يبدو أن سوق الحوالا أيضا "سوق مطيار" ومرعب وفيه كل مشاكل الدنيا، و يبدو أنني أفشل أهل الأرض في عملية شراء كبش العيد، ويبدو أن العملية نفسها معجزة لا يقدر عليها إلا من أوتي علما كثيرا لا يمتلكه المغفلون الحمقى من أمثالي. أفكر أن أشتري كبش العيد قبل يوم العيد بأسبوعين تجنبا لأية عملية صعود مفاجئة للأسعار فيأتي أحد الحكماء ويبتسم في سخرية ويحرك رأسه دلالة على أن أولاد اليوم هم رمز الغباء المجسّد، ويقول: السوق حاليا مخادع، وستندم عندما تجد أن الكبش الذي اشتريته بألفي درهم، قد أصبح ثمنه قبل العيد بيومين ألف درهم فقط. سوف تنزل الأسعار حتما. أستجيب لهذه الحكمة التجارية و أعيد الأموال إلى مكانها وأقرر الانتظار، لكن حكيما آخر يتسلط بي، ويثبت لي أنني فعلا لازلت طفلا ولا أفهم أي شيء في سوق الأكباش، فيقول: في هذا الوقت من السنة، تتساقط الأمطار قبل أيام من عيد الأضحى غالبا، عندها ستشتري كبشك بثلاثة آلاف درهم، ومباشرة من الشاحنة، دون حتى أن تؤتى الفرصة للاختيار. أحذرك أن تؤجل الأمر. وبما أنني (لا أفهم شيئا في سوق الأكباش) أستجيب أيضا لهذه النصيحة الغالية،و أقرر ألا أشتري الآن ولا قبل العيد. متى سأفعل إذن؟ خير الأمور أوسطها، و قبل أسبوع من العيد سأرى ما يمكن فعله. لكن، هيهات هيهات أن يتركني الحكماء وشأني. يأتي حكيم ثالث فذ ومبدع ويقول بقسوة حانية: الله يهديك آ السي عبد الواحد، هذه أول مرة تشتري فيها الكبش، ويبدو أنك ستقع على أم رأسك من فرط سذاجتك. كان عليك أن تشتري الكبش في العام الفارط وتربيه، هذه أفضل طريقة للاقتصاد وتجنب "الشمتة". يدور رأسي وأنظر حولي للأكباش تتناقص من السوق والكل يجري مهرولا ب"حوليّه"، وأنا كيتيم في مأدبة اللئام لا أفهم شيئا و لا أستطيع أن أدعي أنني أفهم. وا مصيبة هادي، واش هادا يوم عيد أولا يوم القيامة؟! في الأخير أصل إلى أبسط نتيجة في التاريخ: ما تدي غير اللي ف رزقك. أتوكل على الله، و أوكل أمري لوالدي كما كنت أفعل في كل عام عندما كنت عازبا. يبدو أنهم لم يكذبوا: أولاد اليوم لا يفهمون شيئا في عملية شراء الأكباش. إنها سنة الحياة على أية حال، وسيأتي اليوم الذي أقول نفس العبارة لابني وأظهر له براعتي في السوق وأثبت له أنه رغم سلاسة تعامله مع الآي فون والآي باد، فإنه جاهل إلى أقصى حد في عملية شراء الأكباش، إن كان في العمر بقية.. عانبرد فيه الغدايد ديالي كاملة. اللهم تقبل منا أضاحينا، وتجاوز عن سيئاتنا إنك أنت الغفور الرحيم. عبد الواحد استيتو [email protected] Facebook | Abdelouahid Stitou شارك هذا الخبر مع أصدقائك في الفيسبوك الرجوع إلى قسم هذا الخبر خبر قديم