رغم الانتشار الواسع لوحدات الجيش المغربي على طول الشريط الحدودي مع الجارة الجزائر ،ووجود مراكز متقدمة للحراسة مزودة بأجهزة متطورة للرصد و المراقبة باستطاعتها تحسس دبيب النمل و بالأحرى تحركات الأشخاص. وبوجود جهاز استخباراتي مدني قوي يعد علينا أنفاسنا في حركاتنا و سكناتنا له عيونه المزروعة كالفطرعلى طول الشريط الحدودي لا تخفى عنهم خافية. و استحضارا لما أصبح يشكله تنظيم القاعدة في منطقة المغرب الإسلامي، و مقاتليه المنتشرين على امتداد الساحل الإفريقي من خطر إرهابي يتهدد أمن المنطقة بكاملها . أوردت وزارة الداخلية في بلاغ صادر عن وكالة المغرب العربي للأنباء خبرا باردا مفاده مقتل أحد عناصر القوات المساعدة برصاص أربعة مسلحين "مجهولين" تسللوا داخل التراب المغربي بعد مواجهة غير متكافئة بين الطرفين بدوار اولاد عامر في بوحمدون إقليمجرادة. تسلل سيظل يثير العديد من التساؤلات كما سيسيل الكثير من المداد لعلاقته بسيادة و أمن الدولة. إن المتتبع للأحداث على الشريط الحدودي الرابط بين المغرب و الجزائر سيلاحظ أن هذا التسلل ليس الأول من نوعه، و لن يكون الأخيرإذا بقي الحال كما هو عليه و عدم اتخاذ المزيد من إجراءات الحيطة و الحذر و الضرب بأيد من حديد كل المتهاونين في أداء الواجب المهني، ممن أنيطت بهم مهمة الحفاظ على أمن الوطن و سلامة المواطن. فحدث القتل و الظروف المحيطة به، كما أثار الجميع،أثارني وولد لدي العديد من التساؤلات المشروعة، بحكم أنني أحد أيتام شهداء حرب الصحراء التي لم يحسم أمرها بعد، ولازالت معروضة على أنظار المجتمع الدولي ليقول فيها كلمته الفصل، رغم مقترح الحكم الذاتي المتقدم به كحل لهذا النزاع المفتعل . فبمقارنة بسيطة مع وجود الفارق بين ما جرى من أحداث في المنطقة المتنازع حولها رغم الجدار الأمني، وانتشار الوحدات العسكرية المزودة بأجهزة المراقبة و بالعدة و العتاد الحربي،و الألغام المزروعة ، حيث تمكنت جبهة البوليساريومن التسلل إلى عمق المواقع العسكرية و اختراق الحدود الدفاعية بسهولة و يسر ليذبحوا و يقتلوا ببرودة دم و أعصاب هادئة لا زالت تؤرقنا و تثير لدينا أكثر من تساؤل ، خصوصا إذا ما استحضرنا أن الجبهة استطاعت قتل ما يقارب 30000 شهيد لازالت دماؤهم لم تجف بعد ،و أسر 2400 جندي دون إغفال مصير 700 مفقود ،في الوقت الذي لم يتجاوز عدد أسراهم لدى المغرب المائتين 200 منذ 1975 إلى غاية وقف إطلاق النار سنة1991. قلنا بمقارنة بسيطة بين ما جرى من أحداث إبان حرب الصحراء التي تكبدنا خلالها خسائر مادية و بشرية ،وبين ما يقع على الحدود الشرقية من أحداث ووقائع سببها الاختراقات المتكررة ليس فقط من طرف عناصر" مجهولة"ولكن من طرف دوريات الجيش الجزائري للمجال الحدودي وأسر الجنود المغاربة كما حدث في الثمانينيات، و اختطاف المدنيين من الرعاة داخل التراب المغربي، مع مصادرة قطعانهم كمصدر وحيد لعيشهم، دون الحديث عن الزج بهم في السجون الجزائرية ،حيث يتعرضون لأبشع صور التعذيب و التنكيل بما في ذلك من مساس و اعتداء على السيادة المغربية . فمن خلال هذه الأحداث، أحداث القتل و الاختطافات والوقائع و محاولة ربط بعضها بالبعض تتناسل العديد من التساؤلات لم نجد لها تفسيرا معقولا تبقى في حاجة لإجابات لارتباطها الوثيق بأمن الوطن و سلامة مواطنيه من قبيل: - كيف تسللوا مع وجود مواقع حراسة متقدمة مزودة بأجهزة متقدمة لرصد أي تحرك ؟ أم أنهم وجدوا الطريق ممهدة ؟ - كيف يمكن لتسلل كهذا أن يخفى على جهاز استخاراتي مدني قوي يعد علينا أنفاسنا في حركاتنا و سكناتنا ويملك من الامكانيات ما لا نعلمه و له عيونه التي لا تنام و المنتشرة على طول الشريط الحدودي؟ - لماذا بعد إخبار السلطة المحلية بتسلل أربعة" مجهولين" داخل التراب المغربي اكتفت في شخص ممثلها(القائد)بإرسال عنصر واحد من القوات المساعدة إلى عين المكان؟ - لماذا في إطار التنسيق بين الجهات المنوط بها حماية و سلامة المواطن و أمن الدولة لم يتم تجهيز فرقة عسكرية لنصب كمين للمتسللين لدى عودتهم للتزود و إلقاء القبض عليهم؟ - أليس في موقف الخارجية المغربية المتخادل أمام مثل هذه الاختراقات منذ سنوات و عدم التصرف بالحزم والجدية اللازمين في مثل هذه المواقف ما شجع عليها و لربما تكرارها مستقبلا؟ - ألا ينبغي جعل سلامة المواطنين في أرواحهم و ممتلكاتهم و أمن الدولة من أولى الأولويات في أجندة الحكومة عامة و مؤسسات الدفاع و الأمن بدل اعتبارهم أكباش فداء يمكن التضحية بهم خدمة لأهداف سياسية ،أو لأطماع شخصية في الاغتناء السريع ؟ - أم ببساطة أن لعمليات الإرتشاء و شراء الذمم دور في ذلك؟ - ما سيكون دور المجلس الأعلى للأمن المؤسس مع الدستور الجديد في المحافظة على الأمن الداخلي والخارجي للوطن؟