استقبلت الصين أمس الأحد, 14 فبراير, أول أيام السنة القمرية الجديدة, سنة النمر, بعد ليلة ملتهبة بالألعاب النارية والشهب الاصطناعية التي أضاءت سماء بكين وكبريات المدن الصينية, واحتفالات ضخمة بهذا العيد الذي يعتبر الأهم والأكبر بالنسبة للصينيين. ومنذ ساعات الصباح الأولى ليوم السبت وحتى الساعات الأولى من صباح الإثنين تواصلت احتفالات مئات الملايين بالسنة الصينية الجديدة, والتي تعد أيضا أهم عطلة في الصين, وأكبر لقاء سنوي للم شمل الأسر, وخلالها أيضا تشهد البلاد أكبر حركة تنقل حيث يتوجه أكثر من 400 مليون شخص من بينهم نحو 250 مليون من العمال المهاجرين الى قراهم ومدنهم لقضاء العيد وسط أهلهم. ويشهد هذا العيد الصيني أكبر حركة تنقل وهجرة في العالم حيث تقل القطارات والطائرات والحافلات نحو 220 مليون راكب خلال فترة أسبوع وهو رقم قياسي كبير, فيما تعرف الحركة الاقتصادية ركودا شبه كامل. وبالنسبة للسلطات يعد هذا العيد مصدر قلق دائم إذ تكثف العمليات الأمنية تحسبا لأية انزلاقات قد تهدد الاستقرار الصعب في بلد المليار و300 مليون نسمة. ففي بكين لوحدها نشرت السلطات ليل السبت الأحد قوات أمن تضم 880 ألف فرد من بينهم 25 الف ضابط شرطة و13 ألف من افراد الشرطة المسلحة وافراد الميليشيا و84 ألف مدنى لتأمين عشية العام الجديد. ورأس السنة الصينية والتي يطلق عليها محليا أيضا عيد الربيع, تعتبر أهم وأكبر عطلة في الصين تغلق فيها المصانع خصوصا في الاقاليم الجنوبية المزدهرة أبوابها في عطلة سنوية تتراوح ما بين اسبوع وثلاثة اسابيع, فيما تغلق الإدارات والمرافق العمومية والخدماتية لأسبوع. وبدت شوارع بكين وشنغهاي وكبريات المدن الصينية الأخرى اليوم الإثنين خالية من المارة والسيارات, فيما أغلقت الغالبية العظمى من المحال التجارية والمرافق العامة, ولا يقطع السكون غير المعهود في تلك الحواضر سوى أصوات متفرقعات تطلق بين الفينة والأخرى اعتقادا من الصينيين بأنها تخيف الأرواح الشريرة وتأتي بآلهة الثراء والحظ والسعادة إلى أعتاب البيوت. وتخلف هذه المتفرقعات سنويا الكثير من الخسائر والضحايا لكن رغم ذلك تشهد إقبالا كبيرا خلال السنة الصينية الجديدة. وفي احتفالات العيد الصيني للعام الماضي تسببت هذه المتفرقعات في احتراق فندق ضخم من خمسة نجوم, لم يفتح أبوابه بعد تابع للمبنى الجديد للتلفزيون وسط بكين, مما تسبب في خسائر قدرت بأزيد من مائة مليون دولار فيما تأجل الى أجل غير مسمى افتتاح المبنى الجديد للتلفزيون والذي فاقت تكاليفه 600 مليون دولار وهذه هي السنة الخامسة على التوالي التي تقوم فيها حكومة بلدية بكين برفع الحظر المفروض على الألعاب النارية, نتيجة مناشدة السكان بإيلاء مزيد من الاهتمام للعادات التى تمارس فى الاعياد التقليدية, وايضا للرواج الاقتصادي الكبير الذي تساهم فيه بحيث يقدر رقم أعمال المفرقعات التي يتم إطلاقها في الصين خلال فترة هذا العيد بأكثر من 25 مليار دولار. لماذا 2010 هي سنة النمر تعتبر سنة 2010 حسب التقويم القمري التقليدي الصيني سنة النمر, وتبدأ من 14 فبراير.وإذا كانت الأبراج الغربية تحسب بالأشهر, فإن الأبراج الصينية تحسب بالسنين, وتتكون من إثني عشر برجا, وكل برج يمثله حيوان, ويسمى العام القمري الجديد باسمه.وهذه الأبراج الصينية هي حسب تسلسلها (الفأر والبقرة والنمر والأرنب والتنين والأفعى والفرس والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير). ويقول البعض إن تاريخ هذه الأبراج نشأ نتيجة حساب الجيل القديم من الصينيين للأعوام في العهد القديم فيما يرى آخرون أنها جاءت من الهند القديمة. ويرى الصينييون أن سنة 2010 ستكون نشيطة وقوية ومجدة كالنمر وايضا مندفعة ومخاطرة ومتسلطة, ويؤمن الشعب الصيني أن النمر يمتلك قوى سحرية تساعده في طرد اللصوص والأشباح, ومولود ليأمر. ومن عادات الصينيين أيضا خلال هذا العيد تنظيف المنازل قبل العيد بنية إزالة الفقر والحظ السيئ, ثم تزيين المنازل وإلصاق أوراق حمراء على جانبي الباب تكتب عليها عبارات التمنيات مثل "الربيع يعود إلى الأرض, السعادة تعم الدنيا" و"الجبال خضراء والمياه صافية والمناظر جميلة, العمر طويل والمحاصيل وافرة والبشارات كثيرة".كما يعلق الصينييون الفوانيس الحمراء فوق أعتاب الأبواب ويكتبون كلمة (فو) ومعناها "السعادة" على الأوراق, ويتبادلون الأظرفة الحمراء والتي تتضمن مبالغ مالية.وتنتهي سنة النمر في 2 فبراير 2011 لتحل محلها سنة الأرنب.