لم تفلح ، لحد الآن ، الصورة القاتمة التي رسمناها بفوهات أقلامنا عبر مقالاتنا المتكررة في عدة مواقع إلكترونية عن واقع المجزرة الجماعية بأولادجرار الواقعة بمحاذاة المزبلة ، لم تفلح في استثارة همم القائمين على أمر شؤوننا المحلية ، وشحذ إراداتهم الفاترة نحو معالجة ما يمكن معالجته في الموضوع . فلربما بات منظر أزبال المطرح الجماعي للنفايات المنزلية الذي تغرق وسط ركامه المجزرة المذكورة يوما عن يوم ، أمرا مألوفا وجد عاد لديهم لدرجة صار البعض منهم يفتح عينيه بشكل زائد على الشروط الصحية لسلامة اللحوم أثناء عرضها للبيع بإحدى محلات الجزارة بالمنطقة ، ويغمضها عن ضباب الذباب وسحب الأدخنة الحارة للأزبال المحترقة وروائح العفن النتنة التي تتشربها اللحوم و تتنقع بها أثناء الذبح في المجزرة . وإذا كان هنالك من موقف يتعزز به سابقه ، فهو عدم اكتراث المسؤولين لما جرى ويجري كعادته في كل مرة بجوار هذه المجزرة ، حيث تعمد فيها الشاحنة التابعة للمجلس البلدي لمدينة تزنيت إلى إفراغ حمولتها السائلة من المياه العادمة لحفر التجميع (لمطامر ) لدور ومساكن ودادية الخير بأولادجرار، والتي تعرف مشكلا متفاقما في موضوع الصرف الصحي في غياب تام لشبكة محلية للواد الحار . وبذلك تكتمل معروضات العفن على أطراف المجزرة التي تتحول إلى أطباق فاخرة يمتزج فيها الفرت الحيواني بالفرت البشري بالقاذورات التي تستلذها سحب الذباب التي تغطي سماء المنطقة ، وتنتشي بها قطعان الكلاب الضالة التي تعسكر نهارا في خنادق وادي " أدودو " المحتضن لهذه البؤرة المتعفنة ، قبل أن تمشط فيالقها الجرارة ربوع أولادجرار عندما يقبل الليل ، لتبث الرعب في صفوف الكبار والصغار على حد سواء . وتبقى الأسئلة التي سأوجهها لكل الذين قد يرون في هذا المقال تحاملا على إرادة أشخاص متضررين في حل مشكل الوادي الحار لديهم هي : إلى متى ستستمر هذه الحلول الترقيعية الفردية التي لا تصنع سوى المتنفسات لمشكل الوادي الحار عندما يحتقن ؟ ما معنى أن يتم نقل منتوج المنطقة من أوحال العفن إلى أماكن قريبة ليتلقاها أناس آخرون يتضررون بتلوثها المباشر أو غير المباشر ؟ نتمنى أن تجد هذه الرسالة الآذان الصاغية التي تلتقطها حتى لا نستمر في التقاط أشلاء الذباب مندسة بين شرائح لحم المنطقة ، أو يصير طعمه المنكه برائحة الفرث البشري عاديا عند ساكنة أولادجرار كعادة افراغ السوائل الملوثة بجانب المجزرة .