إننا في المنظمة ننطلق من أن حرية الصحافة، يكفلها قانون للصحافة ومقتضياته، وهذا القانون بالنسبة لنا هو قانون الديمقراطية، بمعنى نعتبر حرية الصحافة والمقتضيات المنظمة لها شرطا أساسيا من شروط بناء الديمقراطية، وستزداد الحاجة إليها في كافة السياقات المعقدة للانتقال إلى الديمقراطية، مما يجعل منها قانونا من قوانين الديمقراطية، وليس فقط حقا من حقوق الإنسان متعارف عليه. وبصيغة أخرى أن هذا المسار الذي تم الدخول فيه أكثر من عشر سنوات هو الذي سيمثل المؤشر في هذا المجال، إما سنذهب الى قانون للصحافة واضح ومتقدم سيساهم في ترسيخ وإعمال الديمقراطية ببلادنا، او قانون متعثر سيترك فجوات للوقوع في النزاعات والتوترات التي أصبحت بلادنا في غنى عنها شاركت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في جلسة الحوار الوطني حول «الإعلام والمجتمع» بمذكرة تضمنت مقترحاتها وتصورها من أجل إقرار وتعزيز حرية التعبير ببلادنا، أولا كيف تلقيتم هذه المبادرة التي جاءت من فرق برلمانية، في الوقت الذي من المفروض أن تأتي من فاعلين سياسيين أو مدنيين؟ خلال عمل المنظمة في السنوات الأخيرة 2008 و 2009، وبعد تفاقم النزاع والتوترات مابين الصحافة والحكومة، أكدنا مرارا على إدراج موضوع حرية التعبير بواسطة الصحافة بصفة مستعجلة ضمن جدول أعمال السياسات العمومية؛ وتحمل السلطات التشريعية لمسؤوليتها بخصوص التدبير العمومي لهذا المجال؛ وفتح حوار وطني حول حرية الصحافة يجمع الصحافة بكل أشكالها وتعابيرها والمسؤولين السياسيين والحكومة ، أما فيما يتعلق بمبادرة الفرق البرلمانية، فهي مبادرة فتحت منظورا جديدا، وعلى البرلمان أن يتبنى هذا المنظور، الذي نعتبره بمثابة جلسات عمومية حول قضايا للتداول والحوار فيها من أجل إيجاد حلول مناسبة لها، كما تعتبر هذه الجلسات فرصة لمساءلة بعض القرارات السياسية، من طرف كل الفاعلين المعنيين، فنعتبر أن هذا المنظور من شأنه تطوير اختصاص العمل التشريعي الى الاستماع والإنصات والحوار المتبادل ما بين الفاعلين المتعددين، وأن يقوم بمهمته الأساسية المتمثلة في المساءلة والمراقبة، فالبرلمان المغربي عليه أن يستفيد من هذه المبادرة ويوسعها الى المجالات الأخرى ذات الطابع القانوني، الاقتصادي، الاجتماعي والدولي، فمن خلال الجلسة الأولى للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع التي كانت في 1 مارس، أولا سجلنا أهمية هذا الحوار لأنه يستجيب لرؤية المنظمة لهذه المطالب، باعتبارها من انشغالات الفاعلين السياسيين الحكوميين، أو في إطار المعارضة، وكذا لإجرائه بفضاء المؤسسة التشريعية، لما يحمله المكان من دلالة ولما يكرسه من تقاليد جديدة في سبيل تعزيز الديمقراطية والتجاوب مع إشكالياتها الضاغطة والمتزايدة. ماهي الضمانات والآليات الأساسية لتعزيز حرية التعبير ببلادنا وتثبيت ممارسة إعلامية سليمة تقطع مع التوترات والتشنجات والانزلاقات التي تعرفها بلادنا بين الفينة والأخرى؟ إننا في المنظمة ننطلق من أن حرية الصحافة، يكفلها قانون للصحافة ومقتضياته، وهذا القانون بالنسبة لنا هو قانون الديمقراطية، بمعنى نعتبر حرية الصحافة والمقتضيات المنظمة لها شرطا أساسيا من شروط بناء الديمقراطية، وستزداد الحاجة إليها في كافة السياقات المعقدة للانتقال إلى الديمقراطية، مما يجعل منها قانونا من قوانين الديمقراطية، وليس فقط حقا من حقوق الإنسان متعارف عليه. وبصيغة أخرى أن هذا المسار الذي تم الدخول فيه أكثر من عشر سنوات هو الذي سيمثل المؤشر في هذا المجال، إما سنذهب الى قانون للصحافة واضح ومتقدم سيساهم في ترسيخ وإعمال الديمقراطية ببلادنا، او قانون متعثر سيترك فجوات للوقوع في النزاعات والتوترات التي أصبحت بلادنا في غنى عنها، فمن خلال متابعة المنظمة للإشكالات والتوترات التي كانت مؤخرا في هذا المجال والمحاكمات لهذه الحالات، وصلنا الى خلاصة واضحة، أن القضاء المغربي لم يخرج عن الصيغة القديمة التي كان يتداول ويتناول بها قضايا الصحافة والصحافيين. ولا حظنا أنه مؤخرا برزت اشكال للتعامل مع قضايا الصحافة، وتدخلات لفاعلين مدنيين في المجال الحقوقي والسياسي لفك توترات الصحافة، وأذكر أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أولت مكانة مميزة لموضوع الإعلام على مدار عشرين سنة،وذلك لارتباطه بالحق في حرية التعبير وحرية الصحافة ولاتصاله بباقي الحقوق ذات الطبيعة السياسية، حيث دعت على الدوام إثر المساس بحرية التعبير أو بمناسبة تدبير النزاعات أمام القضاء إلى إعطاء عناية خاصة له باعتباره حقا إنسانيا أساسيا، ويتجلى عمل المنظمة في هذا المجال من خلال، مذكرة موجهة للمناظرة الوطنية حول الإعلام - 1993 *Droit à l?information en partenariat avec l?Organisation Internationale l?Article 19 -1995 مذكرة المنظمة الموجهة إلى الوزير الأول الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي 1999، مذكرة اليونسكو حول قانون الاتصال السمعي البصري- 2004، » Citoyens et medias, guide pratique pour un dialogue entre citoyens et medias « en partenariat avec l?UNESCO-Chaire UNESCO ORBICOM -2006، استعجالية إدراج حرية التعبير والصحافة ضمن جدول أعمال السياسات العمومية - 2008؛ الصحافة و أحداث سيدي إفني 2009 . لكن ماذا عن الضمانات والآليات لضمان تعزيز حرية الصحافة بالمغرب؟ انطلاقا من تتبعنا لهذا الملف ومذكرات المنظمة ومواكبتنا للإشكالات التي عرفتها بلادنا، فلابد من قانون للصحافة تلغى فيه العقوبات السالبة للحرية، وفي حالة عدم احترام أخلاقيات المهنة تكون التعويضات بشكل قانوني وواقعي، فنحن في المنظمة حريصين على تعزيز حرية الصحافة، بقدر حرصنا كذلك على حقوق الأفراد، كما أن التجربة أبانت على أن اقرار الوساطة القبلية ضرورية، ففي الوقت الذي تدخل فيه فاعلون سياسيون او مدنيون لتجاوز الإشكالات التوترات، فنحن نقول لماذا لا تكون آلية قبلية كمؤسسة قائمة الذات واضحة وعلانية للتدخل من أجل الوساطة ووضع حد لكل التوترات والتشنجات التي من الممكن أن تقع. ولا بد كذلك من احترام أخلاقيات المهنة، بالإضافة الى قانون ينظم الوصول الى المعلومات لدى جميع أجهزة الدولة وكل المؤسسات الدستورية. فإجراء مراجعة شاملة للقانون المنظم للصحافة، على أساس معايير تستجيب لمتطلبات الألفية الجديدة من حيث احترام حقوق الإنسان ودور الإعلام في التربية السياسية العمومية وإسهامه في التنمية في كافة أبعادها ومجالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية؛ أصبح ضرورة ملحة ومستعجلة أكثر من أي وقت مضى، فضلا عن إعطاء المهنيين وكافة الممارسين في هذا المجال مكانة خاصة بمناسبة تدبير النزاعات المتصلة بالصحافة من حيث ضمانات البت والتسوية؛ بالإضافة، كما أسلفت، إلى إقرار آلية وساطة قبلية، تتولى ما أمكن، في إطار الصلح والترضية تسوية النزاعات الناشئة أو الحاصلة قبل، أية إحالة، على سلطة قضائية مختصة؛ كما اقترحنا خلال مذكرة تقدمت بها المنظمة في جلسة الحوار الوطني حول الاعلام والمجتمع ، وضع هيئة مختصة للبت في النزاعات التي استحالت تسويتها في إطار الوساطة والتحكيم، وبغض النظر عن الصيغة التي ستتخذها هذه الآلية، سواء كانت قضائية، أو مؤسساتية وطنية شبه قضائية أو مختلطة، فإننا نؤكد على وجوب توفر المسؤولين على شروط عالية من حيث الكفاءة والموضوعية والإلمام بمتطلبات حماية حرية الصحافة ومعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان في هذا الصدد. وكيف ترون جانب احترام أخلاقيات المهنة؟ أولا، لابد من التأكيد على مشاركة ومساهمة المقاولة الصحفية والصحفيين باعتبارهم معنيين بالموضوع، في بلورة قواعد وشروط أخلاقيات المهنة، لقد أظهرت تجربة هيئة احترام أخلاقيات المهنة أنه لابد من وجود عناصر وفاعلين من خارج مهنة الصحافة، ليكون ذلك التفاعل ما بين الصحفي والمتلقي الذي يعتبر عنصرا أساسيا في العملية. وهنا أريد ان اطرح سؤالا حول أي نوع من الصحافة تحتاجه بلادنا، إنها صحافة التقصي، فهذا النوع من الصحافة من الأجناس الضرورية لتطويرها والنهوض بها، فلبناء الديمقراطية نحتاج الى صحافة تقصي لتضطلع بمهامها الأساسية في الإخبار وتنوير الرأي العام، وهذا النوع نحتاجه في كل المجالات الإعلام. وماذا عن تعزيز وحماية مجتمع المعرفة بواسطة تكنولوجيا المعلوميات التي اقترحتم في المذكرة؟ انطلاقا من متابعتها للمس بحرية التعبير باستعمال الشبكات العنكبوتية والاعلام الالكتروني، وللدور المتزايد لهذه الوسائط في التأثير على ميولات واتجاهات الرأي العام، أننا ندعو لضمان حق الإنسان في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 19 للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ثم توسيع الحوار مع المهنيين والمهتمين في هذا المجال، باعتباره من ركائز حرية تعبير وإسهام المجتمع في تدبير الشأن العام. كلمة أخيرة: إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تعتبر الإعلام سلطة رابعة ولكي يكون ذلك ولتعزيز حرية الصحافة، تطالب بالتنصيص بالدستور على الحق في الإعلام وعلى أنه سلطة رابعة. اقتراحات من مذكرة المنظمة لتعزيز حرية الصحافة - ربط المراجعة النوعية لقانون الصحافة بوضع مقتضيات خاصة، لها علاقة بهذا المجال وتخص الحق في الوصول إلى مصادر المعلومات لدى مختلف المؤسسات وهيئات الدولة وسلطاتها؛ - وضع مقتضيات خاصة بمناسبة المراجعة القانونية الشاملة تتعلق بتشجيع وتطوير صحافة التقصي لما يمكن أن تلعبه في الرفع من مستوى المهنية ومواكبة الأحداث وتحليلها ومعالجتها؛ - وضع مقتضيات خاصة تعالج استعمال الصور والرسوم وكافة أشكال التعبير بما يحفظ كرامة وشرف وحقوق الآخرين باعتبارها حقوقا إنسانية - وضع مقتضيات تنظيمية تؤمن حقوق ومركز الصحافي من حيث حصانته وسلامته وحقوقه الاجتماعية باعتباره مواطنا أولا، ولإسهامه في بناء الثقافة الديمقراطية؛ -مطالبة الهيئات التي ستتولى التسوية ما قبل القضائية أو القضائية عند الاقتضاء أن تقوم بإصدار تقرير سنوي يبرز مستوى التقدم الحاصل في مساهمة الصحافة في بناء الثقافة الديمقراطية وكذا التحديات والتعقيدات العملية التي تعترضها في هذا المجال.
من حيث قانون الاتصال السمعي البصري بعد المصادقة على قانون الاتصال السمعي البصري تسجل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن الإعلام العمومي لم يعمل على تجديد مقاربته في تعاطيه مع الأحداث والقضايا التي يعيشها المجتمع، سواء منها السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ النهوض بنشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة؛ تشجيع التواصل والتحاور بين كل الفاعلين والإطلاع والتنوير بين كل مكونات المجتمع. وبهذا الصدد، فإن المنظمة تدعو إلى تنظيم حوار خاص مع كل المعنيين والمسؤولين والمهنيين والفاعلين السياسيين حول وسائل الإعلام العمومي.