تشير الدلائل الى تنشيط روسياوالولاياتالمتحدة الأميركية في الآونة الأخيرة أكثر من تحركهما الدبلوماسي من أجل كسب جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق في رابطة الدول المستقلة. وتسعى الولاياتالمتحدة لإضعاف المواقع الروسية في القوقاز وآسيا الوسطى. وتعمل واشنطن في إطار سياستها الرامية لعزل روسيا بالتأثير على تلك الدول ووالضغط عليها لكي لا تستجيب للمطالب الروسية ومنع روسيا من من احتكار طرق مرور انابيب النفط والغاز.وتشعر الولاياتالمتحدة بالقلق من الاحداث في جورجيا وتنشيط روسيا وتركيا ادوارهما في المنطقة. بين باكو واستانا وضمن هذا السياق زار وفد الكونغرس الاميركي اذربيجان السبت الماضي وقامت وزير الخارجية الاميركية كوندليزا في نفس الفترة بزيارة لكازاخستان. وابلغت باكو الجانب الاميركي بانها لن تشارك في اي تحالف ضد موسكو. ويذكر ان الولايات كانت قد ارسلت العديد من الوفود لباكو بعد الحرب مع جورجيا لاستيضاح الموقف الاذري من الاحداث في القوقاز. وتؤكد باكو انها تختط سياسة متوازنة ولا ترغب في تنفيذ خطط تلحق الضرر بروسيا وان سياستها بمجال الطاقة تستند إلى مصالحها الوطنية . من ناحيتها اعلنت كازاخستان انها تقيم علاقات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة في آن واحد وروسيا. ولكن واشنطن تنظر بعين الشك إلى تأكيدات وزير الخارجية الكازاخي في كلمته خلال دورة الجمعية العامة للامم المتحدة من ان بلاده " لن تنتهج سياسة مزدوجة من الاحداث بالقوقاز، وانها لم تعترف باستقلال اقليم كوسوفا ولن تعترف ايضًا باستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية". ولذلك فإن المراقبين يجمعون على ان وزيرة الخارجية بزيارتها لكازخستان ارادت ان تتأكد من ان القيادة الكازاخية ما زالت على موقفها خاصة بعد جملة من وجود مؤشرات على تفعيل كازاخستان المسار الروسي في سياستها الخارجية والاقتصادية، ووصف روسيا بالشريك الاستراتيجي. روسيا بالمقابل وتتحرك روسيا ايضًا على ساحة الاتحاد السابق وعلى الجبهات الاخرى من اجل سحب البساط من تحت اقدام الدبلوماسية الاميركية. وكانت روسيا قد تعهدت بحل مشكلة انفصال بريندستروفية مقابل عدم انضمام جمهورية مولدوفا لحلف الناتو. وباتت "تستخدم ورقة القرم" من اجل عرقلة انضمام اوكرانيا للاطلسي وتقيم العلاقات مع رئيسة الحكومة الاوكرانية يوليا تيميشينكو لاضعاف مواقع رئيس اوكرانيا فيكتور يوشينكو. وقمت موسكو التسهيلات لرئيسة الحكومة الاوكرانية في مجال اسعار الغاز لتعزيز مواقعها في الصراع مع الرئيس يوشينكو. ولا يستبعد في أن ترشح يوليا تيمشينكو للرئاسة في الانتخابات القادمة وان يتحالف تكتلها السياسي مع حزب الاقاليم الموالي لروسيا، في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتسعى روسيا ايضًا إلى أن تعزز مواقعها الاقتصادية في بلدان رابطة المستقلة. وفي الاتجاه نفسه قام رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الاثني بزيارة لجمهورية بيلاروسيا. ووفقًا لمصادر روسية مطلعة فإن بوتين ناقش مع الرئيس ألكسندر لوكاشينكو تعهده بالنظر بإعتراف بيلاروسيا بجمهوريتي ابخازيا واوسيتيا بعد تشكيل البرلمان الجديد الذي انتخب في بداية الشهر الحالي. وافاق التعاون العسكري وقدم تنازلات لمينسك بشأن أسعار الغاز. وتعمل روسيا في الاونة الاخيرة على اظهار قدراتها الدفاعية. ومن المرتقب ان تقوم قواتها المسلحة بمناورات هي الاكبر منذ عام 1984 حيث سيشارك الثلاثي النووي: القوة الجوية الاستراتيجية النووية والغواصات النووية والصواريخ المجنحة النووية العابرة للقارات. وتوزانًا مع ذلك اعلنت قيادة الاسطول البحري العسكري الروسي قيام سفن الاسطول الاثنين بمناورات عسكرية في البحر الابيض المتوسط وهي في طريقها الى فنزويلا لاجراء مناورات مع القوة البحرية الفنزولية قريبًا من حدود الولاياتالمتحدة الاميركية. وفي المحيط الهادي اجريت تجارب على اسلحة نووية. إن الانشطة تلك تشكل مؤشر على ان الصراع بين الولاياتالمتحدةوروسيا على محيط الاتحاد السوفياتي السابق آخذ بالاشتداد بعد حرب اغسطس في القوقاز، وان ذلك سوف يستمر حتى اتفاق الاطراف على نموذج جديد للنظام الدولي بمجله بما في ذلك الامني والاقتصادي والسياسي.