دموع، حرقة، و ألم على كل من تركنا و ذهب ضحية غدر الأيام، و تجاهل اللئام. بتنا نترقب و نستلطف بعد كل مباراة رحل معها أبناءنا لتشجيع فريقهم المحلي، و نحمد الله على عودتهم سالمين، غير أن هذه المرة كانت شبيهة بتلك التي مضت في السنة الفارطة، يوم احترقنا على فراق أنس و حمزة و أيوب و ذرفنا دموعا مختلطة بالحسرة و اللومة في جنازتهم ليتكرر السيناريو هذا العام على شاب اخر في عمر الزهور،فيصبح كمن سبقوه في خبر كان . زدنا سخطا على هذه اللعبة التي تضع أبناءنا في طريق الخطر بل تخطفهم من بين أيدينا في لمح البصر. قد نجهل أو نتجاهل الاسباب غير أن النتيجة واحدة، وهي فقداننا لشباب يافعين ، مليئين بالأمل و حب الحياة ، يخطفوا من بين أيدينا بجرة جاهل أو متهور.... الكل يردد:"الروح عزيزة عند ربي‟، غير أنه لا أحد يتذكر هذا قبل أن يسبب في كارثة يذهب ضحيتها أمثال هؤلاء و غيرهم. زيد واحد ممن حصده القدر على هذه الشاكلة فكتب له أن يعرف على صعيد واسع و لكن بذكرى اخر يوم من حياته، لا كمن فعل أو صنع أو اخترع... اقشعرت الابدان و ذرفت الدموع من كل العيون لدى سماع الشباب الذين صاحبوا الجنازة و هم يرددون بلسان واحد و في موكب جنائزي مهيب:"تشفع يا رسول الله...‟ هي عادة أهل تطوان لتشييع جثامين أبناء و بنات اعترضهم القدر و لم يتمكنوا من إتمام نصف دينهم، و بها نعلم بأن من فارق الحياة لازال في مقتبل العمر، و هي الوضعية هاته في حالة زيد... تشابكت أيدي الشباب و اصطفوا على شكل سلسلة مترابطة للسماح لنعشه في السير نحو مثواه الاخير، التفوا حوله و كأن الجميع من أهله و ذويه، و لعل الموت الغاشم الذي حصده دفع بهؤلاء أن يكونوا في الموعد يوم فراقه. حياة أبسط مما نتصور، تلك التي نحياها، و نحن نفرش الطريق لإقفالها أمام من حرقتنا لوعة فراقهم... لا اعتراض على قضاء الله،لأننا نؤمن:"احنا طاعة لله‟ ولكنها اللوعة و الحرقة التي نحس بها على من يختطف من أحضان اهله و ذويه بهذه الطريقة، دون علم أو إنذار.. مجرد لحظة ترفيه أو تسلية تكون السبب في انسياقهم لقدر محتوم... و لعل المسكين بدوره شيع جثامين أنس و حمزة و أيوب في الموسم الماضي و لم يخطر بباله أن دوره سيأتي ليحدث له ما حدث لهم... لا نعلم على من تقع اللائمة في كل هذا، كل ما يلخص هو ضياع أرواح بريئة، ضنت أنها ستكسر ملل الحياة، و اتجهت مع فرقتها المحبوبة للفرجة و التشجيع، و المساهمة في رفع معنويات لاعبيها، فتصبح عرضة للضياع و الموت... لا يسعنا إلا أن نردد:"لا حول و لا قوة إلا بالله و ألهم اللهم أهلهم الصبر و السلوان و رحم الله الجميع‟... أمنة أحرات