لم أكن اتصور أن يصل الحال بالقرية الصغيرة التي أحببناها حتى الجنون و قضينا فيها أجمل ذكريات الطفولة و المراهقة و الشباب ،القرية التي أحببنا فيها عبد الحليم حافظ و أم كلثوم ، عشقنا فيها مقهى "حوتو" ، مقهى "سرقسطة" ، مقهى محفوظ ، التجول في "المرشا بيي " ، لعبة " البرشي " . على شاطئها في السبعينات و أوائل الثمانينات كنا نغني أجمل أغاني الشيخ أمام ، قعبور ، مارسيل خليفة و كنا نحلم بغد أفضل رغم الأوضاع السياسية السيئة و رغم القمع الذي عرفته هذه الفترة . إن الهجرة التي عرفتها مدينة مارتيل كانت السبب الرئيس في إختيار من سيسير شأنها خصوصا و أنها مرة بمجموعة من رجال السلطة امتازوا بالفساد و على رأسهم القائد " أسامة ع" ، الذي عرفت مارتيل في عهده قمة الفساد ، كان يجند مجموعة من " المقدمين" و على رأسهم المعروف ب" ستوتي " ، هؤلاء فتحوا المجال للبناء العشوائي خصوصا في أواخر الثمانينات ، في هذه الفترة عرفت التشكيلة الديمغرافية لمارتيل تغييرا جذريا ، مع هجرة مجموعة من شباب مارتيل إلى الخارج و تحول معظم مصطافي تطوان إلى منطقة واد لاو و نواحيها الخلابة ، هذه الفترة عرفت ميلاد أحياء كالفطريات أمام أعين السلطة التي كانت تزكي البناء العشوائي و اغتنى معظم رجال سلطة و الأعوان و المستشارين من هذه التجارة ، فظهر حي" الديزة " ، أو " ديزة بيش " كما يحلو للبعض أن يسميه ، حي أحريق الذي كان عبارة عن حقول و بساتين ، و من لا يتذكر "بطاطيس" مارتيل و حقول العنب ، تحويل حي الشبار من براريك إلى منازل، غير أن الحي الإسباني بمارتيل وسط المدينة حافظ على شكله اللهم بعض التغييرات البسيطة . كل ما ذكرناه كان له تأثيرا على ما وصلت إليه القرية في يومنا هذا بعدما ظهرت طبقة من الأغنياء معظمهم قدم من منطقة " غمارة" ، و أخرون قدموا مع العهد الجديد مستغلين علاقاتهم و نفوذهم ليتم تشكيل "لوببيات" عقارية تدوس على كل من يقف في طريقها هذه الطبقة و من يدور في فلكها تستغل بؤس و ضعف " المهاجرين" و هم الأن الأغلبية من لها الفصل في أي إنتخابات جماعية و هم من يحول كفة الانتخابات لأي جهة تعرف كيف تستغلها ….يتبع