كثرت الأحاديث مؤخرا في أوساط الرأي العام بمدينة الفنيدق عن صفقة فوتتها بلدية المدينة لإحدى الشركات من أجل بناء ثلاث مراحيض عمومية بكورنيش الريفيين بمبلغ خيالي يثير عدة شكوك وشبهات، خاصة حين تم إقصاء شركتين تقدمتا بمبلغ يقل بكثير عن المبلغ الذي تقدمت به الشركة الفائزة بالصفقة.. هذه الصفقة التي تحمل رقم 16/2012 تم إسنادها لشركة تحمل اسم "شركة ستيباط ش.م.م" بمبلغ 374 ألف و400 درهم، لبناء ثلاث مراحيض عمومية لا تتجاوز مساحتها الإجمالية 69 مترا مربعا (23 مترا مربعا لكل مرحاض)، وبعملية حسابية بسيطة يتبين أن تكلفة المتر المربع الواحد تناهز 5426 درهما، وهو مبلغ جد خيالي يؤكد بالملموس مدى نبذير المال العمومي الذي تشهده هذه البلدية، كما يثير عدة تساؤلات حول كيفية إسناد هذه الصفقة للشركة المذكورة، خاصة وأن هذه الصفقة تنافست حولها ست شركات، اثنتان منها تقدمتا بمبلغ منخفض ومعقول، وهما على التوالي، "شركة يوطراف ش.م.م" التي تقدمت بمبلغ 241 ألف و920 درهم، و"شركة طوهينام ش.م.م" التي تقدمت بمبلغ 153 ألف درهم، وتم إقصاؤهما في ظروف مبهمة دون تقديم أي توضيح في هذا الشأن، حتى يتسنى لمواطني المدينة معرفة الطريقة التي يتم بها صرف أموالهم من طرف من ائتمنوهم على ذلك. هذا، إذا علمنا أن الفصل 40 من قانون الصفقات العمومية ينص على أن اللجنة المكلفة بانتقاء الشركة التي تسند لها الصفقة، حين تكون المبالغ المقترحة من طرف الشركات المتنافسة متفاوتة، فإنها تكون مخيرة بين أمرين، إما أن تطلب تبرير الأثمنة أو أن تقصي المتنافسين لعدم اقتناعها بالأثمنة، وهذا الأمر لم يتحقق بخصوص هذه الصفقة، حيث أن اللجنة المكلفة بها لم تطلب من الشركات المتنافسة تبرير أثمنتها، ليبقى التساؤل القائم هو: على أي أساس استندت عليه اللجنة لتقوم بإقصاء الشركتين المذكورتين اللتان تقدمتا بمبلغ يقل بكثير عن الشركة الفائزة ؟؟ وحسب بعض الخبراء في هذا المجال، فإن المبلغ الذي تقدمت به "شركة يوطراف ش.م.م" والمحدد في 241 ألف و920 درهم، يبقى ثمنا معقولا ومناسبا لهذه الصفقة، متسائلين في الوقت نفسه عن كيفية إسناد الصفقة المذكورة لشركة اقترحت مبلغا خياليا، مؤكدين أن هذا المبلغ يتجاوز حدود المعقول ولا يصدقه أي عقل أو منطق.. هذا الأمر أثار سخط واستنكار فئة واسعة من ساكنة مدينة الفنيدق وفعالياتها المحلية التي رأت في هذا التصرف الفج الذي أقدمت عليه بلدية مدينتهم هو بمثابة استبلاد لعقول مواطنيها واستفزاز واضح لمشاعرهم وتلاعب سافر بأموالهم العامة، محملين في هذا السياق كامل المسؤولية لنائب الرئيس المكلف بالأشغال والصفقات العمومية الذي تحول في ظرف وجيز، حسب ما أكدوه لنا، من "بائع للبيض بالتقسيط ثم مهاجر سري بإسبانيا إلى سندباد يجول قارات العالم ورجل أعمال يتقاسم مع قارون صفة الثراء الفاحش.."، وذلك بفضل ولوجه المجلس البلدي للفنيدق واعتلائه لكرسي المسؤولية به على ظهور بسطاء المدينة الذين صدقوا يوما وعوده المعسولة فمنحوه أصواتهم الانتخابية ليدير ظهره لهم ويستغل ذلك في خدمة مصالحه الشخصية…، إلى جانب رئيس المجلس البلدي للفنيدق الذي يتحمل بدوره المسؤولية القانونية في هكذا تلاعبات واستهتارات بأموال الشعب ومصالح المدينة وقاطنيها. ومن جانب آخر، وفضلا عن الضجة التي أثارتها هذه الصفقة المثيرة للجدل في أوساط الرأي العام بمدينة الفنيدق، فإن ساكنة هذه المدينة أبوا إلا أن يتهكموا عليها بطريقتهم الخاصة، واصفين تلك المراحيض المزمع تشييدها ب"المراحيض الذهبية"، وأن "مدينة الفنيدق ستحظى بشرف أن تكون أول مدينة عالمية تشيد بها مراحيض من الذهب والماس"، نظير المبلغ الخيالي الذي خصص لبنائها..!!