيين من طرف "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والبعض الآخر يتعلق بالظروف التي يقضي فيها المعتقلون السلفيون الجهاديون عقوباتهم السجنية بالمغرب.