وليد كبير: نظام العسكر غاضب على ولد الغزواني بعدما رفض الانخراط في مخطط لعزل المغرب عن دول الجوار    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا.. توجيه اتهامات بالقتل للمشتبه به في هجوم سوق عيد الميلاد    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة        مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار حول حوار الإعلام والمجتمع.. إصلاح الإعلام دعامة قوية للانتقال الديمقراطي ببلادنا ..

لابد من الإشارة إلى أن هذه المبادرة التي قامت بها صحيفة «الإتحاد الإشتراكي» هي في حد ذاتها مساهمة غنية في هذا الحوار ، ومن جهة أخرى لا بد من التنويه بمبادرة الحوار الذي هو شئ مميز في الديمقراطيات التي تشهد دينامية متجددة . ففكرة الحوار تبقى قيمة جديرة بالإحترام والتقدير حين تقود إلى التعبير والإنصات المتبادل وتقاسم الأفكار و الآراء ، خاصة وانها مبادرة مصدرها السلطة التشريعية . وهو ما يضع ام
ام كل الفاعلين مسؤولية تأصيل حوار مخصب لبلوغ نتائج ملموسة تتجاوب والتحديات المطروحة على أكثر من صعيد ، وتتجسد في نتائج وتوصيات ملموسة.
هذا يطرح قضايا دقيقة تتعلق المداخل الممكنة لإصلاح الإعلام والإتصال، و بالخلفيات والمرجعيات ، والمفاهيم ، والمنهجيات المتبعة لمعالجة القضايا المطروحة ، وترتيب الأولويات.
لذلك ،فوجود أرضية تحدد الهدف الإستراتيجي للحوار الوطني ، وكذا الأهداف المتخصصة للحوار الوطني يضع أمامنا مسؤوليات المشاركة وإغناء هذا الحوار ببعض الأفكار الأولية الضرورية:
الفكرة الأولى : مفاهيم واضحة
تثير المفاهيم المتداولة في مقاربة الموضوع قضايا تستحق الإثارة و نقاشا يمكن من إنارة الطريق لبقية الفاعلين . حينما نتحدث عن الحوار في مجال حيوي مثل مجالنا يجب تدقيق المفاهيم المستعملة : هل يتعلق الأمر بالإعلام أم بالتواصل ؟ وهما مفهومان مختلفان ويعبران عن توجهات متناقضة. هل نتحدث عن مفهوم وسائل الإعلام الجماهيري أم نتحدث عن مفهوم أوسع لمجتمع المعرفة والإتصالات وتكنولوجيات المعلومات والتواصل.؟ شخصيا أميل إلى دعم التوجهات ذات الرؤية الواسعة، لأن إستعمال مفهوم الإعلام او وسائل الإعلام الجماهيري يعني بقاءنا ضمن منظور ينتمي للماضي على المستوى التقني والسياسي والمعرفي. أي بقاءنا في إطار مفهوم متداول للإعلام يعتبر الرسالة تسير في إتجاه واحد من المرسل إلى المتلقي ، من السلطة إلى المواطن ، دون رغبة أو تطلع لمعرفة ردود فعله ومدى تفاعله أو تواصله مع الرسائل والمضامين ، وهذا ضد تطلعات الناس ، اي المجتمع الذي يعبر عن رغبة في ولوج فضاء المعرفة والتواصل ، حيث للمتلقي دور هام في العمليات الإتصالية ، بدل أن يبقى سجين مجتمع الإعلام الحالي . فلا يمكن أن نتطلع إلى التجديد بمفاهيم وأدوات قديمة. وهذا هو المنظور الذي طبق على نحو فعال لحقبة من الزمن في بلادنا.
لذلك فاستعمالنا لمفاهيم تنتمي إلى زمن مضى ،أو زمن المراحل الأولى للإنتقال الديمقراطي ، قد يعني عدم الإصغاء لزمن التحولات الجديدة بكل حمولاته وايعاده الإجتماعية والسياسية والتقنية والقانونية .ويعني كذلك عدم مواكبة كاملة لقطاع الإعلام والإتصال لمسار التحولات الديمقراطية ببلادنا. وكذلك للتحولات الدولية في المجال التي عبر عنها مؤتمر تونس حول مجتمع الإعلام والمعرفة والإتصالات. لهذا يبدو طبيعيا أنه من الصعب ان نفتح حوارا وطنيا حول موضوع حساس دون تدقيق في مفاهيم أولية لتوضيح الرؤية والاتجاه خاصة بين أوساط الطبقة السياسية صاحبة المبادرة.

الفكرة الثانية : رؤية شمولية
بناء على ماسبق، فالمقاربة أو المداخل الممكنة للمعالجة تتطلب رؤية شمولية لقضايا متداخلة وترتبط بممارسات متعددة في أكثر من حقل . وبالتالي فالعلاقات الملتبسة التي يتوخي الحوار تحقيق توافق حولها هي ليست لمنظومات ثنائية بين» السلطة والإعلام « كما طرحت بحدة في فضاءات مختلفة ، كما انها ، ليست مختزلة في ثنائية «الإعلام والمجتمع « كما هو معبر عنه في ارضية الحوار. قد يكون من الصواب إيلاء الأهمية لعنصر المجتمع في ديناميات العمليات الإتصالية ، ولكن المدخل الشمولي يفترض تناولها على نحو واضح ضمن منظومة ثلاثية تشمل « الإعلام والسلطة والمجتمع « ، بعيدا عن كل رؤية إختزالية أو ملتبسة .
إن مدخل المقاربة الشمولية يقود إلى التعبير عن رغبة حقيقة في تأهيل شامل لمجال الإعلام والإتصال وفق رؤية لا يكتنفها أي غموض تتضمن كل مكوناته الفرعية ، ودمجه في نطاق نظرة تنموية شاملة. وهذا ما قد يبعدنا عن كل تصور محدود وتجزيئي لرؤية تسعى إلى تطويق جانب من جوانب هذه المنظومة الواسعة، أي الاقتصار على المجال الصحفي ، أي الصحافة المكتوبة ، وإغفال الصحافة السمعية البصرية الأكثر تأثيرا على المجتمع، سواء في المضامين الإخبارية أو المتخيلات والمضامين الفنية ، وكذلك الصحافة الإلكترونية التي أصبحت تحتل مكانا متناميا في الممارسة الإتصالية .
من جهة أخرى ، يبدو من الصعب أن نستفيق، أو تستفيق الطبقة السياسية ، في خطوة إستعجالية لمحاولة تدارك مشكلات الماضي أو مشكلات كان من المفروض حلها في الماضي ، والقذف بالمشكلات الجديدة للحاضر نحو المستقبل ، وهي المشكلات القانونية لتكنولوجيا المعلومات وعلاقتها بالممارسات الإتصالية.
إضافة إلى ذلك ، فتوجه الحوار في بلد مثل المغرب مكبل بمهمة نبيلة ترتبط بجعل منظومة الإعلام والإتصال في قلب العملية التنموية والتحديثية للمجتمع مما يفترض ترجيح كفة الوظائف التثقيفية والتوعوية بجرعات أقوى في مضامين قنواتنا وبلوغ منظومة إعلامية إتصالية ملائمة تستجيب لحاجيات التطور الثقافي الإجتماعي والسياسي للمجتمع المغربي الراهن.

الفكرة الثالثة : تأهيل مؤسساتي
البعد المؤسساتي بعد يفرض نفسه .إنه بعد حاضر بما يحمله من قضايا ترتبط بتأصيل الحريات وعلاقة النظام الإعلامي الاتصالي المغربي بالنظام السياسي الدستوري المغربي وما يتطلبه من إصلاحات وتأهيل مضاعف : تأهيل ديمقراطي (مواصلة أوراش الإصلاح الديمقراطي بدون تردد أو تراجع وخاصة مراجعة الدستور ) وتأهيل قطاع الإعلام والاتصال بجيل جديد من الإصلاحات تواكب التحولات السياسية والمجتمعية وكذا التحولات التقنية والدولية التي يعرفها المجال.
فإذا كانت حكومة التوافق التاريخي مع ذ.عبد الرحمن اليوسفي قد بوأت الإعلام والإتصال وتكنولوجيا المعلومات ضمن صدارة إهتماماتها في البرنامج الحكومي ، وإذا كان جيل إصلاحات العقد الماضي قد قاد إلى تحولات ومكتسبات لا يمكن القفز عنها ، فإن الواقع الحالي يعبر عن تأرجحات من المفروض تجاوزها بجيل جديد من الإصلاحات تبدأ من رأس المنبع أي الإصلاحات الدستورية الحاضن الأساسي لبقية الإصلاحات وخاصة في مجال الإعلام والإتصال.
وضمن الإصلاح المؤسساتي وكذا منظور الرؤية الشمولية، فإن توجه المغرب نحو جهوية متقدمة يفترض رؤية إستشرافية لنظام إعلامي إتصالي جهوي متقدم ينقل الهامش إلى المركز وليس العكس كما هو حاصل حاليا. فالبعد الجهوي للإعلام وتواصل القرب يمثل اليوم معادلة أساسية للمشاركة والدمقرطة والتنافسية.
إن ربط الإصلاحات في مجال الإعلام والاتصال يحيلنا على بوصلة التغيرات الرئيسية المحددة على اكثر من مستوى والتي يمكن أن تحقق دفعة نوعية للتحولات التي عرفتها العشرية وتجاوز وضعية عدم التوازن بين سلط المؤسسات وانخفاض الأداء على أكثر من مستوى وبعض مظاهر الإلتباس وسوء الفهم والإقصاء.
الفكرة الرابعة: تأهيل الممارسة الصحفية
إن الممارسة الصحفية في مختلف الوسائط المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية ، بجوانبها الإحترافية والأخلاقية والآداب المهنية تعاني اليوم من ردود فعل متناقضة . فبقدر ما تطورت ممارسات متقدمة تعبر عن نضج ومؤهلات جيل جديد من الصحافيين والإتصاليين يعتبر شريكا فعالا في مسار الإنتقال الديمقراطي والسير نحو مجتمع الحداثة والتقدم الإجتماعي ، بقدر ما تلقي الممارسة الصحافية بنماذج من السلوكات والممارسات التي لا تسمو إلى نبل وقدسية مهنة المتاعب على مستوى المهنية وجودة المنتوج الإعلامي ، وعلى مستوى إحترام اخلاقيات وآداب المهنة ، وكذا على مستوى الوظائف التي تتغيى الممارسة الصحافية تبنيها. كما ان الإنجازات الهامة التي حققتها بلادنا في مجال تحرير الاتصال السمعي البصري و تعزيز الضمانات المتعلقة بحرية التعبير، والحق في الإعلام، وإثراء التعددية، الفكرية والسياسية، في الإعلام العمومي ، وتمثيل مختلف اتجاهات الرأي والتعبير وما واكبها من إحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وإلغاء احتكار الدولة لمجال البث الإذاعي والتلفزي، وصدور القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري وإحداث محطات إذاعية خصوصية، وقنوات تلفزية عمومية جديدة، لم يرق بعد إلى مستوى التطلعات في تجويد المضامين وتقديم منتوج جذاب وله موقع في التنافسية القائمة في هذا المجال.
الفكرة الخامسة : تأهيل المقاولات الإعلامية
لا يمكن اليوم لقطاع الإعلام أن يتطور بدون رؤية عصرية تدمجه ضمن مجال الصناعات الإعلامية والثقافية ، وبالتالي فإن هذا يتطلب دعم هذه المقاولات وتوفير الشروط الموضوعية لعملها بإعتبارها مقاولات صناعية تعمل في مجال مختلف ومميز مرتبط بالمسؤولية الإجتماعية.
وإذا كانت هذه المقاولات تتبنى صيغا متعددة لتسويق صورتها ومنتوجها ، فإن الثابت هو أن الإهتمام بالعنصر البشري يبوؤها مكانة مقاولات مواطنة ( مقاولات خاصة أو المقاولات المحسوبة كمرفق عام ) ، يجب أن تتوفر على محيط مشجع يتمتع بالشفافية والوضوح والمصداقية وإحترام دفاتر التحملات في مختلف مناحي تعاملاتها .
كما أن تطوير ممارسات من هذا الصنف يجعل المفاولة الإعلامية تعطي المثال في احترام القوانين المعمول بها ، والتسيير الشفاف والاعتماد على الكفاءات ، وفي الدفاع عن قيم إحترام حقوق العاملين بها ، وكذا مختلف إلتزاماتها تجاه المجتمع وتجاه العاملين بها وكذا تجاه الدولة.
وضمن مجال الصناعات الثقافية والإعلامية لا يمكن عزل مجال الإعلان والإشهار والشروط والمعايير المعمول بها في هذا القطاع والذي يشكل خلفية اساسية في كل حوار حول الإعلام والإتصال.

الفكرة السادسة : تأهيل قضاء المتخصص
وهذا يعني القيام بفعل قانوني يتجاوز مرحلة ماقبل التخصص بإيجاد حل إيجابي للتعارض بين قانون الصحافة والقانون الجنائي ، وبالتالي النظر في الإشكال الكبير المطروح : هل علينا القيام بتنقيح للنصوص القائمة في القانون الجنائي وكذا قانون الصحافة ، أي تحقيق توافق حول قانون جديد للصحافة مع بقاء سريان مفعول القانون الجنائي أم يتعلق الأمر بالنظر في إمكانية الإشتغال على « قانون جنائي موحد للإعلام والإتصال « يضم في وثيقة واحدة كل النصوص المتفرقة سواء المعتمدة في قانون الصحافة والقانون الجنائي والنصوص المتعلقة بالقوانين المنظمة للإتصال الإلكتروني أي الجريمة الإلكترونية وصيانة المعطيات الشخصية .
على مستوى آخر ، فإن المنطق والعقلانية تقتضي امام نمو الظاهرة الإعلامية والإتصالية في المجتمع وتقاطعها مع ميادين واسعة تطال الحريات الفردية والجماعية والثقافة والإبداع والإقتصاد والمالية وغيرها ، فإن هذا يجعلنا نرجح كفة الإختصاص بإحداث غرفة مختصة بقضايا الإعلام والاتصال .
على مستوى آخر ، فإن تنظيم الحق في الوصول إلى المعلومات كحق عمومي وحق التحفظ المبرر قانونيا، وتنظيم الأرشيف.، ووضع المقتضيات القانونية التي تنظم حفظ الإرشيف كجزء من الذاكرة الوطنية والحق في الوصول إليه كجزء من الحق في الحصول على المعلومات، تعميقا لمسار الشفافية ودور المراقبة والوساطة بين السلطة والمجتمع الذي تلعبه وسائل الإعلام والإتصال، أمر لم يعد ممكنا السكوت عنه أو تجاهله و هو ما قد يساعد على تفعيل ثنائية الحرية والمسؤوالية والمسؤولية الإجتماعية لوسائل الإعلام و الإتصال بشكل مخصب يضمن حرية التعبير كما يصون حرية الأفراد والمؤسسات.
الفكرة السابعة : تأهيل الاتصال الإلكتروني
لا أحد يمكنه اليوم إغفال النظر عن الدور الكبير لتكنولوجيا الإعلام والإتصال الذي اصبح يطال مناحي عديدة من حياة المجتمعات سواء منها الثقافية والإتصالية والإجتماعية والإقتصادية .
ومن هنا تتأتى اهمية هذا الشق من معادلة حوار الإعلام .يشمل هذا الجانب عناصر مهمة ترتبط بشروط اندماج قوي للمغرب في مجتمع الإعلام والمعرفة و الاقتصاد ، والذي له إسقاطات ثقافية وإعلامية إتصالية وإقتصادية هامة .
وبالتالي ، فإذا كان المغرب في قطاع الإتصالات قد حقق مكتسبات هامة من خلال سياسة التحرير على غرار ماجرى في الإعلام والإتصال ، فإن بعض مجالات الإتصال الإلكتروني تتداخل مع مجال الإعلام والإتصال على أكثر من صعيد .
وفي هذا الباب، فإن استكمال مصادقة المغرب على القوانين الدولية المعمول بها في هذا المجال ، وكذا سد الفراغات القانونية في مجال تكنولوجيا الإعلام والإتصال والإتصال الإلكتروني والتنسيق بين الهيئات الوطنية القائمة من بين المواضيع الهامة التي تفترض إهتمام حوار الإعلام والإتصال بها وأخص بذلك التوقيع الإلكتروني ، وحماية الحياة الخاصة ،وحماية الأشخاص، وحماية المستهلك ، التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ، والملكية الفكريةوالجريمة الإلكترونية.

الفكرة الثامنة : تأهيل في مجال التكوين والبحث

لا يمكن اليوم تفعيل حوار الإعلام والإتصال وإستشراف آفاقه المستقبلية في نطاق التحولات الجهوية والدولية دون الأخذ بعين الإعتبار لبعدين اساسين هما التكوين والتكوين المستمر والبحث العلمي والتفكير حول القضايا العديدة التي يطرحها الموضوع.
فالتكوين والبحث العلمي في مجال الإعلام والإتصال من الإشكاليات الرئيسية المؤثرة في نمو غير معوق للقطاع . ويمكن القول دون تردد بمحدودية مؤسسات التكوين القائمة في المجال وبحاجة إلى رؤية شمولية مندمجة لسد الطلبات والحاجيات القائمة . فالمعهد العمومي الوحيد في بلادنا رغم الجهود والمكانة المشهود له بها في تخريج أجيال من الفاعلين الأساسيين في قطاع الإعلام والإتصال ، بقي دون مواكبة مسار التحولات ، ورهين تكوينات قصيرة محدودة في مستوى الإجازة . وهو ما حرم العديد من المهنيين والصحفيين والكفاءات من مواصلة دراساتهم العليا في الماستر أو الدكتوراه ، أي أن الإعتماد على التلقين وإهمال قطب البحث والتفكير حد من إمكانيات الإنتاج فكري ورأسمال وطني في مجال الفكر والممارسة الإتصالية ، ومن ظخور نخب متخصصة على نحو واسع وفي مجالات دقيقة في هذا القطاع . كما ان التجارب الحديثة النشأة في العديد من الكليات المغربية رغم اهميتها فهي لازالت في مرحلة البداية ومراكمة التجارب . فيما البحث العلمي حول وسائل الإعلام والإتصال في مستوى مدني ، و البحث المؤسساتي تحت الطلب يبقى محدودا وغير موثوقا فيه ويمكن الحديث عن حالات محدودة وليس عن برامج دورية مستمرة للدراسات والأبحاث من لدن مؤسسات فاعلة في المجال .
لذلك يمكن القول بأن الإهتمام بقطب التكوين يشكل عنصرا هاما وإستراتيجيا في التطور الحالي والمستقبلي لمنظومتنا الإعلامية والإتصالية.
الفكرة التاسعة : تعاقدات جديدة
إن حوار الإعلام والمجتمع وفق ما عبرت عنه الجهات الراعية للمبادرة ليكون فاعلا وناجعا، يستوجب استحضار روح المسؤولية العالية من لدن مختلف الفرقاء للتوافق على جيل جديد من الإصلاحات والتعاقدات الضامنة لتوسيع الحرية وتعزيز مكانة المسؤولية الإجتماعية لكل الفاعلين والمتدخلين في القطاع. وبالتالي فإن تجسيد هذه التوجهات ضمن وثيقة «كتاب أبيض حول الإعلام والإتصال « يحدد التوجهات الكبرى لهذا القطاع خلال العشرية الجديدة يمثل خطوة تضع المغرب على سكة الدول السائرة في تحديث وتعزيز ومواءمة منظومتها الإعلامية والإتصالية مع تحولات مجتمع المعرفة والإتصالات العالمي.
كما ان بلوغ ذلك بمبادرة من الهيئة التشريعية وبحوار وطني فعال من شأنه أن يعبر عن نجاعة الذكاء المغربي الخلاق القادر على تجاوز مراحل التشكك والتردد بأجوبة إستباقية فاعلة .
(*) أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.