الاستقامة وتحمل المسؤولية مصطلحان إذا اجتمعا أصلحا وإذا تفرقا أفسدا . كنا في تطوان نعيش غياب هاتان الكلمتان، على مستوى تسيير الشأن العام... كان رئيس المجلس البلدي في النظام القديم أو رئيس الجماعة الحضرية في النظام الجديد بعد إلغاء البلديتين( الأزهر والمنظري) يخضع لإكراهات أسوءها كانت تفرضها الظروف التي يُحط فيها, فهو ملزم أن يُرضي شركائه أو حلفائه لأنهم يوفرون له الأغلبية سواء كانوا من حزبه أو من تحالفاته لتكوين الأغلبية وغالبا ما كانت تُفرض عليه تنازلات لا تكن في مصلحة المدينة كتحويل الإدارة إلى بقرة حلوب و كل واحد يريد أن يأخذ منها الأكثر فنرى الكل يتنافس على قسم الرخص، ولا يخفى على أحد أهمية هذا القسم، و يعتبر سوء تدبيره من الأسباب الرئيسية التي أفسدت جمالية مدينة تطوان . ومنهم من كان يستعمل هذا القسم للاسترزاق و الاغتناء ومنهم من كان يستغله فقط ليرضي المواطنين وبالتالي كسب أصوات للمستقبل وعلى ذكر كل هذا يستحضرني موقف شاهدته بنفسي في شركة أمانديس حينما سمعت مستشارا محسوبا على حزب العدالة والتنمية يخاطب مستخدم حيث قال له " إو أصحبي حتى وصلنا نهد البلدية عاد مبقى فيها ما يدبر " و لا أخفي على أحد أنني برغم ما احتقرت هذا الشخص و هو على فكرة أمي، ومعروف بممارساته الغير أخلاقية بقدر ما أحسست بالسعادة، لأن سنبور الارتزاق توقف أو بدأ يتوقف . ووسط كل ما ذكرناه كان طرف ثاني ينتعش ويساهم في هذه الفوضى، إنها السلطة. أقصد بكلمة السلطة ليست الممارسة ولكن المخزن ' هذا الطرف الذي كان بدلا من أن يقوم بدوره الردعي كان دائما يأخذ نصيبه من حليب البقرة بطريقته، حيث إغتنى مجموعة من رجال السلطة من جميع السلاليم من المقدم حتى رئيس الدائرة أو أكثر و لم يُحاسب أحدهم بالأحرى أن يحاكم، هؤلاء كانوا يمتصون دماء الفقراء و خصوصا منهم القادمون من خارج مدينة تطوان للبحث عن حياة أفضل أو العمال المقيمين بالخارج و هؤلاء كلهم لا يعرفون تضاريس مدينة تطوان ولا أحدهم يعرف سيدي المنظري، ولماذا أقام هذا الرجل القادم من الأندلس قصبته عالية فوق تله بما يُعرف الآن سوق الحوت القديم و ليس على سهل بني معدان الفسيح، و السبب واضح لأن سيدي المنظري كان يعرف واد مارتيل و فيضاناته في فصل الشتاء . هكذا و بكل ما سلف ذكره ظهرت لنا أحياء في مناطق جد خطيرة كحي كويلما العشوائي الذي يوجد أمام ممر نهر مارتيل و تحت مستوى سطح البحر و حي الصومال و هو اسم على مسمى و حي الكريان و حي كرة السبع الجميل الغير منظم و حي الديزة الذي أنشئ قرب مصب نهر مارتيل و أحياء أخرى بمارتيل كانت تُستغل جيدا في الحملات الإنتخابية الأخيرة و حي السكة بالمضيق و البناء العشوائ في واد الفيندق الذي ظل نائما و لما أستيقظ يوم 17 أكتوبر سنة 2008 تسبب في كارثة، خسائر كبيرة بالممتلكات خصوصا مخازن السلع المهربة من سبتةالمحتلة . هل ستعرف مدينة تطوان قطيعة مع هذا الماضي المخجل بقدوم الوالي الجديد محمد اليعقوبي و المعروف عنه أنه رجل الميدان و الأوراش و ليس رجل مكتب , صارم , نزيه و منصف . في نفس الوقت هناك فرصة لا تعوض إذا علمنا أن على رأس الجماعة الحضرية الآن الدكتور محمد إدعمار رجل جدي عملي نزيه أيضا يعمل مع فريق متكامل و يحرس على مباشرة كل شيء بنفسه ؟ هل ستترك "اللوبيات " الموجودة في تطوان سواء "لوبي" العقار أو "لوبي" المخدرات هذا الثنائي من مزاولة عمله خصوصا و أنه تنتظره أوراش كبيرة مفتوحة لا داعي لعدها,أهمها النهوض بالمدينة برمتها و هي محتاجة لمخطط تنموي إستراتيجي طويل المدى كما جاء على لسان السيد الوالي وقد صرح في هذا الصدد على أنه سيتم اتخاذ قرارات جريئة لصالح مدينة تطوان، ربما لن تروق هذه القرارات من مصلحتهم تقتضي أن لا تمشي الأمور نحو الأفضل في هذه المدينة .