استأنف القرصان كريس كولمان هذه الأيام نشر معطيات حول عمل الخارجية المغربية من خلال وثائق تعتبر محرجة وإن كانت تعود الى سنوات، ولم تعلن الدولة عن نتائج التحقيق الرسمي لهذه التسربات عكس الدول الأخرى التي تعرضت لعمليات مشابهة. وكان القرصان قد بدأ منذ أكثر من سنتين في نشر معطيات دقيقة حول عمل وزارة الخارجية والاستخبارات العسكرية “لدجيد”، وتركزت أساسا حول تسريب وثائق تتعلق بكيفة تشكيل اللوبيات في الخارج حول نزاع الصحراء وكذلك طريقة العمل لاستقطاب صحفيين للدفاع عن مواقف المغرب. وعاد كولمان مجددا عبر حساب في شبكة التواصل تويتر الى نشر وثائق جديدة، لكن هذه المرة تعود الى سنوات خلت على الأقل سنة 2011، وتلتزم الدولة هذه المرة الصمت بدون تعليق على التسريبات. وشكلت التسريبات هزة حقيقية لأنه لأول مرة يتعرض الأمن القومي المغربي، على الأقل ظاهريا، لعملية تسريب مماثلة، ولم تعلن الدولة المغربية عن نتائج التحقيق. وبينما ذهب وزير الخارجية المؤقت صلاح الدين مزوار الى اتهام الجزائر ثم تراجع لاحقا، طرحت الاستخبارات جهات متعددة ومنها اسبانيا وفرنسا والجزائر أو أطراف داخلية. وتعتبر طريقة التسريب وهي متعمدة، وبالتالي ترمي الى هدفين، الأول إما الانتقام استخباراتيا من المغرب بسبب شيء حدث، أو بسبب الصحراء. وفي غياب الكشف عن نتائج التحقيق، يبقى من الصعب بلورة وتقييم النتائج التي جرى التوصل إليها، علما أن دول أخرى عندما يكون هناك تسريب تقوم بالبحث وتقدم النتائج. ومن ضمن آخر الأمثلة التحقيق الذي قامت به الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية بشأن التجسس على البريد الالكتروني لوزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة هيلاري كلينتون من رطف روسيا وما شكله لها ذلك من مشاكل بعدما ترشحت للانتخابات الرئاسية الأمريكية التي خسرتها أمام الجمهوري دونالد ترامب. وتبقى حماية المغرب لأمنه القومي معلوماتيا عملية صعبة للغاية لأنه لا ينتج برامج المعلوميات، كما أن تلك التي يقتنيها لم تظهر أي جدوى في مواجهة القرصنة الحالية، بينما الأخرى يستعملها لمكافحة الإرهاب ومراقبة النشطاء، كما جاء في الكثير من التقارير. وعجزت دول كبرى عن حماية أمنها المعلوماتي، وبدأت أجهزة استخبارات لها تاريخ عريق في التجسس باللجوء الى تحرير التقارير ذات الحساسية الفائقة الى آلات الكاتبة على النمط القديم حتى لا تسقط هذه التقارير في يد جهات أجنبية. ويعتقد أن حصول القرصان كولمان قد يكون تم عبر اقتحام حسابات بريدية أو تقنية زرع فيروس عبر برنامج PDF في قاعدة البيانات، وهو ما تعرضت له دول أوروبية خلال السنوات الأخيرة، حيث تمت قرصنة وثائق وزارات خارجية أوروبية عبر التقنية الأخيرة.