في اول رد فعل له على اصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارا باعتقاله، اعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير بان القرار مؤامرة ضد بلاده وانه لن يتوقف عن الاستمرار في تأدية اعماله. وألقى البشير خطابا حماسيا أمام عشرات الآلاف من السودانيين الذين تجمعوا في الخرطوم للتنديد بقرار المحكمة الجنائية. وقال البشير إن السودان " يمثل الصوت العالي لرفض كل أنواع الهمينة والاستعمار"، مؤكدا ان بلاده قاومت كل انواع الضغوط السياسية والاقتصادية من مجلس الأمن وصندوق النقد. وقال البشير وسط هتافات المحتشدين " نحن جاهزون لمقاومة الاستعمار". وأضاف " أعداءنا حاربونا بالحصار السياسي والاقتصادي والآن يأتون لنا بفرية جديدة". ودعا الرئيس السوداني إلى تشكيل "جبهة لرفض كل انواع الاستعمار والهيمنة والإذلال" مؤكدا أن بلاده ستقود "المسيرة لرفض الاستعمار الجديد". وقبيل ذلك أكد البشير خلال اجتماع مجلس الوزراء السوداني الخميس ان القرار نوع من الاستعمار الجديد يستهدف السودان وثرواته. واكد البشير انه لن يتعامل مع المذكرة ورحب بما وصفه بوقوف الشعب السوداني خلفه. ونقل عن مصادر في الخارجية السودانية أن البشير سيشارك في القمة العربية في الدوحة نهاية الشهر الجاري. وسيزور البشير الأحد المقبل على الأرجح إقليم دارفور. من جهة اخرى اعلن مندوب السودان لدى الاممالمتحدة عبد المحمود عبد العليم محمد ان بلاده تخلت عن مساعيها لتأجيل تنفيذ قرار المحكمة عن طريق مجلس الامن وانها قررت بدلا من ذلك المطالبة بالغاء الدعوى برمتها. ووصف محمد الدعوى بانها خطة "اجرامية تستهدف بلاده" متوقعا ان يكون قرار المحكمة بداية نهايتها. ويشهد مجلس الأمن انقساما حادا بين بين الدول الأعضاء في هذا الشأن إذ تطالب الصين وروسيا بتأجيل تنفيذ المذكرة وهو ما ترفضه الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقال السفير عبد الحليم لبي بي سي إن الحكومة السودانية تدعم الجهود العربية والافريقية لتأجيل القرار لكنها تسعى الى إلغاء ما وصفه بانه كيد سياسي. وكان الاتحاد الافريقي والجامعة العربية استجابا لطلب الخرطوم لإيفاد بعثة من المنظمتين الى مجلس الامن الدولي في نيويورك للمطالبة بتأجيل تطبيق القرار. واكد السفير السوداني أن بلاده ستواصل جهود تحقيق السلام في دارفور من خلال تنفيذ اتفاق الدوحة. يذكر ان المادة 16 من ميثاق تشكيل المحكمة تسمح لمجلس الامن تأجيل ملاحقة المتهمين او الدعوى لمدة عام وصلاحية تمديد التأجيل. وقد قررت الحكومة السودانية طرد عشر منظمات اغاثة من الاراضي السودانية في اعقاب صدرور المذكرة مما يترك اثرا كبيرا على اعمال الاغاثة التي يعتمد عليها مئات الالاف من سكان دارفور. وقال النائب الثاني للرئيس السوداني علي عثمان طه قال إن تلك المنظمات انتهكت القوانين.ودعا بان كي مون الامين العام للامم المتحدة الحكومة السودانية الى العودة عن قرار الطرد لما ستكون له من آثار كارثية . وصرح الناطق باسم منظمة اوكسفام البريطانية الني كانت من بين المنظمات التي امرتها الخرطوم بمغادرة البلاد ان قرار الحكومة السودانية ستكون له أثارا مدمرة على حياة مئات الاف السكان. وكانت منظمتا الإغاثة البريطانيتان "اوكسفام" و "سيف تشيلدرن" قد أعلنتا الأربعاء أن الحكومة السودانية طلبت منهما تعليق أعمالهما في أجزاء من البلاد بما في ذلك دارفور. وقد أعربت ناطقة باسم منظمة "أوكسفام" عن قلقها الشديد إزاء هذه الخطوة قائلة "سيكون لهذا الإجراء عواقب وخيمة على مئات الآلاف من الناس". يذكر أن المنظمة توفر خدمات المياه والصرف الصحي لحوالي 400 ألف شخص في دارفور، بينما تقدم "سيف تشيلدرن" الدعم لحوالي 500 ألف طفل في المنطقة. وأطلقت عدد من المنظمات الدولية والدول العربية والافريقية مساعي لتأجيل تطبيق القرار فيما قالت الحكومة السودانية انها ستسعى الى وقف ما وصفته بانه مؤامرة ضد السودان. من ناحية أخرى قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إنه "إذا كان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يعتقد أنه اتهم ظلما بارتكاب جرائم حرب فإنه يستطيع الدفاع عن نفسه في المحكمة". وكانت كلينتون تتحدث للصحفيين في طريقها إلى العاصمة البلجيكية بروكسل من الشرق الأوسط تعليقا على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية إن المحكمة قد اصدرت مذكرة الاعتقال استنادا إلى تحقيقات مكثفة، وإن القضية الآن أمام النظام القضائي و"هذا حق". وأعربت كلينتون عن أملها في ألا يؤدي إجراء المحكمة إلى "أعمال عنف جديدة أو اتخاذ حكومة البشير إجراءات عقابية". من ناحية أخرى أعلن الاتحاد الإفريقي إن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني يهدد عملية السلام الهشة في إقليم دارفور. وقال جان بينج رئيس الإتحاد إنه يشعر بالقلق الشديد إزاء العواقب الشديدة لهذا القرار مضيفا أنه يأتي في مرحلة "حرجة" في مفاوضات السلام. ويجتمع مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الخميس لبحث قرار المحكمة ورد فعل الاتحاد عليه.