ربط متتبعون للشأن الحكومي بين التعديل الوزاري الجزئي ومسارات الإدارة الترابية التي سوف تعرف تغييرات جذرية بعد إقرار الجهوية، التي تعكف اللجنة الاستشارية على انجاز معالم مشروعها، هذه الاعتبارات هي التي حملت رجلا قويا إلى وزارة الداخلية، حيث يعتبر مولاي الطيب الشرقاوي من فقهاء القانون والدستور وشارك وأشرف على انجاز أخطر القوانين ومنها القانون الجنائي وقانون الإرهاب وقانون الصحافة، واختياره على رأس وزارة الداخلية يستشرف الإشكالات القانونية والدستورية التي ستطرحها الجهوية. وارتبط المسار المهني لوزير الداخلية الجديد بالقانون حتى عد فقيها دستوريا، حيث حصل على الإجازة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بالرباط وشهادة التدريب بالمدرسة الوطنية للقضاء بباريس, كما أنه حاصل على دبلوم الدراسات المعمقة في علم الاجتماع بجامعة بوردو2 ودبلوم الدراسات العليا في العلوم القانونية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. وبعد أن شغل العديد من المناصب في سلك القضاء, تولى الشرقاوي منصب مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل, الذي كان قد عين به سنة 1997 .وقد شارك الشرقاوي في العديد من المؤتمرات الدولية, كما ساهم في تأطير العديد من الندوات والأيام الدراسية سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي أو الدولي. كما يعد مولاي الطيب الشرقاوي عضوا في لجنة خبراء مجلس وزراء العدل العرب لدى جامعة الدول العربية وفي الفريق الوطني لمشروع برنامج الأممالمتحدة للتنمية من أجل تحديث النيابات العامة في الدول العربية. وكان مولاي الطيب الشرقاوي يشغل منذ سنة 2007 منصب الوكيل العام للمك لدى المجلس الأعلى, قبل أن يعينه جلالة الملك سنة 2008 رئيسا أول للمجلس الأعلى, وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى أن تم تعيينه في منصبه الجديد. ولا يمكن حسب المتتبعين الفصل بين الخبرة المهنية القانونية لوزير الداخلية الجديد ودخول المغرب رهان الجهوية الموسعة التي تفرض إيجاد الصيغ القانونية الكفيلة بضمان سير عادي للإدارة الترابية خصوصا أن الجهات، التي سيتم تقليص عددها وتوسيع دائرتها، ستتمتع بسلط حقيقية مما يدعو إلى صياغة قوانين جديدة لمعرفة حدود سلطات رجالات الداخلية خصوصا الولاة والعمال. وفي سياق التعديل الوزاري الجزئي شكل دخول إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، تحولا نوعيا في مسار الحزب، حيث كان لشكر قائد المطالبة بالخروج من الحكومة، وبالتالي فان الدولة ضمنت الهدوء داخل ثاني أهم حزب مشارك في الحكومة، مما يشكل ضمانة لاستمرار الأغلبية إلى حدود انتخابات 2012 في حالة لم تقع مفاجآت الطريق، كما ربح الاتحاد وقتا مهما من الراحة السياسية ليفكر بهدوء في مساره قبل مؤتمره المقبل. ولن يمر تعيين لشكر وزيرا للعلاقات مع البرلمان بسلام على حزب العدالة والتنمية، حيث ظل إدريس لشكر الداعي إلى التحالف مع العدالة والتنمية ضد من كان يسميه "الوافد الجديد"، وكان لشكر آخر خيط يربط بين الحزبين مما يعني أن حزب الإسلاميين سيعاني يتما سياسيا لسنوات طويلة قبل أن يعرف المشهد تشكلات جديدة.