"وشهد شاهد من أهلها" .. هذا هو حال حكومة بنكيران بعد صدور تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول الآثار السلبية لقرار الزيادة في ثمن المحروقات. فعندما انتقدنا القرار اتهمنا البعض بالمزايدة السياسية، لكن بعد صدور تقرير عن هيئة حكومية ابتلع الجميع ألسنتهم. فقرار الزيادة ليس له أي تبرير لأنه ضرب الطبقة المتوسطة في العمق ولمس مركز سلسلة الانتاج بالنسبة للاقتصاد. لنبسط الأمور : الزيادة في أسعار البنزين تعني الزيادة في كلفة الإنتاج بالنسبة لجميع قطاعات الاقتصاد الوطني، وتعني كذلك الزيادة في جميع الأثمنة الأخرى لأن ثمن نقل الأشخاص والبضائع سيرتفع. هذه الآثار السلبية عادية ومتوقعة ولا تحتاج لتحليل عميق لنلمسها لأن المواطن لمسها بنفسه ابتداءً من اليوم الموالي ليوم اتخاذ القرار، وهذا ما أكده تقرير المندوبية السامية للتخطيط بشكل علمي ومفصل. المندوبية تتوقع في تقريرها تراجع الاستثمار بنسبة 0,59% سنة 2012 و1,66% سنة 2013 و2,45% سنة 2014 و2,79% سنة 2015, فيما سيتراجع الناتج الداخلي الخام ب0,39% سنة 2012 و0,74 سنتي 2013 و2014 و0,72% سنة 2015. الصادرات لن تسلم من تأثير هذا القرار بحيث ستتراجع بنسبة 0,11% سنة 2012 و0,22% سنة 2013 و0,23% سنة 2014, أما الأسعار فسيرتفع بنسبة 1,27% سنة 2012 و1,90% سنة 2013 و1,33% سنة 2014 وبالتالي ستتراجع القدرة الشرائية للمغاربة بنسبة 0,98% سنة 2012 و1,53% سنة 2013. التقرير يشير كذلك إلى التأثير السلبي للقرار على التشغيل حيث سيؤدي القرار إلى فقدان 8430 منصب شغل سنة 2012 و19220 منصب شغل سنة 2013 و19850 منصب شغل سنة 2014. كل هذا وما زال السيد بنكيران ووزرائه يحدثونا عن استفادة الفقراء من القرار وأن السيد بنكيران اتخذ قراره كرب أسرة مسؤول يعرف مصلحة ابنائه ويقرر مصيرهم دون الحاجة في التشاور معهم. وفي محاولة منه للتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إليه بدأ السيد رئيس الحكومة في الحديث عن الرفع من الحد الأدنى للمعاشات ليصبح 1000 درهم، لكن الشيء الذي نسيه السيد بنكيران أو تناساه هو أن هذا القرار تم الحسم فيه خلال الحوار الاجتماعي في الحكومة السابقة، ونص عليها اتفاق 26 أبريل 2011، حيث تقرر الرفع من الحد الأدنى من 600 درهم إلى 1000 درهم، ودخلت حيز التنفيذ قبل مجيء حكومة بنكيران، وبأثر مالي من 1 ماي 2011، وصدرت المراسيم التطبيقية في شانها في الجريدة الرسمية، وصرفت الزيادة للمتقاعدين بالقطاع العام، وبالقطاع الخاص صرفت من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولا يد بيضاء لحكومة بنكيران في ذلك. بمعنى آخر، السيد رئيس الحكومة إما أنه يستغبي المغاربة بعد ما أخلف وعوده الانتخابية بإيصال الحد الأدنى للأجور ل 3000 درهم والحد الأدنى للمعاشات ل1500 درهم، أو أن رئيس الحكومة لا علم له بقرار الحكومة السابقة وهو في كلا الحالتين في وضع حرج. فالبنسبة للوعود الانتخابية نقول له "هادي كدبة باينة" وبالنسبة لقرار المعاشات نقول له "هادي كدبة كاينة".