في عز الأزمة المغربية الاسبانية، وعقب انسحاب إيغليسياس بعد هزيمته الكبيرة أمام اليمين في الانتخابات الإقليمية التي جرت في مدريد في 4 ماي المنصرم، فضل حزب بوديموس اليساري الشعبوي، الهروب إلى الأمام من خلال تنظيم قافلات مساندة لمرتزقة البوليساريو عبر كل التراب الاسباني، على أن تختتم يوم السبت 19 يونيو الجاري بمسيرة ستجوب شوارع العاصمة مدريد. حزب بوديموس الشعبوي، يرغب من خلال هذه الاستفزازات الصبيانية الضغط على حليفه الاشتراكي الذي يقود الحكومة وتعقيد وضعه المتأزم مع المغرب، من خلال دعوات تهدف إلى الحيلولة دون مراجعة حزب بيدرو سانشيز لموقفه من الصحراء المغربية. وأعاد الحزب رفقة حركة اليسار الموحد ترديد الاسطوانة المشروخة لمرتزقة البوليساريو، حول تقرير المصير والشعارات الكاذبة التي يكشف البصمة الخبيثة لجنرالات الجزائر، الذين نجحوا في اختراق الطبقة السياسية الاسبانية وجعلها تتبنى أكاذيبهم ومغالطاتهم بشأن وحدة المغرب الترابية، متناسين موقف المملكة من المحاولات الانفصالية بكاتالونيا والباسك ...إلخ. بشعاراته وممارساته هذه، يؤكد حزب بوديموس الشعبوي، ومعه كل التيارات اليسراوية في اسبانيا، أن الفكر الاستعماري البغيض لا يزال يسيطر على العقول في الجارة الشمالية وأن آثار المرحلة الفرانكوية لاتزال جاثمة على قلوبهم العنصرية، وأن كل الشعارات الرنانة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان ليست سوى للاستهلاك. إن آخر من يمكنه الحديث عن قيم الإنسانية والديمقراطية ودولة الحق والقانون هم الاسبان، خاصة هذه الفئة التي ينتمي إلها بوديموس، لأنهم بلادهم لاتزال تحتل مدينتي سبتة ومليلية والعديد من الجزر المغربية، كما أنها المسؤولة المباشرة عن اختلاق النزاع المفتعل في الصحراء المغربية بسبب عدم وضوحها وعدم حسم موقفها وإقرارها بمغربية الصحراء التي اقتطعتها من المملكة في خضم اقتسام الكعكة بين الدول الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر.