أعلنت الشركة السعودية لاسمير توقيف نشاطها في مصفاة تكرير النفط في المحمدية إلى غاية النصف الثاني من شهر غشت الحالي.. ساعات بعد هذا القرار الخطير والحساس جرى تعليق أسهم الشركة في البورصة المغربية بعد أن فقدت 10٪ من قيمتها التداولية.. هذه سياسة يقول عنها المغاربة: «شدوني ولا نطيح». السيد العمودي وشركاؤه في شركة كورال اشتروا شركة لاسمير من الدولة سنة 1995 «بجوج فرانك»، وحصلوا فوق هذا على جائزة كبيرة تتمثل في الحصول على 10 سنوات من احتكار السوق لوحدهم دون منافسة من أحد، أي منع أي مستورد مغربي آخر من شراء النفط مكررا من السوق الدولية إلى غاية 2005، حيث تكون الشركة قد استردت قيمة الاستثمار، وربحت فوقها مليارات أخرى. أكثر من هذا، تعهدت الشركة السعودية بالقيام باستثمارات ضخمة في محطة المحمدية حفاظا على البيئة، وضمانا لوتيرة تزويد السوق المغربية باحتياجاتها من المحروقات الجيدة، لكنها لم تف حتى بربع التزاماتها مع الدولة، والآن ها هي تضغط على الحكومة وعلى الدولة في توقيت حساس، وبتزامن مع زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى طنجة لقضاء عطلته الخاصة، وذلك للحصول على تدخل سياسي لإنقاذ الشركة من مشاكلها المالية، ومن تقلبات سعر النفط في العالم، ومن ضخامة الإنتاج النفطي الخليجي الذي لا يجد له مكانا في السوق، ومن ثم ينزل سعره لأن القاعدة تقول إن الثمن رهين بالعرض والطلب. إذا كان السي العمودي، الذي راكم أرباحا ضخمة طيلة السنوات الماضية، لم يعد قادرا على إدارة لاسمير التي تزود السوق المغربية بحوالي 70٪ من حاجياتها من المحروقات فليقم ببيعها، أو إعلان إفلاسها، وليخبر الحكومة لكي تتحدث مع شركات التوزيع الوطنية بخصوص شراء النفط والغاز مكررا من السوق مباشرة، كما تفعل دول عديدة لا تستورد النفط خاما ولا تكرره في بلادها، وهذه تجربة موجودة الآن في 30٪ من المحروقات الموجودة في السوق المغربية والمستوردة من الأسواق الدولية مكررة، وفي كثير من الأحيان بجودة وثمن أفضل، فَلَو وجدت شركات التوزيع الكبيرة نفط لاسمير بأسعار جيدة وجودة أفضل فلماذا تذهب لشرائه من السوق الدولية (حتى فار ما تيهرب من دار العرس)، وتؤدي ثمنه بالعملة الصعبة؟ إن التهويل الإعلامي والسياسي الذي انخرطت فيه وسائل الإعلام الفرانكفونية الموالية للرأسمال المغربي والأجنبي، والتي تقاتل مع الشركات الكبرى في كل معاركها، سواء كانت على حق أو على خطأ، ليس وراء هذه الحملات وهذا التهويل والتخويف من انقطاع المحروقات عن السوق الوطنية سوى شيء واحد؛ ابتزاز الحكومة لدفعها إلى تقديم هدايا لهذه الشركات، وتمديد فترة الاحتكار، أو إعادة فتح صنبور الريع الذي أغلق جزء منه بعد رفع الدعم كليا عن المحروقات. هل يجدر بِنَا أن نذكر بالتقرير/القنبلة الذي أصدره قبل سنتين صندوق المقاصة، والذي قال فيه: «إن إدارة الصندوق لا تتوفر على آليات لمراقبة الكميات التي تدخل والتي توزع من المحروقات في السوق الوطنية، والتي على أساسها تصرف شيكات بالملايير من الدراهم لشركات المحروقات»، أي أن الدولة، وبكل سذاجة، تؤدي فواتير الدعم عن سلعة استراتيجية دون أن تمتلك وسائل لمراقبة كميات هذه السلع ووصولها إلى المستهلك. منذ أن اتخذت حكومة بنكيران قرار رفع الدعم الكلي عن المحروقات وأصحاب شركات توزيع المحروقات يضعون أيديهم على قلوبهم، ويفكرون في طرق جديدة ومبتكرة للوصول إلى «بزولة» المال العام والريع الذي انقطع. في تقريره الأخير أمام الملك، لفت مدير بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري، نظر الحكومة إلى صورة تقييم الاستثمار الأجنبي، وقال بالحرف: «يظل السؤال مطروحا حول مدى مساهمة الاستثمارات الأجنبية في النمو والتشغيل، وفي الوقت نفسه بدأ تحويل الأرباح إلى الخارج يؤثر بشكل ملموس على ميزان الأداءات، حيث بلغ سنة 2014 ما يناهز 15 مليار درهم، في حين وصلت تدفقات الاستثمارات إلى 36 مليار درهم، وإذا كان تشجيع هذه الاستثمارات أمرا ضروريا، فإنه يتعين في الوقت نفسه تقييم ما يمنح لها من تحفيزات، وذلك بناء على تحليل دقيق لكلفتها وفائدتها».