لم تستسغ فرنسا أن تقع ضحية تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية ويخضع رؤساؤها للتنصت على مكالماتهم كما كشفت عن ذلك تسريبات ويكيليكس أخيرا. وكما حدث مع ألمانيا سابقا انتفضت فرنسا على الإهانة الأمريكية التي تجاوزت كل الحدود عندما أصبح أقرب الحلفاء يمارسون هوايتهم المفضلة بالتجسس على الجمهورية الفرنسية. لكن ما كشفت عنه صدمة الفرنسيين أنهم لا يتوانون بدورهم على التنصت على كل حلفائهم كما أقر بذلك رئيس الوزراء مانويل فالس تعليقا على تسريبات ويكيليكس. ولم يكن المغرب خارج دائرة التجسس الفرنسي بعد أن كشفت المجلة الفرنسية «لونوفيل أوبسرفاتور» في تحقيق صحفي عن برنامج تجسسي فرنسي حظي بموافقة السلطات العليا في باريس للتنصت على المكالمات الهاتفية في عدد من دول المنطقة العربية بما فيها المغرب. هذا البرنامج التجسسي الضخم الذي خصصت له فرنسا إبان ولاية نيكولا ساركوزي غلافا ماليا وصل إلى 700 مليون أورو، وامتد خلال الفترة ما بين 2008 و2013 لا يختلف كثيرا عن البرنامج التجسسي الأمريكي، بالنظر إلى أنه شمل خصوم فرنسا وحلفاءها. هذا يعني أن المغرب وغيره من بلدان العالم كانت في قلب السباق التجسسي الغربي الذي شمل التنصت على مكالمات دبلوماسيين وسياسيين مغاربة. ويبدو أن تراكم الفضائح التجسسية سيكون له ما بعده، خصوصا إذا أدركنا أن المغرب لا يمتلك على غرار كثير من البلدان التي شملتها هذه البرامج الاستخباراتية التقنيات الكفيلة بصد هذه المحاولات أو التهرب منها. لكن هل المغرب هدف تجسسي فرنسي فقط؟ المغرب بلد مفتوح ومنفتح على روافد ومؤثرات ثقافية وحضارية عديدة. موقعه الجغرافي المتميز على بوابة إفريقيا وقربه الشديد من أوربا وارتباطه بالمشرق العربي، كلها امتيازات تدرجها التقارير الاقتصادية والسياحية ضمن مؤهلات هذا البلد، لكنها ليست مؤهلات للتنمية والاستثمار فقط، إنها كذلك ذرائع قوية للقوى الدولية والإقليمية من أجل تسليط عين الرقيب وأذن المتنصت على كل ما يجري فيه. تاريخيا كان المغرب دائما محط أطماع هذا الغرب الاستعماري، وكانت أرضه في كثير من المناسبات مسرحا لصراعات القوى الإمبريالية الكبرى ومن ثمة فضاء لحروب جواسيسها وعملائها. يكفي أن نتذكر صورة مدينة طنجة في المخيال الفني والأدبي الأوربي، فبالإضافة إلى كونها معبرا لتجانس الثقافات واختلاطها ونقطة فاصلة بين أوربا المتقدمة ومجاهل إفريقيا، كانت هذه المدينة دائما تحيل على صراعات «الكاجي بي» و»السي أي إي» وغيرها من أجهزة الاستخبارات الدولية. في طنجة كان الجواسيس إبان الحرب العالمية الثانية على الخصوص أكثر من الدبلوماسيين والسياح والتجار. هذه الصورة خلدتها أعمال سينمائية رائدة جعلت من عاصمة البوغاز واحدة من أعرق مدن الدنيا في إثارة فضول الباحثين عن عوالم الجاسوسية وأسرار المخابرات. وإذا كان حضور طنجة بجواسيسها يتأرجح بين الحقيقة والأسطورة، فإن تجسس إسبانيا على المغرب لا يندرج في هذا الإطار. الجارة الإيبيرية تراقب كل ما يجري في التراب المغربي، تتتبع كل صغيرة وكبيرة، تطورات الهجرة السرية، قضية الصحراء، المنافسة الاقتصادية المحتملة للمغرب، مشاريعنا النووية، مظاهر التطرف وجماعاته، كل هذه القضايا تشغل الإسبان وتدفعهم باستمرار إلى وضع المغرب على رأس القائمة في أجندة الاستخبارات. طائرات بدون طيار، وحواسيب مبرمجة، وتنصت على المكالمات وعملاء سريون، كل هذه الوسائل تجعل من جيراننا في الضفة الشمالية أكثر حلفائنا تجسسا علينا. وفي الجهة الشرقية للمغرب ليس الأمر بأهدأ حالا منه في الشمال. فالجزائر ومنذ أن كشرت عن أنياب العداء للمغرب بعد استقلالها وهي تسعى إلى اختراق الداخل المغربي بعملائها وتأثيرها ودعمها للمحاولات الانقلابية، ووقوفها وراء طروحات الانفصال في الصحراء المغربية. لا يوجد في العالم أكثر من الجزائر رغبة في التجسس على المغرب وعلى كل تطوراته. الجزائر مسكونة بهاجس التفوق العسكري منذ عقود، لكنها أيضا تسعى باستمرار إلى تفوق وهمي آخر يتعلق بالمعلومات، فالمخابرات الجزائرية التي بدأت مسارها بالاستفادة من خبرة نظيرتها المغربية، ليس لها من شغل شاغل سوى البحث عن كل الوسائل المتاحة لاختراق المغرب واقتناص أسراره من أجل مواصلة السباق الموهوم. أما أم الجواسيس التي تتجسس على المغرب، فهي الولاياتالمتحدةالأمريكية. واشنطن لم تترك بلدا في الدنيا لم تسمح لوكالة الأمن القومي بالتجسس عليه. وبعد أن التحقت فرنسا بألمانيا ضمن قائمة الدول التي تنصتت الولاياتالمتحدة على هواتف ومكالمات رؤسائها، فمن غير المنطقي أن نواصل الشك في أنها فعلت الشيء ذاته بالنسبة للمغرب. إدوارد سنودن العميل الأمريكي المتمرد سبق وسرب وثيقة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» تتضمن خريطة التنصت الأمريكي، وقد تبين أنها تشمل المغرب ضمن قائمة من عشرات البلدان. ومن الطبيعي بعد الربيع العربي وتأزم العلاقات المغربية الأمريكية لفترة وجيزة على خلفية توسيع صلاحيات المينورسو أن يقع المغرب ضحية لأجهزة التنصت الأمريكية. لكن ماذا عن أشهر جهاز استخبارات في العالم: الموساد الإسرائيلي؟ هذا الجهاز الذي سبق أن اغتال مواطنا مغربيا بالخطأ في النرويج، لم يكن مخطئا أبدا عندما تبينت علاقته المباشرة باغتيال الشهيد المهدي بن بركة. كما لم يعد يخفى بعد أن رفعت السرية عن وثائق تهم سنوات الخمسينيات في إسرائيل أن الموساد لعب دورا مباشرا في تهجير اليهود المغاربة إلى إسرائيل من خلال تشكيل فرق خاصة لبث الرعب في نفوسهم وخلق القلاقل في أوساطهم بالمغرب. لكن الخطير في تجسس إسرائيل على المغرب أنه قد بدأ يتطور أكثر، فإذا صدقنا تصريحات أحد المدراء السابقين لهذا الجهاز فقد نجحت الموساد في خلق شبكة من العملاء داخل التراب المغربي يعملون ليل نهار لتزويد المخابرات الإسرائيلية بالمعلومات.
كيف تراقب إسبانيا ما يجري في المغرب عن بعد؟ شيفرات وطائرات بدون طيار وأقمار صناعية ترصد تحركات وسكنات المغاربة إذا كان المغرب هدفا استخباراتيا لعدد من القوى الدولية فإن إسبانيا توجد في قلب هذه الحقيقة. لا يوجد بلد تجسس على المغرب والمغاربة أكثر من الجارة الإيبيرية. تاريخ التعاون أو الصراع الذي يجمع بين البلدين ينبئ باستمرار عن نشاط لا يتوقف لأجهزة المخابرات الإسبانية داخل التراب المغربي أو في أحوازه، بعد أن طورت مدريد كفاءاتها التجسسية عبر مختلف الوسائل سواء الكلاسيكية كتجنيد العملاء أو الحديثة المرتبطة بتقنيات الأقمار الصناعية أو التنصت. بين مدريد والرباط صراع قديم جديد يتطور تارة إلى درجة التعاون والتنسيق ويتراجع أحيانا أخرى لتعتريه حالة من الركود والقطيعة. كل الأزمات التي مرت في العلاقات بين البلدين وأشهرها أزمة انتهاك إسبانيا لسيادة المغرب على جزيرة ليلى تثبت دائما أن وراء النزاع اختراق تجسسي لا يكل ولا يمل، توظف فيه الجارة الشمالية ما تمتلكه من إمكانات لمراقبة الوضع في المغرب وضمان مصالحها والتحكم في عامل المفاجأة. فما يجمع البلدين من مصالح لا حصر له، اتفاقية الصيد البحري، الجالية المغربية، الاستثمارات الإسبانية، ملف سبتة ومليلية المحتلتين، قضية الصحراء المغربية وغيرها من الملفات تستدعي باستمرار نشاطا دائما للجواسيس وأجهزة التجسس. حصان طروادة بعد أن كانت في السابق توظف عملاءها بحثا عن المعلومات في أروقة القرار السياسي والاقتصادي المغربي، تتجه إسبانيا أكثر نحو التقنيات الحديثة لرصد المعلومات التي تبحث عنها داخل المغرب. في هذا السياق كانت «شيفرة حصان طروادة» واحدة من آخر الاختراعات الإسبانية التي وظفت لضبط حقل المعلومات المغربي. فقد لجأت إسبانيا إلى التجسس عبر برامج/ شيفرة خبيثة على عدد من الدول التي تعتبرها هامة بالنسبة إليها وعلى رأسها المغرب. هذا الأسلوب الجديد الذي كشفت عنه جريدة إلموندو يتعلق بنجاح سجلته المخابرات الإسبانية في إنشاء برنامج أو شيفرة خبيثة وزرعها في عدد من الحواسيب والهواتف في المغرب. ومكنت هذه التقنية المخابرات الإسبانية من التغلغل في 383 هاتفا وحاسوبا. وتروي جريدة إلموندو كيف قامت المخابرات بمطالبة أحد عملائها واسمه دفيد فيدال، الذي يحكي ذلك في كتاب ألفه، بالحصول على أكبر عدد من أرقام المسؤولين المغاربة وفي شتى المجالات لزرع الشيفرة الخبيثة. ويكتب فيدال «عندما طلبت مني المخابرات ذلك سنة 2005، شككت في إعدادها لشيفرة حصان طروادة... وإذا كنت تعرف هاتف ضابط شرطة وتزرع فيه شيفرة، هذا الضابط سيتحدث مع المدير العام للشرطة والأخير مع وزير الداخلية وهذا مع...ويتم زرع الشيفرة الخبيثة». وأكدت هذه العملية التي أنجزتها المخابرات الإسبانية ما بين 2007 و2014، المكانة التي يحتلها المغرب في أجندة المخابرات الإسبانية بسبب القضايا المشتركة التي سبقت الإشارة إليها، ويمكن أن ينضاف إليها ملف الإرهاب والمنافسة الاقتصادية. طائرات بدون طيار لكن مع تطور قطاع صناعة الطائرات بدون طيار التي أصبحت اليوم سلعة متاحة في الاتحاد الأوربي للمستهلكين العاديين لم يفت الإسبان أن يلجؤوا إلى هذه الآلية من أجل تكثيف مجهوداتهم التجسسية خصوصا في شمال المغرب. في الظاهر تتذرع إسبانيا في كثير من أنشطتها التجسسية بمراقبة حدود المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية والرغبة في التحكم في عمليات الاقتحام والهجرة السرية التي يقوم بها بالخصوص أفواج المهاجرين الأفارقة، إلا أن هذه الذريعة قد لا تقنع في كثير من المناسبات. وقد وافقت الحكومة الإسبانية في وقت سابق على سبيل التحضير لهذا النوع من التجسس على مقترح تقدم به الحزب الاشتراكي الإسباني تحت عنوان «الحدود الذكية» يسمح لإسبانيا بالاعتماد على طائرات بدون طيار ووضع رادارات بنقط استراتيجية على طول الشريط الحدودي للمدينتين السليبتين. ورغم الحظر التشريعي الأوربي لهذا النوع من الطائرات إلا أن تنامي حالات ضبط طائرات بدون طيار في شمال المغرب يبين أن المبررات الإسبانية الخاصة بالتحكم في الهجرة السرية ليست وحدها المبررات الحقيقية. ففي أكتوبر 2013 ضبطت عناصر الجمارك بميناء طنجة المتوسط طائرة صغيرة اشتبه في كونها تمارس أنشطة تجسس. وكانت هذه الطائرة مجهزة بأحدث تقنيات التصوير الفوتوغرافي وكاميرات فيديو متطورة وأجهزة التقاط بالصوت والصورة. كما حجز مع الطائرة أجهزة تلفزية صغيرة لعرض ما تسجله وتتبع حركات الطائرات أثناء التحليق. وتبين أن صاحب الطائرة المضبوطة إسباني كان برفقة شخص آخر من جنسية إيطالية. الأقمار الاصطناعية إضافة إلى تشغيلها للشفرات الإلكترونية والتنصت على الهواتف وتوظيف الطائرات بدون طيار لا تكتفي إسبانيا بكل ذلك، بل تتزود باستمرار بأنظمة رادارات وأقمار اصطناعية تضمن لها التفوق المعلوماتي على المغرب. وهذا ما يجسده القمران الاصطناعيان الإسبانيان اللذان يعملان بالأشعة تحت الحمراء للرؤية، وأصبحا حاليا من أبرز الأقمار الاصطناعية التجسسية، التي تعتمد عليهم إسبانيا في التجسس على المغرب. يتعلق الأمر بكل من القمر الاصطناعي هيليوس 2A وهيليوس 2B. وقد انطلق العمل بهذا الأخير في دجنبر من سنة 2009. ورغم أن القمرين التجسسيين هما فرنسيان، حيث تمثل نسبة الدولة الفرنسية بهما نسبة 90 في المائة، فإن النسبة المتبقية لإسبانيا في جمع المعلومات الاستخباراتية تبقى جد مهمة مقارنة بأغلبية الدول العظمى. ويقوم هذان القمران التجسسيان بتسجيل ما يحدث فوق تراب أي بلد مجاور لإسبانيا يمثل لها استراتيجية كبرى في سياستها الخارجية وعلى رأس هذه البلدان يأتي المغرب. ويستطيع هذان القمران معاينة وتسجيل ورصد تحركات أي كتيبة عسكرية، أو أي فيلق للجيش فوق التراب المغربي.
المخابرات الجزائرية ووهم سباق التفوق حرب طويلة من التجسس لا تزال تلقي بظلالها على العلاقات مع الجيران لم يكن المغرب يدرك وهو يساهم في بناء الجزائر المستقلة، بما في ذلك تقديم الخبرة لأجهزتها الأمنية عقب الثورة الجزائرية أن هذه الأجهزة ستوجه نشاطها الرئيسي بعد ذلك لرصد وتتبع ما يجري في المغرب والتجسس على كل صغيرة وكبيرة، من خلال شبكة من العملاء المحليين والدوليين، ثم لاحقا من خلال أجهزة التجسس الحديثة كالأقمار الاصطناعية. ومنذ أن توترت العلاقات بين البلدين عقب حرب الرمال سنة 1963 لم يعد هناك مجال للتعاون أو التنسيق بين الاستخبارات بل انطلقت رسميا حرب طويلة من التجسس لا تزال تلقي بظلالها على العلاقات بينهما وتتأثر زيادة أو تراجعا بالأزمات اللامتناهية بينهما. بعد أن تعقدت العلاقات المغربية الجزائرية أكثر بسبب التدخل الجزائري في قضية الوحدة الترابية للمغرب، واصطفاف الجنرالات الجزائريين في صف الطرح الانفصالي، وتحول ملف الصحراء إلى عقيدة ثابتة في تدبير العلاقات الخارجية، أضحى الحصول على المعلومات بخصوص ما يجري في المغرب في قائمة أجندة المخابرات الجزائرية. عملاء أطلس إسني بعد أن اختارت الجزائر الانضمام إلى المعسكر الشرقي سلمت رسميا جهاز مخابراتها للاتحاد السوفياتي وأصبح المغرب الذي اختار التوجه الليبرالي مبكرا هدفا رئيسيا لأنشطة هذا الجهاز. بدأ مسلسل الاختراق إبان الصراع في الحرب الباردة الذي كانت الملكية فيه هدفا رئيسيا لموجة الانقلابات التي شهدها العالم العربي، وكانت ليبيا ثم الجزائر طرفين رئيسيين في كل المحاولات التي سعت إلى إلحاق المغرب بالأنظمة العسكرية في المنطقة. وقد سيطر هاجس زرع عدم الاستقرار على عمل وأنشطة المخابرات الجزائرية لفترات طويلة إلى أن اتضح ما كان خفيا في أبريل 1994 عندما استهدف عمل إرهابي فندق أطلس إسني بمراكش. في هذا السياق كشفت شهادة عميل المخابرات الجزائري المدعو كريم مولاي حجم تورط الاستخبارات الجزائرية في هذه العملية. لكن المثير في هذه الشهادة ما أورده العميل حينذاك عن دخوله إلى المغرب إبان التحضير لهذه العملية سبع مرات متخفيا في صفة موظف بالتعليم العالي، في حين أن مهمته حينها كانت تتجسد في توفير الدعم اللوجيستي لما سيحدث. وفي هذه الشهادة يفصح كريم مولاي عن طرق تجنيده لبعض العملاء والموظفين والمسؤولين المغاربة الذين وفروا له معلومات كانت تبحث عنها المخابرات الجزائرية بخصوص بعض أعضاء وعناصر الجماعات الإسلامية الجزائرية المقيمين في المغرب. وعن حجم الإغراء المالي الكبير الذي كانت تقدمه المخابرات الجزائرية للعملاء الناشطين في المغرب مقابل المعلومات التي يقدمونها. لكن المثير في هذه الشهادة هو عدد العملاء الجزائريين الذي ادعى كريم مولاي أنهم يعملون معه والذي بلغ 15 عميلا يتوزعون بين مراكش والدارالبيضاء، وغالبيتهم كانت تقيم بالدارالبيضاء في أحياء عين السبع والمعاريف وعين الذئاب. كريس كولمان رغم أن ملف الإسلاميين الجزائريين الفارين من الجزائر لم يعد من أولويات الاستخبارات الجزائرية اليوم، إلا أن هذا لا يعني أن النشاط التجسسي الجزائري الموجه ضد المغرب قد توقف. آخر مؤشرات هذا النشاط المكثف هي تلك التي عرفت بتسريبات «كريس كولمان» على شبكة المنتديات الاجتماعية «تويتر» وهمت اتصالات مسؤولين مغاربة وكذا وثائق جد حساسة ترتبط بالأمن والجيش في المغرب. وقد عززت هذه التسريبات من حقيقة انشغال الاستخبارات الجزائرية بالتجسس على المغرب على رغم ادعاءات جزائرية بأنها لا علاقة لها بهذه التسريبات. المعلومات الحساسة التي أوردتها صفحة كريس كولمان تعيد إلى النقاش بعض الطروحات التي تتحدث عن تغلغل الجزائر في المغرب من خلال بعض هيئات المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين والإعلاميين وخصوصا الناشطين في الأقاليم الجنوبية. ومن الطبيعي بالنظر إلى العلاقة الوثيقة القائمة بين الجزائر ومشروع الانفصال أن تكون الأقاليم الجنوبية أكثر المناطق المغربية استهدافا بالتجسس الجزائري. وتحت هذا العنوان تحمل الاستخبارات الجزائرية هواجس عدة، فمن جهة تسعى باستمرار إلى مراقبة ما يجري في الصحراء المغربية من أجل استثماره في المناورات الدبلوماسية التي تسعى من خلالها الجزائر دائما إلى ربح معاركها الصغيرة في مواجهة الموقف المغربي على الصعيد الدولي. وقد أظهرت محاكمة المتورطين في أحداث إكديم إزيك مدى التغلغل الجزائري في الأقاليم الجنوبية، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرئة الجزائر من الأحداث المأساوية التي أودت بحياة عدد من عناصر الأمن. وبالمقابل يرى بعض المراقبين أن تسريبات «كريس كولمان» أتت بنتائج عكسية بالنسبة للموقف الجزائري، فبقدر ما حاولت الجزائر البقاء بعيدا عن كشف مسؤولياتها في هذا التسريب، بقدر ما سعت من خلاله إلى إظهار تفوق مزعوم على المغرب في المجال الاستخباراتي وخصوصا من خلال القرصنة الإلكترونية. فالجزائر التي تبني توازناتها الداخلية على الصراع الأزلي والمفتعل مع المغرب تحاول بين الفينة والأخرى الظهور بمظهر المنتصر في معارك تبقى في النهاية بعيدة عن انشغالات وهموم الشعب الجزائري والطبقة السياسية الجزائرية. التجسس على حدود مغلقة هذا الانشغال الدائم والهاجس الذي لا يكاد يتوقف بالسعي نحو تفوق مزعوم هو ما يدفع الجزائر كذلك إلى اقتناص كل المعلومات المتعلقة بتسلح المغرب من أجل مجاراة السباق الذي تغذيه أموال البترول. وهذا ما يفسر على سبيل المثال إقدام الجزائر على اقتناء صفقات من الرادارات والطائرات التجسسية لتوظيفها في رصد ما يجري على الحدود المغربية. ولإدراك حجم الهوس الجزائري بالتلصص على الجيران يكفي التذكير بأن الجزائر اقتنت في صفقة واحدة قبل مدة 30 طائرة من دون طيار بهدف التجسس على المغرب ومراقبة حدودها. هذه الصفقة التي كلفت 65 مليون دولار تنضاف إلى سعي دائم للتحكم بأجهزة التجسس على حدود المغرب المغلقة أصلا والتي ترفض الجزائر فتحها منذ سنوات.
المغرب في قلب خريطة التجسس الأمريكي الإرهاب هو المبرر الرئيسي الذي تقدمه أمريكا للقيام بعملياتها التجسسية منذ أن كشفت صحيفة «واشنطن بوست» في الصيف الماضي عن وثيقة تؤكد أن عمليات التجسس الأمريكي شملت 193 بلدا من بينها المغرب، لم يعد هناك شك أن الأمريكيين لم يستثنوا المغرب من مشروع تجسسي ضخم وقع ضحيته أقرب الحلفاء كفرنسا وألمانيا. ورغم الأزمة الدبلوماسية التي خلقتها فضيحة التجسس على هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ثم الأزمة القائمة اليوم بين واشنطنوباريس للأسباب نفسها يبدو أن الأمريكيين مصرون من خلال وكالة الأمن القومي على التحكم في كل أسرار العالم بمبرر استباق العمليات الإرهابية. والإرهاب هو المبرر الأساسي الذي تقدمه واشنطن فيما يخص عمليات التجسس بمنطقة شمال إفريقيا التي يتأكد يوما بعد يوم أنها شملت المغرب ومسؤوليه. ولم تأت الوثيقة التي نشرتها «واشنطن بوست» بجديد بالنظر إلى أن صحيفة «الغارديان» البريطانية سبقت ذلك عندما توقع الصحافي البريطاني أنه من غير المستبعد أن يكون المغرب من الدول التي تعرضت مؤسساتها الحكومية للتنصت من قبل أجهزة وكالة الأمن القومي. وحسب ما سبق أن أوضحه الصحافي البريطاني بخصوص الجهات المغربية التي استهدفتها مصالح التجسس الأمريكية، فإن الأمر يتعلق بالتنصت على مسؤولين حكوميين، مفترضا أن عمليات التجسس تزايدت خلال الأزمة المغربية – الأمريكية العابرة، بسبب موقف واشنطن من مقترح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية المغربية، وما ترتب عنه من توقيف مناورات «الأسد الإفريقي» التي تجمع القوات المغربية والأمريكية في جنوب المملكة. كما يعتقد بعض المراقبين أن عمليات التجسس الأمريكي ازدادت كثافة إبان اندلاع الربيع العربي في 2011. وإذا استحضرنا أن المغرب رغم الاستثناء الذي شكله في المنطقة لم يكن بعيدا عن بؤر الثورات، وعلمنا أن المغرب أيضا لا يتوفر مثله مثل جل الدول الخاضعة للتجسس الأمريكي على تقنيات خاصة لتجنب التنصت خصوصا على شبكات الهاتف المحمول، فإن التوقعات بخضوع المغرب للبرنامج الجاسوسي الأمريكي تصبح يقينا. ويعتبر الكشف عن خضوع الرؤساء الفرنسيين الثلاثة جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند للتنصت الأمريكي على مكالماتهم دليلا جديدا يؤكد الاحتمالات بخضوع المغرب ومسؤوليه للتجسس بالنظر إلى العلاقة الاستراتيجية والشراكة السياسية والاقتصادية التي تجمع المغرب بفرنسا. وإضافة إلى ذلك لا تخفي قيادة «أفريكوم»…أنها تعمل باستمرار على جمع المعلومات ذات الطابع الاستخباري بحجة مكافحة الإرهاب، مما يعني أن مكالمات المسؤولين والمواطنين في دول شمال إفريقيا ومنها المغرب كانت موضوع تنصت هاتفي، خصوصا بعد أن أصبح المغرب ابتداء من سنة 2011 من بين الدول التي شهدت صعودا للأحزاب الإسلامية إلى السلطة لتنضاف إلى تونس ثم تلحق بهما مصر بعد ذلك. ويعتبر المغرب بالنظر إلى الاستثناء الذي شكله في المنطقة التي شهدت ثورات انتهى بعضها بحروب أهلية أو انقسامات نموذجا قد يدفع الأمريكيين إلى محاولة فهم ميكانيزمات وأسباب تميزه، وهو الأمر الذي لا يتأتى في العلن فقط، بل يقوم أيضا على رصد ما يجري في الكواليس. وإضافة إلى وكالة الأمن القومي، يعتبر الجيش الأمريكي من بين المؤسسات المهتمة بالمعلومات الخاصة بالمغرب. فحسب بعض التقارير الإعلامية فإن الجيش الأمريكي طلب من إحدى الشركات المعروفة بتخصّصها في جمع المعلومات ووضع الخرائط بواسطة الأقمار الاصطناعية، وهي شركة «DigitalGlobe»، إمداده بخريطة مفصّلة عن المغرب، تتضمّن معلومات كاملة تشمل مسحا جغرافيا لترابه، مع تركيب جميع المعلومات الخاصة بباطن الأرض، وما توصّلت إليه الأبحاث حول مخزوناتها المعدنية والطاقية، وحصر لائحة الشركات التي تعمل داخله في مجال التنقيب عن المعادن والطاقة، ومسحا سوسيولوجيا شاملا للسكان، ديمغرافيا واثنيا ودينيا، ثم رسما واضحا للمسالك التي تمرّ بها جميع أنشطة التهريب والاتجار في البشر والاتجار في السلاح، علاوة على كلّ التجهيزات والبنيات العسكرية وأجهزة الاتصال بمختلف أنواعها، بما فيها الاتصالات الهاتفية، والمستشفيات ومقاهي الإنترنت والسفارات الأجنبية والمطارات والمدارس والمواقع السياحية والمراكز الثقافية. ورغم أن هذا المشروع التجسسي لم يشمل المغرب وحده إلا أنه يظهر بدوره مدى الأهمية الاستراتيجية التي توليها الولاياتالمتحدةالأمريكية للتطورات الحاصلة في المغرب مقارنة بجيرانه وبمناطق أخرى صاعدة عبر العالم. فقد شملت هذا المشروع المعلوماتي التجسسي بواسطة الأقمار الصناعية، بلدانا أخرى مثل الأردن وجيبوتي وبرمانيا والهندوراس ونيجيريا وترينيداد طوباكو وبوركينافاسو وجنوب السودان وكوريا الشمالية وأحد أقاليم الصين. ورغم كل هذه المعطيات التي تؤكد أن المغرب يوجد في قلب الاهتمامات التجسسية الأمريكية إلا أن خريطة التجسس الأمريكية التي كشف عنها العميل الأمريكي إدوارد سنودن، وسبق أن نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية لم تضع المغرب ضمن الدول الأكثر خضوعا للتجسس من حيث حجم المعلومات والمكالمات المرصودة من طرف وكالة الأمن القومي. فقد جاء المغرب في مرتبة متوسطة، فإذا كانت الوكالة قد سجلت في فرنسا على سبيل المثال أكثر من 70 مليون مكالمة شهريا فإن الأرقام التي أظهرتها الخريطة لا تتعدى 10 ملايين مكالمة بالنسبة للمغرب. لكن البعض يرى أن هذا الرقم متناسب إلى حد كبير بالنظر إلى أن حجم شبكة الاتصالات المغربية ولا عدد المكالمات الدائرة فيه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقارن بنظيره الفرنسي. لكن خطورة فعل التجسس طبعا لا يمكن أن تقاس بحجم ما تم رصده من معلومات بقدر ما يراعى في تقويمها الجانب المتعلق بخرق السيادة الوطنية. ويبدو أن الولاياتالمتحدة قد ذهبت بعيدا في خرق سيادة دول العالم كلها وبدون استثناء. وفي سياق الحديث عن السيادة يطفو على السطح ملف تجسسي آخر يهم المغرب يتعلق بتمكن وكالة الاستخبارات الأمريكية ونظيرتها البريطانية من اختراق شرائح الهاتف التي توفرها مئات من شركات الاتصالات لزبنائها حول العالم. وفي هذا الإطار كشفت وثائق مسربة أن معطيات جوازات سفر المغاربة التي أنجزتها شركة «غيمالتو» ربما تكون تحت أنظار المخابرات الأمريكية ونظيرتها البريطانية، على اعتبار أن هاتين الأخيرتين تمكنتا من فك الشفرات الخاصة التي تستعملها الشركة في إنجاز الوثيقة المذكورة. وأظهرت التسريبات أن عملاء الاستخبارات اخترقوا الشرائح التي استعملها مواطنون في اتصالاتهم بشكل مكنهم من مراقبة دائمة لمحتويات الاتصالات الصوتية والرسائل النصية المرسلة أو القادمة إلى الشريحة، وتوفر الشركة الهولندية «غيمالتو» شرائح الهاتف ل450 شركة اتصالات عبر العالم، بما فيها شركات عاملة في المغرب. ومن المحتمل أن يكون الوصول إلى مفاتيح التشفير مكن الوكالة الأمريكية من اختراق اتصالات ملايين المغاربة دون طلب إذن قضائي أو بتعاون مع السلطات، أو حتى بعلمها، حيث إن عملية التجسس باستخدام مفاتيح التشفير الأصلية لشرائح الاتصالات لا تترك أي أثر يمكن أن ينبه المستخدم أو شركة الاتصالات إلى عملية الاختراق.
اختراقات الموساد.. من تهجير اليهود إلى الفايسبوك التطبيع مع الكيان الصهيوني واحد من مداخل تسهيل الاختراق الإسرائيلي للمغرب لا تخفي إسرائيل نيتها التوسع على المستوى الاستخباراتي في منطقة المغرب العربي. بالنسبة لتل أبيب تعد هذه المنطقة ملعبا قديما جديدا يجب استثماره للأغراض الأمنية والاستراتيجية للدولة الصهيونية. فتاريخيا تبين أن جهاز الموساد، الذي تدخله أساطير المخابرات في خانة أخطر الأجهزة الاستخباراتية عالميا، كان حاضرا مبكرا في شمال إفريقيا وفي المغرب بعيد تأسيس الكيان الصهيوني مباشرة. تهجير اليهود كان الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي للمغرب والذي تكشف أخيرا بعد رفع السرية عن وثائق تهم فترة الخمسينيات مرتبطا أساسا بالمساهمة في تهجير اليهود المغاربة. لم يكن من الممكن لقادة الكيان الصهيوني أن يتجاوزوا المعطى الديمغرافي الذي يشكله اليهود المغاربة بالنظر إلى باقي يهود العالم، فكان لزاما عليهم التفكير جديا في استقطابهم إلى الكيان الصهيوني اختيارا أو جبرا. وفي هذا السياق قامت المخابرات الإسرائيلية في الخمسينيات بتدريب قرابة أربعين من يهود الجزائر وتونس والمغرب بإسرائيل ليشكلوا فرقا شبه عسكرية سرية كلفت بمهام خاصة. وتظهر التقارير التي كشفت عنها الصحف الإسرائيلية قبل سنتين كيف تم تكليف العميل شلومو غابيليو للإشراف على هذه المجموعات بعد موافقة رئيس الكيان الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن غوريون، وذلك بناء على مبادرة قام بها رجل الأعمال المغربي اليهودي الأصل سالومون أزولاي، الذي فر بعد ذلك إلى إسرائيل والذي يصف نفسه عبر كتاباته بأنه من مؤسسي الدولة اليهودية على أرض فلسطين. وقد قام بالتخطيط لهذا المشروع العسكري خلال السنوات الأولى التي تلت إنشاء الدولة العبرية سنة 1948 مدير المخابرات الإسرائيلية آنذاك عيزر هاريل. وقد تم تدريب هذه المجموعات في ثكنات الجيش الإسرائيلي بضواحي تل أبيب لمدة أربعة أشهر خضعت خلالها للتقنيات العسكرية، سيما العمليات الإرهابية بما فيها المتفجرات والاغتيالات فضلا عن عمليات الخطف والحماية الشخصية كما يضيف التقرير. وبعدها خضعت لمدة 9 أشهر لتكوين إضافي في أحد مراكز الموساد، كما تلقى عناصر هذه الوحدة تكوينا مكثفا في الديانة اليهودية. وتوضح تقارير الموساد أن هذه المجموعات اكتسبت قدرة فائقة على الاختراق والتجسس فضلا عن الدعاية. وحسب التقارير المذكورة فإن مهمة هذه المجموعات كانت تتمثل في زرع الرعب وسط يهود المغرب لإجبارهم على المغادرة إلى إسرائيل التي كانت بحاجة إلى مستوطنين. هذا ما يتقاطع مع ما نشره المؤرخ الإسرائيليّ، د. يغآل بن نون، من جامعة بار إيلان، المتاخمة لتل أبيب، الذي كشف النقاب عن أنّ جهاز الموساد الإسرائيليّ أرسل في أوائل الستينيات من القرن الماضي خلية كبيرة بأمر من القائد أيسر هارئيل، لتنفيذ أعمال إرهابية ضدّ اليهود، واتهام السلطات المغربيّة بذلك، لكي تسمح للحركة الصهيونيّة باستجلابهم إلى فلسطين المحتلّة. وبحسب البحث، الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة، فإنّ رئيس الموساد قال إنّه من أجل تنفيذ العملية، يتحتّم على الموساد تقديم «شهداء يهود»، وبعد فترة قصيرة جداً، قامت السلطات المغربيّة باعتقال شابين يهوديين مغربيين، من عملاء الموساد، وخلال التحقيق معهما توفيّا إثر التعذيب، كما أنّ شاباً ثالثاً قُتل في السجن نتيجة التعذيب. ويلفت المؤرخ الإسرائيليّ، الانتباه في بحثه إلى قيام الموساد الإسرائيليّ بترك العملاء المحليين في المغرب ليقعوا في أيدي السلطات. 300 عميل لكن هذا الاختراق الذي استغل خروج المغرب لتوه من الاحتلال الفرنسي لا يعني نهاية القصة. فقد واصلت إسرائيل من خلال الموساد عملياتها التجسسية وتعبئة عملائها في المغرب في سنوات لاحقة عرفت صراعا عربيا إسرائيليا طويلا توج بحربي 1967 و1973. وفي هذا الإطار استمر الضباط الإسرائيليون بين الفينة والأخرى في كشف مجموعة من الأسرار المتعلقة باختراقهم للمغرب، ومن بينها الطرق والوسائل التي كان يدخل بها مسؤولون إسرائيليون سابقون إلى المغرب دون التعرف عليهم. وفي هذا السياق يكشف أحد الضابط، بخصوص تحركات رجال الموساد إلى عدد من البلدان ومن بينها المغرب، أن الرئيس الإسرائيلي السابق إسحاق رابين حل بالمغرب متنكرا بشعر مستعار أشقر، ودخل البلد باسم مستعار، وهو ما جعل التعرف عليه مهمة صعبة حتى إلى أقرب المقربين منه. وتشير الرواية ذاتها إلى أن موشي ديان، وزير الخارجية آنذاك في حكومة إسحاق رابين، حل بالمغرب بدوره متنكرا، موضحا أنه ارتدى قبعة فيدورا وأزال رقعة العين التي كان يضعها، كاشفا أن التنكر كان متقنا بشكل كبير إلى درجة أنه كان من الصعب حتى على رجال الموساد التعرف عليه. لكن أخطر المؤشرات المتعلقة باختراق الموساد هي التي كشف عنها جنرال إسرائيلي قبل سنتين عندما حدد عدد عملاء الموساد في المغرب وقدرهم بحوالي 300 عميل. وكشف الجنرال آموس يادلين، مدير الاستعلامات العسكرية الإسرائيلية أن هؤلاء العملاء يتوزعون بين أعوان أجانب ومتعاونين مغاربة. وفي هذا التصريح أكد الجنرال آموس يادلين، للقناة التلفزيونية السابعة الإسرائيلية، أن مصالح الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من توظيف متعاونين في 11 دولة عربية منها المغرب. مضيفا أن مصالح الموساد تضم 3000 عميل في الدول العربية يعملون طيلة العشريتين الأخيرتين، في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن والسودان والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان والمغرب. ويعتبر التطبيع مع الكيان الصهيوني واحدا من المداخل التي يرى مراقبون أنها تسهل الاختراق الإسرائيلي للمغرب. فتأسيس مكتب للاتصال الإسرائيلي على غرار ما جرى في عدد من الدول العربية ليس سوى غطاء لأنشطة الموساد التي عرفت بأن سفاراتها وتمثيلياتها الدبلوماسية عبر العالم لا تقتصر في أنشطتها على تدبير شؤون جالياتها وعلاقاتها الخارجية، بقدر ما تشكل بؤرا للتجسس وتجميع المعطيات والمعلومات وتجنيد العملاء لصالح إسرائيل التي تعتبر الموساد كذلك أداة لترهيب كل من يمثل المقاومة الفلسطينية أو يساندها عبر العالم. وفي هذا الإطار يحرص النشطاء المغاربة المناهضون للتطبيع مع إسرائيل مما قالوا إنه خطر يهدد الأمن القومي المغربي، متمثلا في «تعزيز» الموساد الإسرائيلي لشبكة من عملائه بالمغرب. وقد سبق لخالد السفياني، المنسق الوطني لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، أن ذكر بما ورد في تصريح رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عاموس يادلين من كون الموساد قد استكمل إنشاء شبكة من العملاء بالمغرب «جاهزة لزعزعة استقرار المملكة في أي وقت»، معتبرا أن ما صرح به «هذا الإرهابي يشكل تهديدا للأمن القومي المغربي ويتطلب تحركا عاجلا من طرف مسؤولينا». وإذا كان الموساد في عملياته التاريخية السابقة وتوغلاته في الداخل المغربي يلجأ إلى الوسائل الكلاسيكية، من خلال تجنيد عملاء يتنقلون عبر جوازات سفر أجنبية ويتبادلون المعلومات في عواصم عالمية، أضحى توظيف المخابرات الإسرائيلية على غرار باقي الأجهزة العالمية لوسائل الاتصال الحديثة أمرا ملحوظا. وهذا ما سبق أن أكده اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية. فقد كشف في تصريحات سابقة أن جهاز الموساد الإسرائيلي لم يترك أية وسيلة إلا واستخدمها لتجنيد العملاء لصالحه، مشيرا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت في دائرة الاستهداف ويحاول الموساد الإسرائيلي استخدامها لتجنيد العملاء، مطالبا الشباب العربي والفلسطيني بالحذر والوعي بشأن مع من يتحدثون عبر تلك المواقع ومع من يتواصلون. وجاءت تحذيرات الضميري ومطالبته بضرورة الحذر والوعي بشأن كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ظل مخاوف من حملة يقوم بها الموساد الإسرائيلي لتجنيد عملاء له في معظم دول العالم العربي، وخاصة في مصر، وتونس، والمغرب، والعراق، والسودان، واليمن، ولبنان، وإيران، وليبيا، وفلسطين، وسورية. وتحدثت مصادر إسرائيلية عن إطلاق إسرائيل حملة لتجنيد عملاء لها في كل هذه البلدان وذلك عبر الإنترنت. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إنّ جهاز الموساد للاستخبارات والعمليات الخاصة، أطلق أكبر حملة في تاريخه لطلب عملاء وعاملين في كل المجالات بداية من النجارين والحرفيين وحتى الخبراء في مجال الكيمياء. ولفت المراسل للشؤون السياسيّة في الصحيفة إلى أن الحملة المذكورة جاءت تحت شعار (مع أعداء كهؤلاء- نطلب الأصدقاء)، ويمكن للجميع الدخول إليها على موقع الموساد الإلكتروني والتسجيل فيها للعمل مع المخابرات الإسرائيلية، وانتشرت الحملة بسرعة كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي والفيسبوك.
طنجة.. عاصمة الجاسوسية في التاريخ والأسطورة تاريخ المدينة باعتبارها «مدينة الجواسيس» حول إليها أنظار الفنانين والسينمائيين لم تكن رواية «جاسوسة طنجة» للكاتبة الإسبانية ماريا دوينياس والتي حققت أعلى المبيعات في إسبانيا بعد صدورها في 2012 أول أو آخر الأعمال التخييلية المستوحاة من تاريخ عاصمة البوغاز المرتبط بالأسرار والجاسوسية والمؤامرات. لقد ارتبط اسم المدينة بحكم موقعها الجغرافي وظروفها التاريخية الخاصة بدسائس المخابرات في الخيال والواقع وشكلت باستمرار ملعبا لصراع الأجهزة المخابراتية الدولية، وخلد ذلك الفيلم الأمريكي الشهير «كازابلانكا» الذي رغم اختياره لاسم الدارالبيضاء كعنوان إلا أن كثيرا من النقاد أولوا هذا العمل على أنه توصيف لواقع طنجة إبان الحرب العالمية الأولى. لكن ما الذي جعل طنجة عاصمة ووكرا من أوكار الجاسوسية العالمية؟ مدينة دولية بعد التوقيع على الاتفاق الشهير ببروتوكول طنجة سنة بين فرنسا،إسبانياوالمملكة المتحدة أصبحت طنجة بموجب هذا البروتوكول منطقة دولية، وتم خلق هيئة تشريعية دولية لحكم المدينة. واستمرت وضعية المدينة تحت هذا الإطار إلى حدود 1940 حيث ستخضع للاحتلال الإسباني قبل أن تعود للوضع الدولي بموجب اتفاقية باريس 30غشت 1945 بين فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفياتي. وكانت الوضعية الإدارية للمدينة تنص على إقرار أجهزة إدارية متنوعة، فمن جهة تم تعيين المندوب السلطاني الذي يمثل السلطان المغربي، ويحرص على احترام المغاربة للنظام الدولي، يترأس المجلس التشريعي لكن ليس له حق التصويت. ومن جهة أخرى تم تشكيل المجلس التشريعي الذي يتكون من 18 نائبا أجنبيا و6 مغاربة مسلمين و3 مغاربة يهود. ويقوم هذا المجلس بسن القوانين التنظيمية. كما تم تعيين المدير الذي يتولى المنصب لمدة 6 سنوات ويعينه المجلس التشريعي. وفي الجانب الأمني أوكلت مهام حفظ النظام لجهاز الدرك الذي كان ينقسم إلى مشاة وخيالة. كما تم استحداث لجنة المراقبة التي تتكون من قناصل الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة على الخضراء وتجتمع مرتين في الشهر، بالإضافة إلى محكمة مختلطة تتكون من سبعة قضاة تفصل في النزاعات الجنائية والمدنية والتجارية. وبعد أن اقتسمت القوى الاستعمارية الكبرى كعكة المدينة من الناحية الإدارية كان من الطبيعي أن تعرف طنجة هيمنة للأجانب على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وبالخصوص الإسبان والفرنسيون والإنجليز، حيث احتكروا الأنشطة الاقتصادية بمنطقة طنجة من خلال الشركات التجارية والبنكية وأنشطة التهريب، وقد استفادوا من امتيازات متعددة منها ضعف أجور العمال، وانخفاض أثمان العقار، وندرة الرسوم الجمركية…، ورغم كونهم شكلوا أغلبية السكان، فقد كانت أوضاع المغاربة جد بئيسة، وزاولوا أنشطة متواضعة كخدام البيوت وتجار وحرفيون صغار. صراع الحرب العالمية ووسط هذا الصراع والتنافس الشديدين اللذين عاشتهما المدينة بسبب تواجد كل التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية فيها، وكذا تنامي أطماع كل القوى الاستعمارية الناشئة أو التاريخية، كان من الطبيعي أن يحتد الصراع الخفي بين أجهزة الاستخبارات والجواسيس الذين كانوا يجدون في مدينة صغيرة ما لا يجده غيرهم في بلد واسعة من المعلومات والمعطيات خصوصا إبان وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية. لقد أصبحت المدينة الصغيرة في شمال المغرب بمثابة العاصمة الدبلوماسية ليس فقط للمغرب وحده بل لكل القوى الدولية وخصوصا منها الأوربية. وقد شكلت زيارة القيصر الألماني غيوم الثاني في 1905 إيذانا بانطلاق الصراع المحموم بين جواسيس أوربا بعد أن اعتبرت هذه الزيارة من طرف فرنسا وإنجلترا تسابقا من طرف الألمان على ضمان موطئ قدم في المغرب. لكن هذه المحاولة الألمانية سرعان ما ستفشل بعد أن استغل الحلفاء الحرب العالمية الأولى لطرد كل الألمان من مدينة طنجة قبل أن يعودوا إليها بعد احتلال إسبانيا لها في 1940 ويحظوا بتواجد رسمي ودبلوماسي. في هذا التاريخ بالضبط ستصبح طنجة باعتبار موقعها الاستراتيجي حلقة رئيسية في المراقبة وتسيير العمليات بالنسبة للدول المتصارعة في الحرب العالمية الثانية خصوصا وأن منطقة البحر الأبيض المتوسط كانت تجسد هذا الصراع بقوة. أصبحت طنجة حينها جنة الجواسيس ورجال المخابرات والحرب الباردة والهادئة بين مختلف القوى الدولية وأجهزة الاستخبارات البريطانية والألمانية خصوصا بعد الهزيمة الفرنسية ضد الألمان وخضوع باريس لحكم الرايخ الألماني. كما أصبحت طنجة وكرا حقيقيا للجواسيس الروس بعد تقسيم ألمانيا النازية لغربية وشرقية وكذا للجواسيس الإسبان حيث كان الفرانكاويون يتجسسون على نظرائهم اليساريين والشيوعيين. وشكلت حفلات النخب الأوربية بالنسبة للكثير من الجواسيس مناسبات هامة لاقتناص ما يمكن من المعلومات من أجل خدمة الدول التي تجندهم. كثيرا ما قدمت بعض الأعمال الروائية والسينمائية مدينة طنجة في صورة أسطورة خالدة للجاسوسية والمؤامرات والدسائس. وشكلت مقاهي سوق الداخل كمقهى سنترال وفونتيس وساحة سنترال التي اكتسبت شهرة كبيرة بوجودها في قلب سوق الداخل والتي تضم محلات الذهب والعملات ومراكز البريد والتلغراف والسينما والمقاهي والحانات والكنائس والمساجد، وغيرها من الفضاءات التي اشتهرت بها المدينة مثل مقهى الحافة الشهير الموجود بمرشان كلها شكلت فضاءات تحتضن الخيال والأحداث الدرامية للعديد من الأعمال الفنية التي استوحت طنجة كمدينة حبلى بالجواسيس، حيث كثيرا ما صورت هذه الأعمال بعض الجواسيس يتبادلون المعلومات والأسرار في هذه الفضاءات. جواسيس طنجة في السينما تاريخ المدينة باعتبارها «مدينة الجواسيس» حول إليها أنظار الفنانين والسينمائيين بشكل أصبح معه من الصعب التمييز بين الأسطورة والتاريخ. فقد أصبحت المدينة مصدر إلهام ومسرحا لبعض أفلام المغامرات على شاكلة جيمس بوند مثل الفيلم الإيطالي «077 تجسس في طنجة»، الذي يروي قصة العميل مورفي الذي يعمل لحساب المخابرات الأمريكية يبحث عن اختراع نووي ضاع في المدينة. وعلى غرار هذا العمل سبق للفيلم الفرنسي المنتج سنة 1949 تحت عنوان «مهمة في طنجة» أن قدم المدينة بالوجه ذاته. إذ يحكي هذا الفيلم قصة إرسال وثائق سرية من طنجة إلى لندن سنة 1942 في أوج الحرب العالمية الثانية. وقبل هذين الفيلمين اشتهر فيلم «حذر في المتوسط» الذي أنتج سنة 1938 وشاركت في إنجازه البحرية الفرنسية وسيجمع ثلاثة ضباط من البحرية الألمانية والفرنسية والبريطانية ليعكس بذلك التنوع والصراع الذي كان محتدما في المدينة. وفي فيلم «القتل ليس لعبا» المنتج سنة 1987 يقوم جيمس بوند بتخليص المنشق الروسي غريغوريو كوسكوف من جنرال كا جي بي القاسي بوشكين بعد أن تعرض للاختطاف بمدينة طنجة. وفي هذا الفيلم إحالة على إحدى العمليات الشهيرة في تاريخ المخابرات الروسية في عهد ستالين، والتي كانت تهدف إلى تصفية الجواسيس الذين يعملون في مختلف العواصم العالمية لصالح الحلفاء. وإذا كان الخيال السينمائي قد بالغ في بعض الأحيان وحول المدينة إلى أسطورة، فإن التاريخ الحديث يشهد بأن طنجة تبقى مسرحا لانطلاق إحدى أهم عمليات التجسس عبر التاريخ، إنها مغامرة علي باي وهو الإسباني باديا دومنغيس الذي نزل بها سنة 1803 متقمصا هوية أمير قادم من المشرق، وكان هدفه إنهاء حكم العائلة الملكية العلوية عبر انقلاب توظف فيه قبائل ضد السلطان الذي كان يزعج إسبانيا.
التجسس الاقتصادي..هكذا تتحول «المعلومة» إلى ثروة التجسس الاقتصادي هو مفهوم جديد طفا على السطح في العقود الأخيرة، فهو يركز على الجوانب الاقتصادية للدول، ويحاول معرفة ما يدور في كواليس العمل الاقتصادي، سواء في مجال التجارة الخارجية أو التجارة الداخلية أو الإنتاج والتسويق والتكنولوجيا وبراءات الاختراع والعلامات التجارية وغيرها. وقد أظهرت الدراسات في هذا المجال أنه مع زيادة التنافس بين الدول والشركات زادت نفقاتها على التجسس الاقتصادي وجمع المعلومات عن الأسواق والشركات المنافسة محليا ودوليا، وفي بعض الحالات وصل ما تنفقه الشركة الواحدة على عمليات التجسس الاقتصادي أكثر من مليار دولار سنويا. وكشفت عمليات التجسس، التي تم اكتشافها في السنوات الأخيرة، النقاب عن وجود شركات متخصصة في هذا المجال، تركز نشاطها في تقديم هذه الخدمة إلى الشركات الصناعية والخدمية والحكومة مقابل أجر، وأن هذه الشركات لديها العديد من العملاء الذين يطلبون هذه الخدمة، كما أنها توظف لديها العديد من الأطر المدربة من المحاسبين والمراجعين والمحللين الاقتصاديين. والغريب في الأمر أن هذه الشركات والعاملين بها لا يعتبرون نشاطهم نشاطا غير مشروع أو يدعو إلى الخجل، ولكنهم يرون أن قيامهم بهذا العمل هو واجب وطني وخدمة عامة بحجة الدفاع عن المصالح القومية الاقتصادية في حالة التجسس على دولة أخرى أو في حالة التجسس على إحدى الشركات التي تنتمي إلى دول أخرى. وبخصوص المغرب، يجمع الباحثون على أن الاستخبارات المغربية مدعوة إلى جهاز لدعم استراتيجية الدولة في مجال الذكاء الاقتصادي، وذلك انطلاقا من أن العلاقة بين ميدان الاستخبارات وميدان المنافسة الاقتصادية والصناعية يعد موضوعا مشابها لفترة ما بعد الحرب الباردة، حيث إن الخطر العسكري المباشر أصبح يتراجع ليترك المجال واسعا لمخاطر جديدة تعد غير مباشرة، من بينها الخطر ضد المصالح الاقتصادية الذي أصبح يبرز بصفة خاصة، بما أن تحرير نشاطات العديد من القطاعات وتطوير التبادل الحر جعلا معظم الدول معرضة إلى التحركات الاقتصادية العالمية، التي ساهمت في تواصل الاستراتيجيات العسكرية الدبلوماسية متمثلة في وسائل اقتصادية وتجارية. ومن بين الأمثلة الصارخة في هذا المجال، لجوء إسبانيا في منتصف ماي من السنة الماضية إلى تأسيس جهاز جديد يطلق عليه اسم «الاستخبارات الاقتصادية الوطنية»، من مهامه الدفاع عن المصالح الاقتصادية والتجارية للدولة في الخارج ومساعدة الشركات والبلاد للخروج من الأزمة، والقيام بعمليات تجسس واسعة على البلدان المنافسة، ومن بينها المغرب، الذي تتابع إسبانيا تحركاته بتوجس على جميع المستويات. وقد جاء قرار إسبانيا بتأسيس الجهاز الاستخباراتي الجديد في ظرفية صعبة تعيشها البلاد، إذ تراجع النمو الاقتصادي فيه إلى مستويات سالبة، وقفزت مؤشرات البطالة إلى مستويات قياسية تجاوزت 50 في المائة لدى فئة الشباب. وتعول الحكومة على هذا الجهاز لإيجاد فرص استثمارية للمقاولات الإسبانية في شمال إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وكذا على مواجهة المد الفرنسي في إفريقيا. ويخضع جهاز الاستخبارات الاقتصادية الوطنية مباشرة لرئيس الوزراء الإسباني، كما سيقوم بالتنسيق مع وزارات الاقتصاد والشؤون الخارجية والدفاع، بالإضافة إلى وكالة الاستخبارات الوطنية. وتدافع الحكومة الإسبانية عن تشكيل الجهاز الجديد، معتبرة أن جميع البلدان الأوربية تملك أجهزة ووكالات مشابهة له، ومشيرة إلى أنه يهدف فقط إلى توفير الأدوات اللازمة لأصحاب المشاريع للتنافس على قدم المساواة مع المقاولين الأجانب على الفرص الاقتصادية المتاحة خارج إسبانيا. وتتوفر الاستخبارات الإسبانية المعروفة باسم «وكالة الاستخبارات الوطنية» على شعبة متخصصة في الاقتصاد، إلا أن قرار الحكومة الإسبانية بإنشاء الجهاز الجديد يشكل قفزة نوعية ووعيا بأهمية التجسس الاقتصادي في خضم وضعية اقتصادية عالمية جد متأزمة.