بعد حصول المغرب على الاستقلال (1956)، كان من الضروري الانخراط المبكر في مسلسل بناء الدولة المستقلة، وما تقتضيه من أجهزة عسكرية وأمنية ومصالح إدارية ومرافق وتجهيزات وبنيات اقتصادية وغيرها، موازاة مع مواصلة رحلة الكفاح في سبيل استكمال الوحدة الترابية، وفي هذا الإطار، كان من الصعب على دولة مستقلة حديثة العهد بالاستقلال، أن تفكر في شيء إسمه "الأرشيفات''، التي ظلت ولعدة عقود خارج اهتمامات وأولويات الحكومات المتعاقبة، بالرغم من كونها دعامة من دعامات الدولة الحديثة والمستقلة، لتتأسس بذلك، ثقافة سياسية وإدارية ومجتمعية، اختزلت "الأرشيف" في تلك الوثائق الإدارية المنتهية الصلاحية والفاقدة للجدوى، التي لا تصلح إلا للإتلاف أو الحرق أو التخلص منها في الأقبية المظلمة والمهجورة، والتي لا يكلف بها، إلا الموظف المعاقب أو المغضوب عليه من قبل رؤسائه الإداريين، وهو واقع يؤسف له، كانت له تداعيات متعددة المستويات، نختزلها في العبث بالتاريخ الوطني، والإساءة للتراث المشترك والتشويش على الذاكرة الجماعية وطمس الحقيقة، مما شكل "تربة خصبة"، أنتجت سلوكات "غير مواطنة" و"غير مسؤولة" حاملة لمفردات "العبث" و"العنف" و"الشطط" و"الانتهاك" المستدام للحقوق والحريات، إلى درجة أن الكثير من المسؤولين الإداريين (مع وجود الاستثناء) ظلوا ينظرون إلى "الأرشيف" كملك خاص، يتم التصرف فيه، تارة بالسرقة وتارة أخرى بالحرق، وتارة ثالثة بالتحوز به بعد "نهاية المهام"، بدون "حسيب" أو "رقيب". وفي ظل حالة الشرود والتيهان التي طالت "الأرشيف" لسنوات طوال، حضرت بعض المناسبات التي استدعت الرجوع إلى "الأرصدة الأرشيفية"، منها على الخصوص، ما حدث في سبعينيات القرن الماضي، لما قررت الدولة وضع "ملف الصحراء" أمام أنظار محكمة العدل الدولية بلاهاي، وما وقع في مطلع التسعينيات، وتحديدا في سياق ما باشرته "هيئة الإنصاف والمصالحة" (2004) من أبحاث وتحريات، في محاولة للكشف عن حقيقة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من 1956 إلى 1999، وهي مهمة شاقة، لم تخل من صعويات وإكراهات موضوعية، ارتبطت بالأساس إما بغياب الأرشيف العامة أو بسوء تنظيمها، ومن خلال المناسبتين، بدأ يتشكل نوع من "الوعي الرسمي" بقيمة "الأرصدة الأرشيفية" و"أهميتها في الدفاع عن الحقوق والمطالب، وفي هذا الصدد، فإذا كانت المناسبة الأولى (قضية الصحراء) قد أثمرت ميلاد "مديرية الوثائق الملكية" سنة 1975، فإن المناسبة الثانية (عمل "هيئة الإنصاف والمصالحة")، كانت وراء إصدار "تقرير ختامي" تضمن "توصية" ذات صلة بالأرشيف وحفظ التاريخ والذاكرة. سياق عام، لا يمكن فصله عن الدينامية الإصلاحية المتعددة الزوايا التي بدت معالمها الأولى في التشكل مع بداية العهد الجديد، أثمر إصدار "القانون رقم 69.99 المنظم للأرشيف" (30 نونبر 2007) الذي شكل نقلة نوعية في تاريخ التشريع المغربي، ليس فقط، لأنه كان أول تشريع منظم للشأن الأرشيفي العمومي، ولكن أيضا، لأنه شكل مرآة عاكسة لدولة حاملة لطموح حداثي، وبموجب هذا القانون ( المادة 26 ) أحدثت "مؤسسة أرشيف المغرب" كمؤسسة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، و التي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بتعيين مديرها في شخص الأستاذ الجامعي والباحث في التاريخ "جامع بيضا"، وأعطيت انطلاقتها الرسمية غضون أواخر شهر ماي 2011 (27 ماي)، دون أي طاقم بشري (الحصيص) ودون أية بناية (مقر) مؤهلة لاحتضانها، وهي "ولادة عسيرة"، استدعت التعجيل المبكر بفتح عدة جبهات، بشكل يسمح بتثبيت أقدام "المولود الجديد" في بيئة لفظت "الأرشيف" لسنوات عجاف، كما يلفظ البحر الثائر جثت الغرقى، وهي جبهات متداخلة ومتفاعلة فيما بينها، نختزلها في الجبهات التالية : - الجبهة الأولى : أربع سنوات من إصدار القانون الأرشيفي، تم تعيين مدير "مؤسسة أرشيف المغرب" دون وجود أي "مقر" يحتضنها، ليكون بذلك أول تحدي أمام المدير المعين ( الأستاذ "جامع بيضا") هو "المقرالمؤقت"(جناح من المقر القديم من المكتبة العامة)، والذي تأتى تأهيله بفضل "منحة" من الاتحاد الأوربي تكلف بتدبيرها "المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، وهو "تأهيل" أتاح الشروط الأدنى للممارسىة (مكاتب، قسم معالجة الأرشيف، 6 مخازن لحفظ الأرشيف، قاعة متعددة الاستعمالات، قاعة المطالعة ..). - الجبهة الثانية : بما أن "المقر" يقتضي توفر موارد بشرية، فقد كان التحدي الثاني الموضوع أمام المدير المعين، هو تأسيس النواة الأولى للطاقم الإداري الذي من شأنه تنزيل و أجرأة ما أسنده المشرع الأرشيفي للمؤسسة من مهام ومسؤوليات متعددة المستويات، وفي هذا الإطار انطلقت المؤسسة بطاقم بشري لا يتجاوز ستة (06) مستخدمين سنة 2011، وهو رقم مثير للخجل، تطور بشكل "سلحفاتي" إلى أن وصل إلى عتبة (51) مستخدما غضون سنة 2019، وسواء تعلق الأمر بالمقر "المؤقت" الذي لا يعكس إطلاقا قيمة ومكانة "مؤسسة" وضعت سنة 2012 ضمن قائمة "المؤسسات العمومية الاستراتيجية"، أو بالعدد المخجل للموارد البشرية (51 مستخدم(ة))، لا يمكن إلا أن نسجل، الارتباك الذي واكب تأسيس المؤسسة التي ولدت بدون "مقر" وبدون "طاقم إداري" باستثناء "مدير" وحيد، كان عليه أن يحتضن "المولود الجديد" بمفرده، إلى أن يثبت أقدامه، واليوم، وبعد مرور حوالي تسع(9) سنوات على تأسيس المؤسسة، لا زال مطلب "المقر الجديد" معلقا إلى أجل غير مسمى. - الجبهة الثالثة : ارتبطت بالحاجة الملحة إلى تعزيز البنيان القانوني والمؤسساتي(الأجهزة المسيرة) الذي من شأنه، تفعيل أحكام ومقتضيات القانون الأرشيفي، وفي هذا الصدد، نشير إلى تنزيل المرسوم رقم 2.08.543 القاضي بتحديد أعضاء المجلس الإداري لأرشيف المغرب (21 ماي 2009)، وإصدار على التوالي المرسوم رقم 2.14.267 القاضي بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط، وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي (4 نونبر 2015)، و المرسوم رقم 2.17.384 القاضي بإحداث المجلس الوطني للأرشيف (8 غشت 2017). - الجبهة الرابعة : في سياق هذه الإجراءات القانونية والمؤسساتية، كان لابد من كسب رهان انخراط الإدارات بمختلف انتماءاتها ومستوياتها في صلب "القانون الأرشيفي"، وفي هذا الإطار، فقد تم استعجال إصدار منشور السيد رئيس الحكومة رقم 11/2011 المتعلق بالوثائق الإدارية والأرشيف (6 أكتوبر 2011)، موجه إلى مختلف الإدارات المركزية والمصالح التابعة لها، بعدما تبين أن جل المصالح الإدارية بإدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، لا تلتزم بمقتضيات القانون الأرشيفي، وهو واقع فرض الدعوة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات ملحة، كفيلة بالتعاون الإيجابي مع "مؤسسة أرشيف المغرب" و صيانة وتنظيم الأرشيف الجاري والوسيط، والسهر على حفظ الأرشيف النهائي في أمكنة ملائمة معدة لهذا الغرض تستجيب للشروط والمعايير المتعارف عليها دوليا، إلى أن يتم فرزه ونقله إلى المؤسسة، وتعيين مسؤول عن الأرشيف، ليكون المحاور الرئيسي لها. - الجبهة الخامسة : بعد استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بورش الأرشيف منذ سنة 2015، كان على "مؤسسة أرشيف المغرب" التحرك، من أجل تشخيص واقع حال "الممارسة الأرشيفية"، فبادرت إلى إطلاق "دراسة واقع الأرشيف والممارسة الأرشيفية بالإدارات المركزية للدولة" (2017)، التي أبانت نتائجها وخلاصاتها، أن وضعية الأرشيف بهذه الإدارات العمومية، لا ترقى عموما، إلى المستوى المطلوب، وهذه الدراسة القيمة، كانت وراء إصدار رئيس الحكومة "سعد الدين العثماني " لمنشور رقم 2018/19 بتاريخ 17 دجنبر 2018، بشأن "تفعيل برامج تدبير الأرشيف". - الجبهة السادسة : هي جبهة مستدامة، تقتضي نفسا طويلا، لارتباطها بتحديين اثنين : أولهما: تسلم الأرصدة الأرشيفية المتواجدة لدى بعض الهيئات أو الخواص، وثانيهما: استرجاع جميع مصادر الأرشيف المتعلقة بالمغرب، والمتواجدة بالخارج ومعالجتها وتيسير سبل الاطلاع عليها، وفي هذا الصدد، أثمرت مجهودات "المؤسسة"، على تحقيق عدة مكاسب منها، تسلم "أرشيف هيئة التحكيم المستقلة لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي" (24 يوليوز 2017)، في حفل نظمته المؤسسة و"المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، توج بتوقيع اتفاقية تعاون بين "مؤسسة أرشيف المغرب" و"المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، وتسلم "أرشيف هيئة الإنصاف والمصالحة" (9 دجنبر 2017)، في لقاء تاريخي، ميزه تنظيم ندوة علمية حول "الأرشيف وحقوق الإنسان" بمشاركة نخبة من الدارسين والباحثين والخبراء في التاريخ والأرشيف والعدالة الانتقالية وحقوق الانسان، وفي نفس الإطار، تسلمت المؤسسة "أرشيف ذاكرة اليهود المغاربة" من طرف وفد فرنسي رفيع المستوى على رأسه الوزيرة الفرنسية المكلفة بالشؤون الأوربية "نتالي لوازو"، و وزيرة الثقافة الفرنسية "فرانسواز نيسن" (16 نونبر 2017)... إلخ. - الجبهة السابعة : وعيا منها بأهمية التكوين المستمر ودوره الأساسي في الارتقاء بقدرات الرأسمال البشري على مستوى المعارف والتجارب والخبرات، تبذل "مؤسسة أرشيف المغرب" مجهودات متعددة المستويات في سبيل تمكين مستخدميها من الاستفادة من أكبر عدد ممكن من فرص التكوين المتاحة، وفي هذا الصدد، استفاد مستخدمو المؤسسة من عدة تداريب دولية من قبيل : " التدريب الدولي في مجال الأرشيف" الذي ينظم سنويا بالأرشيف الفرنسي بباريس، والاستفادة من تكوين بالمعهد الفرنسي للتراث بباريس، وتدريب للرقمنة بفرنسا (بوردو) ودورات تكوين في عدد من الدول العربية، كما تم تأطير المستخدمين في إطار دورات تكوين داخلية، من قبل خبراء أجانب . موازاة مع هذه الجبهات المفتوحة على أكثر من مستوى، كان لا مناص من الرهان على البعد التواصلي الذي من شأنه الإشعاع لمؤسسة صنفت ضمن المؤسسات العمومية "الاستراتيجية" (2012)، بشكل يساعد على أجرأة وتفعيل ما أسنده لها المشرع الأرشيفي من مهام وأدوار متعددة الزوايا، وهو بعد، يمكن رصد معالمه البارزة على النحو التالي : - الندوات العلمية : يصعب الإحاطة بالندوات والمحاضرات واللقاءات العلمية، التي نظمتها "مؤسسة أرشيف المغرب" منذ تأسيسها، لكن بالإمكان الإشارة إلى بعضها على سبيل المثال لا الحصر، على النحو التالي : - تنظيم ندوة دولية (بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للأرشيف والذكرى المائوية للحرب العظمى (1914-2014))، بتعاون مع "الجمعية المغربية للبحث التاريخي " و "معهد الدراسات الإفريقية" تحت عنوان "الحرب العظمى (1914-1918) : مصادر وأرشيف"، و مائدة مستديرة تحت عنوان : الأرشيفيون : أي دور؟ وأية وضعية قانونية ؟، بحضور عدد من الشخصيات والخبراء الوطنيين والدوليين، وفي سياق المناسبة، تم افتتاح معرض للوثائق بعنوان :"الحرب العظمى (1914-1918) : أرشيفات محجوزة"، تضمن معطيات جديدة حول الوجود الألماني، كشف عنها النقاب لأول مرة. - تنظيم ندوة دولية تحت عنوان "الأرشيف : تراث وحداثة وديمقراطية" بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف (30 نونبر 2013) بحضور رئيس الحكومة (عبدالاله بنكيران) ومستشار جلالة الملك محمد السادس (أنذري أزولاي) و وزير الثقافة (محمد الأمين الصبيحي) ومدير الأرشيف الوطني الفرنسي (ريتشارد بوادان)، فضلا عن العديد من الشخصيات والخبراء في مجال الأرشيف ينتمون لعدد من البلدان. - ندوة "هنري دو كاستر والمغرب" (10 و11 ماي 2017 )، بمشاركة ثلة من الباحثين والدارسين من المغرب وخارجه، لما أسداه هذا المؤرخ الفرنسي من خدمات جليلة للبحث التاريخي بالمغرب، وقد نظم على هامش الندوة معرض تحت عنوان : "هنري دو كاستر والمغرب: تاريخ وأرشيف". - محاضرة في موضوع "أرشيفات الهندسة المعمارية" بشراكة مع المعهد الفرنسي بالمغرب (15 شتنبر2017)، من تأطير كل من السيد "دفيد بيسري" (محافظ التراث (تخصص أرشيف)) والسيد "جان دوتيير"(مدير معارض حول الهندسة المعمارية بمركز بوميدو (باريس))، وهي محاضرة سعت إلى إبراز أهمية أرشيف الهندسة المعمارية، في فهم المعالم العمرانية للمدن وحفظ الذاكرة المعمارية. - مشاركة "أرشيف المغرب" في لقاء حول الحق في المعلومة، منظم من طرف وزارة تحديث الإدارة والوظيفة العمومية ( 24 أكتوبر 2017) بشراكة مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). - تنظيم "المؤسسة" بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بإصلاح الإدارة و الوظيفة العمومية، لقاء تواصليا لتقديم "الدليل المرجعي لتدبير الأرشيف العمومي" ( 23 ماي 2018)... إلخ. - اتفاقيات الشراكة والتعاون : إيمانا منها بأهمية "اتفاقيات الشراكة والتعاون" ودورها في تكريس إشعاع المؤسسة والارتقاء بقدراتها، أبرمت "مؤسسة أرشيف المغرب" اتفاقيات متعددة الزوايا مع عدد من المؤسسات والهيئات الوطنية والإقليمية والدولية، ترمي إلى تبادل الخبرات والتجارب المهنية والوثائق والدراسات العلمية، وتنظيم التظاهرات العلمية والثقافية المشتركة، وتبادل الدعوات والزيارات، منها على سبيل المثال لا الحصر: - اتفاقية شراكة مع "المكتب الشريف للفوسفاط (دعم "أرشيف المغرب" في مجال التهيئة التقنية والتجهيزات التكنولوجية المتعلقة بالحفظ والتأمين والاطلاع على الأرشيف). - اتفاقيتان للتعاون مع الأرشيف الوطني الفرنسي والأرشيف الدبلوماسي الفرنسي (تقوية جسور التعاون بين البلدين في مجال الأرشيف). - اتفاقية شراكة مع مؤسسات من موناكو (أرشيف القصر الأميري، متحف علوم المحيطات، الأرشيف السمعي البصري)، وذلك ضمن فعاليات معرض : "أمير موناكو ألبير الأول في رحلات استكشافية إلى المغرب أواخر القرن19م". - اتفاقيات تعاون مع كل من "معهد الدراسات الإفريقية" و "مدرسة علوم الإعلام" و "جامعة محمد الخامس" بالرباط.(الرغبة المشتركة في إقامة علاقات التعاون العلمي والثقافي بينها). - اتفاقية تعاون مع كل من "الأرشيف الوطني التونسي" و"المكتبة الوطنية البولندية" (تبادل الخبرات والتجارب في ميداني البحث والأرشفة). - اتفاقية إعلان النوايا مع "الكنسية الإنجيلية" بالمغرب (دراسة إمكانية دمج التراث الأرشيفي للكنيسة، ضمن التراث الأرشيفي الوطني). - توقيع مجموعة من اتفاقيات الهبة، في إطار تثمين الأرشيف الخاص، وتشجيعا للمبادرات التي قامت بها بعض العائلات من قبيل : عائلة محمد جسوس، عائلة العربي المساري، السيدة "دانييل الكنفاوي" (زوجة المسرحي الراحل عبدالصمد الكنفاوي ) ...إلخ. - توقيع مذكرة تفاهم بين "أرشيف المغرب "و"هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لسلطنة عمان". - تعزيز الشراكة والتعاون مع مؤسسات ومراكز الأرشيف الإسبانية. - توقيع مذكرة تفاهم بين "أرشيف المغرب" و"الجامعة العربية" (17 أكتوبر2018) بمقر الجامعة العربية بالقاهرة... إلخ. تنظيم المعارض : شكلت المعارض وتشكل، إحدى القنوات التواصلية التي راهنت عليها "مؤسسة أرشيف المغرب" منذ انطلاقتها سنة 2011، لما لها من أدوار إشعاعية وعلمية وثقافية، من شأنها تعزيز جسور التواصل بين "المؤسسة" و محيطها السياسي والثقافي والتربوي والعلمي، وكسب رهان "أرشيف القرب"، وفي هذا الصدد، فقد نظمت المؤسسة العديد من المعارض المتعددة العناوين والمواضيع، نكتفي بالإشارة إلى بعضها على النحو التالي : - تنظيم معرض للصور من قبل "مؤسسة أرشيف المغرب" و "مؤسسة الذاكرة من أجل المستقبل" تحت عنوان : "تومليلين 57/56" (تم افتتاحه بتاريخ 9 أكتوبر 2015)، وهذا المعرض - الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله - عكس روح "ملتقيات تومليلين" خلال سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، والتي تعد محطة هامة من تاريخ المغرب طالها النسيان. - تنظيم معرض تحت عنوان "أمير موناكو ألبير الأول في رحلات استكشافية إلى المغرب أواخر القرن 19" (من 6 إلى 30 مارس 2014) برواق باب الرواح بالرباط، وبرواق "أرشيف المغرب" خلال الفترة الممتدة من 12 ماي إلى 31 غشت 2014، وقد تضمن المعرض - الذي أشرف على افتتاحه سمو الأمير مولاي رشيد برفقة أمير موناكو ألبير الثاني يوم 5 مارس 2014- مجموعة من الصور الوثائقية الأصلية التي تؤرخ لرحلات الأمير "ألبير الأول- إلى المغرب خلال الفترة الممتدة من 1894 إلى 1897، كما تضمن "شريطا قصيرا" صوره الأمير بنفسه في مدينة آسفي عام 1897. - تنظيم معرض تكريمي تحت عنوان "محمد العربي المساري: حياة من أجل الوطن" (من 6 دجنبر 2016 إلى 31 مارس 2017) برواق "أرشيف المغرب"، وهي مبادرة تحكمت فيها الرغبة في تكريم الراحل الإعلامي والدبلوماسي "محمد العربي المساري" كقطب من أقطاب الصحافة الوطنية الملتزمة، وكرمز من رموز الفكر المغربي المعاصر. - تنظيم معرض تحت عنوان : "طريق الوحدة(1957).. طريق المواطنة" بشراكة مع كل من وزارة الثقافة والاتصال ومركز "الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي"، وذلك برواق أرشيف المغرب(نونبر 2017). - تنظيم معرض للصور والوثائق تحت عنوان : "بورقراق بين الأمس واليوم" بشراكة مع "وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق" و"جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة" و"جمعية أبي رقراق" و"متاحف بلغازي" (2018). - حضور وازن في الملتقيات الدولية : سعيا منها في تعزيز حضورها على المستوى الإقليمي و الدولي، تشارك "مؤسسة أرشيف المغرب" سنويا، في التظاهرات والملتقيات المنظمة من طرف المنظمات والمؤسسات الجهوية والدولية الفاعلة في مجال الأرشيف، وهي مشاركات بالقدر ما تضمن المزيد من الإشعاع الدولي، بالقدر ما تتيح فرصا للتعرف على التجارب الدولية في مجال الأرشيف ولتبادل الخبرات، والانخراط في اتفاقيات شراكة وتعاون، تسمح بتطوير المؤسسة والارتقاء بقدراتها وقدرات مواردها البشرية، وهذا الحضور الدولي لا يمكن النبش في حفرياته، دون الإشارة إلى ما بدله ويبدله مدير المؤسسة (الأستاذ جامع بيضا) في سبيل إشعاع المؤسسة، والذي تم توشيحه في أكثر من مناسبة تقديرا وتثمينا لمجهوده في الدفاع عن قضايا الأرشيف وصيانة التراث الوثائقي (وسام من درجة فارس في الفنون والآداب من قبل معالي سفير دولة فرنسا، السيد "جون فرنسوا جيرو" (17 ماي 2017)، تسلم درع الجامعة العربية من قبل السيد "أحمد أبو الغيط"، الأمين العام لجامعة الدول العربية (18 أكتوبر 2017) ...إلخ. - فتح الأحضان لاستقبال الزوار : منذ إعطاء انطلاقتها الرسمية (2011)، شهدت "مؤسسة أرشيف المغرب" مجموعة من الزيارات التي قامت بها أفواج من مختلف المؤسسات العمومية والخاصة (جامعات، كليات، مدارس عليا، معاهد ..)، موازاة مع ذلك، يتم تأطير زيارات ذات طابع رسمي، لفائدة هيئات ومنظمات دولية (سفارات، قنصليات، معاهد أجنبية ذات صلة بالتراث والبحث العلمي ...) وهي زيارات شكلت مناسبة للتعريف بالمؤسسة وبمهامها وهياكلها التنظيمية، بشكل يضمن لها المزيد من الإشعاع الوطني والدولي. - حضور إعلامي متعدد المستويات : إيمانا منها في أهمية الجانب الإعلامي ودوره المحوري في كسب رهان التواصل والإشعاع المأمول، راهنت المؤسسة وتراهن منذ تأسيسها، على التواجد الفعال في المشهد الإعلامي، عبر مستويات متعددة الزوايا، أولها: الرهان على "مجلة أرشيف المغرب" للتعريف بأنشطتها ومهامها وتقريب القراء من عدد من المواضيع والملفات والقضايا ذات الصلة بالأرشيف والتاريخ والتراث، ثانيها: الرهان على العالم الافتراضي لتعزيز جسور التواصل والإشعاع مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر الصفحة الرسمية للمؤسسة على موقع "فيسبوك" والقناة الخاصة للمؤسسة على "اليوتيوب"، ثالثها: الانفتاح الوازن للمؤسسة في شخص مديرها الأستاذ "جامعا بيضا" على مختلف المنابر الإعلامية السمعية والبصرية والورقية والإلكترونية، وهو حضور فاعل، لاشك أنه عرف بالمؤسسة وأحاطها بما يكفي من الإشعاع، الذي بدونه يصعب كسب تحدي "ثقافة الأرشيف". تأسيسا على ما سبق، نؤكد أن البناء التشريعي الأرشيفي استكمل منذ سنة 2015، وذلك بصدور المرسوم التطبيقي بشأن "تحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط، وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي"(4 نونبر 2015)، وهو بناء تعززت لبناته بإصدار "مؤسسة أرشيف المغرب" لكتيب عبارة عن "دليل مرجعي لتدبير الأرشيف العمومي" الذي شكل "خارطة طريق" على جانب كبير من الدقة، عبارة عن دليل عملي ميسر يحيط بمختلف الجوانب المتعلقة بالتصرف في الوثائق، وذلك "لما يتضمنه من وصف دقيق ومبسط للشروط والإجراءات التي تتم وفقها، جميع عمليات تدبيرها على مر مختلف مراحلها العمرية، من يوم إحداثها إلى تاريخ تصنيفها النهائي، أو إتلافها حسب المآل النهائي المخصص لها " (الدليل المرجعي لتدبير الأرشيف العمومي، ص7). ونختم بالقول، أنه وبالقدر ما يمكن تثمين ما تحقق من مكتسبات قانونية ومؤسساتية ومهنية، بالقدر ما نؤكد، أن المسار لازال شاقا وعسيرا، في ظل ما يواجه المؤسسة الفتية، من تحديات متعددة الزوايا: - أولها: تحدي تمكين المؤسسة من "مقر" يليق بها كمؤسسة عمومية استراتيجية. - ثانيها: إعادة النظر في الهيكلة القائمة للمؤسسة، والتي لا تتناسب وحجم المهام والمسؤوليات التي أناط بها المشرع الأرشيفي "أرشيف المغرب"، والتعجيل بمعالجة الخصاص المهول الذي يعتري الموارد البشرية، بالرفع من عدد المستخدمين والارتقاء بأوضاعهم المهنية والمادية، بشكل يتيح تنزيل "هيكلة ناجعة"، و "تحركا فاعلا في الميدان" للتثبت من مدى الالتزام بمقتضيات قانون الأرشيف. - ثالثها: التفكير في الصيغ الممكنة، للانسجام والتفاعل مع خيار "الجهوية المتقدمة"(إمكانية خلق مراكز جهوية للأرشيف، بشكل يسمح بتثمين التراث الجهوي وكسب رهان "أرشيف القرب"). - رابعها: مواصلة التدخلات، التي من شأنها استعادة "الأرصدة الوثائقية الوطنية" المغتربة بالخارج، خاصة في فرنسا وإسبانيا. لكن قبل هذا وذاك، نرى أن التحدي الأكبر المطروح، يرتبط أولا بالدولة، التي يجب أن تتعامل مع "أرشيف المغرب" بعيدا عن منطق "الربح" و"الخسارة" وهواجس "الميزانية"، وفي هذا الصدد، فأي تقصير أو تهميش للمؤسسة أو عدم التجاوب مع سياساتها ومشارعها، بدعوى "ضعف الموارد" أو "محدودية ميزانية الدولة"، فهو تقصير وتهميش لتاريخنا الوطني وتراثنا المشترك وتعطيل لذاكرتنا الجماعية، وتشويش على "الطموح الحداثي"، ويرتبط ثانيا، بالمجتمع، الذي لازال بعيدا عن " الأرشيف" كإرث وطني مشترك، وهذا الواقع، يقتضي تنزيل معالم "استراتيجية تواصلية" فاعلة وناجعة، من شأنها كسب تحدي "أرشيف القرب" الذي يعد قناة لامحيدة عنها، لكسب رهان "ثقافة الأرشيف"، التي لازالت بمثابة "الحلقة المفقودة" في "قلادة الأرشيف العمومي" . [email protected]
مراجع معتمدة: - مجلة أرشيف المغرب، عدد : 1/2016 - عدد : 2/2017 - عدد : 3/2018. - الدليل المرجعي لتدبير الأرشيف العمومي، أرشيف المغرب، 2017. - دراسة واقع الأرشيف والممارسة الأرشيفية بالإدارات المركزية للدولة، إعداد قسم "أرشيف الإدارات المركزية والمؤسسات العمومية، مصلحة أرشيف الإدارات العمومية"، تحت إشراف ذ. جامع بيضا (مدير أرشيف المغرب)، 2017. - نص العرض الذي قدمه مدير أرشيف المغرب، جامع بيضا، أمام "المجلس الوطني للأرشيف"، رئاسة الحكومة، الرباط، 04 دجنبر2019. - القانون رقم 69.99 المتعلق بالأرشيف (30 نونبر 2007)، ( ج ر عدد : 5586 بتاريخ 13 دجنبر 2007). -المرسوم التطبيقي رقم 2.14.267 الصادر في 21 محرم 1437 (4 نونبر 2015)، بتحديد شروط وإجراءات تدبير وفرز وإتلاف الأرشيف العادي والوسيط، وشروط وإجراءات تسليم الأرشيف النهائي.( ج ر عدد : 6416 بتاريخ 26 نونبر 2015) - منشور السيد رئيس الحكومة رقم : 2018/19 الصادر بتاريخ 17 دجنبر 2018، بشأن تفعيل برامج تدبير الأرشيف. - منشور السيد رئيس الحكومة رقم : 11/2011 المتعلق بالوثائق الإدارية والأرشيف (6 أكتوبر 2011)