تساءل علي أنوزلا "هل فشل بنكيران؟" وهو تساؤل يحمل في طياته الإجابة عنه. أو كما يقول الأصوليون "الحكم على الشيء فرع عن تصوره"، وماذا ننتظر من أجوبة لدى علي أنوزلا وقد حرض مرارا على الفوضى وكان ذات وقت يختتم مقالاته "الثورة قادمة لا شك في ذلك"، ولما لم تقدم الثورة التي عوّل عليها كثيرا والتي كان يطمح أن يكون أحد وجوهها عاد ليستجدي حزب العدالة والتنمية ليخرج للشارع لتحقيق مطامح على أنوزلا. قبل أن يجيب أنوزلا عن سؤاله السالف الذكر تحدث عن نجاحات بنكيران ومنها أنه استطاع جر جزء من الإسلاميين إلى العمل السياسي، ناسيا أن الحزب المذكور تأسس في منزل الدكتور الخطيب، حيث تحقق بذلك هدفان، الهدف الأول هو رغبة من كان يرغب في إدماج هؤلاء ألا وهو إدريس البصري الذي حرم الحزب من اسم النهضة، وناسيا أن الخطيب أدمجهم عقابا للعدل والإحسان التي ركبت رأسها وتنطعت كثيرا حتى فاتها الركب، والثاني رغبة الإخوان المسلمين، الذين كانوا يعتبرون الخطيب أحد رجالاتهم، وشهدوا إدماج بنكيران ومجموعته في حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية وصادق على ذلك صالح أبو رقيق مسؤول بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وحسب أنوزلا فإن بنكيران نجح في أن يكون أول زعيم إسلامي يقود حكومة في المغرب، ونجح في فرض أسلوبه في التدبير والتواصل مما أكسبه عطف فئات واسعة من الشعب المغربي. ناسيا أن بنكيران جاء في ظروف خاصة يعلم بها القاصي والداني وأن الشعب لم يتعاطف معه وإنما صوت عقابيا على الأحزاب التي سبقته في تدبير الشأن العام أما بعد رئاسته الحكومة فهناك فئة تصدق كلامه عن العفاريت والتماسيح وفئة تعتبره دمر البلد.
أما المضحك في مقال أنوزلا هو قوله" ونجح في تمرير قرارات صعبة (الزيادات في أسعار المحروقات والشطب على جزء كبير من ميزانية الاستثمار العمومية)". فهذا الأمر مثير للسخرية. لأن ما قام به بنكيران ليس نجاحا وإنما جرأة على ما هو اجتماعي لم تستطع الأحزاب الأخرى القيام بها لأنها مضرة بالفئات الفقيرة والمتوسطة. وأبسط ما يمكن أن يقوم به رئيس حكومة هو الزيادة في الأسعار ووقف الاستثمار الذي قتل الاقتصاد الوطني. نجاح بطعم الخراب يا علي أنوزلا.
وبعد أن يتحدث علي أنوزلا عن ترقيع الحكومة من خلال ضم حزب التجمع الوطني للأحرار للأغلبية أو الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها يقول أنوزلا "لكن، مقابل هذين الخيارين اللذين يكبل بهما إخوان بنكيران حركتهم، هناك خيار ثالث لا يتحدثون عنه: إنه خيار النزول إلى الشارع وفرض شروط جديدة للعبة السياسية تعيد النظر في الوثيقة الأساسية التي تنظمها: الدستور، وتعيد النظر في القانون الانتخابي ونمط الاقتراع، والاقتطاع الانتخابي، حتى تكون الانتخابات فعلا آلية ديمقراطية لإنتاج مؤسسات ذات مصداقية تمثل أغلبية الشعب".
عفوا لا تكذب على القارئ إنهم يتحدثون عنه. فلقد قال بنكيران أخيرا في مجلس المستشارين أثناء الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة إنه إذا فشل الإصلاح (من منظوره طبعا) سينزل للشارع. لقد أصبح الشارع لعبة الفاشلين في هذا البلد. فما معنى الخروج للشارع وأنت بيدك حكومة بصلاحيات واسعة؟ أليس ذلك دليلا على عدم القدرة على تدبير الشأن العام؟ فهل سيقول بنكيران للشعب إن العفاريت والتماسيح هي التي أمرتني بالزيادة في أسعار المحروقات؟ هل العفاريت والتماسيح هي التي أمرت بنكيران بتجميد ميزانية الاستثمار؟