رجع المغرب إلى طلب المساعدات المالية من إمارات الخليج الغارقة في عائدات النفط، بعد أن وصل البرميل الواحد إلى 135 دولارا، كما كان عليه الأمر سنوات السبعينات والثمانينات على عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي كانت تجمعه علاقات متينة وشخصية مع أمراء الخليج. قبل أسابيع، بعث الملك محمد السادس وزير خارجيته الطيب الفاسي الفهري في جولة إلى دول الخليج، لطلب مساعدات مالية لمواجهة ارتفاع فاتورة النفط التي أصبحت تثقل كاهل الميزانية المغربية في ظرفية اقتصادية جد حساسة. الرد لم يتأخر، حيث توصلت الرباط هذا الأسبوع بثلاثة شيكات. الأول من السعودية، ويبلغ 500 مليون دولار، والثاني من الإمارات ويبلغ 300 مليون دولار، والثالث من المنتظر أن يصل من الكويت في الأيام القليلة المقبلة، ويتوقع أن يمنح المغرب ما بين 250 إلى 300 مليون دولار حسب مصادر مطلعة. الملك أعطى أوامره بجمع هذه الأموال في صندوق خاص حتى لا تدخل إلى ميزانية الدولة، لكن المليار دولار الذي جمعه المغرب من أصدقائه الخليجيين لن يحل المشكل إلا على المدى القريب، فالدولة تدفع شهريا مليارين و100 مليون درهم لدعم أسعار النفط والغاز. بل أكثر من هذا، إذا وصل سعر البرميل إلى 150 دولارا في السوق العالمي، فإن ميزانية صندوق المقاصة ستتجاوز الميزانية المرصودة للاستثمار، 150 مليار درهم، فما هو الحل؟ مسؤول في الحكومة، فضل عدم ذكر اسمه، قال ل«المساء»: حل هذه المعضلة هو الرفع من ثمن المحروقات، فلا يعقل أن تصرف الدولة 3 دراهم عن كل لتر من الكازوال الممتاز (350) لصاحب سيارة فاخرة. ثانيا، توظيف هذه المساعدات التي جاءت من الخارج، وثالثا، الاستعانة بمداخيل الجبايات التي عرفت نموا كبيرا في الثلاثة أشهر الماضية مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية». من جهته اعتبر مولاي عبد الله العلوي، رئيس فيدرالية الطاقة، أن دعم الدول العربية مستحب، لكنه غير كاف للتخفيف من المشاكل التي يطرحها ارتفاع أسعار البترول في السوق الدولية، حيث يفترض العودة إلى نظام المقايسة والزيادة في أسعار المحروقات عندما يصل سعر البرميل إلى 150 دولارا. إصلاح صندوق المقاصة ما زال بعيدا عن التطبيق ويتطلب في نظر الحكومة 3 سنوات لإيجاد بديل عن النطام الحالي الذي يدعم الأغنياء أكثر من الفقراء. هذا، وسبق للمملكة العربية السعودية في الثمانينات أن منحت المغرب حوالي 3 مليارات دولار على عهد الملك فهد الذي كانت تربطه علاقة خاصة بالملك الحسن الثاني، صدام حسين الرئيس السابق للعراق كان بدوره يعطي البترول للمغرب بأسعار تفضيلية ومقابل مواد فلاحية كانت توفر على المغرب العملة الصعبة التي كان يشتري بها النفط من السوق الدولية، أما اليوم بعد خوصصة شركة «لاسمير» على عهد وزير الخوصصة السعيدي الذي أصبح فيما بعد المدير العام للشركة التي خوصصها لم يعد المغرب قادرا على شراء النفط بأسعار تفضيلية من الأشقاء العرب. طريقة خوصصة «لاسامير» تفاقم العجز عن تغطية فاتورة المحروقات قبل خوصصة شركة «لاسامير» كان المغرب يستفيد من مساعدات دول عربية، مثل ليبيا والسعودية والعراق والكويت، التي كانت تبيع للمغرب البترول بأسعار تفضيلية، أي بسعر أقل من سعره في السوق، لكن بعد خوصصة شركة «لاسامير» لم تعد هذه الإمكانية متاحة. مصدر مسؤول يتساءل عن «خلفيات تجديد اتفاقية سنة 2004 مع شركة تفوت على الدولة مداخيل مهمة من وراء الأسعار التفضيلية؟». من جهة أخرى، قال مصدر حكومي إن وزارة عباس الفاسي عازمة على تعديل هذه الاتفاقية سنة 2009، تاريخ انتهاء صلاحية اتفاقية 2004، «بما يسمح بالاستفادة من المساعدات البترولية التي يمكن أن يقدمها العرب للمغرب، ولم لا كسر الاحتكار الذي تتمتع به الشركة في مواجهة شركاء آخرين، مغاربة وأجانب، مهتمين بدخول سوق استيراد النفط وتكريره».