بعد مرور أزيد من الشهر على تفكيك مخيم اكديم ازيك بمدينة العيون ,و ما أعقبها من الأحداث المتسارعة سواء على المستوى الجهوي الوطني و حتى الدولي وتداعياتها التي ما زلنا نعيشها ونعايشها , لعل أبرزها تحويل وإن علنا المواجهة إلى حلبة الجزائر و إسبانيا . المخيم الذي أسس بنيانه على مطالب اجتماعية في مقدمتها التشغيل و السكن ، فما كان من الدولة المغربية ممثلة في شخص وزير الداخلية إلا الإعلان عن البدء في حلحلة هاته المشاكل من بينها التشغيل. فبعد الإعلان عن بعض مناصب للشغل في سلك الوظيفة العمومية التي جاءت كرد فعل لتفكيك المخيم , ليسعني كواحد من الأطر الصحراوية المعطلة إلا أن أدلو بدلوي بخصوص هده العملية و ابدي ببعض الملاحظات وحيثيات التي شابت هده الأخيرة. البداية كانت بفتح الحوار مع مستشار الوزير الأول للتشغيل شأننا في دلك شأن باقي المجموعات الوطنية , التي تم التوصل إلى حلول لملفاتها باستثناء مجموعة الأطر الصحراوية بحجة أنهم يشكلون استثناء ,هدا المفهوم الذي ينطوي على الكثير من الدلالات : فأولها أن هده المجموعة ليست كباقي المجموعات باعتبار حساسية الملف الذي يستوجب من الحكومة عناية خاصة بإيجاد حل شمولي. وثانيها أن هدا الاستثناء يعني أن هدا الملف ليس من اختصاص الوزارة الأولى ليتم نقله إلى وزارة الداخلية لنعود للنقطة الصفر .. وليتبين أن كل الحوارات التي أجريت سابقا ودامت قرابة العام كانت مجرد مناورة لربح الوقت وامتصاص غضب الأطر الصحراوية , لكن بعد خوض مجموعة من أشكال النضال الحضارية كان أخرها اكديم ازيك و ازدياد حدة الضغط على الوزارة المعنية .. قامت هده الأخيرة بفتح حملة تسجيل للاستفادة من التوظيف المباشر في أسلاك الوظيفة العمومية لأطر الأقاليم الصحراوية بكل تكويناتهم و تلويناتهم. العملية التي طالها الكثير من الغموض على اعتبار عدم وجود تاريخ الإعلان عن المناصب و عددها و لا حتى الكيفية التي ستجرى بها ..لنفاجأ بعد مرور شهر تقريبا من انتهاء عملية التسجيل وفي جنح الظلام و كأننا ما زلنا في مجتمع البدو والرحل حيث يتم إصدار ما اتفقت عليه القبيلة, نبأ صدور مجموعة من التعيينات وإن لقيت ترحيب كبير من طرف المعنيين بها إلا أنها لقت استهجان أكبر, مما أثار مجموعة من الأسئلة بخصوص تدبير الدولة المغربية لهدا الملف. لعل السمة الطاغية في ما يخص هذه العملية , هي الإقصاء, في حين أنه تم تقديم وعود بحل شمولي وجدري للهاته المعضلة كباقي المجموعات الوطنية, مع العلم أن عدد المناصب المخصصة لها تعد بالآلاف مقابل بعض المئات للأقاليم الصحراوية و الأكثر من دلك فإنه تم إقصاء شريحة بأكملها وهم حاملي الشواهد التقنية مما يطرح السؤال لماذا فتح في حقهم التسجيل ؟ لقد اتضح جليا المقاربة التي تنتهجها الحكومة المغربية في تدبيرها لهذا الملف, عنوانها سياسة التماطل والتنويم, بهدف امتصاص غضب المعطلين التي تجلت في إقصاء شريحة بكاملها وتقديم وعود بدفعة ثانية مجهول تاريخ إجرائها و حجمها و لا حتى معاييرها لأنه خلال الدفعة الأولى تم وضع معايير الانتقاء التي لم يتم احترامه وثبت في أكثر من مرة تجاوزه للاعتبارات أخرى غير واضحة . إن الارتجالية التي لازمت تدبير هذا الملف لا تنسجم والتعليمات السامية لسلطات العليا للبلاد الرامية إلى تعبيد الطريق للجهوية المتقدمة أو الحكم الذاتي المزمع تطبيقه بالأقاليم الصحراوية ,بدليل أن القطاعات الأربعة التي شملته التعيينات تبقى تقليدية كونه لا تسمح بالمشاركة والانخراط في تدبير الشأن المحلي ,وأيضا لأن أغلبية إن لم نقل كل المستفيدين تم تعيينهم بالأقاليم الشمالية للمملكة و بالتالي حرمانهم من حق المساهمة في النهوض بمختلف القطاعات بغية الوصول إلى التنمية المنشودة لهده الأقاليم. لقد بات من الضروري إعادة النضر في تعامل الدولة المغربية مع هدا المشكل الذي أضحى يشوبه الكثير من الاختلالات بحجم إنفاقه على الأقاليم الصحراوية, فحسب تسريبات موقع ويكيليكس قد يصل إلى 2.7 مليار دولار سنويا, وبعملية حسابية بسيطة يتضح أنه لو تم تخصيص فقط %10 من هده الميزانية للتشغيل, لتمت معالجة و طي هدا الملف في حين أنها توجه للمآرب أخرى كشراء الو لاءات وتنظيم المهرجانات ... ويبقى السؤال المطروح إلى متى هاته الحلول الترقيعية؟ وهل هناك فعلا دفعة ثانية ؟؟! وما هو مستقبل التشغيل بالأقاليم الصحراوية وخصوصا على ضوء إنكباب الحكومة على إعداد نظام أساسي جديد للوظيفة العمومية ؟