يظهر أن عمود "من يوم لآخر" لجريدة "الاتحاد الاشتراكي" ليوم السبت 31 دجنبر 2011، الذي سفه ما كتبه "علي أنوزلا" في موقعه "لكم" حول تدخل القصر, ليس فقط في تشكيل حكومة الأستاذ عبد الإله "بنكيران"، بل وأيضا في تموقع حزب الاتحاد الاشتراكي في المعارضة، قد أفقد صاحب الموقع المذكور صوابه، مما جعله، فيما اعتبره "ردا" على تعليق جريدة "الاتحاد الاشتراكي"، يخبط خبط عشواء، وأصبح يهذي بكلام لا يسنده لا الواقع ولا التاريخ ولا المنطق. وبصفتي مناضلا اتحاديا (ولن أضع كلمة مناضل بين مزدوجتين كما فعل صاحب موقع "لكم" مع الكلمة ومشتقاتها في "رده" على "الاتحاد الاشتراكي") ولكوني عضوا بالصفة بالمجلس الوطني للحزب وحضرت الاجتماع الذي اتخذ قرار الخروج إلى المعارضة، فإني لا أملك سوى أن أقول لصاحبنا: "الله يلعن اللي ما يحشم". لقد سمح لنفسه أن يكتب بأن عبد الواحد الراضي يسوق "مناضلي"(كذا) حزبه إلى صفوف المعارضة، وكأن أعضاء المجلس الوطني، الذي فيه مناضلون لا يشق لهم غبار، وأطر من مستوى عال تكوينا وفكرا وممارسة و"يفهمونها وهي طايرة"، قطيعا يمكن أن يساق من قبل شخص واحد، ألا وهو الكاتب الأول للحزب . فهل لا زال "السي علي" تحت تأثير ما عاشه في مؤتمر "البوليزاريو" بمخيمات تيندوف؟ فأن يلغي، هكذا، ليس فقط المكتب السياسي للحزب، بل وبرلمانه المتمثل في المجلس الوطني، فيه كثير من التجني على كافة أعضاء هذا المجلس وجرعة زائدة من الوقاحة ... فهلا فهم أن مناضلي الاتحاد لا يساقون !!! إن صاحبنا بمثل هذا القول، يعطي الدليل على أنه يجهل أو يتجاهل (وفي كلتا الحالتين يقدم صورة لا تشرفه كصحافي) تماما كيف تتخذ القرارات في المنظمات والهيئات التي تحترم نفسها. فهل يعتقد أنه من الممكن تمرير قرار من هذا القبيل داخل الاتحاد الاشتراكي؟ إن كان يعتقد ذلك، فهو لا يستحق صفة صحافي، لأن الاتحاد، كما يعرفه المتتبعون والصحافيون الحقيقيون، المطلعون حقا عن الوضع السياسي بالبلاد، أكبر من أن يوضع في سلة واحدة مع الأحزاب التي تنتظر الضوء الأخضر من الجهات التي صنعتها لتحدد موقفها من بعض القضايا؟ وهل سأل هذا "الصحافي" يوما ما أحدا من مسؤولي الاتحاد كيف تمر اجتماعات الأجهزة المقررة للحزب وكيف تتخذ قراراتها؟ وهل يعلم أن المكتب السياسي، وليس فقط الكاتب الأول للحزب، ليس إلا جهازا تنفيذيا يسهر على تنفيذ ما قرره المؤتمر أو المجلس الوطني ؟ وإن كان، رغم تنقله بين الكثير من المؤسسات الإعلامية، لا زالت تغيب عنه مثل هذه الأشياء، فإني أرثي لحاله وعليه أن يقر بجهله وجهالته. ولشدة انفعال الرجل، راح ينزع صفة النضالية عن الأحزاب الحقيقية بفعل تدخل جهات "لم يعد يخفى على أحد تدخلها في الحياة الداخلية للأحزاب بما فيها حتى تلك التي كانت توصف ب"المناضلة"".وعبارة كانت توصف ب"المناضلة"، مع وضع كلمة "المناضلة" بين مزدوجتين، تدلنا على موقفه الحقيقي من الأحزاب المناضلة. فهو، بهذه الصيغة، ينفي عنها النضالية والاستقلالية، ويلغي، بالتالي، تاريخها كله الذي هو أكبر من أن تنال منه "الأقلام" الحقودة أو المأجورة. ويستمر صاحب موقع "لكم" في الخلط بين الحزب و"زعيمه"، كما يحلو له أن يسميه، فيكتب: "إن "زعيما" بهذه المواصفات لا يمكن أن يقرر من ذات نفسه الخروج من بيت طاعة الحكومة إلا بأوامر أوحي له بها"، ليتساءل لماذا لم يخرج الحزب إلى المعارضة سنة 2007 ، متبعا ذلك بأسئلة مليئة بالمغالطات من قبيل: " ألم تكن نتائج تلك الانتخابات أسوء مما حصل عليه الحزب في الانتخابات الأخيرة؟ ثم لماذا لم يخرج الحزب إلى المعارضة عام 2002 عندما انتزع منه حقه الدستوري في رئاسة الحكومة، وفضل المكوث داخل بيت الطاعة بوزارات شكلية وأحيانا بحقائب فارغة وصفها رئيسه السابق محمد اليازغي ب "الصكاضو"؟ !" فعن أي حق دستوري يتكلم هذا الجاهل؟ هل كان دستور 1996 ينص على أن الحزب الذي يحتل المرتبة الأولى يتم تعيين الوزير الأول منه؟ ألا يعلم بأن مصطلح "المنهجية الديمقراطية" التي تم التنصيص عليها في دستور فاتح يوليو 2011، استعمل لأول مرة في البيان الشهير للمكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، ليدخل بعد ذلك في القاموس السياسي المغربي، إثر تعيين إدريس جطو وزيرا أول في 2002، بدل المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأسبق؟ أما الحديث عن "المكوث داخل بيت الطاعة بوزارات شكلية وأحيانا بحقائب فارغة"، فهو كلام إنشاء لا يستحق أن يقف عنده المرء. فماذا يعني "المكوث داخل بيت الطاعة"؟ وما ذا تعني "وزارات شكلية"؟ فحسب علمنا، فإن الوزارات تعنى بالقطاعات. فهل هناك قطاعات شكلية وقطاعات غير شكلية؟ إننا نعترف أن هذا الأمر يتجاوز فهمنا، خصوصا إذا استحضرنا، مثلا، وزارة إعداد التراب الوطني أو وزارة الصناعة والتيكنولوجيات الحديثة أو وزارة التشغيل، الخ. أما كون نتائج الحزب في انتخابات 2007 كانت أسوء مما حصل عليه في الانتخابات الأخيرة، ورغم ذلك ، فهو لم يخرج إلى المعارضة حينها، فهذا الكلام يجانب الصواب، ما عدا إن كان "أنوزلا" لا يحسن العد وقراءة الأرقام، فهذا شيء آخر. وعلى كل، فلو كان من الصحافيين المتتبعين للحياة السياسية المغربية، لما جهل التقرير التقييمي الذي وضعه المجلس الوطني للحزب بعد انتخابات 2007 وأصبح وثيقة من وثائق المؤتمر الثامن الأساسية، التي وضعت الأصبع على مكامن الداء. وليعلم "أنوزلا"، ومن يلف لفه، أن الاتحاد يتخذ قراراته بكل ديمقراطية، ويستحضر مصلحة الوطن قبل مصلحة الحزب ومصلحة الحزب قبل مصلحة الأفراد, وأن الذين في قلوبهم مرض لن يرضيهم أي موقف من الاتحاد. فلو كان تقييمه للأوضاع قد اقتضى المشاركة في الحكومة في هذه المرحلة، لكنا نقرأ، في موقع "لكم" وغيره من المنابر الإعلامية التي يريد أصحابها بناء "مجدهم" على التحامل غير المبرر على كل ما يذكرهم بهزال مساهمتهم في صنع تاريخ بلادهم، عبارات مثل "الالتصاق بالكراسي الحكومية الوثيرة"، أو"التنكر للمبادئ من أجل المنفعة الشخصية" وغيرها من العبارات، وكأن الجهاز الذي يتخذ القرار بالمشاركة (أي المجلس الوطني ) كله معني بالاستوزار وبالاستفادة الشخصية. وإمعانا في الكذب والافتراء، يكتب "أنوزلا": " لقد تابع الرأي العام كيف أقام حزب "العدالة والتنمية" الدنيا وأقعدها بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، عندما تشبث بتعيين أمينه العام، وليس شخصا آخر رئيسا للحكومة". فعن أي رأي عام يتكلم؟ ولماذا ينسب "للعدالة والتنمية" موقفا، هم يعرفون جيدا أن الدستور لا يعطيهم الحق فيه، ما دام قد ترك الباب مفتوحا أمام تعيين أي شخص آخر من الحزب الفائز؟ فهل هو تملق للحزب أم لبعض الأشخاص فيه أم لهدف آخر؟ فالرأي العام يعرف أن الملك محمد السادس استقبل، مباشرة بعد إعلان النتائج النهاية للانتخابات، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الفائز في هذه الانتخابات وعينه رئيسا للحكومة. وهو ما يمكن اعتباره إرساء لتقليد يدخل في إطار ما يمكن اعتباره تأويلا ديمقراطيا للدستور الجديد. فلماذا هذه الكذبة، إذن؟ وكعادة الأقلام المشبوهة، يرتكب"أنوزلا" زلتين في جملة واحدة: يكذب على كاتب عمود "من يوم لآخر" ويلغي رصيد الحزب بجرة قلم، حين يقول: "أما إرث "الاتحاد الاشتراكي" الذي لخصه كاتب التعليق في "النشيد الاتحادي"، فلم يعد يحمل منه الحزب الجديد سوى الاسم"، قبل أن يطلق لسانه الطويل في حق برلمانيي الحزب حيث كتب، بأسلوب يتصف بالصفاقة وقلة المروءة، بالإضافة إلى الأخطاء اللغوية الفاضحة، ما يلي: "ويكفي أن يتأمل[الحزب؟ كاتب التعليق؟] "المناضلون"(كذا) الجدد المنتخبين(كذا) باسمه، ليكتشف أن أغلبهم "أعيان" و"متزحلقون" يسعون على أربع من أجل بلوغ المناصب وضمان الرواتب وحفظ الامتيازات..." فهل يستحق صاحب هذا الكلام غير التحقير والاحتقار؟ فعلي أنوزلا "قلم" من "الأقلام" التي تعمل على إشاعة ثقافة الخلط واللبس والغموض، وذلك ببناء تعاليقها واستنتاجاتها على مغالطات وافتراءات واختلاقات، تقدم للقراء على أنها حقائق. ودون أن أذهب إلى أن مثل هذه "الأقلام" قد تكون مأجورة، فهي بكل تأكيد حقودة وتخدم من حيث تدري أو لا تدري مصالح خصوم الديمقراطية والتقدم والحداثة والعدالة الاجتماعية. وصدق من قال: إن الحقد يعمي صاحبه. إننا لا نريد، بردنا هذا، أن نصادر حق أحد في نقد وانتقاد الاتحاد الاشتراكي. لكن حين يخلو ذلك من الموضوعية ويفتقد إلى النزاهة الفكرية، ويعتمد على الكذب والافتراء، فإن السكوت على ذلك يصبح تشجيعا لمثل هذه "الأقلام" المسمومة والمغرضة.