نسج الاتحاد الاوروبي ، الذي يعيد بحث علاقاته مع روسيا, منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، علاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع روسيا. وقبل النزاع مع جورجيا, كان من المقرر ان تتكثف هذه العلاقات ضمن """"شراكة استراتيجية"""" اضحت اليوم موضع اعادة نظر. وبين جميع الدول التي يقيم معها الاتحاد الاوروبي علاقات متميزة, فان اللقاءات الدبلوماسية مع روسيا هي الاكثر كثافة ، حيث تعقد قمتان سنويا للاتحاد الاوروبي وروسيا ، مقابل قمة واحدة مع الولاياتالمتحدة ، وقمة واحدة مع الصين. كما تعقد لقاءات منتظمة لوزراء خارجية الاتحاد مع وزير الخارجية الروسي ، وتعقد عدة منتديات تشمل العديد من القضايا من الاستثمارات الى حقوق الانسان مرورا بالقضاء والثقافة. وواصلت المبادلات والاستثمارات تزايدها بين الجانبين في السنوات الاخيرة ؛ ويشكل الاتحاد الاوروبي اول شريك تجاري لروسيا رغم ان الصادرات الروسية لدول الاتحاد لا تزال تهيمن عليها منتجات الطاقة. وبعد سنوات من التفاؤل ، دخلت العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا سنة 2004 ، مرحلة الاضطراب مع توسيع الاتحاد الى دول اوروبا الشرقية سابقا وجهود الرئيس السابق فلاديمير بوتين الهادفة الى اعادة تأكيد القوة الروسية. وحثت بولندا ودول البلطيق ، وهي تقليديا اكثر ارتيابا من موسكو من شركائها في """"اوروبا القديمة"""", الاتحاد الاوروبي ، على اعادة النظر في سياسته تجاه الكرملين. وادت عدة نزاعات في مجال الطاقة بين روسيا وبعض من هذه الدول ، مثل اوكرانيا وليتوانيا ، الى دعم حجج هذه الدول. ودفعت دول الاتحاد الاوروبي الى ادراك مدى اعتمادها المتنامي على روسيا في مجال الطاقة. وجاءت فترة ال18 شهرا التي تطلبها توافق الاوروبيين على فتح مفاوضات حول شراكة استراتيجية مع روسيا, لتؤكد استمرار الانقسامات الاوروبية حيال روسيا. وتهدف هذه المفاوضات الى تعميق العلاقات بين الجانبين على المستويات السياسية والاقتصادية ، وخصوصا في مجال الطاقة ، حيث يتوقع الاوروبيون الحصول على ضمانات بشأن امداداتهم من الغاز والنفط الروسي. وفي نهاية المطاف ، انطلقت تلك المفاوضات يوم4 يوليوز الماضي. لكن النزاع في جورجيا قد يدفع قادة دول الاتحاد الاوروبي الى تعليق هذه المفاوضات، او على الاقل ابطاء وتيرة تقدمها في انتظار تقويم شامل اثناء القمة الاوروبية الروسية المقررة يوم14 نونبر القادم في نيس ، بفرنسا. في نفس السياق . من المفترض أن يكون القادة سولانا ، ان القادة الاوروبيين قد وافقوا على بعثة اوروبية لمراقبة وقف اطلاق النار في جورجيا، على امل ان يتم نشرها بحلول القمة الاوروبية المقبلة ، في منتصف اكتوبرالمقبل. و في هذا الإطار ، قال سولانا ، بعد لقاء مع رئيس الوزراء الجورجي ، لادو غورغينيدزه ، """"لدينا بعثة استطلاع على الارض تضم اربعين شخصا ، ونرغب في نشر بعثة جديدة قريبا"""". واضاف """"آمل بان تكون القرارات جهزت بحلول القمة الاوروبية المقبلة ، وان يبدأ نشر هذه البعثة"""". وتابع """"في البداية ستكون بعثة مراقبة وتخطيط لمعرفة كيف تطبق خطة السلام, ذلك امر مهم جدا"""". واوضح ان هذه البعثة الموازية لبعثة منظمة الامن والتعاون في اوروبا ، ستنتشر """"على عدة مراحل"""" اولا في وسط جورجيا (مع استثناء جمهوريتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليتين) من اجل """"التحقق"""" من ان خطة السلام المؤلفة من ست نقاط التي وافق عليها الرئيسان الروسي والجورجي ، في منتصف اغسطس، تحترم, وكذلك """"على الحدود"""". في المقابل ، قال رئيس الوزراء الفرنسي، فرنسوا فيون ، ان الرئيس نيكولا ساركوزي مستعد لزيارة موسكو وتفليس مرة أخرى للمساعدة في تسوية الصراع بين روسيا وجورجيا. وقال فيون للاذاعة الفرنسية ، ان ساركوزي طرح مقترحات مختلفة في قمة زعماء الاتحاد الاوروبي لمناقشة الازمة ( الاثنين الماضي) ، لكنه قال ان قضية احتمال فرض عقوبات ضد روسيا ليست مدرجة على جدول الاعمال. و من بين المبادرات توجه ساركوزي الى عاصمتي روسيا وجورجيا «لدعم قضية السلام» . أما وزير الخارجية الايطالي ، فرانكو فراتيني، فقد أكد ، قبل ساعات من مشاركته في قمة الاتحاد الاوروبي حول النزاع الجورجي, على وجوب عدم اعتبار روسيا """"بلدا معاديا، """" بل """"شريكا استراتيجيا"""" يجب عدم قطع العلاقات معه. وقال الوزير الايطالي لصحيفة «كورييري ديلا سيرا» """"ان كان هناك دول تعتقد انه يمكن قطع العلاقات مع روسيا ، فيتعين عليها ان تقول كيف, ثم سنتمكن من التصدي للملفات مثل الملف النووي الايراني"""". واضاف للصحيفة الواسعة الانتشار """"انه امر جيد المطالبة باحترام القواعد ، لكن يجب ان يكون واضحا ان (روسيا) شريك استراتيجي ، وليست بلدا عدوا"""". وتابع """"لست مقتنعا باي مساع محتملة لعزل روسيا. ولن تحصل, لان القمة ستتبع الخط الفرنسي الذي تشاطره ايطاليا. فرئاسة نيكولا ساركوزي قد استبعدت اي عقوبات لم نكن لندعمها في اي حال"""". واعلن فراتيني ايضا """"ساذهب يوم3 و4 شتنبر، الى موسكو وتبيليسي ، لمطالبة روسيا باحترام الاتفاقات ، واقول للسلطات الجورجية انه لا يوجد طرق مختصرة لدخول الاتحاد الاوروبي ، وان ازمة شهر اغسطس ليست رخصة مرور"""". واكد معارضته لتعليق موقت او تأجيل للمفاوضات بشأن اتفاق يفترض ان يعزز الشراكة بين الاتحاد الاوروبي وروسيا (لقاء مرتقب يوم15 و16 شتنبر).