يعتبر الفقيه العدل السي محمد بن احمد باطس احد الرموز العلمية التي تخرجت من معهد جامع الشرافات ذي السمعة التاريخية و العلمية بشمال المغرب قبل ان يتم في اجراء غير مسبوق خلال الموسم العلمي 2013/ 2014 ايقاف و تعليق جميع الدروس و الانشطة العلمية به ضدا على تراث المنطقة و تاريخها . قدم اسلافه من مدشر تونانت احد المداشر المعروفة من ربع بني فلوات الخمسية أو "بني فلواط " على ما يجري به لسان العامة تصحيفا ، حيث كان مقر سكناهم قبل أن الانتقال و الاستقرار بمدشر ارمتة من بلدة الشرافات قصد الاقامة و طلب العلم و الدراسة ، خصوصا و ان اباه القائد الفقيه السي أحمد باطس قد اشتغل قائدا منتدبا للسلطة المخزنية على الاخماس معينا من قبل السلطان عبد العزيز اواخر القرن التاسع عشر . و هو اول من قرر اختيار الشرافات مقرا لسكناه الجديد على ما يقول بعض احفاده المقيم بالبلدة في الفترة الراهنة . و نسب باطس من الانساب اليمنية الخالصة التي احتفظت بذكرها كتب الانساب و هو اسم محرف او مصحف من اسم باتس بالتاء بدل الطاء ، و هو الاسم الاصلي لهذا النسب . و لا يستبعد مجيئ آل باتس في خضم حروب الفتح الاسلامي . فقد كانت الجيوش الاسلامية من الفاتحين تضم الكثير من أهل اليمن و رجالاته الصالحين الاشداء في الحروب . و كثير من الانساب المستقرة بمنطقة بلاد جبالة اصلها منحدر من قبائل اليمن القحطانية و العدنانية ، و قد جاز غالبها الى بلاد الاندلس و قامت على اكتافهم دولة الاسلام هناك لمدة سبعة قرون ثم تم اجلاؤهم الى شمال المغرب بعد سقوط غرناطة آخر وجود الحكم الاسلامي بالاندلس . و لا نعرف ما إذا كان نسب باتس الموجود حاليا ببلدة الشرافات من اهل اليمن الذين استوطنوا بلاد غمارة و تحديدا قبيلة الاخماس زمن الفتح و مكثوا بها الى يومنا هذا أم انهم من الوافدين عليها من بلاد الاندلس بعد الجواز و الهجرة اليها ايام الفتوحات ثم سقوط الدولة الاسلامية هناك . درس فقيهنا السي محمد بن الفقيه القايد احمد باطس في بداية حياته العلمية بمسقط رأسه بلدة الشرافات ، فحفظ على يد فقهائها القرآن الكريم و أوليات العلوم الشرعية واللغوية ثم لزم بعد ذلك حلقات الدرس التي كان يشرف عليها علماء الوقت بمعهد جامع الشرافات فترة العشرينات من القرن الماضي على رأسهم القاضي مصباح و العلامة القاضي احمد بندكون و الفقيه العلامة بن بلال و سواهم من العلماء . و بعد ما تفنن في علم القراءات السبع أخذا عن علماء قبيلته كما يقول حفيده السيد احمد بن العياشي باطس والذي يصف جده و يحليه بوصف العالم الجليل الفقيه الحمزاوي صاحب القراءات السبع انتقل الى القرويين على عادة طلبة العلم الذين كانوا يرغبون في اتمام دراساتهم العلمية و تحصيل اجازاتهم العليا عن علماء فاس و فقهائها . بعد عودته من فاس قرر الاستقرار ببلدته الشرافات متوليا خطة العدالة الى جانب قضاة القبيلة لأوائل القرن العشرين كالقاضي مصباح و القاضي عقارالتفراوني والقاضي العمراني البوحلتي و اضرابهم ، و لم يعرف عن المترجم له بالرغم من شهرته في الناحية انه اشتغل بغير خطة العدالة و الاشراف على املاكه الفلاحية التي ورثها عن أبيه القايد سي احمد باطس . في الوقت الذي كانت مؤهلاته العلمية تفتح له المجال كي يساهم الى جانب علماء وقته في تنشيط الحياة العلمية بالناحية عن طريق الوعظ و الارشاد و التلقين العلمي و تكوين الاجيال العالمة . و قد تكون هناك اسباب لذلك لعل من بينها على الارجح ولعه الشديد و اهتمامه الكبير بعالم الفلاحة و منتوج الارض في منطقة اشتهر أهلها بغراسة الكروم واشجار التين و الزيتون و انواع الفواكه و الحبوب . توفي رحمه ببلدته الشرافات عام 1362ه/ 1945م و دفن بجوار مقبرة خلوة سيدي المحرر . و هي مكان منسوب الى أحد الصالحين و الاشراف الذين رابطوا بالبلدة خلال الزمن الماضي غير أن تاريخه ما يزال مجهولا لا يعرف عنه شيء .