إن علاقة عبد الرحمان زيدوح بالمواطنين في حكومة محمد السادس حفظه الله تنطلق من رؤية أن العامل هو أحد أفراد المجتمع واحد منتسبيه الأكثر مسؤولية وواجبية ' لأنه مسئول أمام الله وأمام المجتمع وأمام ملك البلاد ' لهذا نجده يلغي كل الحواجز والاعتبارات التي تحول دون الاتصال بالمواطنين وتفهم مشاكلهم ومسؤولياتهم , ولم يكن منصبه في الدولة يمثل له شيئاً ما لم يحقق الهدف منه وهو العدالة الاجتماعية وإقامة الحق بينهم , وهو بذلك يمثل الطراز الأعلى والأمثل من العمال الذي نادت عليهم وزارة الداخلية كعامل صاحب الجلالة على إقليمالخميسات , ورغم المصاعب التي لاقاها زيدوح بين بعض مواطنيه وخذلانهم له إلا انه لم يكن سبباً في عدم الرأفة بهم والتودد إليهم, بقي مثالاً في كل الميادين سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل حتى مع معارضيه. ورغم كل ذلك نجده يتعامل معهم بمنطق إنساني محض ولم يستخدم نفوذه السياسي عليهم فحاورهم وألقى الحجج عليهم حيث ينطلق من رؤية أن البشر متساوون في الخلقة فهو لا يفرق بينهم في المعاملة والحقوق على أساس أن هذا غني والآخر فقير وكلهم سواء أمام القانون, ولم يستثن نفسه كذلك من الدستور كما نراه اليوم من امتيازات وحصانات خاصة ، فهو يعتبر نفسه مسئولا أمام القانون في حالة تقصيره وعدم أدائه للحكم بصورة واضحة وهو يقول لو كان المال مالي لسويت بين الناس فكيف والمال مال الله ومال هذا الوطن الذي حملني جلالة الملك حفظه الله مسؤوليته , فيا أهل زمور إن خرجت من عندكم بغير رحلي وأبنائي فأنا خائن, هذه الكلمة العظيمة تستحق الوقوف عندها والتأمل في هذا الرجل العادل الذي لا يرضى بالفساد والخيانة مطلقاً , حيث وجدناه شخصيا بجانب المواطنين بالسوق الممتاز لا بيل في بالخميساتالمدينة بمعية أبناءه وزوجته يتبضع مثله مثل سائر المواطنين و الناس من خلفه يرددون الله أكبر ' رجل متواضع رزين زاد الله في خلقك ياسيدي وحفظك الله بالسبع المثاني والقرآن العظيم , فهو يرى انه موظف مسئول أمام الله وأنها مسؤولية مقدسة لا يمكن التفريط بها وأن التقصير خيانة وجريمة كبرى على حد قوله ' ناذراً نفسه لخدمة المواطنين وهو يقول لرجال السلطة حوله واشعروا قلوبكم الرحمة للرعية والمحبة للمواطنين واللطف بهم ولا تكونوا عليهم سباعا ضارية تغتنمون أكلهم لأنهم صنفان إما إخوانا لكم في الدين أو مثلكم في الخلق فأعطوهم من عفوكم وصفحكم يعطيكم الله من عفوه وصفحه. ومن هذا المنطلق نجد معاني سامية وعظيمة قلما توجد في عامل من العمال حيث أن هذه الكلمات إعلان عن حقوق الإنسان والمواطنة تجاه السلطة أو الحكومة بشكل عام وإعطاء الحقوق للفرد تجاه الحاكم والحاكم تجاه الفرد وتحديد مسؤوليتهما تجاه الآخر, وبهذه الكلمات نفهم مدى العلاقة الإيجابية التي تربط الرعية بالحاكم والعكس , وهذا عين ما نراه من الممارسة العملية التي يمارسها زدوح تجاه كافة مواطنيه من الرأفة والحنو وهنا يجرني الحديث إلى جماعة آيت يشوا التي زارها عامل الخميسات بمعية موكبه في إحدى الاحتفالات الوطنية الرسمية ووسط خيمة واسعة تم استقباله من طرف الجماعة بنوع من الحفاوة والكرم وعند جلوسه لتناول وجبة الغداء التي أقامها بعض الفلاحين الذين استعرضوا أبقارهم أمام اللجنة الخاصة لنيل أكبر جائزة مربي الأبقار التفت الرجل ووجد من حوله مجموعة من الفلاحين الصغار واقفون حيث لم يجدوا مكانا للجلوس فقام من مقامه وطلب من المسئولين على وجبة الغداء أن لا يضعوا الأكل على طاولة الضيوف حتى يجلس الناس ويوزعوهم على الطاولات خوفا من جوعهم ورغبة في حضورهم وهكذا نجد الرجل يشارك الناس في طعامهم وشرابهم و يتفقد الأرامل والأيتام والمعوزين و يعطف عليهم كالأب على أولاده كل ذلك من أجل أن يكون واقعياً في خطابه وكلماته وإيمانه بالله ورغم كل سلبيات الرعية وتقصيرها تجاهه إلا انه لم يكن سبباً ليحول دون الرأفة والرحمة بهم وإن رجلاً مثل عبد الرحمان زيدوح ينزل من علياء سلطته إلى بيوتات الناس ليسأل عنهم وعن أحوالهم ويتفقد صغيرهم وكبيرهم عله أن يكون قدوة ومثالاً لباقي المسئولين فهنيئا لعبد الرحمان زيدوح واعلم أن الله يحسن إليك ولأبنائك مثلما تحسن للرعية .