فتحت الضابطة القضائية للدرك الملكي بالمركز القضائي بأزرو، بناء على أوامر النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالمدينة، بحثا في ظروف وملابسات وفاة "م. ي" محام شاب من هيأة المحامين بتازة، عثر على جثته صباح الجمعة الماضي، معلقة بواسطة حبل مثبت في جذع شجرة وسط غابة تومليلين على بعد كيلومترات معدودة من مدينة أزرو، قبل نقلها إلى مستودع الأموات بالمستشفى المختص، لإخضاعها إلى التشريح الطبي، لمعرفة ما إذا كان الضحية انتحر أو سقط ضحية جريمة قتل. وقالت مصادر "الصباح" إن مواطنين عثروا صدفة على جثة الضحية المتزوج والأب لطفلة لم تكمل ربيعها العاشر، معلقة، قبل إخبار مصالح الدرك التي حضرت، وأنجزت محضر معاينة وفتحت تحقيقا يحاط بسرية تامة مراعاة لظروفه ودرءا لكل ما من شأنه التأثير على مجرياته، استمعت فيه إلى كل من يمكن أن يفيد في فك لغز الوفاة، بمن فيهم عائلة المحامي المتحدر من مدينة بركان، في انتظار نتائج التشريح الطبي الكفيل بتحديد ظروف وأسباب هذه الوفاة الغامضة.
وتتضارب الآراء حول ما إذا كان المحققون وجدوا بحوزة الضحية بالغابة الواقعة على بعد 6 كيلومترات من أزرو والمرتفعة ب1800 متر عن سطح البحر، رسالة يشرح فيها أسباب انتحاره ويوجه فيها أصابع الاتهام إلى أطراف في نقابة المحامين والنيابة العامة، ما نفاه مصدر أمني قال إنه لم يعثر في محيط الموقع المعثور فيه على الجثة، على أي شيء أو دليل أو قرينة، يمكن أن تفيد في البحث، بعد رفع فرقة للشرطة العلمية والتقنية، عينات من المتوفر قربه من مواد وأدوات. ومن حسن حظ الضحية الذي وجدت جثته شبه متجمدة بفعل برودة الطقس بالمنطقة، أنه لم يلتهم من قبل الحيوانات المفترسة الموجودة بكثرة بهذا الموقع خاصة الخنزير والذئاب، فيما تجهل الأسباب الحقيقية وراء انتقال هذا المحامي إلى هذا الموقع بالذات لشنق نفسه، وظروف وملابسات ذلك وقطعه مسافة طويلة بين مقر عمله وسكنه بمدينة كرسيف حيث يزاول مهنته، ومنطقة الأطلس المتوسط، بعد مدة على اختفائه دون سابق إشعار لعائلته التي لم تصدق انتحاره.
ولم تستبعد بعض المصادر فرضية تصفيته وقتله من قبل مجهولين وافتعال حالة الانتحار للتغطية عن الجريمة، بالنظر إلى استفحال مشاكله مع بعض زبنائه وكونه "من محبي الحياة" و"غير متشائم"، مشيرة إلى أنه سبق أن تعرض في سنة 2006 إلى محاولة قتل من قبل بعض زبنائه الذين أصابوه بجروح متفاوتة الخطورة بواسطة سكين خاصة في رجله ووجه وعنقه، بسبب خلافات بين الطرفين لأسباب مرتبطة بالتقاضي والانتصاب للدفاع عنهم.
وأشارت مصادر أخرى إلى أن الضحية الموظف السابق في السلم الثامن بالمحكمة الابتدائية بمدينة كرسيف قبل التحاقه بسلك المحاماة في 2003 السنة التي تزوج فيها من زميلته الموظفة والمطلقة بعد زواج سابق، بعد تدخلها لتأدية مبالغ مالية مستحقة عليه من شيكات بدون رصيد سلمها إلى زبنائه، حاول الانتحار قبل 11 سنة، قبل نقله إلى المستشفى الإقليمي بكرسيف في حالة صحية متدهورة وإنقاذ حياته، بعد غسل أمعائه من مادة سامة استعملها في محاولة الانتحار.
وأوضحت أن الضحية عمد حينها إلى كتابة رسالة يشير فيها إلى عزمه الانتحار، سلمها إلى زميله له لإيصالها إلى رئيس المحكمة المذكورة، الذي طالب بالتدخل العاجل بعد الاطلاع على مضمونها، قبل التنقل إلى منزل حيث كان يقيم لوحده، والعثور عليه في حالة احتضار، فيما قالت بعض المصادر إن الضحية حاول الانتحار في مرة أخرى، قبل أن يتم إنقاذ حياته، دون إعطاء تفاصيل دقيقة عن المحاولة الثانية لوضع حد لحياته شنقا.