قبل سنة 1997 كانت مدينة مارتيل الواقعة على بعد 10 كيلومترات من مدينة تطوان، تعيش على إيقاع التهميش والعزلة التامة في كافة مناحي الحياة، فلا شيء كان يوحي بأنك في مدينة شاطئية، حيث لا مرافق ولا بنيات تحتية ولا تجهيزات اجتماعية وثقافية وترفيهية، إلى أن هبت رياح التغيير خلال انتخابات سنة 1997 التي مكنت حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من تحمل مقاليد التسيير الجماعي من خلال الثقة التي منحها المواطنون المرتيليون للمناضلين الاتحاديين، الذين استطاعوا في ظرف وجيز أن يغيروا من وجه المدينة ومن نمط حياة السكان. ويمكنوا المدينة من كافة البنيات التحتية والمشاريع الكبرى وحل مشكل البيئة واستطاعوا أن يجعلوا من مدينة مارتيل، مدينة أكثر جاذبية وأكثر جمالية وتستقطب أكثر من 300 ألف نسمة من الوافدين عليها من داخل المغرب وخارجه في فصل الصيف، وهو مازاد من اشعاعها كمدينة سياحية وخدماتية بامتياز. وفي مقدمة هؤلاء الذين سهروا وأبدعوا في اخراج مدينة مارتيل من التهميش نجد رئيس المجلس البلدي محمد أشبون الذي أصبح اسمه يتردد ويتجاوز مدينة مارتيل بفعل ما حققه للساكنة التي مازالت تتجاوب مع البرنامج الاتحادي. وفي هذا الحوار الذي أجراه مكتب الجريدة بتطوان مع الاستاذ محمد أشبون، سنقف معه على تقييم التجربة الاتحادية خلال 12 سنة وكذا الوقوف على المشاكل والمعيقات التي واجهت التجربة الاتحادية والمحاور الكبرى للبرنامج الانتخابي الاتحادي بالمدينة في انتخابات يونيو المقبلة. { منذ 1997إلى يومنا هذا وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتحمل مسؤولية التسيير لبلدية مارتيل، ماهو تقييمكم لهذه التجربة وهل أنتم مرتاحون لما تحقق للمدينة وساكنتها؟ > منذ أن تحملنا مسؤولية تسيير الشأن المحلي لهاته الجماعة سنة 1997 واجهتنا مجموعة من المشاكل خاصة على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى تهيئة العمران والمدينة ككل، إضافة إلى عائق الامكانيات المادية، حيث كانت مداخيل الجماعة ضعيفة، وبكل هذا الموروث الثقيل استطعنا أن نغير صورة المدينة، وذلك بتعاون مع اخواننا في الحزب محليا ومركزيا عبر مدنا المشورة والارشاد وكذلك بتعاون مع السلطة الاقليمية والمحلية لوضع سياسة واضحة للتغلب على هاته الاشكالات التي اعترضتنا في البدء. فقد ارتكزنا في برنامجنا التنموي خلال التجربتين السابقتين على ثلاثة محاور أساسية، المحور الأول ركزنا فيه على تدعيم وتنمية الموارد الذاتية للجماعة، المحور الثاني ركزنا فيه على الشراكات في انجاز المشاريع ذات الطابع الاجتماعي أخيرا والاعتماد على صندوق التجهيز الجماعي من أجل الاستثمار في البنية التحتية على الخصوص. الكل يعلم أنه قبل سنة 1997 كانت الجماعة والمدينة ككل تعيش وضعا كارثيا على مستوى البنية التحتية، ولنأخذ كمثال الطرق بالمدينة قبل هذا التاريخ كانت كل طرق المدينة تعيش وضعا كارثيا ومزريا وفي حالة سيئة في مجملها. كان هناك غياب البنية التحتية في الأحياء الشعبية، حيث لم يكن هناك طرق ولا تطهير سائل ولا نظافة ورغم هذا الموروث يمكن القول أننا استطعنا لحدما التغلب عليها. وبعد دراسة عميقة تبين لنا أن الإشكال الحقيقي يكمن في غياب قباضة داخل تراب المدينة وكانت مدينة مارتيل تابعة لقباضة مدينة تطوان (باب التوت) وقد سجلنا أن تدخل القباضة علي مستوى جماعة مارتيل ضعيف جدا، وكانت إمكانياتها البشرية لا تسمح بمراقبة وتنمية الموارد المالية للجماعات التابعة لها. حيث لاحظنا أن قباضة تطوان كانت عاجزة على الاستخلاص داخل تراب مارتيل وبالثاني تنميته. وكذلك وكالة مداخيل الجماعة الحضرية لمارتيل لم تكن مهيكلة بالشكل المطلوب وكانت تقوم بوظائف تقليدية فقط. بعد كل هذه الأسباب ودراستها واستشارة واسعة من طرف المجلس مع الأطر الحزبية في المؤسسة الاشتراكية ومع بعض الاتحاديين الذين يبقونا في التسيير أوالذين كانوا يتحملون مسؤوليات وزارية. وخاصة أخص بالذكر الأخ فتح الله ولعلو الذي كان وزيرا للمالية في تلك الفترة. حيث بعد الطلب الذي تقدم به المجلس لإحداث قباضة محلية. استجاب للطلب وبالتالي فبمجرد ما بدأت القباضة تشتغل بمدينة مارتيل ارتفع الفائض إلى أكثر من 600 % في سنتها الأولى. وهكذا بدأت ترتفع المداخيل سنة بعد سنة. إلى أن وصلنا إلى فائض يقدر بأكثر من أربعة ملايير سنتيم. هذا التطور في ميزانية الجماعة مكننا من تقوية وتوسيع الوعاء الضريبي وتحيين القرارات الجبائية،إلى أن وصلنا لتحقيق مداخيل هامة. أما على مستوى المشاريع الاجتماعية، فقد أنجزناها بشراكات، سواء منها المحلية أو مع مؤسسات عمومية تابعة للدولة، منها ما هو مع وزارة الاسكان، الداخلية الصحة الهلال الأحمر ومع مؤسسة محمد السادس للبيئة حققنا بها مشاريع مهمة. أو شركات مع جهات أجنبية حيث تمكنا من انشاء مصحة للولادة مع وزارة الصحة ومؤسسة أجنبية، وبناء قاعة مغطاة مع جهة اجنبية. ومع نفس الجهة انشأنا قاعة ثقافية، كما عقدنا عدة شركات مع بلديات اسبانية والشراكة الأخيرة مع الدولة لأجل تهيئة مدينة مارتيل. كل هاته المشاريع أنجزناها دون أن نلجأ إلى ميزانية الجماعة. وبخصوص الاستثمار التجأنا إلى صندوق التجهيزالجماعي، في خمس مشاريع استثمارية، قرض في بناء الأسواق، قروض في السيطرة، حيث تمكنا من انجاز عشرات الكيلوميترات من الطرق المعبدة بجودة عالية. { هل هناك مشاريع كبرى لم تتوفقوا في إنجازها، أو اعترضتكم عراقيل موضوعية حالت دون تحقيقها؟ > هناك مشروعان كبيران خططنا لهما لأجل انجازهما، وهما تصفية عقار بعض الأحياء الشعبية وإدماجها في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لمدينة مارتيل. بحكم أن هاته الأحياء تشكل ثلثي مساحة المدينة، هاته الأحياء وضعها العقاري غامض، حيث أن الأملاك المخزينة هي صاحبة العقار، وقاطنوها يعتبرون هم السكان الأصليون لهاته الجماعة، حيث أن سكان هاته الأحياء كانوا يقطنون قبل أن تحصل الدولة على وثيقة التحفيظ. ورغم عدة محاولات وتدخلات وكذا تسويات لم يكتب لهذا الملف تصفيته. لكون وزارة المالية تقرر في تسوية الوضعة العقارية لهاته الأحياء التي تناهز مساحتها 70 هكتارا، وبالتالي وجدنا صعوبة في إدماجها في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمدينة المهيكل، وهكذا لازالت هاته الأحياء تنعدم فيها طرق معبدة، صرف صحي. وماء صالح للشرب. وما أمكن الوصول إليه مؤخرا هو تشكيل لجنة التقويم، التي خرجت بمبلغ يفوق قدرة قاطني هاته الأحياء. مما عقد المشكل أكثر. { كيف تجري عملية إعادة هيكلة الأحياء الشعبية بمرتيل وما هي المشاكل التي تعترضكم في هذا المشروع؟ > الذي يعقد ويعيق تدخلنا في جماعة مارتيل هو صبغة العقار. فحي أحريق حي كبير يتسع لأكثر من 6.000 عائلة، هذا الحي تمت اعادة هيكلته وأعطى صاحب الجلالة بداية الاشغال به في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث يستفيد من مركب اجتماعي تربوي مكون من مدرسة وملعب ومسجد وقنوات التطهير. محطة للتطهير. كل هاته المشاريع أنجزت ، غير أن المشكل طرح عندما أردنا المرور إلى الشطرين الثاني والثالث. بحكم أن المشروع في تركيبته المالية ارتكز على مساهمة ساكنة هذا الحي. الذين لم يسددوا أقساطهم، مما حال دون المرور إلى الشطرين المتبقيين. وبالتالي شركة امانديس صاحبة التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء والتطهير الشريك في هذا المشروع، رفضت انجاز الشطرين الثاني والثالث في غياب مساهمة السكان، وهذا ما دفعنا في المجلس لتخصيص ميزانية مهمة لهذا المشروع لأجل المساهمة في هذا المشروع الكبير. { لا تتركون أية مناسبة تمر إلا وتثيرون مشكل السطو على الأراضي بمرتيل، مما يحول دون تمكين المواطنين من مشاريع اجتماعية هامة. كيف تنظرون إلى تداعيات هذا المشكل؟ > هذا موضوع خطير ،وكبير، نحن نتوفر على وثائق تثبت ما نقوله. فجماعة مارتيل من بين الجماعات التي كانت تتوفر على وعاء عقاري كبير،ولا يخفى عليكم أن العقار هو الرافد الأمامي لكل تنمية، وأي جماعة تشكو من مشكل العقار، فهي محكوم عليها بالتأخر. وبحكم أن جماعة مارتيل كانت تنتمي للمنطقة الخليفية. وبالتالي طبيعة العقار بهاته المنطقة يختلف كليا عن المنطقة التي كانت تابعة للحماية الفرنسية مع الأسف هاته الجماعة تعرضت قبل سنة 1970 الى مسلسل للنهب ساهم فيه بعض الاقطاعيون والمضاربون وبعض رجالات السلطة، حيث كان يكفي عقد مأدبة غذاء لإثنى عشر شخصا يختتم بالإشهاد على استغلال هاته القطعة الارضية أو تلك، مصحوبة بشهادة من السلطات المحلية بأن تلك الارض غير تابعة للدولة وتصبح مالكا لعشرات الهكتارات، هاته الممارسات حرمت العديد من الجماعات المحلية بالمناطق الشمالية وليس جماعة مارتيل فقط. وفي مرحلة الثمانينات، عرفت مدينة مارتيل موجة أخرى من عمليات السطو بطرق ملتوية، سواء شواهد إدارية أو بشواهد مزورة والاحتفاظ بهاته الملكيات الى حين بروز موجة الغلاء في العقار. كما أنه في سنوات أواخر السبعينات عرفت المدينة استفادة مجموعة من الفلاحين (380 هكتارا) بمرسوم، وذلك باستفادتهم من هاته الاراضي شريطة عدم البيع وعدم البناء عليها، أي استغلالها في الميدان الفلاحي. أضف الى هذا هناك بقعة أرضية (92 هكتارا) كانت تتنازع حولها الاملاك المخزنية ووزارة الفلاحة وظهرت أنها محط أطماع لوبيات ومضاربين، غير أننا في المجلس، عملنا كل ما في وسعنا من أجل حمايتها. الى أن جاء القرار الملكي الاخير لأن تكون أرضية لإقامة مشروع الخدمات عن بعد الأوف شورين وكذا لإقامة جامعة الملكين. وكذلك هناك قرار ملكي لأن يتم وضع اليد على جميع الاراضي غير المستغلة، سواء منها التابعة للدولة أو تلك التابعة للخواص،من أجل استغلالها في الاستثمار وفي خلق مناصب الشغل. إلا أننا فوجئنا مؤخرا أن هناك لوبيا عقاريا قام بالاستيلاء على بقعة أرضية تناهز 100 هكتار بطرق ملتوية وبوثائق مزورة. وتحوط على أحكام قضائية لصالحه. وشرع في بيعها حيث وصل مبلغ البيع 320 مليون درهم. لكن من أجل الحفاظ عليها، عملنا في المجلس على إنجاز تصميم التهيئة للمناطق التي كانت غير مغطاة بتصميم التهيئة. وقمنا بإنجاز مشروع فتح منطقة جديدة للتعمير بشراكة مع الولاية ووزارة الاسكان، تضم 1500 هكتار. حيث سلم المشروع لمكتب الدراسات بعد إنجاز صورة جوية. وتم إعلان الصفقة وعقدت اجتماعات متكررة على مستوى الولاية. وتوصلنا الى وضع اللمسات الاخيرة لهاته الوثيقة المهمة، غير أنه تم إيقاف هذا المشروع بطريقة غامضة وليومنا هذا لم نجتمع لماذا؟؟؟ الله أعلم!!! فرغم الاموال العمومية المهمة التي صرفت على هذا المشروع (المناطق الجديدة للتعمير) أجهض وأوقف.لكن السبب يبدو ظاهرا لأن مبلغ من قيمة 320 مليون درهم يمكن لصاحبه أن يفعل كل شيء من أجل استحقاقه ولو على حساب مصلحة المدينة والمنطقة ككل. { مرتيل كانت دائما تنتعش سياحيا وخدماتيا خلال فصل الصيف، في حين تعرف بعض الجمود خلال الفصول الاخرى، هل من تدابير اتخذت من أجل جعل مدينة مرتيل مفتوحة على السياحة والخدمات طيلة السنة؟ > نحن في جماعة مارتيل وفي مكتبها المسير، حددنا الوظائف التي يمكن ان تلعبها مدينة خدماتية سياحية جامعية، وبالتالي عند تحديد هاته الوظائف يجب العمل على تحقيقها. مدينة جامعية من اختصاصات الدولة. حيث هناك كليات ومدرسة عليا للأساتذة، وهناك مشروع بناء جامعة الملكين بالمدينة الى جانب كل هذا نحاول في المجلس إحداث فضاءات مصاحبة لهاته الوظيفة. مدينة سياحية. هاته وظيفة اكتسبت عبر سنوات، وبالتالي عملنا على تحسين البنية التحتية وهو ما يفسر ان %70 من الامكانيات المالية والقروض المبرمة صبت في اتجاه تحسين البنية التحتية. وهذا التحسين الاولي للبنية التحتية أعطانا زخما كبيرا من السياح. وهو ما خلق لنا مشكلا على مستوى السير والجولان والمبيت وفضاءات الترفيه والبيئة. من ناحية النظافة، لا يعقل أن مدينة سياحية تعاني من مشكل النظافة وبالتالي عملنا على تجاوزه من خلال التدبير المفوض لهذا ا لقطاع ووصلنا الى تحقيق مدينة نظيفة الى حد الآن. هذا الى جانب عقد شراكة مع مؤسسة محمد السادس للبيئة. من خلال هاته الاتفاقية تغلبنا على مشكل نظافة الشاطئ. هناك أيضا عقد مع شركة أمانديس يخص تعميم شبكة التطهير بالمدينة حتى تكون في مستوى مدينة سياحية. أما النقطة السوداء التي تعرقل الساحل التطواني هي مشكل الديزا ووادي مارتيل. رغم ان الجماعة قامت بكل الامكانيات التقنية والمادية المتاحة لأجل إيقاف هذا الخطر. الذي يداهم المنطقة ككل وليس مارتيل فقط. وهذا ما جعلنا نطرح مشروعا كبيرا لحماية الساحل التطواني يفوق إمكانيات الجماعة. مما يتطلب تدخل الدولة. { ماهي المحاور الكبرى التي يرتكز عليها البرنامج الاتحادي بالنسبة للمرحلة المقبلة؟ > أولا كهيئة سياسية بمارتيل تراهن على فترة ثالثة للتسيير، قمنا بتقوية الآلة التطبيقية وبالتالي جددنا وهيكلنا كل القطاعات الحزبية وأصبح هناك تنظيم قوي ومتواجد ويحسب له ألف حساب. ثم وضعنا آليات الاشتغال والتحضير للاستحقاقات المقبلة. من خلال لجان كلجنة الإعداد المادي ولجنة البرنامج الانتخابي. هاته الاخيرة ضمت العديد من الأطر الحزبية من الاخوة والاخوات بعد أن طرحنا عليهم المحاور الرئيسية للبرنامج الانتخابي. من قبيل تنمية المجال (المعمار والبيئة) الجانب الثقافي الاجتماعي، والمحور الثالث يهتم بتطوير الوضعية السياحية وتنويعها من خلال خلق فضاءات الترفيه ودعم مهرجان السينما بمارتيل في أفق خلق مهرجان مارتيل الكبير. ولأجل صياغة برنامج واقعي، قامت لجنة إعداد البرنامج الانتخابي بإعداد استمارة طبع منها 1500 نسخة قام بجمع المعلومات وملكها طلبة جامعيون (15 طالبا) وزعوا على مختلف أحياء المدينة. لأجل معرفة الاجتياحات والانتظارات الحقيقية للمواطن المرتيلي. والآن وصلنا الى مرحلة تفريغ المعطيات بطرق علمية. والأخت المسؤولة عن هاته المهمة هي خريجة جامعة الأخوين. متخصصة في هذا المجال، وهي عضوة مكتب الفرع الحزبي والقطاع النسائي الاتحادي.