الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    الطرمونية: حزب الاستقلال يسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة بدكالة    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    دهس عمدي يوقف 7 أشخاص بالبيضاء    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        قيود الاتحاد الأوروبي على تحويلات الأموال.. هل تُعرقل تحويلات المغاربة في الخارج؟    أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    "جبهة نقابية" ترفض المس بالحق الدستوري في الإضراب وتستعد للاحتجاج    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياحة رافعة تنموية أساس لإقليم كلميم: المنتجات،المعايير، الفاعلين والآفاق
نشر في صحراء بريس يوم 07 - 10 - 2015

دأب الناس منذ أن شِيءَ لهم أن يستوطنوا الأرض على الحركة والانتشار فيها، بحثا عن المياه ، عن الكلأ، عن الأراضي الخصبة للزراعة، عن الملاجئ الآمنة، احتماءًا من الحر والقر ومن بطش أعداء حقيقيين أو محتملين . أيضا تحرك الناس عبر بقاع الأرض قبل بداية تدوين التاريخ، للتجارة والمقايضة ، للتطبيب ، للتعلم واكتشاف الحقيقة والآخر، وتحرك الناس للسطو والنهب وبسط النفوذ، وتحرك الناس للدعوة لأديان جديدة أو لطمسها، وتحرك الناس نحو مزارات وأماكن مقدسة، ونحو أسواق كبرى انبثقت عنها حواضر وحضارات، منها الشاهدة ومنها الغابرة . وإجمالا فإن حركة الأفراد والمجموعات لم تنقطع عبر الأزمنة ، وكانت في الغالب مجلبة للخير والنفع، مباشِرَينِ كانا أو غير مباشرين وعلى مستويات عدة : ماديا، حضاريا، خبراتيا، معرفيا، علميا، فنيا وثقافيا. وسميت هذه الحركة بأسماء مختلفة : السير، الترحال، التجوال ، الغزو، التنقل، الحج والسياحة . وحددت القوافل طرقا وممرات عبر التضاريس المختلفة الوعرة منها والسهلة، تخللت قرى صغيرة وأخرى كبيرة، إما مراكز عبور أو محطات تجارية، طورت ساكنتها شيئا فشيئا أساليب الضيافة، من الرفادة (الضيافة المجانية) إلى الضيافة المؤدى عنها. وأنشأت لذلك مآوي للمبيت (فنادق)، مطاعم وإسطبلات.
وقد تطورت الأمور بتطور وسائل النقل الجوي والبحري والبري، وبظهور فئات اجتماعية جديدة ، أفرزتها الثورة الصناعية في أوروبا، أرستقراطية وبورجوازية، زاد طلبها على الأسفار والترفيه، إلى أن أصبحت السياحة على ما هي عليه الآن ، قطاعا اقتصاديا مهيكلا ومهما، يجمع بين التدبير الحكومي (وزارة، مندوبيات، مديريات، ميزانيات للاستثمار والدعم استراتيجيات عمل، موارد بشرية مهمة)، الإنتاج الصناعي ( وحدات صناعية للمعدات والتجهيزات والأدوات والأفرشة)، الإنتاج الخدماتي (مؤسسات فندقية، فضاءات ترفيهية، وكالات أسفار، شركات نقل)، والإنتاج العلمي (مؤسسات للتعليم المتخصص والبحث العلمي والتكنولوجي والخدماتي). وما فتئ هدا القطاع أن أصبح له اعتباره في حجم المعاملات التجارية الدولية وكدا في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية للعديد من الدول، من حيث الناتج الداخلي الخام، من حيث المداخيل الضريبية ، من حيث تنشيط الدورة الاقتصادية وجلب الاستثمارات والعملة الصعبة، من حيث التشغيل وامتصاص البطالة، من حيث التسويق "للعلامة الوطنية" وتثمينها، ومن حيث التلاقح الحضاري وفعل المثاقفة والانفتاح على الآخر والاستئناس به.
وكل هدا كان هدفا ونتيجة في الآن ذاته في غضون القرن العشرين لما تكون فكر جديد في المجال ، سار في اتجاه "دمقرطة السياحة"، حولها إلى عادات حياتية ضرورية بعدما كانت كمالية، الأمر الذي سرع بالطفرة النوعية التي عرفها الاستهلاك السياحي، ونتج عنه الإبداع في أنواع المنتجات السياحية، التي سنعرض لها في الحديث عن كيفية استثمارها في كلميم الإقليم والمدينة، ودلك بعد مَسحٍ لبعض الجوانب الأنتروبولوجية للمنطقة، تبرز من خلالها المؤهلات البشرية، الثقافية، الطبيعية، التاريخية والجغرافية لهده الأخيرة، والتي يمكن اعتمادها دعامات قوية لما قد يكون الرافعة الأساس للاقتصاد المحلي، وأعني " السياحة" ، مرحليا على الأقل في انتظار النهوض بقطاعات أخرى..
كلميم الحاضرة التي تُعرف بألقاب متنوعة ، منها التاريخي ( سوق الإبل)، والجغرافي (بوابة الصحراء واد نون )، والإداري ( المركز الإداري للإقليم مركز جهة كلميم السمارة )، والتجاري ( المركز التجاري للجهة)، والأمني ( مدينة الحامية العسكرية) ، ولعل أعز ما تحتفظ به الذاكرة الشعبية ويعتبر مصدر فخر شعبي لأنه تجاوز المحلي إلى القاري في الشهرة ، هو لقب "سوق الإبل" الأكبر في إفريقيا، وذلك منذ القرن الحادي عشر ميلادي، إذ كانت تتجمع فيه قوافل الرحل بقطعان يتراوح تعدادها بين العشرين والأربعين ألف رأس من الإبل، وكان ملتقى القوافل التجارية الآتية والمتوجهة من وإلى موريتانيا، السنغال، مالي، النيجر وبلدان أخرى كانت دائما تشكل عمق المغرب الإفريقي، في إطار تجارة البشر، الملح، الذهب وبضائع أخرى لا تقل عنها أهمية. إلا أنه ابتداءً من ستينيات القرن الماضي، وإثر نشوب الخلاف حول الصحراء، واندلاع حرب الرمال، قُطعت سبل التواصل مع جنوب الصحراء، وتقلصت حركة الرحل في المنطقة، وتراجعت بذلك عروض سوق الإبل الكبرى في أفريقيا، إلى أن أصبحت محطة كلميم لا تعدو عن كونها سوقا أسبوعيا فحسب . لكن عبق التاريخ لازال حاضرا في تجلياته الحضارية والثقافية:
 عبر الذاكرة المدونة في شواهد مخطوطة، منقوشة، مرسومة أو مصورة،
 في فنون العيش المتجلية في الأثاث المنزلي، في الخيمة مأوى الرحالة الصحراوي، في الأواني المنزلية، في الآلات الموسيقية، في اللباس والحلي، في أدوات ومواد الزينة، في أدوات النسج والحياكة، في الأسلحة والسروج وأدوات الصيد البري، والمُؤرِّخة للمرحلة، شواهد محسوبة في الأنتروبولوجيا وبخاصة في علم الآثار على التراث المادي المنقول ،
 عبر الذاكرة الشعبية في الأشعار(الكاف ) والأمثال والحكايات والأحجيات، في بعض العلوم والمعارف والخبرات التي عُِرف بها الرحل وخاصة العرب منهم (علم الرجال، علم الأنساب القيافة ، الفراسة، علم اقتفاء الأثر، علم سبر مواقع الماء، الطب التقليدي والتداوي بالأعشاب والكي والتدليك والحجامة ولبن الإبل وذهنها وبولها الًفّاك ) والمحسوبة على التراث الشفهي والمعنوي،
 في مختلف مظاهر التجمعات الاحتفالية ذات الطابع الاجتماعي (خطوبة ،زفاف، عقيقة، معروف، وفاة...)، أو ذات الطابع الديني من أعياد وتجمعات موسمية قبلية (المعروف)،أو حول الأضرحة (ما يصطلح عليه في اللفظ الدارج العربي ب "الموسم" وفي الأمزيغي ب "أموكار" : موسم سيدي الغازي بكلميم سيدي أحمد بن عمار بأسرير) المعبر عنها بالتراث المعنوي أيضا ،
 وعبر الذاكرة الجغرافية المتمثلة في القصبات والدور الكبرى والآبار الشاهدة على مسارات ومحطات القوافل ، ما يصطلح عليه في نفس العلم المذكور بالتراث المادي الثابت.
قد يقول أحدهم : لن يخبرنا آخر الوافدين عما نعلمه عن تراثنا جملة وتفصيلا !!!
أقول ليس القصد المعلومة لذاتها ، فقد تتوفر لدى البعض وتشح لدى الآخرين، وليس القصد كذلك سرد المعلومات اعتباطا دونما جدوى تُذكر، إنما المراد كيف يمكن الإفادة والاستفادة حد الإمكان من هذه المعلومات، كيف يمكن جعلها أدوات طيعة في خدمة سياسات وإستراتيجيات تنموية قوية، ذات فاعلية ونجاعة، يعم نفعها عند التنفيذ والتنزيل على الساكنة المحلية، وقد يتعداها إلى تجمعات أخرى متفاوتة الحجم، من القروي إلى الحضري ، إلى الإقليمي ، إلى الجهوي ، إلى الوطني ومن تم إلى الدولي ، في إطار توسيع دائرة النفع، بشكل إرادي أو لا إرادي.
ففي هذا الإطار يأتي الحديث عن التراث الصحراوي المحلي ، عن إمكانية تثمينه من حيث اشتماله على إرث مادي وآخر غير مادي، ومن حيث إمكانية اعتماده كرافعة اقتصادية تنموية لقطاعات إنتاجية متميزة، متمايزة ومتكاملة في الآن ذاته، تلتحم وتتحلق جميعها حول السياحة، وأذكر هنا:
 الصناعة التقليدية، في إطار إنتاج السلع ( منتجات ذات منفعة عملية وأخرى تحسينية وفنية)،
 النقل، في إطار الخدمات ( الجوي،البحري، البري/ الدولي، الوطني، الحضري،القروي)،
 القطاع المصرفي، في إطار الخدمات (البنوك، شبابيك الصرف)،
 التجارة، (توزيع/ استيراد/ تصدير السلع والبضائع)،
 قطاع الاتصال، في إطار الخدمات (خدمات الهاتف والانترنيت والتلكوم)،
 قطاع الثقافة، في إطار الخدمات ( العناية بالتراث المادي واللامادي، تنشيط مهرجانات للتعريف بالتراث، إنتاج وإشاعة ثقافة العناية به عبر الوسائط المتعددة، إنتاج إستراتيجية خلق الثروة بهدا الرأسمال الجامد (passif) إلى غاية الآن، والمساهمة في تنظيم إلتقائية القطاعات)،
فالسياحة ، في غياب الأزمة الاقتصادية والحروب والإرهاب، تعتبر قطاعا مغريا وغزير العطاء، لأنها مجال إنتاج وعرض المتعة والترفيه وإرضاء الأهواء، وهي أمور لا يناقش فيها المستهلك "الثمن"، ومن تم فهامش الربح فيها فضفاض، ولا يكاد يضبطه تصنيف "نجمات" أو" شوكات"، بمباركة الجميع طبعا. والسياحة هي القطاع "الحربائي" بامتياز، بحيث له القدرة على التشكل والتلون بمرونة ملفتة،على التقاطع والالتقاء والتطفل على قطاعات أخرى بنفس المرونة، وكدا على توطين فلسفته مَوَاطِنَ لم تكن إلى الأمس القريب مَوطِئَ بشر، كالقمر في إطار سياحة الفضاء. لدلك أضحت هده المرونة في التشكل والتوطن والعرض والطلب مَحَط اهتمام العديد من الحكومات والمنضمات الحكومية والغير حكومية والجمعيات، المنشغلة بالبيئة والنظام الإيكولوجي، والأرياف، والفئات المجتمعية الهشة، ومحاربة الفقر، والرفع من مستوى العيش وتقليص البطالة، والحرص على الصحة العمومية النفسية والبدنية. فأٌطلِقَ العنان للخلق والإبداع في أنواع ومجالات النشاط السياحي، فكانت التنويعة الفسيفسائية التي لم تدع مجالا ينشط فيه الإنسان إلا ولجته. ويأتي ذكر هده الأنواع مع إبراز مؤهلات كلميم، المدينة والإقليم، لتنزيل جل هده "التطبيقات" مؤسساتيًا، مهنيًا وثقافيًا .
أنواع السياحة:
 السياحة البديلة Tourisme alternatif)) وهي أنواع وتدخل في نطاقها :
• السياحة المستدامة tourisme durable)): سياحة تحترم وتحافظ على الإرث الطبيعي، الثقافي والاجتماعي لمنطقة الاستقبال، وتبرز أهميته للزوار، بهدف التقليص من الآثار السيئة التي يمكن أن تصدر عنهم . ويُجمع الخبراء على أنه بات من الضروري الجمع بين الأهداف الاقتصادية من تنمية السياحة والمحافظة على مجموع الموارد الأساسية لاستدامة هدا النشاط . فالمطلوب إذا سياحة ترعى الجانب الاقتصادي كما تضمن استدامة الموارد البيئية والسوسيو اقتصادية ، محترمة للإنسان عامة، للمأجورين وللساكنة المستقبلة خاصة.
• السياحة التضامنية والعادلة ( Tourisme solidaire et équitable) : هدا النوع من السياحة، بالإضافة إلى عنايته بالموارد الأساسية لضمان وجوده والتي سبق التعرض لها، فهو يهدف إلى المشاركة في الاقتصاد المحلي للمنطقة المستقبلة، بدعم المشاريع التي ينخرط فيها مجموعة من الأفراد اتفقوا على توزيع المهام والموارد بينهم بعد مدارسة جماعية، بطريقة عادلة. فيكون السائح بزيارته متضامنا معهم وداعما لمشروعهم (تعاونيات فلاحية أو حرفية تقليدية، قرية صيادين تقليديين بالبحر) .
• السياحة الإيكولوجية (Ecotourisme) : وهي أسفار في اتجاه الهواء الطلق، هروبا من ضوضاء المدن وازدحامها، وهروبا من سياحة الجموع tourisme de masse))، بحثا عن فضاءات طبيعية غير ملوثة، للتمتع والتعرف على التنوع البيئي، النباتي والحيواني، للمساهمة في الحفاظ على هدا الإرث الطبيعي، وللاعتياد بيداغوجيا |على التعامل معه وتربية الأجيال على دلك (المنتزهات الطبيعية ، المحميات،الغابات ، الجبال، السهوب ...)
• السياحة المسؤولة Tourisme responsable) ): وهي سياحة يتشارك كل من العارض والمستهلك فيها المسؤولية عن البيئة وتنوع الأحياء ((la biodiversité وعن الثقافة المحلية للساكنة المستقبلة إدا ما توفرت.

ويمكن القول بأن هده التنويعة السياحية المذكورة هي الأنسب لمدينة كلميم ونواحيها، بالنظر إلى المعطيات المحلية الطبيعية والسوسيو ثقافية، شريطة أن تعنى "التهيئة المجالية" بمرتكزات هدا النشاط البشري، والتي سيأتي ذكرها لاحقا في التوصيات.
 السياحة النهرية ((T. fluvial ou littoral: وتتخذ مجالا لها جوانب الأنهار ومصباتها وقرب السدود المشيدة عليها، حيث يتم إنشاء مآوي، مقاهي ومطاعم، لاستقبال السائحين، مع تمكينهم من ممارسة أنشطة موازية من قبيل الصيد، السباحة والنزهة على مراكب صغيرة تقليدية أو أخرى حديثة إما بدواسات (pédalos) وإما بمحرك) (scooters nautiques. ومشروع محطة واد الشبيكة السياحية، بالمجال الترابي لإقليم طانطان ، يَعِدُ ِبَاكورة سياحة نهرية بالصحراء على غير المعتاد. ويمكن القول أن هده المحطة من المنتظر أن تضاهي حسب التصميم maquette نظيرتيها على نهر أبي رقراق بالعدوتين الرباط وسلا ، وعلى ضفتي نهر سبو قرب مصبه بشاطئ المهدية المحاذية لمدينة القنيطرة. وهنا نتساءل هل سنظل نتحين مهرجان طانطان لتسويق هده المحطة على التصميم؟ ثم أليس من منعش سياحي محلي لتحقيق المشروع برأسمال ومقاييس محليين، ولفائدة محليين قبل الدوليين؟ وللتذكير فإن "المكتب الشريف للفوسفاط" و"المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب" مدعوين لكي ينخرطا في تنمية سياحة المنطقة ودلك بإحداث مجمعات سياحية على غرار التي أحدثاها في المدن الشمالية لفائدة مستخدميهما وأسرهم، ك "قرية الكهربائي"، فتفيد بتجربتها في القطاع ، بالاستثمارات التي قد تضخها في المنطقة وتكون قاطرة للتنمية القطاعية،
 السياحة الدينية ( (T. religieux: وهي رحلات يقوم بها أفراد ، أسر أو مجموعات في إطار عادي أو منظم من طرف شركات سياحية أو مؤسسات اجتماعية ، إلى مزارات مقدسة حسب الأديان التي يدينون بها، كالحج والعمرة في الإسلام . وهنا يمكن أن تشغل كلميم في القادم من الأيام دورا محوريا إقليميا وجهويا، من حيث ما يمكن أن توفره من بنيات تحتية ( مطار مدني يوفر رحلات مباشرة إلى الديار المقدسة، محطة طرقية في مستوى تطلعات الجهوية الموسعة) ، وحدات فندقية مناسبة من حيث الثمن ومن حيث الخدمات، وكالات أسفار مهنية، خدمات إدارية مًرافِقة تُسَهل الحصول على الوثائق بالملحقات الإدارية مع مراعاة عامل الزمن. ويُدرج في هدا النوع من السياحة وجهات تعتبر مقدسة في معتقدات شعبية ، كالأضرحة، والزوايا، وبعض المدافن ، والتي تقام بها احتفالات سنوية، ما يعرف بالمواسم أو ب "أموكار" محليا، تستقطب جموعا غفيرة من الزوار، محليين وطنيين وأجانب، ينشطون منطقة الاستقبال اقتصاديا، اجتماعيا وثقافيا . ويمكن اعتبار مواسم كلميم أسرير وأسا رافعات سياحية، في إطار منهجية جديدة لتدبير هدا الرأسمال اللامادي.
 السياحة الجبلية(T. de montagne) : مجال نشاطها الجبال المأهولة بالساكنة البشرية والغير مأهولة، حيث يقصدها سياح مختلفون ، تتنوع أهدافهم من الاستجمام والتمتع بالهدوء والصفاء والأجواء الخالية من التلوث، إلى اكتشاف البيئة وتنوع الأحياء، إلى التعرف على المجتمعات والإثنيات الجبلية، إلى اكتشاف القدرات الفردية على تحمل المسالك الوعرة في إطار رياضي تنافسي ( sports alpins). ويمكن تسويق وجهة "بويزكارن" الجبلية التابعة لإقليم كلميم، باعتماد المعطى الطبيعي المتوفر من جهة الشمال على مشارف المدينة المذكورة ، أى نهاية سلسلة جبال الأطلس الصغير، والمسماة محليا ب "كني امغارن"، ويستلزم دلك تأهيل بعض المكونات المحلية والإقليمية لإحداث هدا النشاط السياحي، وإعداد المنطقة لاستقباله واحتضانه ودلك ب:
 تكوين بعض شباب المنطقة في مهنتي المرشد والمدرب السياحي الرياضي الجبلي ،
 إحداث بعض الفرج والمسالك بالجبال للراجلين وللسيارات الرباعية الدفع التي قد تفتح مجال النقل السياحي المنظم من طرف أبناء المنطقة أنفسهم، في إطار رخص لأشخاص ذاتيين أو رخص لأشخاص معنويين( وكالات وشركات)،
 تقريب الربط الكهربائي والمائي من نقط يمكن أن تنشأ فيها مآوي ومطاعم تقليدية وعصرية،
 تشجيع الجمعيات المحلية التي تنشط في المجالين الثقافي والبيئي على تسويق المنطقة سياحيا في هدا الإتحاه، باعتماد مهرجان سنوي وكدا الوسائط الإعلامية ، الإلكترونية على الخصوص، للتعريف بالمنطقة ، وتحديدا بالمعطى الطبيعي ( فيديوهات وصور مهنية ، تقارير عن المعطيات الثقافية، الفنية والاجتماعية )، وكذلك للتواصل مع جمعيات وطنية ودولية تشتغل في نفس المجال ،
 تشجيع إحداث فروع لوكالات أسفار في المنطقة المستقبلة، تتوفر على خبرة في تنشيط هدا النوع من السياحة بتوفير المقرات وتبسيط المساطر،
 توجيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للعناية بهدا المسار التنموي، والاستثمار فيه،
 السياحة الرياضية (T. de sport) : وتعتمد بالخصوص على التظاهرات الرياضية الجهوية ، الوطنية والدولية، والتي قد تستقطب أعداد مهمة من الزوار المهتمين بالنوع، وتتوفر كلميم المدينة والإقليم على بنية تحتية مهمة وهي القرية الرياضية ، التي لا ينقصها سوى تفعيل استغلالها في إطار إستراتيجية تنموية محلية وجهوية،
 سياحة الأعمال ، وسياحة الاكتشاف الاقتصادي وسياحة الصناعة T . de la ( découverte économique, T. industriel ,T. d'affaires ), : وهي على تنوعها ، سياحة فئوية، إذ لا تتسع دائرتها إلا لرجال الأعمال أو لوكلائهم أو لممثلين لشركات أو مؤسسات استثمارية، إلا أن آثارها تعود بالإيجاب على المناطق المُستهدَفَة والمُستقبِلة، في حال نتجت عن الزيارات استثمارات وتعاقدات اقتصادية. وهده السياحة لها شروط وضوابط ، منها ما يتعلق بالمتدخلين المباشرين في القطاع السياحي ومدى مهنيتهم ( الفنادق، المطاعم، محطات ومنعشي النقل بأنواعه) ، تتعلق بالسلطات المحلية، بالإدارات العمومية ومدى مرونتها ومراعاتها للمصلحة المستدامة للساكنة في التعامل مع هده الفئة من السياح ( مركز الاستثمار، المحافظة العقارية، الوكالة الحضرية، الجماعة الحضرية أو القروية، مكتب الكهرباء والماء الصالح للشرب ، وكالة اتصالات المغرب ... )، ، وتتعلق أيضا بمدى إلتقائية وتنسيق التدخلات القطاعية،
 سياحة الصحة والمعالجة بمياه البحر (T. de santé et thalassothérapie): وهي حسب العرف الدولي سياحة مقتصرة على الفئة الميسورة، لكن بالنظر إلى قيمة الاستثمارات التي قد تستقطبها والشغيلة التي قد تستوعبها، وبالنظر أيضا إلى الأثمنة المؤذاة عن هده الخدمات العلاجية التي ستحدث حتما الفارق في الأرباح، في الأجور وفي نسبة نجاح الاستثمار، يصير من الضروري وضع الشاطئ البيض ضمن وجهات هده السياحة، ويمكن الإطلاع على ما حققته الجارة تونس في هدا المجال،
 سياحة المخيمات الصيفية(T. de colonies de vacances) : وتتخذ في الغالب البحر والنهر والغابة والجبال وجهات ومواطن أساسية لها، حيث تقام مستعمرات من الخيام، في فضاء مهيأ لاستضافة إما الأسر أو الأطفال، ويجمع هدا النوع من النشاط السياحي بين الاستجمام والمتعة والكلفة المحدودة، والتربية النظامية بالنسبة للأطفال المنخرطين في المخيمات الصيفية التربوية. وتستحسنه فئة عريضة من المجتمع لهده المواصفات . وغالبا ما يعود النفع الاقتصادي على المراكز القروية أو الحضرية التي تستضيف هده المخيمات أو القريبة منها، عند استقبالها للوافدين الموسميين للتبضع في أسواقها، سواء للحاجيات الضرورية أو التذكارية. وكلميم الإقليم بتوفره على الشاطئ الأبيض يمكن أن يكون منطقة مستقبلة لهدا النوع السياحي، تستفيد منه الساكنة المحلية، والوافدة من أقاليم ومدن أخرى.
 السياحة اللغوية T. linguistique)): وهي سياحة تستهوي الشباب غالبا في إطار مسالكهم الدراسية لتقوية ملكاتهم اللغوية بخصوص اللغات الحية، أو بعض الباحثين المهتمين باللغات واللهجات الإثنية، الدين يعتمدون في بحوثهم على التراث المادي المتواجد في الخزانات ( الخاصة والعمومية) وفي المتاحف المؤسساتية والطبيعية (الكتابات والنقوش والرسوم على جدارات الكهوف وعلى الصخور) وعلى المخزون الشفاهي لدى الساكنة . فبالنسبة للفئة الأولى غالبا ما تبحث عن أسرة حاضنة، تقيم عندها بمقابل مادي بسيط يغطي تكاليف الإيواء، أما الفئة الثانية ففي الغالب الأعم تتوفر على منح البحوث من جامعات أو مراكز البحوث المتخصصة، تكفي لتغطية مصاريفها . ويمكن للمنطقة المستقبلة تسويق ذاتها من خلال طرح حزمة عروض لهؤلاء الطلبة و الباحثين، تهم النقل والإيواء والتراخيص وتوفير المعلومة العلمية وتيسير الحصول عليها ، بغية الفائدة الإشعاعية والإشهارية التي قد يأتي بها إعلان دراساتهم وتقاريرهم عن المنطقة.
 السياحة الحضرية (T.Urbain): ولها روادها الدين يفضلون الأنشطة الحضرية والتسليات التي توفرها ، خاصة في المدن الكبرى حيث الفنادق والمطاعم الفاخرة، والملاهي النهارية والليلية، والأسواق والمتاجر الكبرى ذات العلامات العالمية ، وحيث المسارح ودور السينما والأوبرات. لكن هناك صنف من الحواضر المتوسطة والصغرى التي لا تتوفر على هده العروض السياحية، لكنها توفر المقام الآمن والطيب، وتعرض الرحلات القصيرة إلى القرى المجاورة، للنزهة والراحة والاكتشاف . وكلميم لها ما يؤهلها للانخراط في هده الوجهة، في إطار خطة سياحية إقليمية شمولية .
 سياحة الصحراء T. saharien)): وتعتمد على مجموعة أنشطة ترفيه واستجمام، منها الجولات على الأقدام أو على ظهور الإبل والخيول والبغال ،والمبيت في الخيام ذات الطابع المحلي لمن يتحرى العيش على الطريقة الصحراوية التقليدية، وأنشطة أخرى تعتمد الجولان والسفر بالمركبات القوية الرباعية الدفع أو الدراجات النارية الكبيرة التي تتحمل الطبيعة الرملية والصخرية للصحراء، في رحلات متعة واكتشاف للطبيعة والساكنة المحلية، حيث الفضاءات الشاسعة الغير مأهولة، إلا من تجمعات سكنية حول واحات متباعدة، أو قرى ومدن قليلة ومتباعدة، وحيث الهدوء والمناظر الطبيعية الغير معتادة لدى العديد من السياح من مرتادي هده المناطق فرادى أو جماعات، وحيث أيضا لا تُحجَبُ الشمس على مدار السنة إلا أياما معدودة أو بالليل طبعا.
وعرض هده التنويعة من الأنشطة السياحية، المعتبرة دوليا، مع التحفظ عن ذكر مجموعة منها لعدم ملاءمتها لقيم المنطقة المستقبلة، إنما هو من باب التذكير لمن لهم صلاحيات تدبير هدا الشأن وتجلية بعض الفرص الغير مستغلة، وليس تبخيسا لعمل أي كان، ولكل نرعى اعتباره. ويأتي هدا العرض أيضا في إطار الخاصية الاقتراحية التي يجب أن يتمتع بها المستهدفين من التنمية، والتي تشكل مظهرا من مظاهر التشاركية، التي بدورها تعتبر ركيزة أساس في مضامين الجهوية الموسعة. ويتعين أيضا التذكير بأن التعديلات الدستورية وما جاءت به بخصوص التقطيع الترابي الجديد، مع ما يرافقه من تشريعات وقوانين والتزامات، تهم العلاقة بين الجهات والدولة المركز وعلاقة الجهات فيما بينها، أفرزت امتيازات وإكراهات في الآن ذاته، في مناحي عدة ، على رأسها الاجتماعي والاقتصادي. الأول يطرح للنقاش المعطى الثقافي ، مع الحدة التي أصبح يعرفها في الآونة الأخيرة، أما الثاني فيجلي عن حزمة من الإكراهات :
 تحلل الدولة المركز من التمويلات المباشرة والشاملة للمشاريع ومباشرتها، والاكتفاء بالمساهمة القطاعية المشروطة،
 اعتماد الجهة في جزء كبير على المداخل الجبائية ( ضرائب، رسوم،)، والإرادات الإجارية العقارية وإرادات الاستغلال ( مقالع، شواطئ، غابات، مياه معدنية، ملك عمومي...)، الأمر الدي يطرح وسيطرح تفاوتات بين الجهات من حيث الميزانيات، ومن تم تفاوتات في وتيرة التنمية، وهكذا تستمر الهجرة نحو الأقطاب الاقتصادية،
 المجالس الجهوية والكفايات التدبيرية المطلوبة قبل الكفايات السياسية أو أي كفاية أخرى، في استحضار لخطورة القرارات المصيرية الممكن اتخاذها،
 التدبير التشاركي وآليات التنظيم والمراقبة المتاحة للمجتمع المدني ، وإمكانية تفعيلها،
 محاولات استرجاع الدولة لبعض الصلاحيات في تدبير الشأن المحلي، الضرورة المرحلية لهدا الأمر، والإشكال الدستوري المطروح،
 تبعية بعض الجهات لجهات قطبية أغنى وأفضل هيكلة اقتصادية، وصعوبة التمايز واستقلالية القرارات،
 التأخر في هيكلة القطاعات الاقتصادية لبعض الجهات ، مما يعثر نموها وتأهيلها لخوض تجربة الجهوية الموسعة أو تجربة أخرى أوسع وأهم،
 المكونات المعتمدة في التقطيع الجهوي ( الجغرافيا، الكثافة السكانية، الثروات الطبيعية، الاقتصاد، الثقافة، الإثنية) ومدى إسهامها في انفتاح أو عزلة بعض الجهات، أو بعض الأقاليم والمدن داخل جهة معينة،
وهده الإكراهات ليست محصورة ، فهناك أخرى معروفة وغير معلنة تدخل فيها حسابات قوى سياسية واقتصادية محلية ،وطنية، إقليمية ودولية، وهناك التي ستطفو تدريجيا مع الممارسة الفعلية للنظام الجهوي الجديد، اعتبارا للخصوصية المغربية (مرة أخرى) من جهة، ومن جهة أخرى لأن هده الجهوية ليست "تطبيقا معلوماتيا نمطيا" يُسَلمُ بضمانات الجودة والسلامة. والمطلوب إدًا، اعتبار الإكراه الزمني، ومسابقته لتغطية المرحلة الانتقالية الفاصلة، بجملة من التدابير المهيكلة لاقتصاد بعض الجهات التي لم تعرف بعد وجهتها المنصفة لمؤهلاتها، ودلك قبل القذف بها نحو المجهول. فاستعجالية الوضع لم تعد تتيح الأريحية المعهودة. وإنجاح التجربة، وبخاصة في المناطق المتعثرة في النمو، يقتضي التبصر والحكمة والنجاعة في الحركة.
فالمستقبل يبدأ في الحاضر، إن لم نقل في الماضي بالنظر إلى تأثيرات هدا الأخير في مآلات الأمور. وبعبارة أخرى، المستقبل هو تحسين قرارات الحاضر، وبخاصة القرارات ذات مناحي اجتماعية و اقتصادية. فكلما تهيأت السبل الشرعية للكسب إلا وتقلص النشاط في السبل الغير الشرعية. والإسراع باحتواء التوتر المعلن والغير معلن، بتوفير المناخ الإيجابي لتنمية حقيقية ومستدامة، يعني توفير صمامات أمان وأذرع واقية ضد أخطار حقيقية ومحتملة، داخلية وخارجية وحدودية ، ويكفي أن نقف على البعض منها للتذكير فقط :
1. التهريب والاتجار في السلع الممنوعة وفي البشر،
2. الهجرة الاقتصادية والمناخية، وهجرة الحروب،
3. المناطق العازلة وتهديدات الجماعات المسلحة،
4. المخدرات والإجرام المتنوع،
5. الأزمة الأوروبية خاصة والعالمية عامة وتداعياتهما على الاقتصاد الوطني،
وهي أخطار مكلفة اقتصاديا واجتماعيا، وأمنيا بالنظر إلى فاتورة المعدات واللوجيستيك والموارد البشرية . إضافة إلى الإحساس لدى المجتمع بأمن مفبركٍ وهشٍ، يعتمد كليةًَ على المقاربة الأمنية التقليدية ، وليس أمنا نابعا منه، من احتكامه لمنظومته القيمية التي تعارف عليها، من احترامه لمنظومته القانونية التي تواضع عليها، من اعتباره ما يجمعه ويلحمه وليس ما يفرقه ويشتته، ومن الثقة المتبادلة بينه وبين حاكميه . وهده أمور لا تتحقق إلا بعد توفير مناخ اقتصادي صحي ومعافىً، حيث تتحقق كرامة الفرد والمجموعة في العمل والمسكن والصحة والتعليم والغداء. ففي غير قصد للطعن في مصداقية أحد، ولا تبخيس عمل أحد، نحث على جدية أكثر في التعامل مع التنمية بإقليم كلميم، وإنجاح تجربته لتكون حدوًا لغيره من الأقاليم الجنوبية، كل حسب مؤهلاته، حتى يسهل خوض غمار التجربة الجهوية الجديدة. لدلك، ولما كان الاعتماد على الفلاحة في اقتصاد المنطقة أمرا صعبا ،مرحليا على الأقل، لدواعي مناخية (قلة التساقطات وندرة المياه الجوفية) وبشرية (هجرة الشباب للنشاط الفلاحي)، ولما كان الاعتماد على الصناعة الحديثة احتمالا غير وارد، ولما كان الاعتماد على قطاع الخدمات مقتصرا على القطاع العمومي (تعليم، صحة، إدارات عمومية، أمن حضري وقروي وحدودي)، ولما كان الاعتماد على العقار الحضري تجهيزا وبناءا أمرا متجاوزا ، بالنظر لمحدودية الوعاء العقاري وكدا لركود القطاع متأثرا بعوائق التوثيق والتحفيظ والمساطر والتهيئة والتجهيز، مما أثر سلبا على شغيلة عريضة وحرف متنوعة، أضحى من اللازم التفكير في البدائل التنموية الشمولية الممكنة والجديرة بالاعتماد، من حيث قابلية التنفيذ وضمان المردودية والاستدامة . وليس أفضل من السياحة في هده المرحلة الانتقالية العصيبة، لما للمنطقة والمدينة من مؤهلات سبق ذكر بعضها وسيأتي ذكر البعض الآخر، ولما لهدا النشاط الاقتصادي من أثر على العديد من المهن والحرف فضلا عن شغيلته المباشرة المهمة .
وتطرح هنا جملة من التساؤلات من قبيل: ما هي التدابير الواجب اتخاذها لإحداث نشاط سياحي مهيكل ومنظم ؟ ما هي خطة العمل التي ينبغي اعتمادها للنهوض بالسياحة في المنطقة؟ ما هي حدود مسؤولية المتدخلين في القطاع على المستويين الوطني والمحلي؟ ما هي منتجات الاستدعاء Les produits d'appel)) الممكن الارتكاز عليها؟ كيف يمكن اعتماد هدا النشاط الاقتصادي في احترامٍ للمعطى الثقافي للمنطقة المستقبلة لضمان مساهمة الساكنة في إنجاح التجربة ؟ ما هو دور جمعيات الأحياء والجمعيات الثقافية والتنموية والإعلام المحلي (الصحف الإلكترونية والورقية، قنوات الراديو والتلفاز) في التوطئة لخطة الإقلاع السياحي، مواكبتها وإنجاحها؟ إلى أي حد يمكن الاعتماد على الوسيط الثقافي في تنمية القطاع السياحي بالمنطقة؟
عديدة هي الإشكالات المطروحة أمام هدا الخيار الاقتصادي، وبالنظر إلى ما يفرضه الواقع التنموي في المنطقة وحتمية الانخراط في هدا الخيار، أصبح من الضروري الإنكباب على دراسة هده الإشكالات والإحاطة بها ، تطلعا إلى مخارج فعالة ومستدامة. ووجب أيضا التعامل مع الأمر بالمنطق المقاولاتي، والمنطق الاجتماعي والمنطق البيئي في الآن ذاته، إذ لكل أثره في دائمية أي نشاط اقتصادي وبخاصة هدا الذي نحن بصدده. والاقتراحات ، ولا أقول توصيات، فأكون بدلك قد وطأت مساحة تخصص لا أدعيه، تتوالى كرونولوجية الأولى فالأولى، وأضعها في مصاف علامات الإهتداء les repères)) :
1. عقد أيام دراسية حول التنمية بإقليم كلميم عبر قطاع السياحة، يجتمع فيه المتدخلون من مختلف القطاعات ذات الصلة بهدا الشأن، حكومية أو غير حكومية، قطاع خاص ومجتمع مدني : ولاية جهة كلميم، المجلس البلدي، المجلس الجهوي، المجلس الإقليمي، المندوبية الجهوية للسياحة، المجلس الجهوي للسياحة، الجماعة الحضري لبويزكارن، الجماعات القروية التابعة للإقليم، أرباب الفنادق ودور الضيافة والمآوي (gites) ، الأجهزة الأمنية للمنطقة ، وكالات الأسفار، وكالات كراء السيارات، الوكالة التجارية لاتصالات المغرب ، المركز الجهوي للاستثمار، المنعشين العقاريين، مديرية التجهيز، مديرية التعمير وسياسة المدينة، مندوبية الصحة، البنوك والأشخاص الذاتيين المرخصين للصرف، المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، منابر الإعلام المحلي ، المركز الجهوي للفندقة، الوقاية المدنية، إدارة المطار ، أرباب المطاعم والمقاهي، سائقي سيارات الأجرة الحضرية والقروية ، مجمع الصناعة التقليدية، غرفة التجارة والصناعة، مندوبية الصناعة التقليدية، ممثلي باعة المواد الغذائية وأسواق اللحوم والخضر والفواكه، ممثلي باعة الملابس والحلي التقليدية ، الجمعيات الثقافية والتنموية . أيام دراسية يرجى منها الخروج بمخطط سياحي إقليمي أو جهوي متكامل، واضحة معالمه ورؤاه، حيث يتم التحسيس بالالتقائية والمسؤولية والتنسيق المطلوبين والمفروضين على جميع المتدخلين لإنجاح المخطط،
2. تحديد المواقع السياحية، وخصوصا منتجات الاستدعاء، حضرية و قروية و طبيعية. العمل على توثيقها بمهنية بالصوت والصورة في أفلام قصيرة، لترويجها عبر وصلات إشهارية في الوسائط الإعلامية السمعية البصرية الوطنية والدولية ( واحات أسرير وتغمرت وتغجيجت، حامتي أبينو، واد الشبيكة، جبال الأطلس الصغير ببويزكارن، الشاطئ الأبيض، سوق الإبل بأمحريش، حي القصبة العتيق بكلميم، بقية قصبة أكودير، مجمع الصناعة التقليدية بكلميم، رحيبة الزرع)، وكدا تهيئة هده المواقع بشراكة مع الساكنة المحلية، بحيث تصبح مناطق استقبال في إطار السياحة البيئية والتضامنية والبديلة والريفية ، للعديد من الأسر والأفراد من ساكنة كلميم، الدين يضطرون إلى "ترحيل" ميزانياتهم المخصصة للعطل ، إلى مدن أخرى توفر لهم ما يفتقدونه في محيطهم، فتضيع على المنطقة أموال كثيرة كانت لتضخ فيها وتنشط دورتها الاقتصادية،
3. تحفيز المهنيين المحليين وخاصة بالقرى والواحات على بدل مجهوداتهم للتعريف بمنتجاتهم السياحية وتسويقها محليا ولدى ساكنة كلميم بالخصوص، وتشجيع المستهلكين المحليين بعروض مغرية فيما يخص الأثمنة ووسائل الترفيه، وفي المقابل تشجيع الساكنة المحلية على استهلاك المنتج السياحي المحلي ، استهلاكا تضامنيا وواعيا تحث شعار: "استهلاك منتج محلي ضمان لمنصب شغل أو أكثر"،
4. تحفيز المندوبية والمجلس الجهويين للسياحة على إعادة النظر في خطة وآليات وأدوات العمل. فالمطلوب تحديث موقعيهما الإلكترونيين، واجهتيهما الأكثر والأوسع انتشارا ، ثم تنشيطهما مهنيا وباستمرار بحيث يصبحان محط ارتياد جميع المتدخلين في القطاع وجميع مستهلكي المنتج السياحي الصحراوي، والمطلوب أيضا تحديث الأدوات المهنية الأخرى كالمطويات والخرائط البيانية والملصقات، والعمل على التواصل مع الشركاء المهنيين المحليين والخارجيين في مسعى استباقي، أي الذهاب إليهم بهدف تقليص الكلفة الزمنية ورفع منسوب فرص الإقناع ،
5. تحفيز أرباب الفنادق ، دور الضيافة ، المآوي، المطاعم، المقاهي، سيارات الأجرة على إحداث جمعيات مهنية ، تكون المخاطب الرسمي للمهنيين المحليين، تتكلف بتنظيم وتخليق المهن، بالتصنيف والجودة والتعريفة، بفض النزاعات مع الإدارات مع الشغيلة ومع الزبناء، وتكون الوسيط بين المهنيين والإدارات العمومية والمتدخلين الآخرين،
6. تعجيل النظر والبث في ملفات التحفيظ العقاري، لتوفير الوعاء العقاري القادر على استيعاب الاستثمارات المرتقبة في المجال السياحي أو غيره من المجالات الإنتاجية،
7. مراجعة المساطر الإدارية للاستثمار وإنشاء المقاولات، مع تقديم عروض ضريبية وقانونية محفزة للرأسمال المحلي والأجنبي،
8. التسريع بتهيئة المطار المدني بكلميم، الذي سيكون أحد أعمدة النشاط السياحي بالمنطقة، لما سيوفره من رفع لمنسوب الرحلات الوطنية والدولية، ولما سيخلقه من مناصب شغل ثابتة ومؤقتة وأخرى موسمية سواء داخل أو خارج الميناء الجوي،
9. التسريع بإنشاء مستشفى جهوي جديد ، أو توسعة وتهيئة المستشفى القائم، ليليق بجهويته، للتمكن من توفير العلاجات والخدمات الصحية التي يتزايد الطلب عليها بشكل كبير في المدينة وحدها، ناهيك عن الإقليم أو الجهة، وحتى يكون رافعة لسياحة الصحة والتطبيب بالمنطقة، تكفي الساكنة طلب هده الخدمات في مدن أخرى بعيدة ، بكلفة تثقل كاهلها،
10. إنشاء محمية حيوانية ومحمية نباتية ، للحفاظ على ما تبقى من التنوع الحيواني والنباتي الخاص بالمنطقة الصحراوية كإرث طبيعي ، وإعادة نشر وزرع ما انقرض أو في طريقه إلى دلك، وإدراج المحميتين ضمن مواقع التنوع البيئي المهددة (les spots ou les sites de biodiversité menacés) ، والتي تعمل الأمم المتحدة في إطار برنامجها الدولي للألفية الثالثة وبشراكة مع منظمات بيئية مستقلة على حمايتها، ويمكن استغلالهما أعني المحميتين في إطار السياحة الإيكولوجية والطبيعية كرافعة وكمنتج استدعاء،
11. إحداث غابة متاخمة لمدينة كلميم، تعزز الغطاء النباتي، تكون ملجأ طبيعيا لبعض أنواع الطيور والحشرات التي تسهم بشكل كبير في الدورة الغذائية الطبيعية وفي التلقيح والتوازن البيئي ، بالإضافة إلى كونها ستضاف إلى لائحة المواقع السياحية المحلية ، لتكون متنفسا طبيعيا للساكنة ، علاوة على توفير مخزون للخشب كمصدر للطاقة لأيام قد تأتي بالغريب من الأحداث،
12. تأهيل خدمات وكالات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لتكون في مستوى تطلعات المنطقة الاجتماعية والاقتصادية، ولمواجهة الطلب المتزايد في الاستهلاك بالنظر إلى التوسع العمراني وتزايد أعداد الساكنة بفعل الولادات والهجرة ، وكدا للتحضير المعقلن للطلب السياحي على الماء والكهرباء،
13. تحفيز المستثمرين على إنشاء محطات لتخزين الطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء، لتغطية الطلب المتزايد والمرشح للتزايد بوثيرة سريعة في المستقبل، بالنظر إلى التحولات التي سيحدثها نظام الجهوية الجديد، والاستثمارات التي ستتقاطر على المنطقة،
14. تعزيز شبكة الهاتف النقال والانترنيت ، للرفع من جودة الاستقبال والإرسال ، بالنظر إلى أهمية دلك وأثره المباشر على التواصل الاجتماعي والاقتصادي،
15. تأهيل مصالح الوقاية المدنية من حيث تعزيزها بالآليات والتجهيزات الضرورية ( الطائرة الطوافة، سيارات الإسعاف وغيرها من المعدات) ومن حيث الجاهزية ( التكوينات والتدريبات استعدادا لجميع أنواع الحوادث والكوارث)،
16. تأهيل مجال الصناعة التقليدية في المنطقة ، لما لهده الأخيرة من دور هام في الاقتصاد التضامني والاقتصاد السياحي المحليين والوطنيين وفي الحفاظ على الهوية الثقافية المحلية والوطنية، ودلك بتكثيف وتنسيق الجهود بين الحرفيين والعارضين من جهة وبين المؤسسات الحكومية والعمومية والمجالس المنتخبة والغرف المهنية المشتغلة في نفس المجال من جهة أخرى. فقد أصبح القطاع في إطار خطة وطنية، يشغل يدا عاملة مهمة ، ويساهم في امتصاص البطالة الحرفية وكدا في محاربة الهشاشة الاجتماعية. ويقتضي التأهيل محليا مراعاة المواد المستعملة، جودة المنتجات ، حقوق الصناع المادية والاجتماعية، موافقة الثمن للسلع المعروضة، إعادة النظر في مركب الصناعة التقليدية بمدينة كلميم من حيث التوسعة واستغلال السطح لمقهى ومطعم سياحي بانورامي وإدخال منتجات جديدة على الموجودة بالمركب،
17. تهيئة سوق نموذجي يحتضن باعة الخضر والفواكه والألبسة المتجولين وباعة الأرصفة، الدين تضيق بهم جنبات الطرقات بالسوق الفوضوي المحاذي لشارع محمد السادس، الشارع الرئيس للمدينة ومدخلها من جهة الشمال، حفاظا على جمالية ونظافة وسط المدينة، توفيرا لمقرات ثابتة لهده الشريحة الهشة من المواطنين، وضمانا لمداخيل إجارية قارة لصاحب المشروع ، سواء كان شخصية معنوية (الجماعة الحضرية) أو ذاتية (مستثمر)،
18. تحفيز بائعي المواد الغذائية ، بائعي اللحوم الحمراء والبيضاء، بائعي الأسماك، وبائعي الخضر والفواكه على الانضواء في جمعيات مهنية حسب التخصص، لتنظيم وتخليق العمل، للحفاظ على صحة الأفراد وعلى الصحة العمومية، لاحترام معايير مزاولة النشاط المهني واحترام الملك العمومي، ولتسهيل التنسيق مع السلطات المحلية بخصوص هده الأمور وكدا الحفاظ على جمالية ونظام المدينة، لما لهدا الأمر من وقع على نفوس الساكنة والسياح من الناحيتين الأمنية والجمالية، فالأسواق تعتبر واجهة من واجهات المدينة المستقبلة، سواء كانت للوازم الأساسية أو الكمالية.
19. العناية بالواجهة الإعلامية الالكترونية للعديد من الإدارات والمصالح والمجالس والمديريات والمندوبيات، وأعني المواقع الالكترونية ، ودلك بالتحديث المستمر، بتوفير المعلومة بلغتين أجنبيتين علاوة على اللغة العربية، بطريقة صحيحة فصيحة، فالزائر والسائح يطآن الأرضية الالكترونية قبل الأرضية الطبيعية، يلجون المنطقة عبر النيت قبل ولوجها في الواقع، وإن تنوعت أهدافهم من الاستثمار إلى السياحة إلى العبور.
20. خوض تجربة "القناة السياحية" من طرف وزارة الإعلام ، تعزز بها الباقة التلفزية الوطنية والمشهد الإعلامي المغربي ، توفر بها فضاءًا تواصليا، إعلاميا، تثقيفيا وتربويا، قصد الجمع بين النافع و الماتع، في إطار إستراتيجية شمولية تروم التعريف بجميع المناطق السياحية في البلاد، بالعروض السياحية المتوفرة، بالتنوع الطبيعي والبيئي وبالتراث المحلي والوطني( المادي والمعنوي/الثابت والمنقول)، مع التثقيف والتربية على العناية بهما، كإرث حضاري وطبيعي وكركيزتين اقتصاديتين، كذلك ستتيح القناة للمتدخلين في القطاع من مهنيين ووزارات وإدارات ومجالس وجمعيات وتعاونيات وغيرهم، فرصة التعريف بأنفسهم وأنشطتهم عبر المنتجات الإعلامية ( أفلام وثائقية، روبورطاجات، وصلات إشهارية، حوارات)، المؤدى عنها ، مما سيوفر للقناة ميزانية للتسيير والتدبير و يقدر لها الاستمرار،
21. تنشيط القرية الرياضية بكلميم ومنشآتها المتعددة الاختصاصات، باستضافة مختلف التظاهرات الرياضية التي يمكن أن تقام بها، في إطار محلي، إقليمي، جهوي ، وطني أو دولي. دلك لما لهده الأحداث الرياضية من أثر ايجابي على السياحة، والتعريف بالمنطقة وبمؤهلاتها المختلفة. وأذكر هنا مسارعة الدول ، وليس المدن فحسب ، في العالم أجمع على تنظيم التظاهرات الرياضية، لجني عائدات الإشهار والنقل التلفزي، بالإضافة إلى ما يجنيه الفاعلون السياحيون، وما ينعكس على الأسواق التجارية، وعلى الاقتصاد المحلي عموما. بالإضافة إلى ما توفره هده التظاهرات من فرص للشباب الرياضي المحلي الممارس لإبراز قدراته وتنميتها، وكدا لجني المال في حال المشاركة أو التألق (المكافآت/ الاحتضان ) ، باعتبار أن الرياضة أضحت رافعة اقتصادية، من حيث الصناعات المرتبطة بها ( المعدات، الألبسة، الآليات، الإشهار، الأدوية، منتجات شبه صيدلية)، من حيث عائدات فضاءات المنافسات والإشهار، ومن حيث التشغيل المباشر والغير المباشر( الرياضيين، الإداريين، الأطقم الطبية، المدربين، المساعدين الوكلاء الرياضيين وشغيلة النوادي والملاعب) . ولا يفوتني التذكير بدور المجتمع المدني في تأطير الجمهور الشاب والناشئ للحد من عنف الملاعب ، وتوعيته بضرورة الحفاظ على المنشآت والممتلكات الرياضية، تأكيدا لدورها الاجتماعي والاقتصادي.
22. تنشيط قصر المؤتمرات بإحداث لجنة للتواصل تتوفر فيها معايير المهنية المرجوة لتسويق الفضاء، ويكون من مهامها طرح عروض في أسواق السياحة تهم التنظيم، الفوترة، التنسيق مع الفنادق والمطاعم (الخصومات التحفيزية)، الترفيه، الجولة والمحطات السياحية(le circuit touristique) ، وكدا للتعاقد مع المؤتمرين في جميع جهات المملكة أو خارجها، قصد تشجيعهم على اختيار وجهة كلميم لعقد مؤتمراتهم ولقاءاتهم أياً كانت صبغتها: علمية، ثقافية، اقتصادية أو سياسية، في إطارها الإقليمي و الجهوي والوطني والدولي، لما لها من وقع إشعاعي للمنطقة المستقبلة (سياحة المؤتمرات) ، وعائدات اقتصادية.
23. العناية بالأحياء الموصومة بالهامشية والغير آمنة، مع العلم أن منها ما يعتبر نواة المدينة أو المدينة العتيقة، وأعني بالذكر حي القصبة، حي الملعب، ودلك بتعزيز شبكات الإنارة العمومية، الماء الصالح للشرب، الكهرباء ، الصرف الصحي وتعبيد الأزقة، إضافة إلى تشجيع العمل الجمعي بهده الأحياء لمحاربة بعض السلوكيات ، وتأهيل الساكنة لاستقبال بعض الفضاءات السياحية، التي قد تثمن هده الأحياء من الناحيتين التراثية والعقارية، كالمآوي والمطاعم السياحية بالدور التقليدية الكبيرة،
24. تأهيل المؤسسة الاجتماعية القوية والفاعلة اجتماعيا وسياسيا في المنطقة الصحراوية، أعني "القبيلة"، ودلك لمواجهة مرحلة جديدة و إكراهات جديدة ، تستدعي إعادة النظر في الفكر وفي تركيبة وهيكلة "مجلس الأعيان"( إدا صيغ لنا تسميته كذلك) الموجهين لهده المؤسسة الاجتماعية، ودلك بطرح ومعالجة الإشكالات وخاصة الاقتصادية منها بطريقة عقلانية واقعية وموضوعية، تحفظ لهدا الإرث الاجتماعي قوامه مع ما يختزله من مقومات ثقافية، لكن مع دحض "التعصب القبلي" الذي ينتج معه العديد من الشروخ والتشوهات الاجتماعية وكدا الإعاقات التنموية، واستبداله ب "تعصب خلدوني" (نسبة إلى ابن خلدون) ، تعصب للمشروع المجتمعي، الذي يضمن المسار الآمن للساكنة اجتماعيا ، اقتصاديا وسياسيا.
25. تعبئة الساكنة بمختلف فئاتها الجنسية والعمرية، ومكوناتها الاجتماعية و الاقتصادية ، السياسية والإدارية، المدنية والأمنية، للانخراط في المسار التنموي بعزم وجدية، واضعة نصب عينيها إنجاح تجربة الجهوية الموسعة، بما تقدمه للمجالس المنتخبة كأجهزة تنفيذية، وللمجتمع المدني كقوة اقتراحية وكمنظومة رقابية من جيل جديد في آليات التدبير القويم والحكامة السليمة، في تطلع لمستقبل نتحكم فيه ولا يتحكم فينا، مستقبل بدأ البارحة، ويعد بالأفضل المشروط : مشروط لأنه يدعو الساكنة الصحراوية بألا تخطئ الموعد التنموي، وبأن تكون في مستوى التحدي في صياغة "المعجزة التنموية الصحراوية"، أقولها بوثوق لأن ساكنة الصحراء عودتنا مند قرون خلت على صناعة التاريخ وترك كتابته للغير، وعلى تطويع الجغرافيا وتدبير الندرة، في عزة بغير كبر. يقول الشاعر:
إنما تسموا الأوطان برجالها وإلا لا فضل لترب على ترب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.