نهنئ عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة بعيد رأس العام، نهنئه مضطرين لأننا نعرف أن زعيم التوحيد والإصلاح الوهابية لا يرغب في التهنئة بأعياد النصارى، التي يعتبرها منكرا وبدعة من المنكرات التي تبناها المسلمون في العصر الحاضر وهي من باب تقليد المشركين، لكننا نهنئه لأنه اليوم رئيس الحكومة التي تم انتخابها بأدوات مدنية وعلى رأسها ديمقراطية الاقتراع. نهنئ بنكيران ب"المنجزات" التي حقق والتي لم يسبقه إليها أحد، ونهنئه بالمفاجأة السارة التي قدم للشعب المغربي بمجرد وصوله إلى رئاسة الحكومة، ولم تكن لأحد الجرأة لاتخاذ مثل قراراته الشجاعة، ولم يستطع البصري أن يكون شجاعا مثله، حيث اتخذ قرار الزيادة في أسعار المحروقات التي ستتلوها رفع الدعم عن المحروقات، لأن بنكيران ليس مستعدا لأداء ثمن فارق البنزين لأصحاب السيارات الخاصة، ومن غير المقبول لدى بنكيران أن يتمتع المغاربة وأن يركبوا السيارة ويأكلوا الحلويات، فالسكر للشاي فقط والبنزين للنقل العمومي، رغم أن صاحب رئاسة الحكومة يتنقل بسيارات الدولة التي يؤدي ثمن بنزينها المواطنون دافعو الضرائب ويتوفر في "كراج" فيلته الفخمة على سيارات فارهة من نوع الميرسيديس والكات كات . نهنئ بنكيران لأنه اعترف بأن حزبه "ما باغيش يدير لخاطر للمواطنين"، بمعنى أنه قادر على الانتقام ممن صوتوا له، وفي الانتخابات المقبلة هو بمستطاعه استعارة خطاب آخر لجلب ناخبين آخرين. نهنئ بنكيران لأنه ولأول مرة نسمع رئيسا للحكومة يتبنى خطابا جديدا، خطابا استعمل فيه أدوات البلاغة من تشبيه واستعارة ومخالفة لكن بشكل ركيك. ناسيا أن الاستعارة والتشبيه في الخطاب السياسي هي أدوات للإقناع فلابد أن تميل إلى البرهان، لكن بنكيران اقترب كثيرا من الاستعارة المضحكة كما هي مستعملة في الكوميديا وأحيانا يقترب من الاستعارة المبكية كما هي في التراجيديا. نهنئ بنكيران لأنه رئيس حكومة "جبهتو قاسحة"، وعد فأخلف، ويا ويل من أخلف الوعد أمام الله والشعب، ولأنه تقدم بحوالي ألف وخمسة إجراءات قال إنه سيطبقها إذا صوت له المغاربة، وبعد أن نجح وضع مثلها في الاتجاه المقابل وبدأ في تطبيقها. نهنئه لأنه وعد المغاربة بالشغل فقرر إلغاء التشغيل المباشر للأطر العليا، ووعد بالزيادة في الأجور فقرر الاقتطاع من أجور الموظفين في حالة الإضراب، ووعد بحد الأدنى للأجر لا يقل عن ثلاثة آلاف درهم فقرر زيادة 100 درهم، وقرر كثيرا وفعل ضده أكثر. نهنئ بنكيران لأنه غير موازين العمل السياسي وتحول النظام الديمقراطي في عهده من حكومة أغلبية تدير دفة الشأن العام ومعارضة تراقب عمل الحكومة، إلى حكومة حزبه من غير أوصاف أما المعارضة، وفي إطار التشبيهات والاستعارات الركيكة، فهي تماسيح وعفاريت تكون معها الحلول رقى وبخور وتعويذات وليس برنامجا اقتصاديا. ونهنئ بنكيران لأنه فرض نفسه على المغاربة رغم أن حضوره ثقيل على نفوسهم. استحق بنكيران التهنئة لأنه يصور الفشل انجازا عظيما.