كشفت مصالح الأمن عن تواطؤ العناصر الارهابية المعتقلة ضمن خلية "تباعي" مع عناصر الجريمة المنظمة قصد تزوير جوازات سفر يستخدمها الارهابيون في السفر عبر مناطق العالم وصولا الى بؤر التوتر. يذكر أن مصالح الأمن تمكنت مؤخرا من تفكيك شبكة إرهابية خطيرة، لها صلة بتنظيم القاعدة، كانت تستعد للقيام بعمليات إرهابية واسعة النطاق على الصعيد الوطني، كما أن لها ارتباطا بشبكات مختصة في استقطاب وإرسال متطوعين مغاربة للمشاركة في "الجهاد" بكل من أفغانستان والعراق والصومال وكذا الشريط الساحلي الصحراوي. وبقدر تعدد أهداف الخلية المذكورة فقد تعدتت مراحل ومدن الاستقطاب حيث توجت هذه العملية بإلقاء القبض، بكل من الدارالبيضاء، والقنيطرة وبرشيد، على أعضاء هذه الشبكة وعددهم أربعة وعشرون من بينهم متزعم هذا التنظيم على المستوى الوطني المدعو يوسف تباعي وأربعة أشخاص سبق لهم أن قضوا عقوبات سجنية بسبب انتمائهم لتيار السلفية الجهادية، علاوة على بعض الأفراد المرتبطين ببعض الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها ما بين 2002 و2008، والذين حاولوا استئناف نشاطهم التخريبي من خلال تشكيلهم لهذا التنظيم الجديد. التوقيفات الأخيرة كشفت حالة العود بشكل كبير مما يفيد أن أطروحة المصالحة غير ذات جدوى. وقد أسفرت عمليات التفتيش عن حجز مسدس أوتوماتيكي من نوع "بريطا" وسبع خرطوشات من عيار 7.65 ملم (تم الاستيلاء عليها إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها رجل أمن بالدارالبيضاء من طرف بعض أعضاء هذا التنظيم الإرهابي يوم 19 يناير 2010 بنفس المدينة). كما تم كذلك حجز عدد كبير من الأسلحة البيضاء ومجموعة من المراجع المؤلفة من طرف بعض المروجين للفكر الجهادي على المستوى العالمي وكذا حاسوب محمول يحتوي على خطب لأقطاب تنظيم القاعدة وتسجيلات مصورة، بعضها يتعلق "بعمليات جهادية" في مختلف بؤر التوتر، وأخرى تخص احتجاز أوروبيين من طرف "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والبعض الآخر يتعلق بالظروف التي يقضي فيها المعتقلون السلفيون الجهاديون عقوباتهم السجنية بالمغرب. وفيما يتعلق بالعمليات الإرهابية التي كان من المزمع القيام بها، خطط أفراد التنظيم لضرب رموز الدولة من خلال القيام بسلسلة من الاغتيالات تستهدف السلطات العمومية، خاصة أطرا تابعين لمختلف المصالح الأمنية ومسؤولين عن بعض المؤسسات السجنية، وكذا عمليات تخريبية ضد مصالح يهودية وغربية خصوصا بمدينة الدارالبيضاء، بهدف زرع موجة من الهلع بين المواطنين من جهة، ودفع معتنقي "الفكر الجهادي" للالتحاق بحركتهم من أجل تعزيز صفوفها من جهة أخرى. وتنفيذا لمخططهم الإرهابي، تم الاتفاق على نهج تطبيقي يستهدف التصفية الجسدية لأفراد ينتمون لمصالح الأمن قصد الاستيلاء على أسلحتهم لتوفير العتاد الضروري لعمليات الهجوم وكذا إعداد معسكرات ومخابئ بالمناطق الجبلية الوعرة بكل من نواحي سوس وجهة مراكش، من أجل القيام بالتداريب العسكرية مع الاستعانة بشركائهم من ذوي الخبرة والذين سبق لهم أن شاركوا في الجهاد بأفغانستان للاستفادة من تجربتهم في ميدان صنع المتفجرات. في هذا الإطار، سبق لمجموعة من أفراد هذه الشبكة أن استفادوا، خلال سنة 2004، من دورة تكوينية حول كيفية استعمال المعدات الإلكترونية في التفجير، أطرها المدعو سعد الحسيني وهو عضو مسؤول عن اللجنة العسكرية "للجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة"، متخصص في المتفجرات (معتقل حاليا). ولضمان التمويل المالي لهذا البرنامج الإرهابي، قام أعضاء الخلية الإرهابية بالاستعداد للقيام بعمليات السطو على مؤسسات بنكية واتخذوا الإجراءات اللازمة لإعداد مشاريع تجارية مدرة للدخل. إضافة إلى الشرطي المذكور أعلاه الذي جرد من سلاحه إثر محاولة اغتياله، شمل مخطط الاغتيالات المعد من طرف أعضاء هذا التنظيم عناصر أمن آخرين ودركيين بنفس المدينة، وكذا مسؤولين بمؤسسات سجنية. وموازاة لمخططهم الإرهابي فإن أعضاء هذه الشبكة متورطون في عمليات إرسال المتطوعين "للجهاد" بمختلف مناطق التوتر في العالم. وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد من بين الإرهابيين الملقى عليم القبض اثنا عشر فردا سبق لهم أن حاولوا عدة مرات التوجه قصد "الجهاد"، إلى تلك البؤر وثمانية استفادوا من خدمات هذا التنظيم للمشاركة كمجاهدين متطوعين بأفغانستان والعراق والصومال، وثلاثة آخرون تم توقيفهم بمطار محمد الخامس عندما كانوا يهمون بمغادرة التراب الوطني في اتجاه الصومال. وفي هذا الصدد، يتبين أنه لأول مرة تظهر شبكة متخصصة في استقطاب وإرسال "مقاتلين" للانخراط في صفوف التنظيم الإرهابي "الشباب الإسلامي" بالصومال، إذ أصبح هذا البلد الأخير يشكل قبلة للمتطوعين "للجهاد" نظرا لسهولة اختراق حدوده. وما يؤكد امتداد نشاط هذه الشبكة الإرهابية خارج الحدود الوطنية هو ارتباطها المؤكد مع نشطاء تنظيم »القاعدة« بمختلف بؤر التوتر العالمية التي سبق ذكرها إضافة إلى بعض البلدان كإيران وسوريا وتركيا وفرنسا والسويد. وتؤكد التحريات المتعلقة بهذه القضية، مرة أخرى، العلاقة التواطئية بين الإرهاب والجريمة المنظمة وذلك من خلال لجوء أعضاء التنظيم الإرهابي الذي تم تفكيكه للاستفادة من خدمات شبكة مختصة في تزوير الوثائق الرسمية للحصول على جواز سفر مزيف استعمله إرهابي مغربي منخرط في تنظيم القاعدة للسفر إلى فرنسا حيث تم إلقاء القبض عليه، بناءً على معلومات صادرة عن السلطات المغربية وهو الآن موضوع مسطرة لتسليمه للسلطات المغربية. وإن كانت خطورة هذا التنظيم تكمن في أهدافه التخريبية الرامية إلى تحويل المملكة المغربية إلى أرض للجهاد، فإن ارتباطاته الواسعة بحركات التطرف العالمية لدليل قاطع على أن تهديد الإرهاب ما زال قائما.