تضامنا مع حراس الأمن المضربين ببني ملال.. نقابة تحتج للمطالبة بإنهاء معاناتهم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الشركات تتوقع تزايدا في نشاط قطاع البناء مع مطلع هذا العام    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    تقارير استخباراتية: واشنطن تقترب من تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    الجامعة تنظم دوريا دوليا ل"الفوتسال" بمشاركة المنتخب المغربي والبرتغال والصين وأفغانستان    البطولة: مباراتا السوالم مع آسفي والجيش الملكي مع الزمامرة بدون جمهور    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    البيض ماكلة الدرويش.. تا هو وصل لأثمنة غير معقولة فعهد حكومة أخنوش.. فين غاديين بهاد الغلاء؟ (فيديو)    المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يعقد اجتماعا برئاسة شي جين بينغ لمناقشة مسودة تقرير عمل الحكومة    الكاف : إبراهيم دياز السلاح الفتاك للمغرب وريال مدريد    نايف أكرد على رادار مانشيستر يونايتد    ضربة قوية في مسار احتراف أنس الزنيتي بالإمارات … !    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    أمطار رعدية في توقعات طقس الخميس    حادث سير يكشف عن شحنة كبيرة من المخدرات ضواحي تزنيت    والي مراكش يترأس الاجتماع الأول للجنة الإقليمية للتنمية البشرية برسم سنة 2025    كيوسك الخميس | تعاون قضائي بين المغرب وإسبانيا لإنجاح مونديال 2030    تقرير أممي يحذر من خطورة انتشار المخدرات الاصطناعية على البشرية    المغرب حصن عزة وتلاحم أبدي بين العرش والشعب أسقط كل المؤامرات    أيلون ماسك يستثمر في الصحراء المغربية    التأكد من هوية الشاب المغربي الذي عُثر عليه في البحر قبالة سبتة المحتلة    المملكة العربية السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    دي ميستورا يبحث تطورات قضية الصحراء المغربية مع خارجية سلوفينيا    المغرب والسعودية يعززان التعاون الثنائي في اجتماع اللجنة المشتركة الرابعة عشر    الوقاية المدنية تتدخل لإنقاذ أشخاص علقوا داخل مصعد بمصحة خاصة بطنجة    أوزين: عدم التصويت على قانون الإضراب مزايدة سياسية والقانون تضمن ملاحظات الأغلبية والمعارضة    لهذه الاسباب سيميوني مدرب الأتليتيكو غاضب من المغربي إبراهيم دياز … !    صرخة خيانة تهز أركان البوليساريو: شهادة صادمة تكشف المستور    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    الاستثمار السياحي يقوي جاذبية أكادير    الكاف يشيد بتألق إبراهيم دياز ويصفه بالسلاح الفتاك    فاس تُضيء مستقبل التعليم بانضمامها لشبكة مدن التعلم العالمية    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    حدود القمة العربية وحظوظها…زاوية مغربية للنظر    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعامل البليد مع حدث سياسي من صنع حزب تليد: موقع "لكم" نموذجا.
نشر في تازة اليوم وغدا يوم 10 - 10 - 2013


======
دأبت بعض الأقلام وبعض الصحف (المكتوبة منها والإليكترونية) التي تدعي الاستقلالية على نفث سمومها وتفريغ غلها وحقدها على الاتحاد الاشتراكي (لأسباب نجهلها) بمناسبة وبدون مناسبة؛ وهكذا تلجأ، تارة، لاختلاق الأحداث وابتداع الأكاذيب للنيل من هذا الجهاز أو ذاك أو من هذا المسئول أو ذاك؛ وتلجأ، تارة أخرى، إلى النفخ في بعض الجزئيات أو بعض ا"الأحداث" الهامشية لتجعل منها مشكلا داخليا عضالا يهدد الحزب بالانفجار، بل وبالانقراض؛ كما أنها تتعمد، في تناولها لتظاهرات الاتحاد الاشتراكي، سواء كانت تنظيمية أو إشعاعية، أن تتجاهل النجاح الذي تحققه تلك التظاهرات، لتركز كل اهتمامها على أشياء تافهة، قد تكون وقعت على هامش التظاهرة والتي لا دخل للحزب فيها، لتجعل منها الموضوع الرئيسي لصفحتها الأولى. وهي بهذا السلوك، تجسد، فعليا، الخاصية المميزة لما يعرف بصحافة الرصيف التي تغيب فيها أخلاقية المهنة ويحضر فيها التدليس والافتراء والتحامل واختلاق الأكاذيب واصطناع الإثارة، الخ.
وقد تأكد هذا التوجه، مرة أخرى، في التعامل مع التجمع الاتحادي الاحتجاجي "ضد الابتزاز السياسي والتفقير الاجتماعي" ليوم السبت 5 أكتوبر ، إذ لم تشذ المنابر المعلومة عن القاعدة في قلب الحقائق وتزويرها، وإن كان البعض منها، في خبث بين، يحاول، كمن يدس السم في العسل، أن يوهم الناس بأن كل معاول الهدم التي يستعملها ضد الاتحاد ما هي إلا من باب الغيرة على تاريخ هذا الحزب والقلق على مستقبله. ففي الوقت الذي حظي فيه الحدث باهتمام وطني ودولي واسع، عَكَسَ حجم النجاح الكبير الذي حققته التظاهرة، راحت بعض المنابر تبحث عن تقزيم هذا الحدث والتشويش عليه بأساليب أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير مهنية وغير موضوعية وغير أخلاقية. وقد اخترنا موقع "لكم" كنموذج لمنبر إعلامي أظهر، من خلال تناوله للحدث، أنه يناصب العداء لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقد كان هذا الاختيار لاعتبارين أساسيين: الاعتبار الأول يتعلق بالمكانة المحترمة التي أصبح الموقع يحتلها في المشهد الإعلامي المغربي؛ والاعتبار الثاني يرتبط بعدم احترام هيئة تحرير هذا الموقع للبند الأول من ميثاق خط التحرير الخاص به، والمتعلق بمعيار الموضوعية والمهنية؛ المعيار الذي انتفى كليا في تناول الموقع لحدث الخامس من أكتوبر 2013.
وما كنت لأعير الاهتمام لمثل هذا السلوك، لو أن الأمر يتعلق بموقف أشخاص وليس بموقف المؤسسة الإعلامية. فما كتبه "حميد المهدوي" عن المهرجان الشعبي الاحتجاجي الذي نظمه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، يوم 5 أكتوبر 2013، تحت شعار "ضد لابتزاز السياسي وضد التفقير الاجتماعي"، ما كان ليستحق مني الرد والتوضيح (خاصة وأن التغطية، إلى جانب غياب المهنية والموضوعية، تشكو من ضعف كبير في البناء وفي التركيب وفي الأسلوب) لو لم يكن قد تكلم باسم الموقع. فمن خلال العنوان ("مشاركون في مهرجان لشكر: جئنا لأنهم أقنعونا بأن السي لشكر كلمته مسموعة في الرباط وهو من سيعيد لنا أرضنا") الذي اختاره الصحافي لمكتوبه، يتضح أن هدف التغطية ليس سوى النيل من النجاح الباهر الذي حققه هذا المهرجان.
والحق يقال، فالموقع لا ينفرد بهذه الرغبة والإرادة في تبخيس كل خطوة يقدم عليها الاتحاد الاشتراكي. فهناك منابر أخرى نعرفها، لعبت ولا زالت تلعب الأدوار الموكولة إليها من قبل الجهات التي تقف وراءها، والتي تستهدف الاتحاد بنشر الإشاعة والأخبار الكاذبة حول قيادييه وهيئاته. وجريدة "المساء" هي من المنابر التي تفننت، ولا زالت، في الافتراء على الاتحاد والتحامل عليه. ولا غرابة في أن يستعين موقع "لكم" بخدمات هذه الجريدة، فيستفيد من عمود "مع قهوة الصباح" ليوم الاثنين 7 أكتوبر 2013، ليضع عنوانا عريضا لمانشيت سماه "افتتاحيات الصحف المغربية/ الاتحاد الاشتراكي فقد مقومات الحزب الوطني والتقدمي".
يتحدث موقع "لكم" عن مهرجان "لشكر" وليس عن مهرجان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ وهذا فيه ما فيه من الخبث ومن نية الإساءة للحزب ولكاتبه الأول. ثم إن هذا العنوان يريد أن ينال من مصداقية المسئولين الحزبيين بالجهات والأقاليم بإيهام القارئ بأنهم استعملوا مع المواطنين أساليب تدليسية لاستقدامهم للرباط. وفي هذه النقطة بالذات، تلتقي القلوب المريضة بالغل والحقد (والحقد، كما هو معلوم، يعمي البصيرة)، فينتج أصحابها خطابا يطفح بالغباء ويقطر بالبلادة، تعبيرا وبناءا. وهكذا، مثلا، يلتقي "المهدي الوافي" من موقع "أخبارنا المغربية" مع "حميد المهدوي" الذي اتخذناه نموذجا للتعاطي البليد مع حدث تاريخي موثق بالصورة والصوت، لن تفلح الأقلام الحاقدة في تقزيم إشعاعه و في النيل من نجاحه أو إطفاء جذوة الأمل التي أوقدها في قلوب الاتحاديات والاتحاديين الذين استعادوا، بنجاح هذا المهرجان، الأمل في حزبهم وفي المستقبل وفي الجماهير. وحتى يتبين القارئ مستوى الخطاب الذي نحن بصدده، نورد هذه الفقرة من نص صغير كتبه "المهدي الوافي" (موقع أخبارنا المغربية) بعنوان: "مهزلة تظاهرة الاتحاد الاشتراكي: مشاركون يعترفون بأنهم قدموا لأن لشكر سيحل كل مشاكلهم الشخصية": "فحسب تصريحات مجموعة من المشاركين في الحدث ، فإنهم لا ينتسبون لحزب الاتحاد الاشتراكي ولا يمتون له بصلة، فقد حضروا من قراهم النائية المنسية لأن منتخبي الحزب هناك وعدوا العاطل منهم بفرصة عمل ، والمريض منهم بسرير للعلاج، وصاحب نزاع حول أرض بإعطائه حقه وإعادة أرضه. فقد أقنعوهم، لبساطة منطقهم، بأن ادريس لشكر كلمته مسموعة وبجرة قلم سيحقق مرادهم عندما يلتقون به وجها لوجه، وبالتأكيد عند وصولهم إلى الرباط لم يجدوا لا منتخبيهم ولا ادريس لشكر في استقبالهم".
شخصيا، لا علاقة لي، مهنيا، بالصحافة وليست لي دراية بقواعدها وأساليبها ومناهجها؛ لكني أميز، جيدا، بين الإبداع والضحالة وبين التناول الذكي والتناول الغبي للمواضيع المطروقة. وكم يؤلمني أن ينتسب المتطفلون والمروجون للسخافات إلى الجسم الصحفي وإلى مهنة المتاعب التي يسيئون إليها ويجعلون من السلطة الرابعة مجالا لتصريف الأحقاد والضغائن، لكن بغباء يفضح خواء أصحابه وتفاهتهم وضحالة تفكيرهم. فمن يصدق بأن العاطل الذي قدم إلى الرباط يوم السبت الماضي، جاء إلى المهرجان بحثا عن فرصة عمل والمريض جاء بحثا عن سرير للعلاج وصاحب نزاع حول أرض جاء بحثا عن استرجاع أرضه بمجرد الالتقاء وجها لوجه مع "إدريس لشكر"، صاحب "الكلمة المسموعة بالرباط"؟ وهل يعي محرر هذه التراهات وهذه التفاهات ما يقول حين يختم كلامه بعدم وجود "إدريس لشكر" في استقبال هؤلاء؟ هل يمكن لعاقل أن يقول مثل هذا الكلام؟ وما دام قد قيل ومن قبل المحسوبين على الإعلام، فهل يمكن لعاقل أن يصدقه؟
ويؤسفني أن أصف مثل هذا الأسلوب بالبليد لأنه ينتج خطابا يفتقد إلى الحد الأدنى من المقومات التي يجب أن تتوفر في كل نص موجه لقارئ مفترض ينتظر أن تُقدم له مادة مُرضية ومقبولة شكلا ومضمونا. ف"نص" "حميد المهدوي"، الذي اتخذناه "نموذجا"، يمكن أن نطلق عليه أي اسم، إلا اسم مقال صحفي لكونه، من حيث التركيب والتعبير، ركيكا ومهلهلا، ومن حيث المحتوى، مليئا بالمغالطات والافتراءات وتزوير الحقائق… في تنكر تام لأخلاق المهنة وفي غياب مطلق للمهنية. ومن مظاهر غياب المهنية، جعل الكلمة والصورة في تناقض، إذ "النص" يتحدث عن أفراد (حوالي ستة حسب الصحافي) كلهم بجلابيب وقبعات بيضاء تعلو رؤوسهم (مما خلق أفق انتظار عند القارئ)، بينما الصورة المصاحبة لهذا الحديث، هي صورة التقطت من وسط المهرجان، أغلب الوجوه التي تظهر فيها شابة تتوسطهم لافتة كتب عليها:" نطالب بالإفراج الفوري عن علي أنوزلا". وبمعنى آخر، فإن القارئ لم يكن ينتظر هذه الصورة وإنما صورة أولائك الشيوخ الذين أثار مشهدهم مبعوث "لكم" وهم يستعجلون أحد أعضاء الحزب لترتيب لقاء لهم مع "لشكر"، فسأل أحدهم عن مشكلتهم فيرد الشيخ بوجه تغطيه التجاعيد ويطفح غضبا: "نحن من مدينة آزرو، لنا مشاكل مع مندوبية المياه والغابات حول أراضينا، أحد الاتحاديين أقنعنا بأن قائدهم (كذا) لشكر هو من سيحل لنا مشاكلنا ويعوضنا عما لحقنا من ظلم من طرف مندوبية المياه والغابات لهذا جئنا إلى هنا". إذن لستم اتحاديين ولا علاقة لكم بالسياسة؟ يسأل الموقع، فيرد الشيخ: نحن لا علاقة لنا بهذا الحزب جئنا فقط كي يتوسط لنا السي إدريس (كذا) كما وعدنا الشخص الذي أتى بنا".
كلام الموقع يهدف، من بين ما يهدف إليه، إلى شيئين أساسيين: يريد أن يثبت أن الذين حضروا لمركب مولاي عبد الله هم ليسوا اتحاديين وأن حضورهم ليس اقتناعا بالحزب، بل حضروا بدافع المصلحة الشخصية، ليكتشفوا، في النهاية، أنه قد غرر بهم. مثل هذا الكلام قد ينطلي على بعض السذج؛ وسيجد، حتما، طريقه إلى القلوب الحانقة والمناصبة العداء لحزب الوردة. لكن بلادة التعامل مع الموضوع وطريقة تصريف العداء ضد الاتحاد، تجعل اللبيب يكتشف بسرعة الأهداف الحقيقية (الخبيثة طبعا) التي تحرك هذا الصنف من الصحافيين. فالسؤال الذي استنتجه الموقع من كلام شيوخ آزرو: "إذن لستم اتحاديين ولا علاقة لكم بالسياسة؟"، فيه جهل أو تجاهل للنداء الذي وجهه الحزب إلى "عموم المواطنات والمواطنين للمشاركة المكثفة في التظاهرة الاحتجاجية (…) من أجل تأكيد الرفض الشعبي لسياسة التفقير الاجتماعي والابتزاز السياسي التي تمارسها الحكومة الحالية". لكن السؤال الموالي للموقع والجواب عليه يوقع المتكلم والمخاطب (المفترض طبعا، لأنه لا ثقة في مثل هذه المنابر) في الكذب الصراح. "وكم عددكم هنا"؟ يسأل مرة أخرى الموقع فيرد الشيخ: "القبيلة كلها تقريبا جات". وحتى لا نصف الجواب بالبليد (وإن كانت بلادة الجواب من بلادة السؤال)، نقول: إذا كانت "القبيلة كلها تقريبا جات"، فلا بد أن يكون حضورها متميزا في المهرجان؛ ولا بد أنها استعملت، للوصول إلى الرباط، عددا مهما من وسائل النقل، الخ… لكن،حسب علمي، فإن إقليم آزرو- يفران، شارك في التظاهرة بحافلتين لا ثالثة لهما: حافلة انطلقت من مدينة آزو وأخرى من قرية عين "اللوح". وبما أن الاتحاد يتوفر على فرع حزبي ب"عين اللوح" (مما يعني وجود عدد لا يستهان به من المناضلين)؛ وبما أن الشيوخ الذين تحدث عنهم الموقع هم من "عين اللوح" وليس من مدينة آزرو (كما جاء في التغطية)؛ وبما أن الحافلة لا تقل أكثر من 50 شخصا، فالسؤال هو: كيف انتقلت القبيلة المفترى عليها إلى مركب مولاي عبد الله؟
لكن ما سيتلو هذا الهراء، هراء أكبر منه، تطفح منه البلادة في كل شيء: في العنوان الذي تحمله الفقرة ("لقد خذلونا") وفي صيغة الأسئلة والأجوبة. وحتى لا نصادر حق القارئ في الحكم بنفسه على كلام الصحافي، نورد الفقرة المعنية كاملة: "خارج مكان المهرجان، أمام الباب الرئيسي لمركب الأمير محمد بنعبد الله(كذا)، يقف شابان في عقديهما الثاني."من أي فرع جئتم؟ ومن أجل أي غاية أنتم هنا؟" يسأل الموقع، فيرد أحد الشابين: نحن من دوار "ولادعبو" التابع لمدينة سطات، لا علاقة لنا بهذا الحزب، نحن نعاني من البطالة الشديدة والفقر وتفشي المخدرات والجريمة، جئنا هنا للتعبير عن هذا الواقع، بعد أن أقنعونا بأنهم سيُتيحون لنا فرصة الحديث عن مشاكلنا، لكننا فوجئنا بأنهم يمنعوننا من الحديث.
"هل حاولت أخذ الكلمة"؟ يسأل الموقع، فيرد الشاب:"نعم أردنا الصعود إلى المنصة لنقل مشاكلنا ولكن منعونا من ذلك". "وكم عددكم" ؟ "جئنا في حافلة بها زهاء 50 شخصا، 30 منا، لا علاقة لهم بالحزب جاؤوا فقط للتعبير عن واقعهم بعد أن تلقوا وعدا، هناك بالدوار، بإتاحة هذه الفرصة داخل المهرجان، ولكنهم خذلونا".
لن ألوم الشاب الذي نسب إليه الكلام في هذه الفقرة على جهله بتنظيم المهرجانات وجهله بوظيفة المنصة؛ وإن كان هذا الجهل يعكس، في الواقع، جهل الصحافي الذي صاغ أسئلته ببلادة واختار لها أجوبة أكثر بلادة.
وهذا التعامل البليد مع الحدث سوف ينعكس حتى على "حضور" مؤسس موقع "لكم" بالمهرجان. لقد كان الصحافي"علي أنوزلا"، المعتقل بتهمة التحريض على الإرهاب، حاضرا في المهرجان من خلال لافتة أوردنا صيغتها ومضمونها أعلاه. وما كان له أن يغيب عن مهرجان الاتحاد الاشتراكي الذي يعرف قيمة ما تحقق في مجال حرية التعبير وحرية الصحافة بفعل ما عاناه مع الأساليب القديمة وبفعل التضحيات الجسام التي قدمها قربانا لهذه الحرية (لا أدري إن كان صحافيو الحقد والغل يعلمون شيئا عن جريدة "التحرير"، وبعدها جريدة "المحرر" اللتين منعتا من الصدور وعانى صحافيوهما من كل أنواع القمع والقهر والاضطهاد). لكن لم يكن أبدا "أنوزلا" سيد المهرجان بلا منازع كما ادعى موقع "لكم"، بل كان مجرد ضيف تم الاحتفاء به من قبل الاتحاديات والاتحاديين على الطريقة المعهودة فيهم، والتي تتلخص في تضامنهم المبدئي مع كل صاحب مظلمة أو صاحب قضية؛ أما سيد المهرجان بلا منازع، فهو ذلك الحشد الهائل من المناضلات والمناضلين والمواطنات والمواطنين (ومن بينهم رجال المقاومة وجيش التحرير والمثقفون والفنانون والنقابيون وغيرهم) الذين حجوا إلى مركب مولاي عبد الله من كل جهات المغرب، والذي لم يشر إليه الموقع لا من قريب ولا من بعيد، في تعتيم بليد على مهرجان طبق إشعاعه الآفاق وجالت صوره المواقع والمحطات. في المقابل، مارس محرر المادة "الإخبارية" التدليس على القراء بجعله من لافتتين لافتة واحدة: "نطالب بالإفراج الفوري عن علي أنوزلا، نطالب بالملكية البرلمانية" عبارة مكتوبة على لافتة يحملها رفقة المحامي الحبيب حجي، عضو "اللجنة الإدارية" لحزب "الإتحاد الاشتراكي" عدد من الشباب وهم يجوبون بها أرجاء القاعة". وهذا كذب وبهتان وتزوير للواقع، ذلك أن الأمر يتعلق بلافتتين منفصلتين. كما مارس نفس الأسلوب مع الصور التي أثث بها تغطيته، إذ لجأ إلى تحجيم تلك الصور والاكتفاء بالإطار الضيق الذي تظهر فيه اللافتة التي تطالب بحرية "أنوزلا" ويظهر جانب ضئيل من الجمهور الذي حضر المهرجان.
وحتى لا نبخِّس عمل الرجل، نشير إلى أنه قام بمجهود، فأحصى عدد اللافتات التي فاقت، حسبه، 40 لافتة داخل المهرجان؛ إلا أنه لم يخف امتعاضه من محتواها، لأنها "تنتقد الأوضاع وتدين سياسة الحكومة في تدبير الشأن العام"، كما قال. وكأي تلميذ محدود الذكاء، لا يعرف التقيد بالموضوع ( ولذلك، ينال، دائما، نقطة ضعيفة في المواضيع التحريرية، التي يُرفقها الأستاذ بملاحظة: "خارج الموضوع" hors-sujet) تجاهل شعار المهرجان "ضد الابتزاز السياسي وضد التفقير الاجتماعي"، وراح يعدد المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لم ير لها وجودا في لافتات المهرجان، وكأن هذا المهرجان عقد لتقديم البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحزب، وليس للتنديد بالسياسة التفقيرية للحكومة وبأسلوبها في تدبير الشأن العام، الذي يسير بالبلاد إلى المجهول. وبهذا التعاطي مع الحدث، يكون الموقع كله "خارج الموضوع" (hors-sujet)…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.